اللاجئون الفلسطينيون في سوريا.. إطلالة على بعض أوضاعهم
نبيل محمود السهلي ()
تعتبر سورية من الدول العربية التي استوعبت الافواج الاولى من اللاجئين الفلسطينيين اثر النكبة الكبرى في عام 1948؛ وبعد عامين من النكبة؛ أي في عام 1950 انتشرت خدمات الاونرا في خمسة اقاليم مصنفة لديها هي: الاردن ولبنان وغزة والضفة الفلسطينية اضافة الى سورية التي بات ينتشر فيها بعد نحو اثنين وستين عاماً على النكبة (110) مدارس ابتدائية واعدادية تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تستحوذ على النسبة الاكبر من اعداد اللاجئين في سن الدراسة الالزامي، فضلاً عن ذلك تدير الوكالة (23) مركزاً صحياً في المخيمات الفلسطينية في سوريا والتجمعات الفلسطينية الأخرى.
أن العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين الى سورية، وصل بعد نكبة 1948، والاقتلاع القسري الذي تعرض له الفلسطينيون، حيث طبق الصهيونيون سياسة سكانية قامت على الاقتلاع والتطهير العرقي، وأدت فيما أدت إليه، الى اقتلاع وطرد 850ألفاً من الفلسطينيين خارج أرضهم، ووصل من بين هؤلاء /85/ ألفاً الى سورية، يمثلون (10) في المئة من اللاجئين المقتلعين من فلسطين إثر النكبة عام 1948، واستمرت عمليات ترحيل محدودة للفلسطينيين الى سورية، حتى نهاية النصف الأول من الخمسينات.وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سورية والمقدر مجموعهم في عام 2010 بنحو 465 الف لاجئ بشكل أساسي الى مدينة صفد في الجليل وقضائها، ثم من مدينة حيفا الساحلية وقضائها، والناصرة وقضائها، طبريا وقضائها، والمدن الفلسطينية الأخرى؛ وتشير الاحصاءات الفلسطينية الى ان نحو (90) في المئة من اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام من الجليل والساحل الفلسطيني. ونتيجة ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، مرتبطة بما يتعرض له الشتات الفلسطيني من أزمات، فقد جاءت الى سورية عام 1956، أعداد من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ودول مضيفة أخرى للاجئين، وشكل هؤلاء فئة خاصة من حيث تعامل القانون السوري معهم، وإن كانوا قد أضيفوا الى الكتلة الأساسية التي وفدت سنة 1948، والسنوات التي تلتها. وإثر عدوان 1967 قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بطرد /460/ ألف فلسطيني من الضفة الغربية والقطاع، حسب معطيات الجامعة العربية وخاصة الصادرة عن صندوق النقد العربي في عام 1991.
وقد أدت عمليات الطرد القسري الجديدة الى مجيء أعداد أخرى من الفلسطينيين الى سورية، ولا تتوفر معطيات احصائية لأعداد هؤلاء المقتلعين الجدد. وبسبب الأحداث التي شهدها الأردن عام 1970، وفد الى سورية أعداد قليلة من الفلسطينيين المنضوين في صفوف المقاومة مع عائلاتهم. وإن كانت تقديرات غير رسمية، تحدثت عن أن عددهم هو ما بين (50-60) ألفاً في عام 2010. وتبعاً لارقام النازحين الفلسطينيين الذين وفدوا الى سورية بعد عام 1967 فان العدد المقدر للفلسطينيين في سورية من لاجئي 48 والنازحين من الضفة والقطاع يصل الى خمسمئة الف فلسطيني في العام الحالي 2010. وقد سمحت القوانين السورية بتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على ارضها منذ عام 1948 في كافة القطاعات الاقتصادية السورية؛ ولا توجد قوانين تسمح للنازحين في العمل في تلك القطاعات حتى اللحظة الراهنة؛ لكنهم يزاولون العمل في بعض الاعمال في القطاع الخاص اذا تمت عملية الحصول على اذن من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل؛ ناهيك عن اشارة اقامة.
وبالنسبة للتوزع الجغرافي للاجئين الفلسطينيين في سوريا؛ فان اللاجئين في المخيمات وفي التجمعات خارجها يعيشون في غالب الاحيان في مناطق واحياء وتجمعات تبعاً لقرية او مدينة المنشأ في فلسطين، ماأدى الى الحفاظ على بعض العادات والتقاليد، فنرى في اليرموك على سبيل المثال لا الحصر تجمع أهالي طيرة حيفا في حارة خاصة بهم جنوب الخيم، وأهالي صفورية في وسطه، وبلد الشيخ، وغيرها من أهالي القرى الفلسطينية، وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الى 300 قرية في الجليل والساحل الفلسطيني، وتتبع 16 مدينة هي مراكز أقضية في فلسطين، مثل حيفا، الناصرة، طبرية، صفد، عكا، بيسان، ويافا، والقدس، جنين وغيرها من المدن الفلسطينية، وقد ساهم اللاجئون الفلسطينيون في العمل الفدائي منذ بداياته في عام 1965 وقدموا حتى عام2009 (11) ألفا بين شهيد وجريح حسب معطيات مؤسسة أسر شهداء فلسطين في دمشق؛وقد عبر اللاجئون أيضاً تعبيرات مختلفة عن وحدة المصير مع أهلهم أثناء انتفاضة عام 1987 وانتفاضة الأقصى المباركة التي انطلقت من باحات الاقصى في نهاية شهر ايلول من عام 2000، إن عبر التظاهر في المخيمات والاعتصام أمام الصليب الأحمر أو مقار الأمم المتحدة، او عبر الرسوم والمعارض في شوارع دمشق والمخيمات جنباً الى جنب مع الشعب السوري وشرائحه المختلفة أطباء، فنانون، محامون وغيرهم، هذا فضلاً عن التبرعات المالية والعينية للانتفاضة في المخيمات والمدن السورية.
() كاتب فلسطيني
المستقبل