نتائج الانتخابات الإيرانية.. الأزمة والتداعيات
مركز الجزيرة للدراسات
فجرت نتائج الانتخابات الإيرانية أزمة استدعى المتابعون لها فيضا من المعطيات السياسية والدينية والثقافية، وهو الأمر الذي يجعل من أي ورقة تقدير موقف تشتبك فيها المعطيات الآنفة الذكر لالتقاط حجم التغيير الذي قد يطرأ على النظام في إيران بمجرد نشوء الأزمة أو تدحرج تداعياتها.
حول ما جرى في الانتخابات
المطالب والتداعيات
حول ما جرى في الانتخابات
يختلف التوصيف حول ما جرى في إيران ويمكن الوقوف على قراءات ثلاث قدمها أطراف ثلاثة بالإجمال:
1.
صورة قدمتها الحكومة ومؤيدو نجاد، مفادها أن الانتخابات جرت في أجواء نزيهة وأن المعترضين لهم حق الاعتراض بالقانون وعدم استعمال الشارع، ويعتبرون فوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هو تجديد للثورة ولنظامها وانتصار على المستكبرين الذين يتدخلون في شؤون إيران الداخلية. ولا يخلو خطابهم من التعريض بالإصلاحيين وأنهم ضحية التحريض الخارجي، ويبدو أن هناك تصعيدا في خطاب السلطة في مواجهتهم، وذلك عبر محاولة جمع المعارضين السياسيين والمعترضين في الشارع في سلة واحدة، ووصمهم بالمشاغبين أو الإرهابيين.
2. وهناك الصورة التي قدمها المرشد أو الولي الفقيه محمد علي خامنئي، والتي اعتبر فيها أن الانتخابات صحيحة، وإذا ما شابتها أي شائبة فإن القانون سيأخذ مجراه. ولكن بنفس الوقت يؤكد خامنئي أن أفكار نجاد ومؤيديه أقرب إليه من سواه، مع إقراره بمكانة الآخرين، وأن التيار المحتج بزعامة مير حسين موسوي يعترض على نتائج الانتخابات تحت مظلة منظومة ولاية الفقيه وليس خارجها، محذرا الجميع من الوضع الدقيق الذي يحيط بإيران ومن تربص الأعداء بها. فخطاب المرشد حمل رسالة للمعترضين بأن أمامهم فرصة للرجوع عن “استعمال الشارع” وعما هم فيه، ولكنه حذر بشكل واضح أن استمرار المعترضين في استعمال الشارع لن يجدي كأداة ضغط على السلطة.
3. الصورة الثالثة هي التي قدمها التيار الإصلاحي وتقول بأن الانتخابات زورت على نطاق واسع، وأن السلطة كانت مسخرة للرئيس نجاد في هذه الانتخابات، وأن هناك نظاما لـ “هندسة الانتخابات” استعمل منذ الانتخابات السابقة، التي كان التنافس فيها بين السيد هاشمي رفسنجاني ونجاد وانتهت بفوز الأخير. ويرى الإصلاحيون أن المرشد أصبح جزء من المشكلة بعد إلقائه خطبة الجمعة ، بعد أن كان جزء من الحل أو مفتاحا له. مع تأكيدهم بأن اعتراضهم يقع تحت إطار النظام الذي أرساه المؤسس السيد آية الله الخميني وليس خارجه، وأن الدستور يعطيهم حق الاعتراض على الدكتاتورية وحق التظاهر، ورأوا في اعتراف المرشد بأنهم يعملون تحت منظومة الولي الفقيه هامشا لهم في الاستمرار في الاعتراض.
والواضح إلى حد الآن أنه من المتعذر الاطلاع على أدلة ملموسة على أن العملية الانتخابية تعرضت للعبث المنظم أو أن النتائج قد زيفت، أو الجزم بأن الانتخابات كانت نزيهة تماما. ولكن من الواضح أن هناك مشكلة ما في مكان ما من العملية الانتخابية، كما أنه من المؤكد أن كافة الأطراف تعجلت في استنتاجاتها حيث أعلن مبكرا موسوي فوزه في الانتخابات، كما سارع المرشد بمجرد إعلان وزارة الداخلية النتائج رسميا إلى تهنئة نجاد على فوزه مضفيا الشرعية على النتيجة، وذلك قبل أن تخضع للإجراءات المعتادة في إعلان مجلس صيانة الدستور لسلامتها.
حقيقة الوضع القائم
من الواضح أن هناك خلافا مستفحلا بين تيارين تعود جذوره إلى فوز التيار الإصلاحي للمرة الأولى برئاسة الجمهورية على يد الرئيس محمد خاتمي عام 1997، وتطور هذا الخلاف بعد بفوز نجاد بولايته الأولى عام 2005، والتي بدت في عيون المحافظين كأنها استعادة إيران لخط الثورة من جديد بعد أن عبثت بها يد الإصلاحيين، فأضفوا من خلال دوائرهم الإعلامية والسياسية على فوز نجاد آنذاك صفة التصحيح والاستدراك لما “أخطأ فيه خاتمي وتياره الإصلاحي أو فرط به”.
وقد تراكم هذا الخلاف إلى أن انفجر مع الانتخابات الرئاسية الحالية، فانقسم الجمهور إلى قسمين، أحدهما يؤيد نجاد والآخر يؤيد المرشح الجديد للتيار الإصلاحي مير حسين موسوي، فنزل أنصار موسوي إلى الشارع لعرض قوتهم، ولإجبار السلطة السياسية على القبول بموقفهم من الانتخابات، في حين التزم جمهور نجاد توجيهات السلطة.
ويمكن إجمال الوضع القائم الآن فيما يلي:
1. هناك تحفظات واسعة على نتائج الانتخابات لدى شريحة معتبرة من المجتمع الإيراني ويقطن معظمها في المدن، يقف على رأسها ويمثلها التيار الإصلاحي ورموزه، وينضوي تحتها أطياف عدة موجودة في نسيج المجتمع الإيراني، أبرزها:
* قطاع من الشارع الإيراني يعتقد بالفعل أن موسوي قد فاز، وأن الانتخابات زيفت لصالح نجاد.
* أنصار التيار الإصلاحي بغض النظر عن الانتخابات ونتائجها، وغالبهم من الطبقة الوسطى ومن نخبة المجتمع الإيراني من مثقفين وفنانين ومن ماثلهم، ومن أبرز مطالبهم الإستراتيجية الحد من سلطة ولاية الفقيه وإخضاعها للدستور.
* المجموعات الشابة من الطبقة الوسطى والعليا التي تريد مزيداً من الحريات، ليس بالضرورة على المستوى السياسي، ولكن فيما يتعلق بالحياة العامة والسلوك.
* عناصر سنية وعربية وكردية قومية نشطة، استمالتها آلة موسوي الانتخابية خلال الشهور القليلة الماضية بوعود العدل والمساواة.
* قوى ومجموعات ليبرالية سياسية لا تؤمن بنظام ولاية الفقيه، وتسعى إلى إعادة النظر في الأسس الدستورية للجمهورية.
2.
هناك مخاوف من الطبقة السياسية والشعبية المحافظة والقريبة من المرشد من تراجع روح الثورة ومبادئها في الجمهورية الإسلامية مع تصاعد شعبية الإصلاحيين نسبيا، والتي عززتها رغم كل الصعوبات السنوات الثمانية التي حكم فيها الرئيس خاتمي. ويمثل هذه الطبقة في السلطة الرئيس نجاد الذي يحظى بتأييد كبير في وسط الطبقة الكادحة، التي تسكن أكثريتها في الأرياف، وتأمل من استمرار الرئيس نجاد في منصبه أن تتحسن ظروفها المعيشية من خلال البرامج الاقتصادية الموجهة إليها على وجه خاص.
3. بدأ الانقسام السياسي في المؤسسة السياسية وعلى أعلى المستويات، قبل أن ينتقل إلى الشارع، ليعود مرة أخرى وبالتوازي إلى أروقة السياسيين وزوايا المراجع ورجال الدين. ويعكس الانقسام في لحظته الراهنة تذمر النخبة السياسية الإصلاحية من النظام الانتخابي، وتقديرها بأن لا أمل لها في العودة إلى الحكم مرة أخرى، لأنها تعتقد بأن المحافظين، وعلى رأسهم أحمدي نجاد، قد أعادوا هندسة النظام الانتخابي بما يحول دون خروج سدة الحكم من قبضتهم، ويطلق الإصلاحيون على هذه العملية “نظام هندسة الانتخابات”، والذي بحسب أوساطهم يحرم العديد من نخبهم من حق الترشح.
4. ويقف الرجل القوي في النظام، السيد هاشمي رفسنجاني ولو بقدر مع التيار الإصلاحي، باعتباره أول ضحايا هذه “الانتخابات المهندسة”، إضافة إلى مجموعات أخرى شعرت خلال السنوات الأربع الماضية أن التفاهم الكبير بين مرشد الجمهورية علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد قد أدى إلى تهميشها وإخراجها من دائرة صنع القرار.
5. إلى جانب تعدد تكويناتها السياسية، تعكس حركة الاحتجاج أيضاً أزمة العلاقة بين جيلين في بعض وجوهها، جيل الثورة والجيل التالي له، حيث أن الأخير انقسم انقساما ملفتا بعد أن تزايدت فيه أعداد المطالبين بالتغيير في الوجوه وفي بنية طبيعة عمل مؤسسات الحكم. ووجدوا ضالتهم إلى حد ما في قيادات الإصلاحيين الحائزين على حق الاعتراض ضمن المنظومة الثورية والدينية.
6. أصبح المرشد علي خامنئي طرفا واضحا في الأزمة، سواء تطابقت رؤاه ومواقفه مع موقف الرئيس نجاد ومؤيديه أم لا، فهو يلتقي مع نجاد في رفضه لمطالب موسوي ومؤيديه، كما أنه لا يرغب بتكرار التجربة مرة أخرى مع حكم الإصلاحيين بعد أن وجد ضالته في الرئيس نجاد، وهو ما عكسه بصورة واضحة في خطبة الجمعة التي لم يعط فيها لموسوي ومؤيديه إلا أمرا بمراجعة عينة من النتائج، إضافة إلى إقراره بشرعية موسوي ومن معه وبأنهم أبناء للنظام وليسوا خارجه.
7. الإعلام المحايد أو غير الرسمي مغيب تماما عن المشهد الإيراني، في مقابل حراك نشط لإعلام الانترنت، في حين شهد الإعلام الرسمي إرباكا واضحا في كيفية إظهار الخلاف بين أبناء المنظومة نفسها، وذلك تبعا للإرباك الذي أصاب النظام في التعامل مع الأزمة التي تجاوزت توقعاته.
المطالب والتداعيات
تتلخص مطالب الإصلاحيين في إلغاء نتائج الانتخابات وإعادة إجرائها، وهو ما أعلنه موسوي وأيده كروبي، ويبدو أن هناك إجماعا داخل التيار اٌلإصلاحي حول هذه النقطة. أما كيفية الوصول إلى هذا الهدف، فتتمثل في اعتماد الاعتراض في الشارع بأشكال عدة، أعلاها التظاهر وأدناها إظهار مشاعر وعلامات الرفض الشعبية.
ولا يستبعد أن يدخل الصراع في مرحلة متقدمة ولو بعد هدوء، إذا تم نقل الخلاف وبوتيرة متصاعدة وشاملة من المستوى الشعبي إلى المستوى السياسي من أحد طرفي المواجهة سواء:
1. من السلطة باستعمال العنف الشديد ضد الإصلاحيين ومطالبهم، وهذا يتطلب من سلطة نجاد الحصول على تأييد المرشد على هذه الخطوة ومباركته لها بالمعنى الديني قبل السياسي.
2. أو من الإصلاحيين بتصعيد تظاهراتهم لتشمل مرافق حيوية أو لتمس قضايا أخرى أبعد من نتائج الانتخابات.
وعلى كل، فإن تَحقُّق هذا الاحتمال الأخير لن يكون إلا بانضمام واضح من قبل بعض السياسيين الفاعلين في النظام إلى صف المعارضة الإصلاحية، وعلى رأسهم السيد رفسنجاني، وكذلك بتحويل الخلاف، من خلاف على نتائج الانتخابات إلى خلاف حول أسلوب إدارة الحكم وصلاحيات رأس النظام أي المرشد.
وهذا يتطلب بدوره وبالتوازي معه من الإصلاحيين ومن معهم نقل المعركة، وليس النقاش فقط، إلى الحوزة الدينية والحصول على تأييد بعض علمائها، خاصة أولئك الذين لا يزالون يتمتعون بالنفوذ والسلطة في ظل النظام القائم.
ولكن حتى الآن، رغم كل ما يقال، لا يزال التيار الإصلاحي يتحرك بحذر لأنه لا يريد أن يعطي الفرصة للسلطة بالانقضاض عليه بذريعة خروج المظاهرات عن السيطرة، وهو السقف الذي وضعه المرشد للتمييز بين الاحتجاج والشغب. كما أن السلطة لا زالت تحرص من جهتها على ضبط ردود أفعالها ومواجهة المحتجين بحذر، لأنها لا تريد للأمور أن تتفاقم، ولا تريد أن تعطي صورة وكأن الأزمة هي صراع بين الدولة والشعب، وتريد بالوقت عينه أن تحفظ لنفسها فرصة تمكنها من استيعاب الأزمة بأقل الخسائر.
أما التوقعات لمآل هذه الأزمة فتتراوح ما بين تسوية يقوم بها الفاعلون في النظام بما يرضي جميع الأطراف، أو الجنوح نحو مواجهة تحسم الأمر لمصلحة النظام في المدى القريب. إلا أن هذا الخيار الأخير لن يمر بدون تعقيدات في المستقبل، ذلك أن مواجهة الشارع بالسلطة مدانة بأبجديات الثورة و وثقافتها، فالمعارضون يواجهون السلطة الحالية بنفس الأساليب والشعارات التي أسقطت بها الثورة النظام الملكي السابق، مع ما يستدعي ذلك من مفاهيم من تراث الثورة لمحاربة سلطتها الحالية.
التداعيات على منظومة ولاية الفقيه
أما التداعيات الأهم في كل ما حصل والتي أصبحت أمرا واقعا، فهي تلك التي طالت مكانة ولاية الفقيه، قمة هرم النظام ومبعث شرعيته، والتي اهتزت مع نشوء الأزمة:
1. فهذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها النقد الواضح والمباشر للولي الفقيه من أبناء منظومته، فضلا عن أن يتهم بأنه منحاز لفئة على أخرى.
2. كشفت الأحداث عن وجود شخصيات تمتلك قدرات على الحشد لا في مواجهة الحكومة والجمهورية فقط، بل في وجه الولاية والولي الفقيه نفسه.
3. لا يستبعد أن يرجع صدى الأزمة على صلاحيات المرشد وموقعه الدستوري والقانوني وعلى حدود هذه الصلاحيات ولو بقدر، وبالفعل فإن بعض الإصلاحيين بادروا بالجهر بهذا المطلب الإستراتيجي، رغم أنه ليس موضوع الأزمة الحالية بطريقة مباشرة، ولكنه على صلة بها باعتبار أنه من الطبيعي للمرشد أن يؤيد رئيسا واتجاها يعطي ولاية الفقيه اليد العليا والمطلقة للتحكم بالسياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
4. وضعت هذه الأزمة علاقة إيران الدولة بأنصار الولي الفقيه خارج حدودها تحت الفحص والمراجعة، حيث أن التيار الإصلاحي فتح خلال هذه الأزمة النقاش حول السياسات التي تتبعها إيران بهدي الولي الفقيه، فهي تحمل الدولة أعباء ومسؤوليات تتناسب مع البعد النظري الديني لسلطة الفقيه كولي لأمر المسلمين في العالم، لكنها تحمل إيران أعباء تعجز ثرواتها وقدراتها عن تحملها بل تحول دون التخطيط لمستقبلها.
5. إذا كان نظام ولاية الفقيه قد تعرض لأزمة في علاقته مع الجيل التالي للثورة، حيث جنحت فئة معتبرة منه للمطالبة بالإصلاح من منظار ورؤية مغايرة للرؤية التي أرستها الثورة، فكيف سيكون الأمر مع الجيل الذي يليه؟ وكيف سيكون مع توالي النوازل والمشاكل التي تزيد من الهوة بين هذين الاتجاهين.
* اتجاه يعطي الأولوية للرؤية الوطنية والقومية في مقاربة قضاياه وطموحاته ومستقبله الاقتصادي والسياسي وهو ما أخذ يحتل مكانه بين الأجيال القادمة.
* واتجاه يحسب مصالحه وطموحاته أيدلوجيا ويعطيها الأولوية على مصالحه القومية والوطنية إذا دعاه الواجب الأيدلوجي إلى ذلك، وهو ما عليه منظومة ولاية الفقيه.
وسيشتد النزاع بين الاتجاهين كلما تناقضت المصالح والأولويات القومية والوطنية الإيرانية، مع المصالح والأولويات الإسلامية الواجبة التحقق بحسب رؤية ولاية الفقيه وموقعها.
6.
لامست الأزمة القوانين المنظمة لمكانة الولي الفقيه وصلاحياته، حيث بدا أن النصوص تفتقر إلى الفعالية سواء من حيث مساءلة الولي الفقيه أو مراقبته.
7. وعلى صعيد النظرية ستذكي الأزمة الحالية النقاش مرة أخرى حول صحة نظرية ولاية الفقيه وحول مدى قدرتها على الصمود عمليا في مواجهة التحديات والصعوبات التي تقف في طريق تطبيقها على واقع معقد في بلد مثل إيران، في أوساط المثقفين وكذلك عند رجال الدين، خاصة وأن بعض المرجعيات الدينية التقليدية في قم لا تزال ترفض فكرة ولاية الفقيه، أي نيابة الولي الفقيه في السلطة الزمنية عن الإمام المهدي الغائب.
فهذه التداعيات بمجملها تؤكد أننا أمام إيران مختلفة مهما كانت نتيجة هذه الأزمة، وأن ما حدث له ما بعده ولن يكون مثل ما قبله، وأن إيران إسلامية جديدة في مرحلة التكون أو التأقلم، على يد المحافظين والإصلاحيين.
التداعيات الإقليمية والدولية
ما دامت الأزمة لم تنته أو تستقر على صورة ما، فإنه من الصعب التكهن بتداعياتها الإقليمية والدولية، ولكن هناك مؤشرات يمكن رصدها وقد اتضحت في هذه المرحلة من الأزمة:
1. إن مواجهة إيران لهذه الأزمة، ستحرمها من فرصة مشاغلة أميركا بنفس الكفاءة السابقة، سواء في العراق أو لبنان أو فلسطين وسواها. وستفقد أفضليتها الإستراتيجية في مواجهة واشنطن في الإقليم في هذه المرحلة، حيث كانت الأخيرة غارقة بأزمتها المالية وفي ملفات العراق وأفغانستان، بينما كانت إيران في أوج قوتها ونفوذها الإقليمي.
2. ستتأثر قوى الممانعة والمقاومة في حالة ما انكمشت إيران نحو الداخل وتراجع دورها الإقليمي. وستُؤْثِر سياسة المهادنة والانتظار حتى تنجلي الصورة، خاصة إذا عززت واشنطن والدول الغربية مناخ التهدئة.
3. سيشتد ساعد إسرائيل في المنطقة، ولو على المستوى المعنوي والإعلامي، وستتأهب على الأقل لإعادة تموضعها في المرحلة الراهنة، إلى أن تعيد تقييم وتقدير حجم الأزمة في إيران.
4. إن ما حصل في إيران سواء كانت الدول الغربية ضالعة فيه أم لا، فإنه كشف أن التوجه الاستخباراتي في مواجهة إيران له الأولوية أو ستكون له الأولوية، لأن ما حدث قد أعطى تقدما ملموسا للقوى الغربية في مواجهة إيران.
5. أظهرت إدارة أوباما تحفظا في ردود أفعالها على الحدث الإيراني بما يشي أن الأولوية لإدارته هو الحوار إلى أن تتمكن واشنطن من استيعاب أزمتها المالية، ومن إعادة الإمساك بزمام ملفاتها الساخنة في أفغانستان والعراق.
تمثل هذه الورقة خلاصة آراء مجموعة من الباحثين والمحللين والسياسيين بعضهم ينتمي لتيار الإصلاحيين وبعضهم لتيار المحافظين.
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات