إلى الأسير سيطان الولي!
فلورنس غزلان
يتسع المشهد العربي للموت…ولا يتسع للحياة…
يتسع المشهد العربي للقتل وتبادل التهم والموبقات…
تبادل العهر في حصار المدن لتُرفع الرايات…
يتسع المشهد العربي للتخوين والتخمين والظن بكل الآفات…
يتسع المشهد العربي لموتك يا سيطان …ولموت هايل من قبل…
لكنه يحتفظ ويولي العناية والرعاية لرفات كوهين وآراد …وجلعاد وكل الأولاد…
من أبناء العم وأحفاد سام…وأخوة السادات..
لهم كل الحقوق وعلينا أداء الواجبات…
يتسع صدري لأحبك أكثر …يتسع صدري ، محاولة أن أنسى…
يتسع ويضيق على وجع ضمدت جراحه وحفرت خندقه …كي لا يصلكم صوتي المذبوح والمتهم…في أنقى الغايات…
يتسع قلبي ليحميكم، ويرحل مع البحار …خلف الوهاد..قاطعا كل المسافات ..
يدخل جسدك المتعب …غابة الحمى..ويصهر شبابك في رعب المرض وغياب الصلاة.
صلاة الحق ..صلاة المحبة… صلاة النقاء ودحض الافتراضات…
كُنتَ السباق إلينا..كُنتَ المدافع عن حقنا فيك وفي شام ووئام وهايل …وكل أسرانا في أحضان الخيبات…
سَيلٌ من السباب ..سَيلٌ من الذئاب نهشت روحي…لتبعدني عنكم …ولتصلبني وحيدة…
دون تواصل …دون رسائل من سجن نفحة…ومن أبواب الخيمات…
آثرت الانكماش…آثرت الصمت…لكني لم أستطع سماع ندائك يا سيطان…فقد توقف قلبي عن النبض وانسلت روحي…تركل المخمورين المغمورين في محافل إدعاء الوطنية وعلى كل الطرقات…
اعتقدوا أنكم منهم ولهم الحق فيكم …ونحن جزء من الغيب.. من المنفى…من الآخر الرافض لأعرافهم وسكاكينهم ….
قادة وقواداً في الأرض يعيثون ويرتكبون الحماقات…
بحق الوطن وحق الجولان …بحقكم وحق المدن المسلوبة …المدن المسحورة …بمعابد الإفك …ومنابع الشرك، بوطنية معلبة بالجوع والصمت..محقونة بالحقد ملتهبة بالنهب مدموغة بلون القاني…ممنوعة عن الحريات…
أدور بيني وبين نفسي ..أدور وأعتذر عن تأخري…أعتذر عن تهربي…أعتذر عن انكماشي واحتراسي…من أفلاك تعبث في ضجيج وقتها وصخب ضياعها…
أعتذر عن خجل حلمي من المواجهة…عن خجل غفوتي عن المقارعة…
من أجلكم…من أجلك يا سيطان …من أجلك ياشام…يابني…
وأعود لخيلي الجامح…وحيدة كما أتيتكم…وحيدة في خطواتي …شامخة في قصدي …هلاك الطاغوت …أينما كان ….وكيفما حل…في أرض كنعان …أم في دمشق وحلب…كما في الجولان…
تتعدد الأسباب ويتعدد الاستلاب…يرفض دمي القيود وترفض روحي الانصياع…والخشوع ….لوصايا الشرفات وحكايا الخُطاة…
تكثر الضحايا بين شام ومجدل…وتكبر القضايا بين جبل وسهل ..تتكدس المتاريس وترتفع الجدران…
لكن وردتي إليك يا أسير الحرية ستعبر الشظايا وتمر من بين الرصاصات…
ستغادر الحي…وتعانق الماء …وتهرب مع الشمس…عند الشروق …مع أول خيط يهمس بالفجر…يومض بالحلم…يوقظ النيام.. ويهديك أحلى الكلمات..
من الدم يخرج الحلم…ومن الأسر تخرج الحرية..
ومن المنفى…يأتيك عصفور الرمل الهارب..من أقفاص الأعراس في مآتم العروبة..حيث تعج في المهاجع ، وطنية كانت أم إسرائيلية…بأسرار التقاليد الحربية…أسرار الاعتقال النارية…أسرار الأمطار التي لا تأتي، إلا بعد انحسار الزمن عن قطار الشرق وموازينه المرضية.
ــ باريس 6/6/2008