يتصادقون ويتصارعون ويتراسلون على صفحات الفايس بوك: ما يصلح وثيقة قد يكون تحايلاً وساحة للكذب
نور الحلبي
«سأقضي عليكم ،سأقضي عليكم ولو كان هذا آخر شيء أفعله في حياتي»، من لا يعرف هذه العبارة الشهيرة وصاحبها الشرير «شرشبيل»المتربص بالسنافر يدبّر لهم المكائد ويريد إيقاعهم في شركها لأسباب غير واضحة تقريباً.. أو من لم يسمع عبارة «أنا مش كافر بس الجوع كافر» خاصة في رمضان. هذا وقد تصادفك عبارة لبرنارد شو أيضاً مثل «لا أعرف قواعد النجاح ولكن أعرف أهم قاعدة للفشل وهي إرضاء كل الناس».. إضافة الى أقوال أخرى لكبار الفلاسفة والكتّاب والشعراء أو عبارات فردية تتضمن هجاء للسلطة أو الاحتلال، وعبارات أخرى تشير الى حالة حب عظيم أو فراق أو خيانة، ترفق أحياناً بمقاطع فيديو لتصل الحالة المعبّر عنها بالكلمة والصوت والصورة. كل هذا ستجده في اي وقت تفتح فيه صفحة الفيس بوك الخاصة بك، إذ لكل صديق من أصدقائك حالة مزاجية معينة صحا عليها ويرغب في مشاركة الآخرين بها عبر تعليقاتهم المختلفة. عموماً لا بدّ أن تكون فيسبوكياً هذه الأيام، لأنه إن لم تكن فيسبوكياً أكلك الفيسبوكيون على حد تعبير أحد أبناء هذه الدولة الافتراضية .
والفيس بوك هو موقع الكتروني مجاني أطلقه الطالب الأميركي مارك زوكربيرج في الرابع من شباط/فبراير 2004. ويمكنك أن تصبح مشتركاً فيه بمجرد دخول الموقع وملء الخانات التي تعرّف فيها عن نفسك، وتتضمن اسمك وعمرك ومكان إقامتك وتخصصك الجامعي ووظيفتك إضافة الى آرائك السياسية والدينية ونظرتك العامة الى الحياة. وبمجرد ملء هذه الخانات بالبيانات الخاصة تنال الجنسية الفيسبوكية وتصبح مواطناً لك أن تفعل في بلدك الإلكتروني ما تشاء، وان تستقبل أصدقاء من بقاع الأرض القريبة والبعيدة، ولك مطلق الحرية في اختيارهم والتعرّف إليهم عبر صفحاتهم وما يوردون فيها من معلومات شخصية وأفكار خاصة، كما يمكنك أن تشاهد صورهم وتتعرّف الى حد ما على نمط حياتهم ونزعاتهم واهتماماتهم. يستمد هذا الموقع شعبيته لما يتيحه من بناء لشبكات متداخلة من العلاقات الاجتماعية، ومن إمكانية طرح الأفكار وتبادل الآراء بشأنها، والنقاش حول موضوعات مختلفة تتنوّع ما بين السياسية والادبية والفكرية، أو حتى مواضيع هزلية ترفيهية. فهنا يمكنك أن تلمس هذا التفاعل الثقافي بين أبناء الوطن العربي على سبيل المثال وما قد يفتحه من آفاق رحبة باتت انعكاساتها جلية على حياتنا اليومية. هذا ويتضمن رزنامة تشير الى تواريخ الأحداث القومية أو المحلية وأعياد ميلاد الأصدقاء بالإضافة الى وجود مساحات إعلانية وترويجية لسلع وخدمات مختلفة .
مغلق بسبب أعمال الصيانة
عندما تقرأ مقطعاً من قصيدة عربية للشاعر نزار قباني مكتوب بأحرف أجنبية، لا يساورنّك أدنى شك أنك في صفحة لبنانية، رغم تفشي هذه الظاهرة نسبياً لدى شريحة واسعة من الشباب العربي. وكانت سبباً في انشاء مجموعة تستنكر هذه العادة (التي تكمن وراءها دوافع خفية)، تحت عنوان «مشتاقون الى اللغة العربية « وتضم حوالى 1002 شخص.
وعلى الصفحة اللبنانية ستجد شباباً يفرغون شحناتهم الاجتماعية والعاطفية والسياسية والحزبية والطائفية أيضاً. وهكذا يتعزز الانقسام اللبناني فيسبوكياً بطبيعة الحال . ورغم ذلك تجد أن خانة الدين في صفحة التعريف عن نفسك هي خانة مشبوهة يقفز فوقها بعض المشتركين اللبنانيين كأنها فخ لا يريدون السقوط فيه ، في حين يردّ البعض الآخر عليها بشكل لا يخلو من الاستهزاء والطرافة: «علماني بلا زغرة من حضراتكم» أو «ما تسألني عن ديني مديون وعايف ديني» و«أنا مش كافر» .. وقد يصل تطرّف احدهم في وطنيته الى حد اعتناق لبنان كدين ومذهب «ديني لبنان». في الوقت الذي لا يمانع آخرون من ذكر الدين والمذهب؛ فالسؤال واضح ومباشر ولا حاجة للاجتهاد في تأويله وسبر غور معانيه .
أما عن الغاية من استخدام هذا الموقع يجيب علي أبي حيدر (جامعي) «للتعرف على نيو بيبول (أناس جدد)، ولكي ألعب بالغيمز (الألعاب ) الموجودة فيه يعني استخدمه للتسلية «. في حين يردّ خليل عواض (جامعي ) بالقول «استخدمه للتواصل مع أشخاص من بيئات مختلفة ، أو للتعبير عن انفعالاتي الداخلية ومشاعري الآنية، بالإضافة الى الفضول، اذ من خلال الفيس بوك استطيع الدخول الى صفحات اصدقائي، وتصفحها، والانضمام الى مجموعات الفنانين والمشاهير لمعرفة آخر أخبارهم ونشاطاتهم». بشكل عام أجمعت الإجابات على غاية التواصل وهي تكاد تكون مشتركة بشكل مطلق بين شرائح عمرية واجتماعية وثقافية مختلفة، في حين وجده أحدهم وسيلة للتلاقي تقي من خطر انفلونزا الخنازير !
وقد لعب الفيس بوك دور «وكالة الأنباء الشخصية» لا سيما على المستوى الثقافي في الوطن العربي بما فيه لبنان. فهو الذي صنع فضاء رحباً للتواصل بين الأدباء والصحافيين.. الذين يقومون باستغلاله على نطاق واسع، بغية نشر أفكارهم ونصوصهم الأدبية وآرائهم السياسية، عبر المقالات المتنوعة التي يكتبونها بأنفسهم او يقتبسونها من آخرين عبر وضع روابطها في صفحة المستخدم. إضافة الى قيامه بدور المعرّف بالإصدارات الجديدة والإعلان عن حفلات التوقيع ومختلف النشاطات الثقافية واللقاءات الأدبية. وهو أمر بات يؤتي ثماره بشكل واضح وفعّال اذ اعتبر الشاعر اللبناني الشاب جو غانم أن للفيس بوك مناحي ايجابية متعددة ، «فأنا تعرفت عن كثب على بعض المبدعين العرب وتواصلنا بشكل مباشر وأصبحنا أصدقاء، بعد أن خرجنا من عالم الافتراض الى الواقع. كما استفدت من خبراتهم ونقدهم حين كنت أنشر نصوصي هنا. وقبل فترة زارني في لبنان الشاعر الأردني عصام السعدي صاحب ديوان «تشرق بالحنين» وكان اللقاء رائعاً جداً ومفيد اذ تحدثنا عن الشعر والأدب لساعات ولم أشعر للحظة ان هذا الانسان غريب، أو إنها المرة الاولى التي التقيه فيها».
في حين لم يتردد سامر حكيم في القول «الفيس بوك عندي مقفل بسبب أعمال الصيانة».
تنظيم القاعدة ينفي تهمة إخفاء العقيد «ابو شهاب»
«تحداني … قواتي أن أجمع 5000 عضو شيعي بجمعتين» أو «تحداني غبي من جماعة مهند أن أجمع 1000 محبّ لمعتز خلال عشرة أيام». ولكن يبدو أن عدد معجبي «معتز» فاق توقع منشئ هذه المجموعة اذ وصل العدد الى 8022 معجباً. «نطالب بفك الحصار عن حارة الضبع فوراً» وتضمنت المجموعة خطابات ودعوات الى مظاهرات احتجاجية وهمية أمام السفارة الفرنسية للمطالبة بفك الحصار عن أهل حارة الضبع في المسلسل السوري الشهير «باب الحارة». وتعبّر هذه المجموعة عن حالة سياسية تأخذ شكلاً فكاهياً كصدور بيان عن مجاهدي حارة الضبع يهددون بقصف برج إيفل اذا قُصفت الحارة بالمدفعية، أو «تنظيم القاعدة ينفي تهمة إخفاء العقيد أبو شهاب» أو الرئيس مبارك يصف «أبو العز» بالمغامر .. ! ومقابل هذه المجموعات توجد مجموعات أخرى أكثر جدية تحاول ان تشكل أداة ضغط للوصول الى حلول لقضايا لبنانية جادة مثل مجموعة فاعلة هي «حق المرأة اللبنانية منح جنسيتها لزوجها وأولادها» أو مجموعة تطالب بشطب المذهب عن إخراج القيد». إضافة الى مجموعات تتخذ طابعاً قومياً كالمجموعات اللبنانية الداعمة للقضايا العربية، خصوصاً إبان حرب غزة، حيث أنشأت مجموعات تناصر غزة وتنقل صور المجازر عبر صفحاتها لعرضها على الملأ، كي يراها القاصي والداني. هذا إضافة الى أحداث هامة تمّ تناولها بعدة أشكال طريفة وجادة في آن واحد، وأهمها حادثة الحذاء الشهير الذي رشق به الصحافي منتظر الزيدي الرئيس السابق جورج بوش. والجدل الذي أثاره خطاب اوباما الأخير في القاهرة، اذ كان مادة خصبة للنقاش الجاد والهزلي، الى حد أن يكتب أحدهم على حائطه التدويني «بورك أمير المؤمنين الخليفة الخامس باراك بن أوباما»! كلها قضايا تناولها المستخدم اللبناني بوجوه مختلفة. وهنا أيضاً تجد مجموعة لدعم «د.ميشال عبيد لإكمال دراسته لعلاج السرطان»، أو مجموعة تحث اللبنانيين على التصويت «لمغارة جعيتا كي تكون من عجائب الدنيا السبع» في الوقت الذي يرى عدد كبير من اللبنانيين أن من تستحق ان تكون من العجائب السبع هي «كهرباء لبنان» إذ «تتصاعد شعبية مجموعة لبنانية تطالب بالتصويت لكهرباء لبنان كي تصبح من عجائب الدنيا السبعة»! وطالما انك في صفحة لبنانية لا يدهشنك أن تجد شخصاً واحداً يشارك في مجموعتين متعارضتين واحدة تطالب بـ«7 أيار» جديد وأخرى «لا للطائفية والاقتتال الطائفي في لبنان»! أو شخص آخر يشارك في مجموعتين إحداهما داعمة «لكتلة الوفاء للمقاومة والأخرى لتيار المستقبل..! لكنك أيضاً ستجد الملتقيات والمنتديات الشعرية والثقافية التي تحمل رؤى شباب لبناني ينظر بعين التغيير عبر «مشروع الرفض» الذي يهدف الى الالتفاف حول مشروع وطني موحّد بعيد عن الشعارات (البرّاقة) على حد تعبيرهم، لأنها لم تسفر عن أية نتيجة. يعلّق أحدهم على لوحة النقاش بالقول «يجب أن نبدأ ولو بخطوات متواضعة، فيديل كاسترو في كوبا بدأ ثورته بـ82 رجلاً فقط».
نظرية المؤامرة
تعرّض موقع الفيس بوك للتشكيك في أهداف تأسيسه، اذ ربطه العديدون بجهاز الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية وشككوا في مصادر تمويله واتهم بأنه يتتبّع بيانات المشتركين الشباب لا سيما العرب ويقدمها لتلك الجهات. أي ان وجوده مرتبط بمحرّك خفي له مصالح غير معلنة. وقد صرّح جيرالد نيرو الأستاذ في كلية علم النفس في جامعة بروفانس الفرنسية «إن هذه الشبكة تمّ الكشف عنها في أيار/مايو 2001 وهي عبارة عن مجموعة شبكات يديرها مختصون نفسانيون إسرائيليون مجندون لاستقطاب شباب العالم الثالث، خصوصاً المقيمين في دول الصراع العربي ـ الإسرائيلي وأميركا الجنوبية». ويرى آخرون أن هناك العديد من الجهات في الكيان الصهيوني تقوم برصد ومتابعة ما يحدث في العالم العربي، إضافة الى القيام بدراسة الشخصية العربية من خلال تحليل العبارات والحالات التي يذكرها مستخدمو الفيس بوك على صفحاتهم مهما بلغت تفاهتها وسطحيتها. ومن جانب آخر اتُهم الفيس أيضاً «بمعاداة السامية» فهو وبحسب العديد من المصادر بات يشكل مصدر إزعاج لإسرائيل، وذلك لما يعرضه من معلومات تفضح اسرارها العسكرية مما قد يساعد المقاومة الفلسطينية، لذا وبناء على ما أوردته شبكة «سي ان ان» الاخبارية فرضت إسرائيل قيوداً على تحميل الجنود لصورهم الشخصية وبجانبهم اسلحة مما قد يكشف عن معلومات حسّاسة وخطرة تهدد أمنها القومي. وهكذا تنتقل الصراعات السياسية لتتصدّر صفحات الولايات الفيسبوكية «الفدرالية»، حيث ستلمح أثراً للاستيطان الفيس بوكي في مجموعة ترفع شعار «انها ليست فلسطين ولكنها إسرائيل»، وذلك كرد مضادّ على مجموعة أخرى تقول العكس.
الفيس بوك والأدب
أشار الكاتب والروائي المصري محمد العشري إلى أن الفيس بوك «أسهم الى حد كبير في بناء سلسلة من العلاقات أتاحت فرصة التواصل بين الكاتب وقرائه خاصة اذا كان كل منهما في بلد مختلف. وأسهم أيضاً في رواج العديد من الكتب والروايات كونه يتيح التواصل مع عدد كبير من الصحف والمطبوعات، وهو أمر صعب واقعياً». وأضاف «ميزة الفيس بوك انه يجمع أصحاب الاهتمام الواحد وأصحاب المهن المتشابهة في مجموعات، مما يسهّل عملية التواصل وتبادل الآراء فيما بينهم. وإذا كانت العلاقات تنطلق من هذا العالم الافتراضي إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من دخولها الحيّز الواقعي الحيّ وقد حصل ذلك معي شخصياً. هذا فضلاً عن مساهمته في جذب العديد الى عالم القراءة ووسع من حلقة الدعاية المجانية للأعمال الابداعية وساهم في انتشار روايتي الاخيرة «خيال ساخن» وفي اعادة القراءة لرواياتي السابقة». وختم بالقول «إن الفيس بوك قفزة في تكنولوجيا التواصل لها سلبياتها وايجابياتها. وبالتالي يقع علينا واجب اختيار ما يفيدنا منها، وما يدفعنا الى الامام في مجال تخصصنا». من جهته أشار محمد مجدي الكاتب الشاب الذي لم تتوّج أعماله بإصدار ورقي بعد، الى علاقته مع هذا الموقع وعدم استساغته له في البداية لما فيه من خرق للخصوصية، لم يتعوّد عليه بالإضافة الى سوقيته على حد تعبيره. وأضاف «لكن السوقية ليست سيئة بل أحياناً تكون مبهرة، فاقتنعت لاحقاً بخرق الخصوصية اذ جميل ان يمشي الانسان عارياً؛ فأنا أحبّ ذلك عموماً.. وقد أتاح لي الفيس بوك فرصة التعارف وتبادل الافكار مع اناس كثر، ولكنني أستخدم صفحتي كمحطة لبث أفكاري ونصوصي الأدبية والمقاطع الموسيقية التي أحبّها. وقد حضرت أكثر من حدث ثقافي وأدبي تم الإعلان عنها في الفيس بوك وأعلنت فيه أيضاً عن نشاطاتي..». هنا لكل أديب ومفكّر وشاعر وفيلسوف… نادٍ أو ملتقى او منتدى يتلاقى فيه محبوه يناقشون أفكاره ويروّجون لأعماله، اذ يوجد نادِ للشاعر أحمد مطر والكاتبة غادة السمان ومحمد الماغــوط وفــدوى طوقان وغسان كنفاني وناجي العلي وغيرهم من الذيــن أغنوا الحياة الفكرية والأدبية والسياسية والدينية أيضاً. وقد يقع جدل حاد بين شخصين من بلدين مختلفين على خلفية فكرة معينة يراها كل شخص من منظوره الفكري والثقافي والاجتماعي الخاص.
تعتبر مصر الأولى في الشرق الأوسط استخداماً للفيس بوك. وكان له أثر بالغ في حياتها السياسية، وذلك بعد أن انشأت فتاة مصرية تدعى اسراء عبد الفتاح مجموعة دعت فيها الى إضراب 6 ابريل 2008 وهي مجموعة مناوئة للحكومة المصرية شهدت انتشاراً واسعاً على صفحات الفيس بوك مما استدعى نشوء مجموعة مضادة تحت عنوان «نعم لجمال مبارك» ترفض فكرة الاضراب. ربما كانت هذه نواح إيجابية تعزز الديموقراطيّة الفعلية لما فيها من رأي.. ورأي آخر». ورأت عبد الفتاح «ان القمع وخنق الرأي في عالم الواقع دفع الشباب الى الخيار الافتراضي وذلك بعد إحباط المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من قبل الجهات الأمنية. فتمّ استخدامه للتدوين والنقاش والدعوات للحملات»، كما اضافت «انضم الى مجموعة 6 ابريل حوالى 77 الف شخص وهو عدد غير مسبوق مما قاد حملات فعالة للتأثير على الحكومة المصرية. وكان اضراب ابريل اول نموذج (عربي) لاستخدام الفيس بوك احتجاجياً وقياساً عليه ظهرت مجموعات أخرى سياسية واجتماعية تستخدمه لنشر أفكارها ومبادئها فيه». هذا ولا يُخفى على أحد الدور الذي لعبه موقع الفيس بوك و«تويتر» في الأحداث الإيرانية الأخيرة. إذ تحوّلت هذه المواقع الى اسلحة إعلامية بديلة استخدمتها المعارضة الايرانية لحشد أنصارها لتنظيم المسيرات، بالإضافة الى بثها للقطات حيّة عن العنف في ايران، عرضها الموقع بمساعدة موقع «يوتيوب». كل ذلك أعقب حملات الاعتقال ومنع وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الاحتجاجات على فوز الرئيس أحمدي نجاد. هذا إضافة الى الدور الأساسي الذي لعبه موقع الفيس بوك في حملة الرئيس باراك اوباما الانتخابية وقد حذا حذوه أيضاً بينيامين نتنياهو لجذب المزيد من المؤيدين والمناصرين له. واللافت أيضاً انه في شهر ديسمبر من عام 2008 قضت المحكمة العليا لمقاطعة العاصمة الاسترالية بأن الفيس بوك يمثّل بروتوكولاً صالحاً لتقديم إخطارات المحكمة الى المدعى عليه. وبالتالي أصبحت الاستدعاءات التي تقوم من خلال الفيس بوك ملزمة من الناحية القانونية !
الحب العابر للقارات
كما في الحياة الواقعية كذلك في الحياة الافتراضية يولّد التلاقي والتعارف بين أصحاب الاهتمامات المشتركة شيئاً ما يتجاوز الصداقة، خاصة في موقع الفيس بوك حيث يمكنك تحميل صورك الشخصية وبالتالي تصبح مكشوفاً على الجميع كما لو كنت تسير في الشارع أو تجلس في مكان عام. وبالتالي من الطبيعي ان ينجذب الجنسان الى بعضيهما في ظل تعارف بالكلمات والصور، قد يعقبه صوت فموعد فلقاء. وعن هذه المسألة يجيب الشاعر أنس نشواتي (32 سنة) «طبعاً قد يولد الحب، إذا تحوّل اللقاء الى واقع، فالفيس بوك هو وسيلة للتعـــارف كالجامعـــة والأمسية والندوة والمقهى ..» وعن إمكانية أن يقع في الحـــب عبر الفيس بوك أجاب مبتسماً «نعم ما المانع؟.. ولكن قد يحدث ذلك وقد لا يحدث.. أمر صعب أن نتكهّن عن المكان الذي سنجد الحب فيه».
وقد تشاء الصدفة ان يولد الحب بين شخصين من جنسية مختلفة او في بلدين مختلفين، هنا تصبح المعادلة أكثر صعوبة ففي حين يجيب وليد محفوظ (36سنة)» لو أحببتها سأسافر اليها ولو كانت في آخر الدنيا». رأى مازن سلامة (29سنة) «أن الأمر صعب بدون شك ولكن قد اسافر اليها أو أدعوها الى لبنان بعد ان اكون واثقاً تماماً من جدية العلاقة»وعقّب ضاحكاً «الموضوع مكلف وما فيه مزح ابداً..». وقد تعرّف شاب لبناني يدعى أكرم ابراهيم على شابة عربية مقيمة في كندا وكانت النتيجة «جاءت فرح الى لبنان وتعرفت على عائلتي ثم بعد ذلك اصبح التعارف عائلياً ، وقد تطورت علاقتنا الى ان تزوجنا». أكرم وفرح يعيشان في كندا الآن ..!
من جهة اخرى ترفض اسماء بدران (26 سنة) الفكرة من اساسها وتعلّق قائلة «لا للحب على الفيس بوك والانترنت بشكل عام بسبب احتمالات الكذب الكبيرة وانتحال الشخصيات التي يتفنن كل من الشباب والبنات في تجميلها وتعميقها وإعطاء معلومات وهمية وخاطئة. وغالباً ما ينتهي الامر الى ان يكون الشخص الواحد على علاقة بأكثر من فتاة، وقد تكونان صديقتين لحبيب واحد والعكس صحيح (وخدي على مشاكل وهبل)».
وعلى كل حال، المشكلة لم تكن يوماً في اكتشاف الديناميت، بل في طريقة استخدامه، واذا كان ثمة مؤامرة علينا تقودها التكنولوجيا فلماذا لا نحاول إيجاد بديل نستخدمه لنتآمر نحن أيضاً!
السفير