الأزمة المالية العالمية تثقل كاهل الصحافيين في الشرق الأوسط
نبيل شرف الدين
في استطلاع مؤسسة استشارية متخصصة في التدريب الإعلامي
الأزمة المالية العالمية تثقل كاهل الصحافيين في الشرق الأوسط
نبيل شرف الدين من القاهرة: خلصت نتائج استطلاع لآراء الصحافيين العرب إلى أن الأزمة المالية العالمية أثقلت بشكل كبير من الأعباء الملقاة على كاهل كافة الوسط الإعلامي في الشرق الأوسط، وأظهرت نتائج الاستطلاع التي نشرت يوم الأحد ـ وتلقت “إيلاف” نسخة منه ـ أن الانهيار الحاد في إيرادات الإعلانات، أدى لغلق مؤسسات إعلامية وتسريح عشرات الإعلاميين وتجميد التعيينات الجديدة، وهو ما نجم عنه تنامي شعور الصحافيين والإعلاميين في المنطقة بضغوط متزايدة، على الرغم من أن التشريعات والقوانين الحكومية برزت كأهم التحديات التي تعيق الصحافيين في مسعاهم في إعداد قصصهم وتقاريرهم الصحافية بالطريقة المثلى.
وشارك في الاستطلاع الذي نظمته “ميديا سورس” و”انسايت ميدل ايست” 219 صحافيًا وإعلاميًا يعملون في وسائل إعلام عربية وانكليزية (مطبوعة ومسموعة ومرئية) في 13 دولة عربية، في محاولة لاستقراء آرائهم وتعليقاتهم على بنود وقضايا تشمل البيان الصحافي، والمؤتمرات الصحافية وشركات العلاقات العامة وممارساتها، ومصادر الأخبار ومستوى الصحافة بشكل عام.
وبين جايمس مولان الشريك الإداري في انسايت ميدل ايست، وهي مؤسسة استشارية متخصصة في التدريب الإعلامي، أن المبررات وراء تنظيم الاستطلاع تكمن في استيضاح التطورات التي شهدها المشهد الصحافي والإعلامي خلال العامين الماضيين. وقال مولان ” قمنا بتنظيم استطلاع مماثل في العام 2007، ونود أن نقف على ما تغير في مجتمع الصحافيين في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين” .
وتابع مولان ” من أهم ما تمخضت عنه نتائج الاستطلاع الحالي هو أن مجمل الصحافيين باتوا يتلقون ويستخدمون بيانات صحافية أكثر مقارنة بما كانت عليه الحال في العام 2007. ويكشف ما سبق أن عددًا متزايدًا من الشركات والمؤسسات شرق الأوسطية باتت تلجأ إلى إستراتيجية “العلاقات العامة” بشكل متزايد كإحدى استراتيجيات التسويق، فيما أضحت المنطقة تظهر تقبلا متزايدا لـ”العلاقات العامة” .
في غضون ذلك، لم يخفِ كثير من الصحافيين المشاركين في الاستطلاع امتعاضهم من جودة، ومحتوى وتوقيت إصدار المعلومات؛ سواء التي ترسلها شركات العلاقات العامة المستقلة أم أقسام وفرق الاتصال المؤسسي في الشركات والمؤسسات.
وعلق بن سمالي، المدير الإداري لشركة ميديا سورس، الناشر لدليل المؤسسات الإعلامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والممثل لشركة ميديا دسك في المنطقة: “ظل بند “إرسال بيانات صحافية غير مهمة يتبوأ صدارة الممارسات التي تشكل إزعاجًا كبيرًا لمجتمع الصحافيين بشقيها العربية والانكليزية ”
وتابع سمالي ” تكشف نتائج الاستطلاع الحاجة الملحة في أن يقوم العاملون في شركات العلاقات العامة باتخاذ مقاربات أكثر تركيزًا في إرسال بياناتهم الصحافية بدلاً من العشوائية في التوزيع، التي تلجأ إليها كثير من الشركات الآن، كما لا بد لهم من تنمية مستوى الإدراك والفهم لتخصصات الصحافيين والوسائل الإعلامية التي يمثلونها” .
الصحافة المجتمعية
ومن بين الأمور التي اجتمعت عليها آراء أغلبية المشاركين؛ ضعف احترام شركات العلاقات العامة لمواعيد النشر التي يلتزم فيها الصحافيون، بالإضافة إلى تقاعسهم عن تزويد الصحافيين بمعلومات إضافية عند أو حين طلبها. كما اتفق 81 في المئة من الصحافيين العاملين في وسائل الإعلام العربية و90 في المئة في الانكليزية أن شركات العلاقات العامة والمؤسسات التي يمثلونها يعقدون غالبًا وأحيانًا مؤتمرات صحافية غير ضرورية.
واختلطت مشاعر الصحافيين في وسائل الإعلام التقليدية في أثر “الصحافة المجتمعية” مثل المدونات، والمنتديات الالكترونية ومواقع مثل فايس بوك أو تويتر. فقد رأى 62 في المئة من الصحافيين في وسائل الإعلام العربية و74 في المئة في الانكليزية أن الصحافة المجتمعية تعتبر مصدرًا إخباريًا “محايدًا” أو “ضعيفًا”. مع هذا فإنهم يشعرون أنها تؤدي دورًا مهمًا في إشراك الجمهور وتفاعلهم بشكل كبير.
وتسخّر بعض المؤسسات الإعلامية في المنطقة وسائل “الصحافة المجتمعية” لتفعيل المشاركة والتفاعل مع الجمهور، بينما قال 55 في المئة من “العربية” و37 في المئة من “الانكليزية” أن مؤسساتهم لم تلجأ إليها بعد إلا أنها تشعر بأهمية ذلك. على النقيض شعر 7 في المئة من “العربية” و13 في المئة من “الانكليزية” أن الصحافة المجتمعية هي مضيعة للوقت .
وحول تقيّيم الصحافيين لمهنتهم، قال 47 في المئة من الصحافيين في المؤسسات الصحافية العربية، أن مستوى الصحافة بشكل عام بين “جيد” إلى “جيد إلى حد ما”، مقابل 22 في المئة فقط من الصحافيين في المؤسسات الانكليزية الذين يتفقون على الأمر ذاته .
وتشعر غالبية في وسائل الإعلام التي تصدر باللغة الانكليزية (63 في المئة) أن هناك تحسنًا في مستوى الصحافة في المنطقة ( انخفاض مقارنة بـ 80 في المئة في 2007) لكن 44 في المئة فقط من العاملين في وسائل الإعلام باللغة العربية يرون الأمر ذاته، فيما يشعر 28 في المئة أن مستوى مهنة الصحافة مستقر في حين أن نسبة مماثلة (28 في المئة) ترى أنها في تراجع .
وأجمع الصحافيون في وسائل الإعلام العربية والإنكليزية أن القوانين الحكومية هي المعيق الأكبر أمام إعداد القصص والتقارير الإخبارية بالطريقة التي يودون، وعليه تقدمت التشريعات والقوانين الحكومية إلى المعيق الأول خلال الاستطلاع الحالي مقارنة بالمركز الثاني الذي احتلته قبل عامين .
وأوضح صحافيون (العربية والانجليزية) أنهم باتوا يشعرون بضغوط متزايدة من المعلنين على المحتوى التحريري مقارنة بما كانت عليه الأوضاع في 2007، في حين أن الأثر الأكبر للأزمة المالية العالمية كان في انهيار كبير في الإيرادات من وراء الإعلانات .
من جهته قال أوليفر بلوفلد، الشريك في انسايت ميدل ايست، معلقًا على النتائج بالقول” يهدف الاستطلاع إلى تزويد شركات العلاقات العامة والعاملين فيها بالمعلومات الكافية لمساعدتهم على رفع مستوى الإدراك والفهم باحتياجات ورغبات الصحافيين والضغوط الملقاة على عاتقهم، ليتسنى لهم توفير خدمات أفضل ومتوافقة مع تطلعاتهم” .
وأضاف ” تضم نتائج الاستطلاع ما يصل إلى 1300 تعليق، تشمل ردود الصحافيين المشاركين على محاور الاستطلاع، ما يضع بين أيدي شركات العلاقات العامة مصدرا ثريا وشموليا يمكّنهم، بناء عليها، من توفير خدمات استشارية أفضل وتأمين تغطية أوسع لعملائهم، بالإضافة إلى تحسين علاقاتهم مع الصحافيين في الشرق الأوسط”.
ايلاف