قانون الاحوال الشخصية الجديد

الحملة ضد مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، نقد أم معركة؟

هنادي زحلوط
في لحظة نتوقف فيها لنلتقط بعض الأنفاس بعد أن انزاحت عن كاهلنا مسودة مشروع القانون الجديد التي كانت تهدد حريتنا وأمننا بشكل مباشر، وبعد أن كتبنا ما كتبناه معملين في مسودة المشروع بين ناقد ومحارب، حيث ارتفع صوت العقل مرات كثيرة وصليل الكلمات مرات أخرى، فإنه لابد من وقفة لنقرأ فيها بهدوء ما قيل وكتب عن مسودة القانون، وربما أيضا، عمّن كتب عن المسودة.
البداية: سرية اللجنة
لم يكن مستغربا حتى من قبل الناشطين في قضايا المرأة أن تكون اللجنة التي كلّفت بإعداد مسودة القانون سرية، فمنذ متى يعرف في سورية من هم أعضاء اللجان المكلفة بإعداد مسودات مشاريع القوانين حتى ذات الطابع الاجتماعي منها قبل أن نرى مسودات المشاريع؟ بل إنني أرى أنه إن كان في وارد مجلس الوزراء الإعلان عن أسمائهم فإن ذلك بات مستبعدا تماما منذ اللحظة التي تم فيها تسريب مسودة المشروع، وليس من العدل محاسبة هؤلاء على فداحة ما خطّت أيديهم بقدر ما أصبح ملحّا البحث في أهلية أية لجنة تكلّف بإعداد أي مسودة قادمة، لهذا المشروع أم لسواه، وتلك حكما مسؤولية رئاسة مجلس الوزراء.
تسريب المسودة
كان من الطبيعي أن تتسرب مسودة المشروع، فالمسودة كانت ستأخذ طريقها إلى مجلس الشعب لو أنه كان منعقدا ليطرح للنقاش وربما للتصويت والإقرار، وما تم هو إرساله إلى الوزارات المعنية لتضع ملاحظاتها عليه، ومسألة تسريبه كانت حتمية، ولم يكن ذلك بالتالي قرارا اتخذته رئاسة مجلس الوزراء أم سواها من الجهات، بل كان البداية التي أتت في وقتها لحملة انخرط فيها نساء ورجال من سورية وجدوا في المسودة ما يهددهم ويغتصب حقوقهم التي نص عليها الدستور.
هل هي معركة حقا؟
نعم، طالما أنه كان هنالك حق سيغتصب وتهديد سيحصل، فهل كان من المطلوب أن نرى أمامنا مسودة مشروع قانون متخلف ورجعي يمرّ دون أن نكترث ونحن نرفع لواء الدفاع عن الحقوق الاجتماعية؟
وبالطبع فإني، وكواحدة من كثر كتبوا ضد مسودة المشروع، أرفض أن يتم جرّي إلى معركة، وأعتقد أن هذا حال كل من كتب ضدها، فقد كان هنالك هاجس عند كل من كتب أنه يجب الدفاع عن حقوقنا أولا، وعن حقوق جميع أفراد هذا المجتمع بالنيابة، وذلك جزء من واجبنا كنشطاء حقوقيين في هذا المجال.
ولا أعتقد أن من حق أي منّا أن ينصّب نفسه قاضيا يصدر أحكاما على من كتب ضد المسودة ومن لم يكتب ليعطي شهادات في الإقدام والشجاعة والوطنية، أو يستبدلها بالاتهام بجرم الخوف والجبن والتواطؤ في الجحور، إن أقدم أحد ما، كائنا من كان، مواطنا عاديا أم ناشطا حقوقيا، كتب أم لم يكتب ضد المسودة، في طرح تساؤلات، أعترف أنها جادة وتستوجب البحث، بغض النظر عن صحة وجهة النظر خلفها، فكلنا أبناء هذا الوطن، وحق التعبير عن الرأي هو واحد من أهم الحقوق التي يجب تكريسها في مجتمعنا المتنوع، والحوار وحده كفيل بإيقاد نور العقل والوصول بنا إلى الطريق الصحيح، أما تبادل الاتهامات فإنه لن يؤدي إلا لإطفائه وضياعنا.
معركة من؟ وضد من؟
لا شك أنها كانت معركة كل سوري وكل سورية من أجل الحفاظ على حقوقهم، وستستمر معركة من أجل نيل حقوق يصبون إلى نيلها، نساء ورجالا.
المعركة لم تكن ضد أعضاء اللجنة، فهم باعتراف أشد المناضلين ضد مسودة القانون أبناء هذا البلد، أبناء سورية، ويجب أن نمد لهم اليد لنتعاون من أجل مسودة مشروع تعلي بناء هذا الوطن، ليكون وطنا نفخر به جميعا.
ولم تكن المعركة أيضا ضد رئاسة مجلس الوزراء مطلقا، ولا ضد أي شخص، ولا أي دين، أو أي طائفة، بل كانت معركة من يريد سورية بلدا لكل مواطنيها ضد فكر ظلامي، يكون متبنوه أول ضحاياه.
أخيرا..
هي كلمة صغيرة أريد أن أهمسها في أذن كل من كتب ضد مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية، وكل من أثار تساؤلا حوله، وإلى الذين لم يكتبوا شيئا وقرؤوا: شكرا، ولنتابع معا ما بدأناه ولنمض قدما نحو ما ينتظرنا من مشاريع صغيرة وكبيرة من أجل هذا البلد: سورية.
موقع ثرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى