حوار بين مدونين سوريين حول قانون الأحوال الشخصية
اختزال أزمة وطن في قضية شرف!
تمخّض الجمل فولد فأراً.. هذا بحق هو الوصف الأنسب للأزمة التي أثيرت حول قوانين عقوبات جرائم الشرف في سورية المتضمن في مشروع قانون الأحوال الشخصية منذ لحظة صدور القانون ونقاشه وردود الفعل التي أعقبته ومن ثم تعديله.
نعم اختزلت أزمتنا كلها ومشاكلنا والمصائب الطوام النازلة على بلدنا من فقر وجهل وأمن واحتلال وفساد وطغيان وضراب السخن والسم الهاري.. اختزلت كلها في قضية شرف المرأة وعقوبات قاتلها!! وزواج المسلمة وزواج الكتابية!
بداية أحب ان أوضح وحتى لا باتي البعض ويصطادوا بالماء العكر ، أوضح أنني لست مع العفو عن مرتكبي جرائم الشرف ولا مع تخفيف العقوبة عليهم ولا مع سجنهم، بل إني مع قتلهم حداً، فالقاتل يُقتل والنفس بالنفس.. هذه هي عقوبته الحقيقية.
لكن الجعجعة التي لم تورث طحنا ولا أكلاً.. كانت بحق مخيبة للآمال ومحبطة من كل نواحيها..
فأشغلونا بقضية تافهة مثل هذه ردحا من الزمن، وأوهمونا بخلاف بينهم (مجلس الشعب ومجلس الوزراء) وبتنا نشعر أن سورية تحولت إلى جنة ديموقراطية بحتة أو ربما إلى يوتوبيا فلاسفة اليونان، حيث الكل يمارس حقه بالتعبير إلى درجة الضرب بالكراسي! والشعب يخرج هائجا مائجا ليجبر الحكومة على التراجع عن سنها لهذا القانون!
ثم كانت النتيجة صفراً أو أقل عندما تم تعديل القانون.
الأنكى من ذلك أنه تمت محاولة إيهامنا من قبل البعض أن الدولة في سورية سطا عليها رجال الدين!! وأنها تحولت إلى دولة سلفية!! وأن هنالك مشروعاً لأسلمة سورية! وأن الإسلاميين وطيور الظلام سيطروا على كل المفاصل وشرعوا في جزأرة سورية وصوملتها ولبننتها وأفغنتها وعجنها ولتها وضربها وقمعها وأكلها….. إلخ.
فسورية دولة علمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة (وليس بمعنى الحرية) رجال الدين فيها عبارة عن أيقونات وأثاث مكمل وزخرفة وزينة ليس لهم من الأمر شيء..وأفضلهم من هو محصور بالمسجد، وأكثرهم رفعة هو من يتقرب للسلطان ويتزلف له.
وكانت الطائفية لم تنتشر قبلا بعد الانقلاب المشئوم لحزب (البعس) عفوا (البعث) عام 63 (وقبلها لم يكن هناك فرق بين سوري وآخر، وأفضلهم كان أحسنهم مواطنة) عندما تمت تصفية الطائفة تلو الأخرى من مقاليد الحكم، ولما استقرت الأمور لطائفة واحدة بدأت التصفيات داخل الطائفة الواحدة، ولما استقرت الأمور داخل العائلة الواحدة تمت تصفية الأمور لشخص واحد، وعندما استقرت الأمور لشخص واحد مات وأورثها لابنه ثم لابن ابنه ثم لابن ابن ابنه، ثم لابن ابن ابن ابنه، …. وأظننا وقتها سنبقى نتجادل حول قانون الاحوال الشخصية وهل تصح فيه الفقرة هذه أم لا تصح، ونحن نفرح بانتصاراتنا الوهمية هذه!!
نعم أقدر وأحترم جهود من ثاروا وطالبوا بتعديل هذا القانون وأعرف صدق نواياهم وتوجههم وأشد يدي بأيديهم، لكني أرفض أن يتم اختزال مشاكلنا العظمى بهذه المشكلة الكبيرة.
وأرفض أن يتم تصوير سورية وكأنها تحولت إلى دولة دينية.
وأرفض أن يتم تصوير المشايخ ورجال الدين على أنهم هم من يملك مقاليد الأمور هناك.
وأرفض أن يتم إيهامنا بانتصارات لسنا من صنعها.
وأرفض يتم إشغالنا بمعارك جانبية عمدا فيما البلاد تسرق والفساد يعم ويستشري في المفاصل.
على أنني أتسائل.. أين من ثاروا وانتفضوا واستغلوا هذا الأمر ليهاجموا رجال الدين، أين هم وأين حملاتهم – من كُتّاب ومثقفين ومؤسسات ومواقع- وأين شجاعتهم من القضايا التالية:
– المعتقلين السياسيين والمظلومين.
– أحداث سجن صيدنايا وقتلاه والمصير المجهول لنزلائه حتى الآن.
– الفساد والسرقات والنهب العام.
– قانون الأحزاب والتداول السلمي والسياسي للسلطة.
– المبعدين والمنفيين والمهجرين قسريا.
وغيرها الكثير من القضايا المهمة والكبرى، والتي أتمنى أن يسمعوني صوتهم فيها حتى يبدوا أكثر مصداقية وموثوقية وحتى أوقن أن هذه البلاد هي همهم وقدرهم ومصيرهم الذي ينامون ويقعدون عليه ويرتشفونه مع كل فنجان.
إن الفساد المالي والسياسي والإداري والمحسوبيات والإقطاعيات والممارسات المرفوضة خلف وأمام الكواليس هي التي تحول سورية إلى دولة ظلامية طائفية تفرق بين أبناء الوطن الواحد ، لا قوانين مثل هذه (على رفضي لها) وإن الأولى بنا الالتفات للأصول والجذور لا للفروع والصغار والثمار.
كما أنني أحب أن أوضح أن هذا الجدال الاخير حول مشروع قانون الاحوال الشخصية إن كانت ضجته حقيقية فهي لا تعدو أن تكون أكثر من صراع بين رؤوس البيت الواحد والمؤسسة الواحدة، فلا تحشرونا وتشغلونا فيه. فهناك ما هو أهم.
وإن إصلاح وضعنا السياسي هو السبيل والطريق والبداية لإصلاح وضعنا الاجتماعي والإداري والمالي والقانوني..إلخ. هذه للأسف هي الحقيقة المرة رغم صعوبتها ومشاكلها إلا أنه لا بديل عنها.
قد يرفض البعض ما كتبت وقد يغضب وقد يخاف الكثير إلى درجة عدم التعليق هنا (ولهم حقهم في ذلك). لكنني أحترم الجميع وأقدرهم وأدرك صدق نواياهم وجب لوطنهم وسعيهم إلى ان يكون الأفضل رغم العجز الذي يطالنا جميعا.
إلا أنني ارفض ولن أكون ترساً في آلة.
لا يهمنا من يحكم ، نريد فقط الأمن والحرية والمساواة والعدالة والقضاء على الفاسدين والمفسدين وتحرير الأرض وإنهاء سيطرة الحزب الواحد.. نريد دولة مدنية ديموقراطية حرة لا يعتقل فيها أحد على خلفية الرأي أو الإنتماء.. هذه هي قضيتنا وهذه هي معركتنا الكبرى.. فمتى نبدأ خوضها جدياً؟؟
من مدونة متابعات عقبة
رد على مدونة متابعات عقبة: إزهاق الأرواح ليس قضية تافهة
هاجمت مدونة عقبة بشدة الحراك الاجتماعي الذي نشأ ضد مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية حتى أنه وصفها بالـ “الجمل الذي تمخض فأنجب فأرا”ً.
أولاً وقع عقبة أثناء نقاشة في عدة أخطاءً تقنية كبيرة ربما يكفي ذكرها لنسف كل الأساس الذي قامت عليه تدوينته
خلط المادة 548 المقبورة من قانون العقوبات مع مسودة قانون الأحوال الشخصية. فالأول لا دخل له بالآخر بأي شكل من الأشكال. فهذه المادة تحل القاتل من العقوبة في حال ما يسمى زوراً “الشرف”. أما قانون الأحوال الشخصية فهو مخصص لمعالجة أحوال الزواج وما ينتج عنه في كافة المجالات ولا علاقة له لا بالقتل ولا بالشرف.
ما تم تعديله ليس مسودة مشروع الأحوال الشخصية بل هو تحديداً المادة 548 من قانون العقوبات.
أما مسودة القانون فلم تقبل لا شكلاً ولا مضموناً، أي أنها رفضت.
الحراك الذي حدث مؤخراً لم يكن ضد جرائم الشرف بل ضد مسودة المشروع وكان ذلك بسبب خطورة تبني مثل هكذا مشروع وسوف آتي على ذلك لاحقاً، أما فيما يخص جرائم الشرف فهناك حملة مستمرة ضد المادة الملغاة 548 ولكنها لم تكن يوماً بهذا الزخم والتكثيف.
فيما يخص المادة 548:
عبر الجميع برأيه صراحة أن التعديل الذي حدث رغم احتوائه على إيجابيتين فإنه غير كاف، ولكن هناك مكسب جزئي لا نستطع إنكاره بقولنا أن “النتيجة أقل من صفر”.
والأهم من ذلك فإن إزهاق أرواح ما يعادل 300 امرأة وفتاة سنوياً في سوريا وحدها تحت ستار الشرف ليس بالـ “القضية التافهة” أبداً كما وصفها عقبة. لم ولن تكون الأرواح أرخص من حرية سجناء الرأي، ولن تكون أرخص من لقمة العيش ولن تكون أرخص الحريات السياسية والعامة والفردية، ولن تكون أرخص من المليارات مهما كثرت التي يسرقها مسئولو السلطة والنظام. الإنسانية لا تتجزأ، إن اعتبرنا أن الدفاع عن هذه الأرواح هو “قضية تافهة” فلا أستطيع ضمان النوايا من معارضة النظام والمطالبة بالسلطة حينها!
فيما يخص مسودة قانون الأحوال الشخصية:
مرة أخرى يعي الجميع أن ما حدث من رفض مسودة هذا القانون ليس آخر المطاف وليس المكسب النهائي في طريق إقرار قانون يساوي بين جميع المواطنين، بل كان هناك وعي واضح أن هذه أول جولة في المعركة، وأن هناك احتمال قوي أن يكون الرفض مجرد مناورة لاحتواء هذا الحراك الجماعي الذي هو أكثر ما يخشاه النظام السوري. أي أن لا أحد يتوهم النصر الكبير.
لن أخوض في تفاصيل مواد هذا المشروع المشئوم، لأنه تم تناوله بكثير من التفصيل وخاصة على موقع نساء سوريا ومن قبل العديد من المدونين السوريين مثل مدونة أمواج إسبانية ومدونة حسين غرير و مدونة أعواد ثقاب، لكن أستطيع أن ألخص خطورة هذا المشروع ببضع نقاط قليلة:
سن ما يسمى بقانون الحسبة في المادة 38 من المسودة والتي تسمح لأي كان رفع دعوى تفريق بين أي زوجين.
التفريق بين المواطنين بحسب انتمائهم الديني فلدينا بحسب الترتيب مسلم ثم مسيحي ويهودي أما الغير كتابي والمرتد فهما ليسا بمواطنين ولا يحق لهما الزواج. ماذا نريد أكثر من هكذا قانون يبث الفرقة والأحقاد الدفينة بين أبناء الطوائف والأديان المختلفة، حتى لو لم تكن ظاهرة للعيان إلا أنها تبقى كالقنبلة الموقوتة يمكن أن تنفجر وتتحول إلى حرب أهلية في أي لحظة. راجع مقال حسين غرير المشار إليه آنفاً حول هذه النقطة بالذات.
مرة أخرى، فإن التعدي على تشريعات الأديان الأخرى لا تؤدي سوى إلى زيادة الاحتقان الطائفي. فعلى سبيل المثال، شرع القانون للمسيحيين بالزواج من اثنتين. وأعلم أن عقبة يرفض هذا الأمر، لكن لا يجب التقليل من خطورته أبداً.
فيما يخص أسلمة سوريا وسطوة رجال الدين التي يتحدث عنها، فلا أستطيع إلا أن أرى في هذا المشروع سوى محاولة استئثار الوطن لصالح طائفة واحدة بحسب تصور منحرف لـ (بعض) رجال الدين وفي مقابل ذلك يتحالف هذا البعض مع رجال النظام في سبيل إحكام الطوق على كل فكر يريد الحرية والتحرر لسوريا وطناً ومواطنين من خلال إعادة إنتاج الغرائز الطبيعة الطائفية بدل من تعزيز الانتماء العقلاني السياسي إلى وطن واحد للجميع.
كل ذلك ناهيك عن الظلم الذي يلحق بالمرأة من وراء هكذا قانون بوصفها نصف المجتمع وبالأطفال الذين يفترض بهم بناء الوطن. فيكف نريد بناء وطن حر متقدم ونحن نلغي نصف المجتمع وننشئ جيلاً مهزوزاً مهزوماً؟
فيما يخص المعارضة والعمل المعارض
لن أثق بأي معارض لا يحمل أصغر هموم المواطن على كتفيه، وإن لم يفعل فليتنحى ولينضم إلى قائمة المستقيلين عقلياً وفكراً وإنسانياً ولا يسمي نفسه معارضاً بعد الآن. لقد قلت في غير مكان على مدونتي هذه أن أكبر الأخطاء التي ترتكبها المعارضة السورية هي الانشغال بالشأن السياسي الصرف من تداول للسلطة وحرية الرأي واعتقال النشطاء السياسيين على حساب الانشغال بهموم المواطن اليومية، ومن يرغب بالمزيد من الإطلاع على رأيي في هذا الموضوع يرجى مراجعة مداخلاتي في الندوة الحوارية حول المعارضة السورية التي أقيمت على مدونة المرفأ والتي أعدت نشرها هنا على مدونتي.
وختاماً، لا يستطيع أي أحد أن يحارب كل الأخطاء بنفسه، بل لكل اهتماماته وتخصصه واتجاهاته ودوره في طريق التحرر، وهذا الطريق هو عبارة عن مسارات متوازية لا يمكن ترك أحدها والتركيز فقط على الآخر، بل كلها قضايا وطنية تعنينا بكل تفاصيل حياتنا. وأنا على يقين أن الحراك الاجتماع في سبيل القضايا الاجتماعية هو المفتاح لتفعيل الحراك في سبيل القضايا السياسية، وهذا الأمر الذي سوف آتي عليه مرة أخرى في القريب العاجل بمزيد من التفصيل.
كلمة أخيرة إلى عقبة: لا أقوم بالعادة بـ (تمسيح الجوخ لأحد) ولكني لا أشك للحظة واحدة في حسك الوطني الصادق المحب ولا تحتاج شهادة مني بالتأكيد، لكن هذا لا يمنحك الحق على ما أعتقد ببخس جهود الآخرين، مهما كان المكسب صغيراً من وجهة نظرك.
من مدونة رجل حر
الرجل الحر، هو استحراك وليس حراك اجتماعي..(ردا على رد)
لطالما كان الحوار أمر صحي وبيئة خصبة لإثراء الأفكار وتلاقيها وتضادها وتبادل الخبرات والمشاعر وإن بشكل غير مباشر، ولعل هذه هي أهم ميزة للمدونات وجو المدونات.
