ثلاثائيات -39-
الصباح
تزداد أصداء الاحتجاج على مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد, و الذي عُمم على الوزارات منذ أيام قليلة لإبداء الرأي, و أعلن العديد من الحقوقيين و العاملين في مجال حقوق المرأة نيّتهم رفع عريضة إلى السيد رئيس الجمهورية للتظلّم و طلب رفض هذا المشروع لمخالفته المنطق الإنساني و المساواة و العدالة, عدا عن تعارض الكثير من فقراته مع مبادئ الدستور السوري حسب رأيهم الاختصاصي.
قرأتُ المشروع بعد أن رفعه موقع “نساء سوريا” منذ أكثر من أسبوع على مدى عدّة أيام لطوله, و الحقيقة أنني أشعر بالحزن من أن يخرج هكذا مشروع لقانون في سوريا, حتى لو تم رفضه في النهاية, و هذا ما أتمناه.
أعتقد أنه قفزة رهيبة إلى الوراء في مجال المساواة بين أبناء الوطن, فهو مليء -شكلاً و مضموناً- بالتمييز ما بين المواطنين على أساس الدين و الطائفة, و أحياناً باستخدام عبارات لا يمكن أن تكون موجودة في دولة كسوريا نعتز كأبنائها لانتفاء الحواجز بيننا على عكس الكثير من دول المنطقة.
على سبيل المثال لا الحصر, يقلقني اقتراح إنشاء “نيابة عامة شرعية” من ضمن صلاحياتها التدخل في قضايا الأحوال الشخصية و من ضمنها إبطال زواج لا تراه ملائماً, و لهذه النيابة حق تفريق الزوجين إن ارتأت أن الزوج “مرتد عن الإسلام” و هذا برأيي دخول خطير جداً للتكفير و المنطق التكفيري في النص القانوني, فلا يحق لأحدٍ -بمنظوري- أن يقحم نفسه في فكر و اعتقاد شخصٍ ما و بشكل خاص في كل ما يتعلّق بعلاقة الإنسان بمعتقده الدين خاصةً إن كان هذا الإقحام يتم باسم القانون و العدالة, و أذكر عندما حصلت مأساة التهجم السافر على نصر حامد أبو زيد و محاولة تفريقه عن زوجته بالقوة بعد تكفيره و اضطراره للهرب إلى تركيا أن الكثيرين كانوا سعداء بأن هكذا جريمة فكرية و قانونية لا يمكن أن تحدث بسوريا, و أتمنى أن يبقى حصولها من المستحيلات.
يحزنني أنه في الوقت الذي كنا نتوقّع فيه رفع الغطاء القانوني عن ما يدعى زوراً بجرائم الشرف, عندما كنا نتمنى صدور مرسوم إعطاء المرأة السورية حق منح الجنسية لأبنائها أن نجد مشروعاً لقانون يعتبر أنه لا يحق للمرأة البالغة العاقلة أن تختار شريك حياتها بحرّية ولا أن يكون لها أي حق داخل المؤسسة الزوجية, في دولة استوزرت المرأة قبل الكثير من دول أوربا حتى, و في دولة وصلت المرأة فيها إلى نيابة رئاسة الجمهورية بسابقة تاريخية نصفّق لها بحرارة.
لا أنتقد القانون من منطق علماني, أنتقده من منطق إنساني بحت, أنتقده لإيماني أننا دولة قفزت حواجز كثيرة خلال عقود قصيرة, و لا أدري لماذا يريد البعض أن نعيد قفزها و لكن بالاتجاه المعاكس.
أضم صوتي لأصوات الغيورين على تقدّم سوريا و إخاء أبنائها
أمواج اسبانية في فرات الشام
للاطلاع على كامل مواد مشروع القانون الجديد يمكنك الذهاب الى الرابط التالي
https://alsafahat.net/blog/pdf/Syrian_safahat001.doc