إيران الدور والموقع
سميح صعب
السؤال الذي يستحوذ على أعلى مرتبة من الاهتمام اليوم، هو الى اين ستتجه ايران في ضوء ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية؟ وماذا سيكون تأثير فوز الرئيس محمود احمدي نجاد بولاية ثانية؟ وفي المقابل ما هي الانعكاسات التي سيتركها فوز أحد الاصلاحيين مير حسين موسوي او مهدي كروبي؟
وبطبيعة الحال فإن التأثير الذي سيتركه فوز هذا المرشح او ذاك يبقى مرتبطاً بشكل مباشر بالدرجة الاولى بالوضع الاقتصادي في الداخل ومن ثم بالدور الذي تضطلع به ايران اقليمياً ودولياً، بعدما توسع دورها في الاعوام الاخيرة واكتسبت نفوذاً ليس في وسع ألد خصوم الجمهورية الاسلامية إنكاره.
وهنا يأتي الموضوع النووي أحد أبرز مواضيع الاحتكاك مع العالم الغربي ومع المحيط الاقليمي. الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً يحاولان بشتى الطرق الضغط على طهران كي لا تنتج القنبلة النووية. وتتوسل القوى المناوئة لايران العقوبات الاقتصادية وسيلة رئيسية من وسائل الضغط، الامر الذي يؤدي بطبيعة الحال الى التأثير على الوضع الاقتصادي للبلاد بصورة او بأخرى. مثلاً العقوبات تحول دون تمكن ايران، الدولة النفطية الرئيسية، من انتاج ما يكفيها من البنزين الذي تضطر الى استيراد جزء كبير منه.
ومن دون شك هناك فئة من الايرانيين ترى نفسها أنها غير معنية بالذهاب في المواجهة مع الغرب حتى النهاية – على طريقة صدام حسين – ولذلك تفضّل ان تصل الى حل وسط مع القوى الغربية يحفظ حق ايران الطبيعي في الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية من دون انتاج القنبلة النووية. وهذه الشريحة متأثرة بالوضع الاقتصادي الذي تعانيه ايران بسبب العقوبات.
وحتى أشد دعاة المواجهة مع الغرب، لا يرون ان هذه المواجهة يجب ان تذهب الى حد الصدام. ومعروف عن الايرانيين عموماً انهم يعرفون متى يُصعدون ومتى يتخذون مواقف مرنة. كما انهم يعرفون جيداً كيف يخاطبون اميركا والغرب. وقد نجحوا منذ قيام الثورة الاسلامية قبل 30 عاماً في اعتماد الطريقة المناسبة للتعامل مع الغرب.
ولذلك يصح القول انه حتى من يوصفون بالتشدد في ايران يستطيعون في مرحلة من المراحل الحساسة التصرف بواقعية. وهناك من يصف السياسة الايرانية كلها بأنها تتسم بالواقعية، وان ما يجري الان من اشتباك سياسي وتصعيد كلامي مع الغرب يمكن ان ينتهي من طريق الحوار.
وبصرف النظر عما يدور داخل ايران وانشطارها الى مؤيدين للاصلاح او “التسونامي الاخضر” على حد وصف “النيويورك تايمس” وداعيمن للخط المتشدد الذي يمثله احمدي نجاد، فإنه لا يمكن انكار تأثير خطاب المصالحة مع العالم الاسلامي الذي ألقاه الرئيس الاميركي باراك اوباما قبل ايام من جامعة القاهرة، على مجريات الحملة الانتخابية في ايران.
واذا كان رد الفعل الايراني على خطاب اوباما تمثل في القول انه ينم عن تغيير في اللهجة فقط، فإن هذا الخطاب لن يكون وحده قادراً على تجيير الاصوات للخط الاصلاحي في ايران. والملاحظ ان كلاً من الاصلاحيين والمتشددين لا يؤيد التنازل عن حق ايران في تخصيب الاورانيوم، والحصول على التكنولوجيا النووية السلمية.
كما أياً من العسكرين الاصلاحي او المتشدد يرفض التنازل عن الدور الاقليمي الواسع الذي تضطلع به ايران حالياً. وقد تختلف لهجة مير حسين موسوي عن لهجة احمدي نجاد، لكن أياً من الجانبين لن يقر بتحجيم دور ايران اقليمياً.
وفي المحصلة، فإن ايران التي نالت اعترافاً دولياً بنفوذها في العراق وافغانستان ولبنان وفلسطين، قد فرضت نفسها لاعباً لا يمكن تجاهله سواء حكمها الاصلاحيون او المتشددون.
النهار