المواطنة بين جمهورية سوريانسان وإمارة سورياستان
المحامية: ميساء حليوة
مع تفكك الدولة العربية وسريان حالة التقهقر والوهن والانحدار تعزز الميل نحو الأصولية السلفية التكفيرية وتقلصت فرص انتعاش الفكر وجرى تغليب النقل على العقل والتكفير على التفكير… وتعطلت بل منعت قدرة هذا الأخير عن مواجهة مستجدات العصر ومشاكله … وعزز ذلك التغييب الواضح لدور الجمعيات ونشطاء المجتمع الأهلي على حساب نشطاء التطرف الديني …. الرجعي …
مما أتاح الفرصة للكثير من الاجتهادات والتأويلات والتفسيرات التي تخالف روح الإسلام لتطفو على السطح …. وتعلي شأن المسلم على غيره من أبناء الأديان الأخرى … وشأن االمسلم على المرأة المسلمة ……ولم يعد للمرأة مجال ضمن منظومة القيم الرجعية: المأزومة والضاربة بجذورها في كيانات المجتمع …. إلا التخفي والتلون والمحاباه …. والاسترضاء ….. سبيلاً وحيداً أمامها لملامسة العالم من حولها وحين تصل المرأة إلى هذا الحد من القيود على حريتها وإنسانيتها تتاح للعقلية السلفية للتأكيد والتدليل على عزلها ونقصها … وقصورها …. فكلما حبست أنفاسها وغيبت عقلها وكمّت فاهها وصمت أذنيها … اكتملت انوثتها وحافظت على دينها … وانتعشت رجولته المرضية … وعمل على زيادة مكتسباته التي تجلت مؤخراً في ( مشروع الردة ) الذي شكل سابقة خطيرة في شكلها ونوعها وحجمها على صعيد العالم ….. فهو لم يسنتد إلى أسس ٍ فقهية تناسب الزمان والمكان ولا عقلية ولا دستورية ولا انسانية ولا دولية ……
فهل أبرز هذا المشروع مكانة وعراقة سوريا ( مهد الحضارات )..وهل حافظ على مكانتها الدولية أمام العالم …. واحترم الدستور كقانون ٍ أسمى وقواعد ثابتة واجبة التطبيق في حال التعارض مع القانون الداخلي ألم توجب ( المادة 153 ) من الدستور تعديل جميع الأحكام المخالفة له بما يوافق أحكامه ……..وحيث أن تعديل مشروع قانون الأحوال الشخصية بهذه الطريقة الظلامية يشكل خرقاً أخر ومخالفة مضاعفة ومزدوجة للدستور لعدم الالتزام( بالمادة 153) منه في 1- تغييبه لمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين 2- احترام العقائد والشعائر والحريات الدينية 3- العمل على إنشاء جيل علمي التفكير 4- إسهام الجميع في ممارسة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية 5- في كفالة النهوض بواقع المرأة وإزالة القيود التي تعترضها … حسب( المواد 21-22-25-26-35-45-153…..)من الدستور ….
بل عمل مشروع مقاطعة سورياستان على مخالفة دستور جمهورية سوريانسان الذي شُحِذَت مواده في عتمة وظلمة جبال تورا بورا ونُقِحَت في أزقة قندز واكتملت في كهوف قندهار فبدل ان ينص على تكافؤ الفرص بين المواطنين نص على تفاوت الفرص بين المواطنين وبدل أن ينص على المساواة في الواجبات والحقوق بين المواطنين نص على التمييز بين المواطنين ففي دستور سوريانسان لم يكن هناك طوائف أو أجناس أو شرائح أو ألوان بل كان هناك مواطنون مكرمون ومحترمون والذين أصبحوا الآن موسويون وذميون مسيحيون وكتابيون مرتدون وكفرة ومؤمنون….. وبدل أن تنشيء جيل علمي التفكير حسب ( المادة 21 ) من الدستور أسست لإنشاء جيل ظواهري العقيدة …تكفيري النظرة … لادني البصمة والتأويل ……… مما يرتب بطلان جميع أحكامه جملةً وتفصيلاً لمخالفته أحكام أقرها وكفلها الدستور منذ عام 1973 ….. وما يخالف الدستور باطل وما بني على الباطل فهو باطل …. ففي مشروع الظلام لا يوجد دستور ولا يوجد عدالة ولايوجد انسان …. لاقانون عام ولا خاص لا مدني ولا جزائي …….لا مالي واداري ….. ولن تستطيع ( لجنة الظلام ) أن تدعي بأنها قامت بواجبها المكلفة به قانوناً من الحكومة لتعديل قانون الأحوال الشخصية ….لأن الحقوق ليست مطلقة والحريات ليست مفتوحة … بل هي مقيدة لمصلحة الأمة حسب ( المادة 6 ) من القانون المدني الذي يقول بأن استعمال الحق لايكون مشروعاً في الحالات التالية :
1- إذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير
2- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لاتتناسب البته مع مايصيب الغير من الضرر
3- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة
ولما كان تقسيم المجتمع إلى إثنيات وعرقيات وعنصريات ومناطقيات واقطاعيات ليس في مصلحة الامة و تحريم المحلل وتحليل المحرم ليس في مصلحة الأمة وبسط الذهنية التكفيرية السلفية الأصولية الوهابية الرجعية ليس في مصلحة الأمة ………
اشتعال حرب أهلية كارثية دموية ليس في مصلحة الأمة… مما يتوجب معه إعمال نص ( المادة 6 ) من القانون المدني واعتبار أعمال اللجنة أعمالاً غير مشروعة بامتياز…….. فواجب القانون تحديد الحقوق وحمايتها ومنع التعدي عليها واشاعة الطمأنينة بين الناس وإيصال كل ذي حق إلى حقه بشكل ٍ متساو ٍ بين المواطنين من خلال سلطة تتصدى لكل من تسول له نفسه التعدي على حقوق الناس وكرامتهم وفق ما جاء في المواد / 50 و 51 / التي اعتبر فيها القانون أن حرية الانسان وأهليته من النظام العام لايجوز له ولو برغبته التنازل عنها أو التعديل في أحكامها …
(م 50 ) قانون مدني ( ليس لأحد التنازل عن أهليته أو التعديل في أحكامها )
( م 51 ) ( قانون مدني ليس لأحد التنازل عن حريته )
لأن الحرية والأهلية من الحقوق الملازمة للشخصية تبدأ ببلوغ الشخص 18 عاماً ولا تنتهي إلا بفناءه أو بجنونه …….فالاهلية والحرية تثبت للإنسان باعتباره انساناً تلازمه ُ حتى موته لاتسقط ولا تنفصل عنه ولا يملك صاحبها التنازل عنها لأنها حقوق مجردة مطلقة ……. تخرج عن دائرة النقاش والتعامل … ولا تقبل البيع أو المقايضة أو الوصية أو الهبة أو التنازل أو القسمة أو التصرف أو الأنكار ……. ومن باب أولى لايملك أحد في العالم تحت أي بندٍ أو حجة أو ذريعة أو ثغرة أو نص ٍ أومادة أو بند أو تفسير أو قانون …….( أو لجنة ) أن تسلب الإنسان حقه في الحرية والأهلية فهي حقوق متجذرة متغلغلة متأصلة في الذات البشرية وسابقة بوجودها لمختلف الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية وسابقة بوجودها لمولد أعضاء اللجنة ومولد أبائهم واجدادهم …… وسابقة لوجود الدولة نفسها التي لا تملك إلا صيانتها وحمايتها بموجب العقد الاجتماعي الرضائي الذي أبرمته مع الأفراد مقابل ولائهم لها وحمايتها لهم …… إذ يستطيع ( كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون أهلاً لمباشرة حقوقه )حسب ( المادة 46 ) قانون مدني وبالتالي له الحق بأن يمارسها ويحفظها
من أي اعتداء مع حق الفريق المتضرر والمعتدى على حقوقه المدنية المطالبة بوقف هذا الاعتداء سنداً للمادة / 52 / قانون مدني ( لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من حقوقه الملازمة للشخصية أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون لحقه من ضرر ) فحجم المتضررين والمتضررات من مشروع الظلام لا يعد ولا يحصى فهم جميع نساء سوريا ومواطنو سوريا ( موسويون كتابيون مرتدون ذميون مسلمون مسيحيون كفرة .. مؤمنون ……. ) الذي لهم حق المطالبة بوقف هذا الاعتداء على تعايشهم و أمنهم و سلامتهم و ماضيهم و مستقبلهم و حاضرهم على أبناءهم وبناتهم شيبهم وشبابهم أغنياءهم وفقراءهم صغارهم وكبارهم نساءهم ورجالهم وقف ( الاعتداء على 22 مليون سوري ) ….والمطالبة بتعويض مادي ل 22 مليون سوري….. لن تكفيهم بسببه خزينة الدولة …..والمطالبة بتعويض معنوي لا يقل عن اعتذار رسمي وعلني لكل فرد من أفراد الشعب السوري لحجم الاهانة والإساءة التي لحقت به بدلالة (المادة 164 ) قانون مدني التي تقول ( كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض )
ونظراً لقدسية هذه الحقوق ونزوع البشرية لتوسيع دائرتها بغية الوصول لمجتمعات أكثر إنصافاً وعدالةً وانسانية فقد ذهبت االقوانين السورية بتشريعاتها الجزائية ليس لإقرارها وحمايتها مدنياً فقط بل إلى تحريم الاعتداء عليها جزائياً بموادها (307 و 319 ) قانون عقوبات سوري ……..
التي اعتبرت حسب ( 307 ) ق.ع.س ( أن كل عمل أو كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج عنها اثارة النعرات الطائفية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين ) مما يتوجب معه اعمال المادة السابقة بحق لجنة الظلام لإثارتها النعرات الطائفية والعنصرية والتحريض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة والتي يفترض معها تشديد العقوبة إلى حدها الأعلى وهو سنتين حسب( 307 ق. ع. س.) بحق من تجرأ على مخالفة الدستور وزعزعة استقرار وأمن الوطن …..
ولما جرم القانون كل فعل مهما كان كبيراً أو صغيراً يعوق السوري عن ممارسة حق من حقوقه المدنية المدنية حسب (المادة 319 ) قانون عقوبات (كل فعل من شأنه أن يعوق السوري عن ممارسة حقوقه أو واجباته المدنية يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى سنة إذا اقترف بالتهديد أو الشدة أو وسيلة أخرى من وسائل الاكراه الجسدي والمعنوي ) فهذا المشروع لم يعوق المواطنين وخاصة المواطنة السورية عن ممارسة حق واحد من حقوقها ……. بل قام بنسف أهليتها وإنسانيتها وأدميتها … مما يتوجب معه دغم العقوبتين وتطبيق الأشد بحيث لا تقل عن السنتين مع التعويض المادي والمعنوي فهن أصبحن برأي اللجنة محدودات العقل ومبتورات الإرادة ناقصات الأهلية قاصرات ……لا يعتد بعقودهن ولا بشروطهن وكل ما يشترطنه في عقود زواجهن سيان وللمشترطة طلب فسخ عقد ( النكاح ) !!! وكيف لا وهي ….. المجنونة والمعتوهة و السفيهة و المغفلة التي تحتاج إلى وليها في كل خطوة الذي قد يكون أبنها أو حفيدها …فإذا كانت الولاية على الصبي حسب المشروع لا تستمر بعد 18 عاماً إلا إذا بلغها مجنوناً أو معتوهاً أو مغفلاً أو سفيهاً…. فليفسر لنا أصحاب اللجنة الكريمة ما سبب استمرار الولاية على المرأة بعد السبعين …….. فأين هن من فاقدي الأهلية أمجنونات .. أم معتوهات .. أم مغفلات أم سفيهات أم هن الأربعة مجتمعات حسب( المادة 379 )
وما جاء في ( م 114 ) ( وإذا كان المساعد القضائي لايعين للشخص إلا إذا كانت فيه علتان من العلل الثلاث أصم أبكم أعمى عندها جاز للقاضي أن يعين له مساعداً قضائياً يعينه في تصرفاته ) … فما سبب إلزام هذا المشروع المرأة بتعيين طابور من ذكور عائلتها مساعدين قضائيين وأولياء وأوصياء وقيمين أبديين على عقلها وجسدها على حياتها ومماتها ……. فأي من العلل السابقة وجدها المشروع في ذات المرأة الصم أم البكم أم العمى أم الثلاثة مجتمعين …… فالمرأة في مشروعهم ليست إنسان وليست حيوان…… ليست جماد وليست نبات …….هي لا شيء وتصلح لكل شيء …….هي كائن متحول متعدد الاستعمالات…… لا يسمع لا يرى لا يتكلم….. أصم أبكم أعمى….. تستعمله في الصباح وفي المساء….. تنتعله وتخلعه….. دون تعب أو مشقه أو عناء …… ليس جسد بل نقطة من جسد ……. لا عقل لها بل عقله…… لا عينان لها سوى نظره……. لا نطق لها سوى كلماته ……لا سمع لها سوى أوامره ……لا أطفال لها بل أطفاله…… لا أحلام لها بل أحلامه…….. لا عمل لها سوى حفظ ماله …..لا طاعة لها سوى طاعته …….لا عرض لها بل عرضه …..
هي مخلوق .. عُدّت له أنفاسه ونبضاته ……ألوانه وأشكاله وأطيافه……. شهيقه وزفيره….. قومته وقعدته …….. طعامه وشرابه ……..حلاله وحرامه ………ساعات ليله ونهاره….. غذائه ودوائه ……خروجه ودخوله ……قومته وقعدته ……نومه ويقظته…… لباسه في صيفه وشتائه …..ألوانه أحبابه أشكاله……هي مخلوق غير مرئي غير محسوس غير ملموس موجود وغير موجود يشيء يدجن بالريموت كونترول …. فهل عرفتم من هو ….أنهن النساء ينفعن لأن يكن خير صديق للإنسان……؟!!!
فكفوا ايها الجهلاء ايها المأزومون نفسياً واجتماعياً وذكورياً….و….و…..و…. على ان تكونوا أوصياء على عقل المرأة وجسد المرأة ونفس المرأة وماضي وحاضر ومستقبل وأحلام المرأة ……. (ففاقد الشيء لا يعطيه ) ( لأن الإناء ينضح بما فيه ) …..مشروعكم مردودٌ عليكم ….. باطل … معدوم … مرفوض … لا باقراره ولا بتعديله لا بزخرفته ولا بتجميله لا بأوله ولا بأخره لا بواسطته ولا بخاصرته .. فهل أشبعت غرورك ياشهريارستان …… هل صدقت أَن ماتت شهرذاد هل هذه هي بعض الحكاية ….
ولكن أعلم بأنها البداية