مشروع التفتيت مرفوض كـ”ورقة عمل”، مثلما هو مرفوض كـ”مشروع قانون”!
نساء سورية
يبدو أن الانتصار الذي حققته سورية المستقبل على أمراء الظلام لم يثنهم عن البحث عن طرائق أخرى أكثر التواء وتعمية لتمرير مشروعهم الأسود الهادف إلى تدمير المواطنة والدولة الحديثة، وإقامة إماراتهم الطائفية الخاصة التي تحتقر المرأة وتشرع اغتصاب الطفلات.
فبعد أن صدر التصريح الشهير عن “المكتب الصحفي لرئاسة مجلس الوزراء”، والذي عبر حقا عن أن المشروع الأسود لم يكن سوى مؤامرة بكل معنى الكلمة، يحاول البعض أن يبقي على الفكر التكفيري الطالباني قاعدة أساس لأي مشروع جديد قد يجري التفكير به.
وعلى هذا الأساس، بات من المؤكد أن رئاسة مجلس الوزراء التي يبدو أنها اضطرت لإعلان رفضها المشروع “شكلا ومضمونا” (رغم أن بيان المكتب الصحفي سها حتى عن كلمة “مشروع”، وسماه “قانون”)، تحت ضغط شديد من المدافعين/ات عن حياتنا بوجه الهجمة الأصولية التكفيرية أيا كان مصدرها، لم ترمِ المشروع كما أملنا، في “سلة القمامة”. بل حتى لم يوضع على الرف، أو في الأدراج. وإنما ما جرى حقيقة هو أنه بقي على الطاولة، مع لعبة جديدة في “التسميات”.
فالمشروع اليوم معتمد من قبل رئاسة مجلس الوزراء، واللوبي التكفيري الغامض الذي يقف وراء المشروع، من اللجنة السرية إلى جميع الحالمين بإماراتهم الخاصة سواء كانوا مسؤولين في الدولة، أو مدعين أنهم “علماء دين”.
وما يحاولون اليوم فعله هو الادعاء أن هذا المشروع الأسود لم يكن أصلا سوى “ورقة عمل”، وأنه بالتالي ما زال هو المعتمد كأساس لأي مشروع آخر قد يتم العمل عليه.
هذا يعني، ببساطة، أنهم لم يتخلوا بعد عن المشروع التدميري. ولكنه يعني أيضا أن هؤلاء ربما باتوا يعانون من ضعف شديد بالبصر والبصيرة إلى حد أنهم لم يستنتجوا إلى اليوم أن سورية مترعة بمن سيدافع عنها بوجه اي مشروع يطعن في مواطنيتهم/ن بكل ما لديه، ولآخر لحظة من حياته! ضعاف البصر والبصيرة إلى حد يعتقدون فيه أنه يمكنهم فعلا أن يخدعوا الناس بمثل هذ الألعاب، على شاكلة اللعبة التي أجروها في نصوص المشروع المنشور إذ لجؤوا إلى تغيير في أرقام المواد، وتغيير بضعة كلمات، ليدعوا أننا إنما نتحدث عن مشروع آخر من اختلاقنا وليس عن وثائق مؤامرتهم.
إذا، يهمنا الآن أن نؤكد أن مواجهة الفكر التكفيري الأصولي في كافة تجلياته قد بدأت فعلا. سواء كانت أصوليته مسندة إلى اعتبارات دينية أو لادينية. وأن المشروع الأسود لن يمر كـ”ورقة عمل” مثلما لم يمر كمشروع. ولن تمر أفكاره ورؤاه الظلامية بأي صورة وأي شكل.
من هنا فإننا نؤكد أن احتفاءنا النسبي بالتصريح الصادر عن المكتب الصحفي لرئاسة مجلس الوزراء، لم يكن إلا تأكيدا على رغبتنا فعلا في السير بسرعة نحو تجاوز الآثار الطائفية التدميرية التي خلقها المشروع ومن وضعه ومن تبناه ومن مرره قاصدا متعمدا.
وهذا الاحتفاء لم، ولن يعني، توقفنا عن فضح هذا الفكر، وعن تشريح مكونات المشروع.. والأهم، أنه لن يثنينا أبدا عن العمل ليل نهار على تحقيق مطالبنا بالكشف عن أسماء اللجنة السرية مع صفاتهم الأكاديمية والوظيفية، إضافة إلى تكليف لجنة جديدة معلنة الأسماء تضم خبراء من الهيئة السورية لشؤون الأسرة، والاتحاد العام النسائي، والجهات المدنية صاحبة الاختصاص في هذا المجال، ولا يكون فيها أيا من التكفيريين في اللجنة السرية تلك، كما لا يكون فيها من رجال الدين سوى النخبة التي نعرفها جيدا في بلدنا والحريصة على الإنسان في سورية حرصها على سلامة عقديتها ونقائها. أما مؤيدو التمييز الطائفي المتلبسين بلبوس الإسلام، فيجب أن يدخلوا إلى مراكز تأهيل قد تتمكن من تخليصهم من آثار شياطين التطرف والتكفير التي تلبستهم.
إذا، “مشروع قانون”، “ورقة عمل”، “ورقة أساس”.. جميعها تسميات لا تغير من واقع الأمر شيئا، وجميعها ستلقى في مكانها الطبيعي الوحيد: “سلة القمامة”.