تفضل الأخ الرجل الحر..صاحب المدونة الحرة، بالرد على ما طرحته في التدوينة الماضية من انتقاد رآه شديداً جدا على من قاموا بحملة لإلغاء مشروع قانون العقوبات الجديد في سورية بعد لت وعجن جرى في الشارع حوله، أو ما يشبه اللت والعجن (فربما شُبّه لنا! )
لذلك فأساس تدوينتي ليس ما ذكرت يا عزيزي، أساس تدوينتي فكرة اخرى مغايرة، لا أدري ربما لم تصل إليك بعد، ومن ثم فإننا نتحاور ولا داعي لأن ننسف بعضنا البعض، يكفي أن النظام نسفنا ونسف مجتمعنا (الذي يتباكي عليه وعلى قوانينه البعض الآن! صح النوم بعد أكثر من اربعين سنة تذكروا أن هنالك مشاكل في مجتمعنا) فدعنا نعيد البناء، ويدي بيدك.
أولاً لا داعي للقفز إلى مواد القانون والتكلم بناحية فقهية قانونية وتفصيلية فيه ، فليس هذا ما طرحته في تدوينتي ولم ألتفت البتة إلى مناقشة مواد القانون وتفصيلاته فقد قامت به مواقع ومدونات عديدة، أنا تحدثت عن فكرة واضحة ومحددة، كانت حول الضجة التي أثيرت على القانون والزوبعة الفنجانية التي أوهمتنا بحراك اجتماعي وديموقراطي حقيقي في سورية، وهو ليس كذلك.. بل هو استحراك مفتعل، واستثارة لما لا داعي له ولما حوله ألف علامة استفهام وتعجب.
وليت الأمر وقف ها هنا، بل تعداه إلى استغلال الفرصة لتصفية الحسابات من قبل بعض (الحاقدين) ومهاجمة الدين الإسلامي ورجاله والمؤسسات الشرعية، ولا أخفيك أنني شعرت (بإيهامهم وهجومهم) أننا في افغانستان ولسنا في سورية التي تحولت يقدرة قادر دولة دينية بحتة كل ما فيها هو إقامة الحدود وقطع الرؤوس وبيع الجواري واغتصاب الأحرار!! هذا ما تم إيهام الكثير به للأسف ، هذا هو الإستحراك الفارغ المضمون والهدف والذي استغله بعض (العلمانيين) الذين لم ينافحوا عن قضايا هذا البلد المهمة ولا مرة ولم يدافعوا عن سجناء رأي أو ضمير او عن قضية فساد أخلاقي أو مالي أو عن أي شيء، وإنما استثاروا وتحركوا وهب غبارهم عند هذه القضية فحسب مدعين أنهم حماة المرأة والأقليات والمنافحين عن قضاياها وقضاياهم.. وكذبوا.. لكن هذا ليس موضوعنا الآن.
ولعل أخبار إقالة الشيخ صلاح كفتارو من منصبه ومن قبله استدعاء شقيقه للتحقيق له رابط ما بهذا الهجوم المستمر على المؤسسات الدينية.
ثانياً من الصعب الاقتناع أن بضعة مواقع وكتاب ومنظمات أجبروا الحكومة السورية على التراجع عن القانون وإلغاء ما تم إقراره أو ما هو جاري مناقشته، وما السيرك البهلواني الذي جرى بين رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب من نقاش وأخذ ورد وتكذيب والمضحك جداً إلا علامة غباء واضحة عن إيهام متعمد بوجود خلاف بينهما وأن هنالك حراك ديمقراطي وحر و حقيقي بين مؤسسات الدولة المتكاملة!!..
هذا أمر غير مقنع وليبحثوا عن أحد غيرنا ليضحكوا به علينا.
ثالثاً: أنا يا عزيزي شددت على أيدي من قاموا بكل صدق إخلاص ونية – ولا أشد أبدا في ذلك- بمهاجمة هذا القانون والمطالبة بإنصاف المرأة منه والطوائف الأخرى ، ولم أستهن أبدا بحياة 300 امرأة تقتل سنويا بسبب جرائم الشرف، لكنني (لست بالخب ولا الخب يخدعني)،
الموضوع ليس بريئاً ، ووراء الأكمة ما ورائها، وهناك فئة اندست وادعت الطهارة والشرف واستغلتها فرصة للاصطياد بالماء العكر وتصفية بعض الحسابات، كما أن هنالك فئة صمتت دهرا ونطقت كفراً، هذا غير أن الأمر باعتقادي ما هو إلا مسرحية كبرى ومحاولة إشغال عن قضايا أهم وأوجه.
أما عن المعارضة يا صديقي، فليس هذا الكلام الذي يوجه لي مع احترامي الشديد لك، فأنا لفظتهم من قبلك ولا داعي لأن أسرد فيهم رأيي الذي قلته من قبل في صفحات هذه المدونة.
من جديد النظام يحاول أن يوهمنا أن كل المشاكل في قوانين وتشريعات مثل هذه، وأربأ بك أخي أن تظن أن ما يفرق بين المواطنين ويهدد بقنبلة موقوتة وحرب طائفية هي مثل هذه التشريعات والقوانين أو بالفصيح الصريح (الدين الإسلامي وتشريعاته) كما يدّعي البعض !!
هذا غير صحيح بتاتاً ، والسبب الأول للطائفية ولأي حرب أهلية ولأي تفريق بين مواطنين هو النظام بسياسة اعتمدها منذ أكثر من أربعين سنة، بتصفيات طائفية ومذهبية ودعاوى جاهلية وباطلة.. نعم السياسة هو أول ما يفرقنا ويسبب لنا المشاكل، وإصلاحها هو الطريق لإصلاح الاجتماعي والثقافي والاقتصادي..
أما عن عبث الأطفال الذي ينادينا لإصلاح المشاكل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغض النظر عن السياسة، فهو هراء بحق! هراء لأنك بهذه الحالة كمن يحرث بالبحر، أو كمن ينفخ في قربة مثقوبة ، أو كمن يبني جداراً وتتحطم بعده مئات البيوت.
حين تكون السلطات فاسدة، فسيفسد كل شيء ثقافي واجتماعي واقتصادي، وحينما لا يكون لك السلطة للإصلاح والحرية المطلقة فيه فلا فائدة من عملك.. هذه دعاوى النظام ودعوته لإشغالنا وإبعادنا وترك الميدان له ليفسد كما شاء، فلنبتعد عنها بأقصى ما يمكن.!
كيف ننشغل ونحاول إصلاح هموم المواطن يا أخي ونصفنا خارج البلاد لا يستطيع العودة إليها، والنصف الآخر في الداخل موزع بين المعتقلات والإقامة الجبرية وتقييد الحركة وبين الخائف والمهتز والمرعوب!!
أنا أسألك انت كإصلاحي عزيز أدرك همك الذي هو همي، هل تستطيع أن تعلن عن اسمك كصاحب لهذه المدونة؟! لن تستطيع طبعا وأنا أعذرك وأعرف الجو السائد هناك الذي يقمع كل محاولة مدنية إصلاحية اجتماعية كانت أم ثقافية أم اقتصادية، فضلا عن السياسية طبعا. ولا شك بأنك سمعت بقصة (صنّاع الحياة) والبهدلة التي واجهوها من اعتقالات وضرب وتنكيل بسبب نشاطاتهم الخيرية التي لا تتعدى إطعام الفقير وكسوة العاري وتزويج العازب وتنمية المهارات. فعن أي توجيه اهتمامات تتحدث أخي؟؟!!
إذا لم ينحل الأمر من الرأس أخي فلا أمل بإصلاح الأطراف.. أصلح الرأس تصلح الأطراف.
وإذا لم يتخذ الرئيس بشار الأسد – كما وعد في خطاب قسمه- إذا لم يتخذ خطوات إيجابية في الإصلاح وتحسين الوضع المتدهور فهو شخص من اثنين:
إما أنه حقا لا يريد الإصلاح ولا يرغبه ويعجبه الوضع القائم.
أو أنه لا يملك السلطات ولا يستطيع فعل شيء، وهنا المصيبة أكبر.
كل الود
من مدونة متابعات عقبة