قانون الاحوال الشخصية الجديد

عندما تختل المواطنة تحت مطرقة الشريعة الآحادية

هند عبيدين
مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد
أعلنت اللجنة السرية المكلفة بموجب قرار السيد رئيس مجلس الوزراء السوري بتاريخ 7/6/2007، رقم /2437/، انتهائها من صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد في 5/4/2009. وقد وزع مشروع القانون للدراسة قبل أن يتم تصديقه في مجلس الشعب.
وهو مشروع قانون لنظم الأحوال الشخصية بشكل موحد لجميع أبناء الجمهورية العربية السورية الذي تم إعداده ووضعه من قبل لجنة سرية ذات طيف ديني مذهبي واحد
بتجاهل تام لجميع المنمنات الدينية والطائفية التي تشكل فسيفساء الوطن العربي السوري المتميز عن باقي بلدان العالم بمتانة لحمته الوطنية وبالتماسك والعيش الحقيقي بين أبنائه مجتمعين بغض النظر عن اختلاف مشاربهم الدينية والعرقية والعقائدية، ضاربين عرض الحائط بالمكاسب التي حصلت عليها الجمهورية العربية السورية في هذا المجال ومنها وسام صليب الفارس الأعظم لأخوية فرانسيسكو الأول وهو من أرفع الأوسمة لهذه الأخوية وكذلك ميدالية بينيميرنتي الذهبية للأخوية القسطنطينية المقدم لسيادة الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد بتاريخ 29/3/2004 وذلك تقديراً للعمل الهام الحيوي الذي يقوم به سيادته وحكومة الجمهورية العربية السورية من حيث تشجيع المزيد من التفاهم والحوار والتعايش بين معتنقي كل الأديان في سورية.
‏وقد أوضحت الأخوية أن سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد هو أول رئيس دولة مسلم تكرمه الأخوية لمساهمته في الحوار والتفاهم بين الأديان.‏‏ ‏
وقد ألقى سيادته في حينها كلمة أكد فيها على أهمية القيم الانسانية العظيمة، التي جسدتها تعاليم الاسلام والمسيحية، وجمعت بينهما. وأضاف سيادته قائلاً:
‏‏ “سورية بلد صغير بمساحته وبعدد سكانه، لكنه كبير بتاريخه وتراثه ومجتمعه. وهذا الكبر هو عبارة عن غنى اجتماعي تكوّن عبر التاريخ، ولم يكن الزمن الطويل هو العامل الوحيد الذي جعل هذا المجتمع غنياً، بل المواقف المختلفة عبر هذا التاريخ هي التي جعلته غنياً، فعبر هذا التاريخ الطويل تعرضت سورية لكثير من الحروب والغزوات، ووقف المسيحيون والمسلمون مع بعضهم بعضاً في كل المواقف دون استثناء كجسد واحد”.‏‏ ‏
‏ “سورية اليوم هي البلد ربما الوحيد في العالم الذي مازال بعض سكانه يتكلم لغة السيد المسيح الآرامية… والتاريخ وحده لا يحافظ على لغة… ولا الدولة وحدها تحافظ على لغة… كل العناصر الأخرى من التآخي والعيش كمجتمع واحد وجسد واحد هي التي تعزز كل هذه الامثلة البسيطة التي ذكرتها.‏‏ ‏ أنا أعتبر أن هذا الوسام ليس وساماً فقط لي، وإنما للمجتمع السوري وللتاريخ السوري الذي نعتز به، واستطيع ان اؤكد لكم ولكل العالم أن سورية كما لعبت هذا الدور خلال اكثر من الف واربعمائة عام سوف تلعبه في المستقبل بكل ثقة”.‏‏
وبعيداً عن هذا النهج الحضاري لسيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد جاء مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ليوضح لنا مدى التراجع، مقارنة مع قانون الأحوال الشخصية المعمول به الآن. لكونه بداية يتجاهل ما وقعت عليه سورية من اتفاقيات دولية، بدءاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومروراً باتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة (سيداو). كما أنه يخالف بشكل مباشر مواد الدستور السوري ولاسيما المادة 25 منه والتي تنص على: “المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات”. وكذلك المادة 35 الفقرة الأولى والتي تنص على:”حرية الاعتقاد مصونة وتحترم الدولة جميع الأديان”، ويتضح للمطلع على هذا المشروع بأنه يتناقض مع مفهوم المواطنة وذلك من خلال تأكيده على أولوية الانتماء الإسلامي الذي يشكل بحسب هذه الرؤية القيمة الأسمى في تحديد هوية الإنسان العربي السوري، مما قد يشكل تهديداً حقيقياً للوحدة الوطنية ومفهوم المواطنة الذي قد يختل تحت ضربات مطرقة الشريعة الآحادية وسندان التزمت في تجاهل الآخر وحقه بالاختلاف والعيش الكريم في وطن العائلة الواحدة.
عند مراجعة بعض مواد مشروع قانون الأحوال الشخصية نضع أيدينا على تناقضات وقع بها واضعو هذا القانون لا يمكن لنا أن نتغافل عنها لأنها من الناحية القانونية هي من البنود التي يبطل أحدها الآخر ويضع المنفذين أمام حيرة هذا التناقض، مما يدفعنا إلى المطالبة بإبطال هذا المشروع لأنه لا يف بالغرض المطلوب منه، ولا يتوافق مع الأحكام الدستورية، بل ويتعارض معها وفي حال أقر هذا المشروع وبحسب ما تسرب من تعديلات عليه فإن المحكمة الدستورية عليها أن تعمل على إبداء الرأي وإقرار مشروعيته أو إبطاله حسب أحكام المادة 147 والتي تنص على: “من اختصاصات المحكمة الدستورية إبداء الرأي في دستورية مشروعات القوانين وقانونية مشروعات المراسيم”.
استعراض لبعض مواد مشروع قانون الأحوال الشخصية:

المادة 39
إذا زوج الأب ابنته البالغة العاقلة الراشدة بأمرها ورضاها وكانت حاضرة العقد بنفسها في المجلس صح النكاح بحضور شاهد واحد أو امرأتين.
وفي الوقت نفسه تؤكد المادة 42 من المشروع ذاته على وجوب تحقيق شرط الأهلية في الزواج وهو العقل والبلوغ وما نص عليه القانون (وقد حدد القانون سن الزواج الثامنة عشرة للفتى والسابعة عشرة للفتاة) حيث أتى في هذه المادة:
المادة 42
يشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ وما نص عليه القانون.
وتؤكد المادة 44 على تحديد سن الثامنة عشرة للفتى والسابعة عشرة للفتاة كسن مؤهل للزواج حسب ما ورد فيها نصاً:
المادة 44
تكمل أهلية الزواج في الفتى بتمام الثامنة عشرة، وفي الفتاة بتمام السابعة عشرة من العمر.
بينما تأتي المادة 45 لتنفي كل ما سبق بموجب إدعاء المراهق والمراهقة البلوغ وتبين للقاضي قدرتهما الجسدية على الزواج يتم لهما ذلك حسب ما نصت عليه المادة المذكورة:
المادة 45
إذا ادعى المراهق البلوغ بعد إكمال الخامسة عشرة أو المراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة وطلباً الزواج يأذن به القاضي إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما.
تعود المادة 82 لتمنع عقد الزواج والمصادقة عليه ما لم يتم الفتى السابعة عشرة والفتاة الخامسة عشرة وذلك بموجب نص المادة 82:
المادة 82
يمنع عقد الزواج أو المصادقة عليه ما لم تتم الفتاة الخامسة عشرة، ويتم السابعة عشرة من العمر وقت التوثيق.
في حين ينص مشروع القانون في مادته رقم 341على:
ويعد كامل الأهلية كل من بلغ سن الرشد وهي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة.
أما المادة رقم343 فتعتبر كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره قاصراً ولم يبلغ سن الرشد حسب النص التالي:
المادة343
القاصر هو من لم يبلغ سن الرشد وهي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة.
وتؤكد المادة 316 على تمديد سن الحضانة للفتى والفتاة الذي حدد في المادة 315 الثالثة عشرة للغلام والخامسة عشرة للفتاة إذا رغبت الأم في ذلك ورأى القاضي مصلحة المحضون في ذلك إلى أن يبلغا سن الرشد أي أن سن الرشد في هذا البند ما فوق الخامسة عشرة للفتاة.
مما سبق نجد الناقض الكبير في تحديد سن الزواج والتلاعب بالألفاظ حسب المصلحة الشخصية فلم يتم الالتزام بالسن القانونية ولم يتم تعريف البلوغ ولم يتم تعريف الرشد وإذا كان القصد من الزواج إنشاء مؤسسة أسرية تكون نواة بناء مجتمع صالح متماسك وقوي بعيداً عن الغرائزية الجنسية علينا أن نقول أن سن الرشد لا يحدد بسن البلوغ الفيزيولوجي.
وعند مراجعة المادة 46 نجد أن الغموض يكتنف هذه المادة ويظهر لنا مشكلة تحديد المصطلح فما هي الشروط العمرية المناسبة لم تحدد وما هي المصلحة أيضاً لم يتم تحديدها اصطلاحاً ومن هنا نجد أن هذين المصطلحين (التناسب والمصلحة) متروكين دون تقييد قانوني ومتروكين لأهواء ورؤية القاضي. مما يجعل من هذا البند غير صالح قانوناً.
المادة 46
إذا كان الخاطبان غير متناسبين سناً ولم يكن مصلحة في هذا الزواج فللقاضي أن لا يأذن به.
المادة 53
إذا زوجت الكبيرة نفسها من غير موافقة الولي فإن كان الزوج كفؤاً لزم العقد وإلا فللولي طلب فسخ النكاح.
المادة 53من هذا المشروع أتت لتنهي أحد الحقوق الشرعية المشرعة وهو حق تزويج الكبيرة لنفسها من غير موافقة الولي وذلك بإعطاء الحق للولي في فسخ العقد إذا لم يجد أن الزوج كفؤ، فكيف يكون في مادة واحدة إعطاء الحق للبنت الكبيرة بتزويج نفسها ثم يعطى الولي الحق في فسخ الزواج لعلة عدم الكفاءة وقد ورد في الأثر عن أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف وابن الجنيد أن: “البنت البالغ الرشيد البكر لا تحتاج إلى ولي بل هي ولية نفسها ولا يتوقف نكاحها على ولي بل لها أن تزوج نفسها لمن تشاء”.
المادة 54
العبرة في الكفاءة: الصلاح في الدين وعرف البلد غير المخالف للشرع.
جاءت المادة 54 لتفسر مفهوم الكفاءة، وهذا تفسير ذو دلالة مطاطية فمن يحدد الصلاح في الدين؟، وما هي معايير هذا الصلاح؟ وما هي أعراف البلد التي قد تختلف من محافظة لأخرى؟ وهل يجوز أن يكون هذا المصطلح ثنائي وثلاثي ومئوي الدلالة؟
المادة 55
تراعى الكفاءة عند العقد فلا يؤثر زوالها بعده
في هذه المادة عجب العجاب حيث المطلوب منها هو الكفاءة فقط أثناء العقد مما يعني من الممكن استمرار الزواج ولو بطل هذا التكافؤ بعد الزواج كأن يكون أحد الزوجين قد ترك الصلاح في الدين أو أعراف البلد، إذن كيف يحق للولي فسخ الزواج في المادة 53 بعد اتمامه لعدم الكفاءة ولايؤثر زوال الكفاءة بعد إتمام العقد في المادة 55؟! والأغلب أن يكون الزواج الذي تم حسب المادة 53 برضى وقناعة الطرفين مما سيفضي إلى أسرة متماسكة متعاونة صحية.
المادة 56
إذا اشترطت الكفاءة حين العقد ثم تبين أن أحد الزوجين غير كفء كان للآخر ذكراً أو أنثى أو لولي أحدهما حق فسخ النكاح.
وهنا ورد تعبير إذا اشترطت الكفاءة حين العقد وهذا يعني احتمال اشتراط الكفاءة أو عدمه فإذا اشترط وجب تحقيقه وإذا لم يشترط سقط حق وجوب تحقيقه ولا يحق فسخ الزواج لهذه العلة وهذا ينافي الحق في فسخ الزواج لعدم الكفاءة في المادة 53 إذ من الممكن أن لا يتضمن عقد الكبيرة التي زوجت نفسها على شرط الكفاءة؟!
المادة 129
التطليق لعدم الإنفاق بسبب إعسار الزوج بناء على طلب الزوجة.
لقد حددت هذه المادة أن من حق الزوجة تطليق زوجها دون أن تدفع له أي بدل نقدي تعويضي إذا أصيب بفاقة وعجز عن الإنفاق عليها.
في حين ألزمت المادة 137 الزوجة الموسرة بالإنفاق على الأسرة مدة إعسار الزوج ولا يحتسب ذلك ديناً لها عليه كما جاء في نص المادة:
المادة137
تلزم الزوجة الموسرة بالإنفاق على الأسرة مدة إعسار الزوج ولا يحق لها الرجوع عليه في ما أنفقته ما دام معسراً.
المادة 218
إذا جرى اللعان بين الرجل والمرأة، نفى القاضي نسب الولد عن الرجل، ولا تجب نفقته عليه، ولا يرث أحدهما الأخر، وألحق الولد بأمه.
كيف أمكن لرجال القانون والفقه أن يتجاهلوا كل تقدم علمي والرسول الكريم (ص) كان قد اعتبر العودة إلى البداوة من الكبائر وحث الحديث الشريف على مواكبة التطور والعلم في أكثر من موضع، كيف أمكن لواضعو هذا المشروع أن يرموا أموال المواطنين والمؤسسات الرسمية السورية التي أنفقت على استحضار مختبرات التحاليل الطبية المتقدمة والتي منها مختبرات تحديد البصمة الوراثية (D.N.A) في أول حاوية قمامة واختزال التطور العلمي إلى اللعان؟!
المادة222
إذا حلف الزوج بما يفيد امتناعه عن المباشرة الجنسية مع زوجته أربعة أشهر فأكثر أو دون تحديد مدة على أن لا تقل عن أربعة أشهر واستمر على يمينه حتى انقضت المدة وقع التفريق حكماً ما لم يفئ إليها قبل ذلك.
هل يجوز أن تختزل كرامة المرأة ووجودها إلى صفة واحدة هي الممارسة الجنسية لإشباع الرغبة هل يقوم الدين بموجب مثل هذه المصطلحات على اعتبار المرأة هي أنثى فقط واختزال وجودها كإنسان عليها أن تطيع وتنفذ فقط فقد حلف الرجل على الامتناع عن مباشرتها أين هي المرأة السورية العالمة أين هي المرأة السورية الناشطة أين هي المرأة السورية نائبة الرئيس أين هي المرأة السورية الوزيرة والنائبة والقاضية والإعلامية هل يتم وضعهن كلهن في سلة الانتظار للمباشرة الجنسية من قبل أزواجهن إذا رغبوا في ذلك وإلا فيحق لهن الطلاق؟ ومن ثم كيف يمكن التعامل مع من يفيء إلى زوجته في اليوم السابع والثمانين من اليمين لمرة ثم يعود ليحلف عليها من جديد وهكذا أليس ذلك من باب الصحة القانونية والشرعية حسب ما ورد في مشروع هذا القانون وأوليس ذلك أيضاً إهدار للكرامة الإنسانية التي حض الله سبحانه وتعالى في كل شرائعه السماوية على الحفاظ عليها؟!
المادة 228
يجوز للزوجة طلب التفريق بسبب الظهار من زوجها إذا امتنع عن التفكير والعودة إلى زوجته خلال أربعة أشهر.
هل تجاهل واضعوا هذا المشروع أن الظهار محرم بالكتاب والسنة بالإجماع لقوله تعالى (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ماهن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولن منكراً من القول وزورا) أم أنهم وبجهل تام أرادوا تجاوز النص وإطلاق العنان لذكوريتهم اللاعقلائية؟ .
من خلال مراجعة المادتين 230 و234 نجد التناقض واضح جداً والتمييز واضح جداً في هاتين المادتين في حين تقول:
المادة 230 في الفقرة الثالثة منها: – إذا كانت غير كتابية عُرض عليها الإسلام فإن أسلمت أو اعتنقت ديناً سماوياً خلال شهر واحد فزواجهما باقٍ وإن أبت أو امتنعت عن إبداء الرأي بعد إعلامها فسخ الزواج بينهما.
تأتي المادة 234 لتقول: ردة الزوجة وحدها لا توجب فسخ الزواج.
فهل يمكن للتمييز أن يكون واضحاً إلى هذه الدرجة فالمسلمة المرتدة والتي من جملتها أن تلحد ولا تعترف بوجود الإله لا تطلق والتي تتبع أي ديانة أخرى غير سماوية تفرض عليها أحد الديانات السماوية وإلا فتطلق.
في المادة 230 في البند الرابع: إذا أسلمت الزوجة وحدها يعرض الإسلام على الزوج إن كان أهلاً له، فإن أسلم خلال شهر واحد فزواجهما باقٍ وإن أبى أو امتنع عن إبداء الرأي بعد إعلامه فسخ الزواج بينهما.
في حين تؤكد المادة 232 على التالي: في جميع الأحوال التي يسلم فيها أحد الزوجين أو كلاهما أمام المحكمة الشرعية. لا يجوز البحث في صدقة في إسلامه ولا في الباعث على الإسلام.
من خلال استعراضنا للمادتين وعرضهما على بعض بمعزل عن أي عرض آخر نتساءل من الذي يحدد أهلية أي إنسان للإسلام؟! وما هي المعايير المطلوبة؟! ثم لماذا علينا في المادة 232 غض النظر عن صدق النية فيمن يسلم وعن الباعث الحقيقي لإسلامه هل القضية هي قضية اكتساب عددي وكمي للمسلمين وإنقاص كمي وعددي لغير المسلمين؟ أم هل استطاع السادة النجباء من واضعي هذا المشروع لي الآيات القرآنية والأحاديث حسب أهوائهم ورغباتهم وما هو الضابط لكل ذلك؟ أين هو علم مقاصد الشريعة وعلم الكلام؟!
المادة293
الأم الحاضنة غير المسلمة أماً كانت، أو غيرها، تستحق حضانة ولد المسلم، حتى يعقل الولد معنى الأديان، أو يخشى أن يألف غير الإسلام وإن لم يعقل الأديان، لأنهن أحرص على حضانته على أن لا يتجاوز عمره أربع سنوات.
المادة 294
تقتصر الحضانة على الأم المسلمة فقط إذا خشي على المحضون أن يألف غير دين الإسلام وعاداته، أو كانت الحاضنة تستغل ضعف الطفل لتنشئته على غير دين أبيه الإسلام.
هنالك تناقض جلي وواضح بين المادتين 293 و294 ففي تعطى الحضانة للأم المسلمة وغير المسلمة في المادة 293 تحجب الحضانة عن الأم غير المسلمة باقتصارها على الأم المسلمة إذا خشي على المحضون أن يألف غير دين الإسلام وعاداته على أن لا يتجاوز عمره أربع سنوات وهل يعقل الدين من كان عمره خمس سنوات هل يمكن أن يكلف الطفل شرعاً قبل تمكنه من استيعاب أحكام العبادات والشريعة؟ ثم من يحدد مفهوم الخشية على الدين وهو تعبير مطاطي يحتمل كل الوجوه.
تؤكد المادة 325 في البند السادس على أن:
يبقى المحضون أثناء فترة الحضانة على الفطرة دون تأثير من أحد أبويه.
وفي هذا تناقض جلي وواضح بين ما ورد في المواد الثلاثة 293 و294 و325، ومن ثم فإن البند الرابع من المادة 325 الذي يفيد بما يلي:
إذا اسلم أحد الزوجين كان دين الصغير هو الإسلام، على أن يبقى له حق اختيار الدين عند بلوغه سن الرشد خلال شهر من بلوغه، شريطة أن لا يكون قد صدر عنه ما يدل على إسلامه قولاً أو فعلاً.
وهذا يبين التمييز بين الأديان والطائفية الأحادية النظرة فكيف يتم في المادة 294 الخوف على الطفل الصغير من أن يألف غير دين الإسلام ولا يخشى على الفتى الكتابي أن يألف غير دينه في حال أسلمت والدته؟ وهذا لا يتساوى فيه الحق بين أبناء الوطن الواحد، مع العلم بأن القانون قد أعطى للأب حق إلحاق أولاده به من حيث النسب والدين، ثم كيف يمكن تفسير عبارة شريطة أن لا يكون قد صدر عنه ما يدل على إسلامه قولاً أو فعلاً، وهو الطفل العاجز الذي قد يكون قد أجبر على اكتساب عادة الذهاب إلى المسجد أو الاستماع إلى درس ديني أو تأدية طقوس دينية معينة أو النطق بالشهادتين دون حق إبداء الرأي أو الاعتراض؟ ثم في حال كان هذا الطفل قد بلغ سن الرشد وهو مريض مصاب بغيبوبة مثلاً ولا يمكن له أن يستفيد من مدة الشهر المتكرم عليه بها لتحديد رغبته بالانتماء الديني هل يجبر دون إرادة منه على الإسلام؟ بارك لنا الله في أدمغة علماؤنا الذين يعملون جاهدين لإكثار عددية المسلمين !..
هذا غيض من فيض من ما احتواه مشروع قانوننا العتيد الموحد للأحوال الشخصية وبعد هل على صاحب عقل أن يقبل به؟ هل على أي مشرع أن يعتبره قد قارب الحقوق؟ ألم يقم دين الإسلام على العدالة؟ أين مكمن العدالة في مثل هذا القانون؟
إذا أردنا أن نعمد إلى استصدار قانون أحوال شخصية يراعي كل أطياف المجتمع علينا العمل على استصدار قانون مدني موحد جامع تحت اسم قانون الأسرة يراعي التركيبة الاجتماعية والدينية لكل المجتمع:
1- تحديد مقدمة في المدلول القانوني للمصطلحات الدينية الواردة في القانون مثل(البلوغ- الرشد- الكفاءة – الردة – النفقة الخ..)
2- صياغة بنود القانون كاملة وفق إجماعات المذاهب الإسلامية السبعة التي تم الاعتراف بها في منظمة المؤتمر الإسلامي ووفق مشتركات الأحوال الشخصية المسيحية واليهودية والإسلامية..
3- تحديد وصياغة التمايزات الفقهية واللاهوتية في موارد الزواج الميراث والوقف والوصية الخ..
4- صياغة هوامش خاصة بقانون الأحوال الشخصية للبت في نقاط الاختلاف وحسمها وفق مرجعيات مقاصد الشريعة واللاهوت.
5- التأسيس لملحقات قانون الحوال الشخصية يتناول صياغة المسائل الجديدة والمعاصرة وأحكامها استناداً للمرجعيات القانونية والدينية (المسيحية والإسلامية).
ولا أجد تعارض بين المدني العلمي والديني إنما أرى التعارض بين عماء المتدينين وتشدد المتعلمنين، ذلك مما يشير إلى أن أخطر ضروب الجهل أن يزهو الإنسان بمذهبه الديني أو العلمي وكأنه في غنى عن معرفة الآخر ليتقوقع في شرنقة الجهل والعماء العلمي والديني والاجتماعي والمعرفي..
للاطلاع على كامل مواد مشروع القانون الجديد يمكنك الذهاب الى الرابط التالي
https://alsafahat.net/blog/pdf/Syrian_safahat001.doc

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى