صفحات أخرى

امرأة تشتري الرجال

مارلين سلوم
هاتف “الخليج” لم يهدأ منذ السابعة صباحاً، والمتصلون يريدون الزواج . ممن؟ من صاحبة الخبر الذي قفز فجأة، أمس، من الصفحة الأخيرة إلى الصدارة، وأصبح الشغل الشاغل للناس . الخبر يقول إن سيدة سعودية تعرض نفسها للزواج، ومستعدة لدفع 5 ملايين ريال لعريسها . في البداية حسبنا أن ما قرأناه عن تلك السيدة المطلقة التي تطلب عريساً بعد إصابتها باليأس من إيجاد “رجل يقدر العشرة الزوجية”، وعن استعدادها للزواج منه “مسياراً” إن أراد، وإسكانه في فيلتها، عدا المبلغ الضخم الذي سيحصل عليه، كنا نحسب أن هذا هو الخبر والحدث الغريب على مجتمعاتنا، إلا أن ردود الفعل والاتصالات التي تلقيناها، فاقته غرابة .
شبان ورجال، متزوجون وعزاب، يسعون للوصول إلى صاحبة الملايين مهما كان الثمن . تسألهم عن أوضاعهم العائلية، فيصدمك رد المتزوج بأن زوجته موافقة، بل تبارك الزواج لقاء حصولهم على الملايين، ويضحكك العازب بأنه موافق على الشروط مهما كانت صعبة، المهم أن يفوز بها . هل أنتم فقراء معدمون أو مديونون؟ لا، يجيبون باستغراب، “فكل ما نبغاه مساعدة السيدة والحصول على المبلغ لأنه ضخم” .
هل تقبل بأن تشتريك امرأة ب 5 ملايين ريال؟ نعم، يقولها متصلون، ويوافق عليها أكثر من 90% من الرجال، لأن عيونهم توقفت عند الملايين الخمسة، ولم تهمهم كل التفاصيل الباقية، حتى إنهم لم ينتبهوا إلى أن سيدة الأعمال تلك ما زالت شابة (33 عاماً)، ولا بد أنها صادفت الكثير من أمثالهم الطامعين في أموالها، وأن الذكور كثر في هذه الدنيا، ولن يصعب عليها شراء أي منهم، طالما أنه يرتضي أن يبيع نفسه . لذلك لا بد أنها تضع شروطاً صعبة لن تناسب إلا القلة، وأنها أذكى من طامع بمال، بكلام معسول ووعود وردية .
أحدهم اتصل يعرض نفسه ك “منقذ” لتلك المرأة، مؤكداً أن زوجته تجلس إلى جانبه وهي تبارك الزواج، علماً أنه أب لأربعة أطفال . وآخر تحدث باسم الأسرة كاملة فقال: نحن 3 إخوة وعمي من جيلنا، أعمارنا تتراوح ما بين 21 و،27 كل واحد أجمل من الثاني، نعمل ورواتبنا جيدة جداً، نلعب كرة القدم ونحن جادون في طلبنا من السيدة أن تختار من تشاء منا . حتى إن أبي متحمس جداً وهو من دفعنا للاتصال، ويقول إنه مستعد للزواج منها إذا أرادت رجلاً يكبرها سناً . وبسؤاله عن موقف الوالدة قال: والدتي أدت واجبها وزيادة .
على موقع المجلة التي تبنت حملة الزواج هذه، فاقت الرسائل الواردة طلباً للزواج ال 500 حتى كتابة هذه السطور، ومن بينها نساء يعرضن أزواجهن للزواج من السعودية، ويعددن محاسنهم العامة و”الخاصة” .
هذه الواقعة ليست فريدة، فقد عرضت قبلها بأيام قليلة، فتاة سعودية مبلغ 60 ألف ريال لقاء تزويجها، لكن طريقة العرض هذه المرة غريبة، والمبلغ الضخم كشف نفوس الناس واستعدادهم لبيع أنفسهم من أجل المال .
لا أعتقد أن هناك ما يبرر هذا “التكالب” على الزواج من امرأة لا أحد يعلم عنها وعن أخلاقها ونفسيتها شيئاً . ومؤسف هذا التهاون بالكيان الأسري واستعداد الآباء والأمهات للتضحية به لقاء المال . هؤلاء يبيعون أنفسهم، بينما يرفض باحث روسي تسلم مليون دولار فاز بها لقاء حله أحجية في الرياضيات، كما رفض سابقاً العديد من الجوائز والميداليات لاقتناعه بأنه “ليس حيواناً معروضاً في حديقة” يتفرج عليه الناس، وهو مكتف بسرير وطاولة وكرسي في شقته الضيقة التي يسكنها في الحي الفقير . ألا يستحق الشكر لأنه يذكرنا كيف يكون الفرق بين الإنسان وغيره؟.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى