فتوى تحرم “الشات” بين الجنسين
أثارت فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء العام بالأردن قضت بتحريم غرف المحادثة والدردشة (الشات) بين الشباب والفتيات عبر “الماسنجر” حتى في أمور دينية، ردودا متباينة.
وبينما رأى شباب وفتيات في الفتوى “عدم إدراك لتطورات الاتصالات وطرق التواصل”، رأى متخصصون أن الفتوى تحتاج إلى تقييد وعدم البقاء على الإطلاق الذي صدرت به.
الفتوى التي جاءت ردا على سؤال “هل يجوز التحدث مع الشباب في مواضيع دينية على الماسنجر؟”، حرمت بشكل مطلق “المحادثة الخاصة بين الشاب والفتاة عبر ما يسمى بالشات ولو في أمور عامة ومباحة”.
وبررت الفتوى هذا التحريم بـ”ما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ويفتح للشيطان بابا للمعاصي، فيبدأ الحديث بالكلام المباح لينتقل بعد ذلك إلى كلام العشق والغرام، وبعدها إلى المواعدة واللقاء”.
واعتبرت الفتوى أن بعض هذه المحادثات “جرت على أهلها شرا وبلاء فأوقعتهم في العشق المحرم، وقادت بعضهم إلى الفاحشة الكبيرة”.
وتعتبر دائرة الإفتاء العام الجهة الرسمية الوحيدة المخولة الإفتاء بالأردن بموجب قانون الإفتاء الذي أصدرته الحكومة وأقره البرلمان عام 2007.
واستندت الفتوى للآية الكريمة “يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر”، وإلى ما ورد في صحيح الترمذي من أن النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى ابن عمه الفضل بن عباس يحد النظر إلى إحدى النساء لوى عنقه وقال “رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما”.
ولا يتفق أستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة الأردنية والداعية ومقدم البرامج التلفزيونية المعروف الدكتور أمجد قورشة مع الإطلاق الذي جاءت به الفتوى.
وقال “لست مفتيا لكن من باب فهمي لروح النصوص الشرعية فإنني أرى أن أصل الكلام بين الرجل والمرأة ليس محرما”.
ولفت قورشة إلى أن التحريم جاء على “خضوع المرأة بالقول ولم يأت النص الشرعي بتحريم الكلام”.
وبين أن “الشات” هو نوع من أنواع المحادثة و”بما أنه لا يوجد له أصل فإنه يقاس إلى أقرب قريب له وهو المحادثة والمخاطبة بين الرجل والمرأة”.
وأوضح أن “أصول المخاطبة الشرعية أن المرأة لا يجوز أن تخاطب الرجل إذا لم تكن متحجبة، أو إذا كانت متعطرة، أو في حال الخلوة مع الرجل الأجنبي”.
وزاد أن “كل هذه الضوابط منتفية من التحدث عبر الماسنجر وطرق التواصل المختلفة عبر الإنترنت باستثناء المحادثات المصورة التي أتفق على تحريمها بين الشاب والفتاة”.
ويؤكد قورشة أن الشرع الحنيف حدد التواصل بين الرجل والمرأة بـ”القول المعروف الذي ينطبق عليه فقط ما هو متعارف عليه على أنه ليس حراما أو عيبا أو ما يخرج عن الحياء أو أي نوع من أنواع الإيحاء بالخصوصية”.
ويذهب قورشة لاعتبار أي ذكر للخصوصيات بين الشاب والفتاة خلال التواصل عبر الإنترنت هو “الخلوة بعينها”.
ويتفق أستاذ الإعلام والاتصال في الجامعة الأردنية الدكتور إبراهيم أبو عرقوب مع الفتوى على أن الأصل في الشات يجب أن يكون بين الرجل والرجل، وبين المرأة والمرأة.
وقال “في رأيي أن وسائل الاتصال الحديثة باتت ضرورية لكونها أسهمت في تطور الصحافة المجتمعية وبات كل من يستخدم الإنترنت صحفيا”.
وأضاف “فيما يتعلق بالدردشة أرى أن الأمر فيها يتعلق بالنوايا”، ويتحدث أبو عرقوب عن حالات يعرفها بدأت بالتواصل العلمي عبر الماسنجر بين أكاديميين انتهت “إلى طرق فساد”.
لكنه طالب علماء الشريعة بأن “لا يتسرعوا في إصدار الفتاوى المتعلقة بوسائل الاتصال واستخدام التكنولوجيا الحديثة”.
وقال أبو عرقوب إن “التكنولوجيا سلاح ذو حدين، ووضع ضوابط لعمليات التواصل واستخدام وسائل الاتصال الحديثة أفضل من إطلاق تحريمها”، ويرى ضرورة الاستعانة بخبراء ومختصين قبل إصدار هذا النوع من الفتاوى المتخصصة.
وكان لافتا أن الفتوى وجدت انتقادات من كافة الذين اتصلنا بهم، لاسيما أساتذة شريعة وشبان محسوبين على التيارات الإسلامية من الجنسين.
محمد النجار
الجزيرة