الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

صراع أجيال

ساطع نور الدين
ربما آن الأوان لإجراء مراجعة لنتائج الانتفاضة الشعبية التي شهدتها إيران على مدى الاسابيع الثلاثة الماضية، فقط من أجل تقدير السلوك الايراني في المرحلة المقبلة ازاء الجمهور الواسع الذي عبر عن اعتراضه على نتائج الانتخابات الرئاسية، وتاليا على طريقة ادارة المؤسسة الدينية والامنية المحافظة للاوضاع الداخلية وطبعا السياسة الخارجية.
آن أوان التقييم لان الانتفاضة بشكلها الاخير انتهت، وقد انهاها المرشح الاصلاحي الخاسر مير حسين موسوي، في بيانه الاخير الذي قدمته وسائل الاعلام باعتباره فقط تشكيكا بشرعية الحكومة المقبلة للرئيس محمود احمدي نجاد، وأغفلت حقيقة انه كشف عن جهود يبذلها لتشكيل جبهة سياسية عريضة تهدف الى استعادة الحقوق، وأيضا اعادة الاوضاع الى طبيعتها.
قبل ذلك البيان، كان الرئيس السابق محمد خاتمي قد وجه ضربة الى الاصلاحيين عندما دعاهم في ذروة التظاهرات الاحتجاجية الى التسليم بأن المعركة تخاض من داخل مؤسسات الحكم التي يشكك الجمهور اصلا في حيادها ونزاهتها. لكن الضربة الاقسى جاءت من رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني الذي أحبط مرة اخرى آمال التيار الاصلاحي عندما تخلى عن دور الوسيط المحايد بين طرفي الانقسام الداخلي الايراني وانضم الى المرشد آية الله خامنئي وإلى الرواية الرسمية للاحتجاج الشعبي باعتباره مشروع فتنة لا اكثر ولا اقل.
مع ذلك فإن التغيير الجذري في ايران قد حصل بالفعل، او بتعبير أدق بدأ للتو. وهو قد يتخذ اشكالا اخرى غير التظاهر والصراخ على السطوح وإطلاق البالونات الملونة.. كما قد يسمح باختراقات خارجية للوضع الداخلي من قبل أعداء ايران، اذا اصرت المؤسسة الحاكمة على هذا المستوى من القمع والقهر لجمهور ثبت بالملموس انه اكبر بكثير مما كان يتوقع الاصلاحيون انفسهم.. وهو جمهور ما زال من الصعب تصنيفه، او ربما احتواؤه لانه لا يقع تحت سقف النظام الاسلامي ولا يلتزم بأي من مكوناته، من ولاية الفقيه وحتى الفرائض الخمس..
سعى النظام اكثر من مرة في الانتفاضة الاخيرة الى الفصل بين قيادات الاصلاحيين وبين هذا الجمهور الذي يضم مئات الآلاف من المراهقين الذين لم يبلغوا العشرين، والذين يزدادون جرأة وتحديا لفكرة الجمهورية الاسلامية من اصولها.. والاهم من ذلك يزدادون افتراقا حتى عن التيار الاصلاحي الذي لم يلب حتى الآن ايا من طموحاتهم ، بل كان محاولة غير موفقة لاستيعابهم ومنعهم من اخذ ايران بعيدا عن مركزها الحالي.
وهي مسألة تعود الى بدايات الثورة عندما اعترض كثيرون من رفاق الامام الخميني على اقتراح منح اي مواطن بلغ الـ16 من عمره حق التصويت، مخافة ان تتحول ايران الى دولة يحكمها مراهقوها الذين يقدر عددهم بنحو اربعين في المئة من مجموع السكان البالغ حاليا 72 مليونا.. يتطلعون اليوم الى المستقبل بطريقة مختلفة عن تلك التي يعرضها موسوي، وبطريقة مناقضة لما يقترحه نجاد الذي يبدو في بعض الاحيان انه يتحدث من كوكب آخر.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى