الدكتور فايز رشيد يحاور كريم مروة حول الذكرى الستين لنكبة فلسطين
س(1): بعد ستين عاماً على إنشائها… ما الذي تغيّرَ في النظرة الإسرائيلية بالنسبة لوجودها في المنطقة بالمعنى الاستراتيجي، وبالنسبة لرؤية السلام مع الفلسطينيين والعرب؟
كريم مروة: لا أعتقد أن بالإمكان الحديث اليوم عن احتمال تغير جوهري في استراتيجية إسرائيل في المنطقة. فإسرائيل تستمر محتفظة بالموقف وبالموقع ذاتيهما اللذين رافقا قيامها منذ التأسيس، سواء في طبيعتها كدولة عنصرية، أم في وظيفتها السياسية والإقتصادية والعسكرية في المنطقة، المكملة لسياسات الدول التي تدعمها وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأميركية. لقد كنا، منذ البدء، نعتبر إسرائيل جمساً غريباً في المنطقة. ولا أرى فيما شهدناه من سياساتها خلال الأعوام الستين الماضية ما يجعلنا نعدّل في موقفنا منها كجسم غريب في المنطقة. ربما يكون العكس هو الصحيح. ذلك أن حكامها، إضافة إلى كل من طبيعتها ووظيفتها المشار إليهما، ما زالوا يمارسون سياسة التنكر للحقوق القومية للشعب الفلسطيني المتمثلة بإقامة دولة له كاملة السيادة على أرض وطنه التاريخي فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. هذا فيما يتعلق بالوقائع التي تعبّر عن ذاتها. وهي وقائع لا تحتاج منا إلى أي تفسير إضافي لها. لكن لهذه الوقائع دائماً أسبابها التي قادت وتقود إلى توليدها في صورة متواصلة. وإذا كانت بعض تلك الأسباب تعود في أساسها إلى تاريخ قديم سابق على قيام دولة إسرائيل، وإلى تاريخ متصل بالسنوات الستين من وجودها، فإن بعض تلك الأسباب تعود في مصادرها الأخرى إلى المواقف العربية. الموقف الأول يتمثل برفض العرب، منذ البدء، لمبدأ وجود دولة إسرائيل، كواقع مفروض بالقوة ومشرع من قبل الأمم المتحدة. الموقف الثاني يتمثل برفضهم ، منذ البدء أيضاً، لقرار الأمم المتحدة الذي نص على قيام دولتين في فلسطين، عربية وعبرية. والموقف الثالث يتمثل بالإستمرار برفض الإعتراف بالكيان الإسرائيلي، مع الإعتراض المبدئي عليه، كدولة فرضت نفسها على العالم العربي من خلال انتصاراتها في الحروب التي قامت ضدها منذ التأسيس، بفعل العجز العربي المتواصل، وانتهت تلك الحروب بسيطرة إسرائيل على كامل الأرض الفلسطينية، لا سيما بعد حربي حزيران في عام 1967 وتشرين أول في عام 1973. وبالطبع فليس من المنطق وضع هذين النوعين من الأسباب في مستوى واحد. لكن من المنطقي، في الوقت عينه، أن نرى، نحن العرب أصحاب الحقوق المسلوبة، بعين واقعية، وبنظرة نقدية، كيف أننا قدمنا لإسرائيل في الماضي، وما نزال نقدم لها اليوم، بمواقفنا السياسية وبممارساتنا العملية، وبهزائمنا العسكرية المتواصلة، وبشعاراتنا التي لا أساس واقعياً لها، وبتخلف بلداننا في ظل أنظمة الإستبداد السائدة فيها، ما يساعد الحكام فيها، والقوى العنصرية المهيمنة على مجتمعها وعلى مؤسساتها السياسية والعسكرية، بتقديم كل ما يحتاجون إليه لجعل الدولة الإسرائيلية متمسكة بعنصريتها الصهيونية، وبعدوانيتها المتواصلة التي تتخذ طابع إبادة جماعية للشعب الفلسطيني. ومن موقعها هذا بالذات تستمر إسرائيل اليوم في التنكر الأعمى والهمجي لحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته كاملة السيادة على أرض وطنه فلسطين. كما تستمر في بقائها أمينة لوظيفتها في المنطقة، في خدمة القوى الخارجية، المتمثلة خصوصاً بالولايات المتحدة الأميركية المعادية لشعوبنا ولبلداننا، الطامحة إلى تحقيق حريتها وتقدمها، والممنوعة، من داخلها ومن خارجها، من تحقيق هذا الطموح.
في ظل هذه الوقائع القائمة، التي تزداد تعقيداً وحدّة، سيكون من الصعب تصوّر سلام حقيقي مع إسرائيل قائم على العدل الحقيقي. فللسلام العادل شروط لا بد من توفرها عند طرفي الصراع. وهي شروط تصعّب توفرها حدّة الصراع، في ظل السياسات القائمة، إسرائيلياً وأميركياً، من جهة، وفلسطينياً وعربياً، من جهة ثانية. لذلك فإن الحديث عن السلام اليوم هو وهمٌ أكثر مما هو حقيقة. ولكي يصبح السلام حقيقة، لا بد من تغيير جوهري في سياسة إسرائيل وفي سياسة الفلسطينيين والعرب. أما من سيبدأ في تقديم الدليل على أنه يريد السلام، فتلك أيضاً إشكالية لا بد من إيجاد حل لها، إذا ما توفرت، من حيث المبدأ، الرغبة الحقيقية في ذلك السلام عند جميع الأطراف، أعني السلام القائم على العدل، الآن وفي المراحل التاريخية اللاحقة، وفي شروطها. إلا أن رفض إسرائيل للمبادرات العربية، منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر حتى المبادرة الأخيرة التي أقرت في قمة بيروت، والتي ما يزال يجري تداولها، إن رفض إسرائيل لهذه المبادرات يجعلها تتحمل المسؤولية الأساسية عن عدم الوصول إلى ذلك السلام المنشود، القائم على العدل.
س(2): بالمعنى الفعلي، هل يوجد من عوامل وعناصر في البنيتين، المجتمعية والمؤسساتية الحاكمة في إسرائيل ما يمكن المراهنة عليه لما بعد عشرات ومئات السنين بإمكانية قيام تعايش حقيقي بين دولتين: فلسطينية وأخرى إسرائيلية، وبخاصة أن إسرائيل تضع على رأس أولوياتها الإستراتيجية، طموحها الأساسي بوصول كيانها إلى الدولة اليهودية؟
كريم مروة: أعتقد، في ضوء الوقائع القائمة، أن البنيتين المجتمعية والمؤسساتية في إسرائيل ليستا مؤهلتين في الظروف الراهنة لامتلاك الدولة الإسرائيلة مشروعاً حقيقياً لسلام حقيقي قائم على العدل، أي على الإعتراف الواضح والصريح بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته كاملة السيادة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية. أما الحديث عن الطابع اليهودي للدولة الإسرائيلية، الذي برز في الخطاب الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، فهو، في تقديري، إنذار لفلسطينيي 1948 بالدرجة الأولى. غير أنني أزعم، وقد أكون مخطئاً في تقديري، بأن إسرائيل لا تستطيع البقاء زمناً طويلاً في حالة عداء مع العرب، إذا كانت تريد أن تعيش في المنطقة كجزء منها، وليس كجسم غريب. لكنني أرى، بالمقابل، أن المؤسستين السياسية والعسكرية لإسرائيل ما تزالان عاجزتين عن امتلاك سياسة حقيقية، وثقافة حقيقية، تقومان على فكرة السلام الحقيقي مع عرب فلسطين خصوصاً، ومع العالم العربي عموماً، السلام القائم على الإعتراف المتبادل بوجود دولة إسرائيلية مختلفة في وظيفتها وفي أهدافها عما كانت عليه عند التأسيس، وعما هي عليه الآن، ودولة فلسطينية كاملة السيادة، مستقلة بالكامل عن إسرائيل، ومتعاونة معها، بالتدريج، في أمور معينة، وذلك على أساس الندية وإحترام كل منهما استقلال الدولة الأخرى في معالجة شؤونها الوطنية الخاصة بها، وفي خياراتها فيها. وإذا ما تحقق ذلك الإعتراف المتبادل ذات يوم فإن إسرائيل تكون قد التزمت بروح قرار التقسيم الذي يقضي بأن تـقوم على أرض فلسطين الدولتان العربية والعبرية، بعد تأسيسهما، عندما تتوفر الشروط لذلك ، وأن تنشأ بين الدولتين علاقات تقود بالتدريج إلى تشكيل اتحاد فيدرالي بينهما، مع احتمال ضعيف بأن يتحول ذلك الإتحاد إلى ما يشبه دولة فلسطينية ثنائية القومية، في مستقبل لا يمكن تحديد زمانه. وفي الواقع، وكما ثبت ذلك في المرحلة التي أعقبت اتفاقيات أوسلو، فإن دولة فلسطينية مستقلة قائمة على العداء لإسرائيل لا إمكانية حقيقية لقيامها. من هنا ضرورة أن يقترن الإعتراف المتبادل بين الدولتين، عندما تقوم دولة فلسطين المستقلة، بمبدأ التعاون بينهما، في الأمور الممكن الإتفاق عليها، لكي يكون السلام الذي يجري الحديث عنه بين العرب وإسرائيل سلاماً حقيقياً. هذا إذا اعتبرنا أن ثمة رغبة حقيقية لدى إسرائيل ورغبة حقيقية لدى العرب والفلسطينيين، أو على الأصح لدى بعضهم، بالـسلام. وقبل أن نتحدث عن “رغبة” إسرائيل علينا أن نتحدث عن “رغبة” الفلسطينيين والعرب بالسلام. ذلك أن انقساماً كبيراً وعميقاً ما يزال قائماً في صفوف القوى السياسية الفلسطينية والقوى السياسية العربية حول موضوع الإعتراف بإسرائيل، كواقع، وليس كحتمية. والقوى الرافضة لهذا الإعتراف بإسرائيل لا تنحصر بحماس وبالجهاد. فهناك قوى أخرى عربية وإقليمية نافذة، قادرة على تعطيل أية دعوة للسلام مع إسرائيل وأية رغبة من أي طرف في تحقيق هذا السلام معها. وهو ما يتمثل اليوم، ومنذ أعوام، في رفض المبادرة العربية للسلام، من قبل قسم من الفلسطينيين وقسم من العرب، متزامناً ومترافقاً مع رفض إسرائيل لها. وقد تمكنت هذه القوى، العربية والإسرائيلية، حتى الآن، من تعطيل كل المبادرات، الحقيقي منها، إذا وجد، والوهمي، وهو السائد، حول السلام. وجاء التعطيل من الجانب الفلسطيني والعربي تحت شعار تحرير كامل أرض فلسطين من النهر إلى البحر، حتى ولو استمر الكفاح لتحقيق هذا الهدف قروناً بكاملها. وهو ما تعبّر عنه المقولة التي سادت في أزمنة سابقة عند بعض القوى الثورية: “كل شيئ أو لا شيئ”! إذ يرفض القائلون بها، قديماً وحديثاً، الإقرار باختلاف المراحل، وباختلاف شروط النضال في كل من هذه المراحل لتحقيق الهدف المبتغى. وقد عبّر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن هذه المرحلية في النضال بشعاره الشهير: “خذ وطالب”، مستعيراً إياه من الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبه الذي تجرأ في أواسط ستينات القرن الماضي، لوحده ومن دون سواه من القادة العرب، بالدعوة إلى مفاوضات لتطبيق قرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين. وافق الرئيس عبد الناصر، استناداً إلى هذا الشعار، على قرار مجلس الأمن 242، الذي صدر في أعقاب حرب حزيران 1967، وهزيمة العرب فيها، مرفقاً موافقته عليه ببرنامج طويل المدى تحت شعار “إزالة آثار العدوان”. وأقرن ذلك بالإعداد الحقيقي لحرب محتملة كانت حرب الإستنزاف الشهيرة البداية العملية لها. لكنه غادر الحياة قبل أن يستكمل العدة لتلك الحرب الموعودة، من أجل استعادة الأراضي وإزالة آثار العدوان. فأكمل الرئيس أنور السادات تلك المهمة التاريخية لاستعادة الأرض من خلال حرب عام 1973، التي استعاد فيها الأرض ووقع، ضد إرادة الشعب المصري وسائر الشعوب العربية معاهدة سلام مع إسرائيل. لكل ذلك ، وفي ضوء ما تشير إليه الوقائع القوية، لن يكون بالإمكان إحداث أي تغيير في موقف إسرائيل من السلام، هذا إذا اعتبرنا أن ثمة إمكانية فعلية لتكوّن رغبة حقيقية عند إسرائيل بمثل هذا السلام. بل إن ذلك الموقف العربي والفلسطيني سيجعل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والمؤسسة العسكرية خصوصاً، والقوى العنصرية المهيمنة على المجتمع الإسرائيلي، أكثر تمسكاً بسياساتها العدوانية ضد عرب فلسطين وضد العالم العربي عموماً. وهو ما نشهد أمثلة عنه في السياسة اليومية لإسرائيل ضد الفلسطينيين، من دون أن تكون بحاجة دائماً إلى مبررات، عسكرية أو سياسية. وستظل إسرائيل تمارس قدرتها الفائقة في القتل والتدمير والتشريد، وتمارس قدرتها، في الوقت ذاته، على استيعاب الضربات التي توجه إليها من هنا ومن هناك، الضربات التي لا يقاس تأثيرها الهزيل على إسرائيل بالتأثير الذي تحدثه آلة التدمير الإسرائيلية في الرد الهمجي عليها، سواء في فلسطين أم في لبنان، ساحتي المواجهة الساخنة الدائمة. وباستطاعتنا أن نفسر، من دون أن نبرر، معنى ودلالات المخاوف الإسرائيلية المعلنة من جراء العمليات العسكرية ضدها، ومن المواقف السياسية التي ترفض الإعتراف بها. فالهدف الأساسي من الضجيج المفتعل الذي تقوم به إسرائيل بوسائلها وأدواتها في الداخل وفي الخارج، في مواجهة تلك العمليات والمواقف، هو تجنيد وتجييش للعالم من أجل التضامن معها عندما تقرر الرد بأعنف وأشرس الوسائل ضد الفلسطينيين، وضد اللبنانيين الذين يشكلون اليوم لوحدهم، من دون العرب أجمعين، قوة الصراع المسلح ضدها.
س(3): هل تمثل الديموقراطية الإسرائيلية، ديمقراطية حقّة في المنطقة؟
كريم مروة: لا جدال في أن دولة إسرائيل تتميز عن بلداننا العربية بنظام ديمقراطي شبيه بالأنظمة الديمقراطية السائدة في البلدان الرأسمالية. في إسرائيل لا يستطيع الحكام أن يتجاوزوا النظام والقوانين. وقد بينت الوقائع ذلك على الدوام. وطاولت المحاسبة رؤساء الدولة ورؤساء الحكومات ووزارء وقادة عسكريين. وكان آخر مثل على ذلك تقرير فينوغراد حول الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. في إسرائيل مساءلة تصل إلى حد إقالة رئيس الدولة من منصبه عندما تثبت الإتهامات الموجهة إليه بمخالفة القوانين. أما في البلدان العربية فإن أنظمة الإستبداد هي التي تتحكم بمصائر شعوبنا. والبديل من القوانين وحقوق المواطنة، في ظل هذه الأنظمة، هو الإعتقال والقتل، وكمّ الأفواه، والتحكم بكل ما يتصل بشؤون الأفراد والجماعات وبالمجتمع كله. نعم في إسرائيل ديمقراطية في التعامل مع مجتمعها ومع مواطنيها. لكن إسرائيل “الديمقراطية” هذه تتعامل بوحشية وبربرية مع خصومها الفلسطينيين، أصحاب الحقوق المسلوبة والمنتهكة في وطنهم. وتبرر ذلك أمام العالم، وتجد من يقبل تبريراتها ويتضامن معها في وحشيتها وبربريتها ضد الفلسطينيين. أما في العالم العربي فالإستبداد هو السائد المسلط على المجتمع والمتحكم بمكوناته أفراداً ومجموعات. علينا أن نقرّ بذلك، ونقرّ، في الوقت عينه، بأننا لن نستطيع تحقيق حريتنا وقدرتنا في خوض المعركة الحقيقية من أجل الإنتصار على إسرائيل، ما دامت بلداننا تخضع لهذا الإستبداد ولنتائجه الكارثية على بلداننا، في كل المجالات، بما في ذلك عجزنا عن نصرة الشعب الفلسطيني، وعجزنا عن مواجهة حقيقية وفاعلة للعدوان الإسرائيلي المتكرر على الشعبين الفلسطيني واللبناني. بل إن هذا الإستبداد العربي هو الذي يتحمل المسؤولية عن إبقاء بلداننا متخلفة في كل المجالات، مقابل إسرائيل التي تزداد تقدماً في كل المجالات. لن نستطيع الإنتصار على إسرائيل ما دمنا عاجزين عن خلق قوى قادرة على تحريرنا من هذا الإستبداد ومن مفاعيله ومن نتائجه الكارثية.
لكن لغياب الديمقراطية في بلداننا، وتغييبها وقمعها، ومنعها من أن تحتل مكانها في دولنا وفي مجتمعاتنا، وظيفة أساسية، هي الوظيفة التي تؤسس لتأبيد هذا الإستبداد في بلداننا، في أماكن إقامته المعروفة، وتأبيد التخلف، الذي يجعل شعوبنا عاجزة عن مواجهة هذا الإستبداد والتحرر منه. بل إن من “فضائل” هذا النمط من الإستبداد أنه حين يوقع بلداننا في الهزائم، وما أكثرها، الهزائم السياسية والعسكرية، يتهرب من المسؤولية عن هذه الهزائم، ويقمع من يذكره بمسؤولياته، ويحيل المسؤولية عن وقوع هذه الهزائم إلى الإمبريالية والصهيونية. الهزيمة في بلداننا يتيمة، دائماً يتيمة. أما الإنتصار، وقد تحقق ثلاث مرات، مرة في حرب 1973، ومرة في عام 2000، ومرة ثالثة في حرب عام 2006 في لبنان، فإن التعامل معه كان دائماً خاطئاً بنسب متفاوتة. فقد بدد الإنتصار في حرب 1973 سياسياً وعسكرياً في مصر وبدد عسكرياً في سوريا. وتحول هذا الإنتصار الذي كان الأول من نوعه إلى هزيمة، أضيفت إلى الهزائم السابقة. إنتصار العام 2000 الذي لعبت مقاومة حزب الله الدور الحاسم فيه كان عظيماً وكان موضع إعتزاز وفرح عند اللبنانيين الذين كانوا قد ساهموا فيه جميعهم، كل على طريقته. في حين أن انتصار حزب الله في مقاومة عدوان إسرائيل عام 2006 كان باهظ الثمن، في السعي إليه، وفي صنعه، وفي الطريقة التي جرى التعامل فيها معه، وفي النتائج التي ترتبت عليه. إذ جرى القفز فوق الأسباب التي قادت إلى الحرب، وفوق الكلفة الباهظة للإنتصار، وفوق الآلام الكبيرة التي لا تزال عميقة الجذور في وجدان شعبنا، وتركز الإهتمام بالإنتصار ليبقى هو وحده الطاغي ومالئ الدنيا وشاغل الناس.
وأسمح لنفسي، في هذا الصدد، وتعليقاً على تقرير فينوغراد الإسرائيلي، أن أتساءل عن الأسباب التي حالت وتحول دون قيام حزب الله بنقد ذاتي، شبيه بتقرير فينوغراد، حول حرب تموز التي قادها لوحده، من دون القوى السياسية الأخرى، بمن فيها حلفاؤه، ومن دون الدولة كذلك. وهو نقد ذاتي كان يفترض به، لو حصل، مقترناً بالحديث عن النصر وعن كلفته، أن يشكل استكمالاً طبيعياً وغير مفتعل لما ورد في أول خطاب لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله الذي قال فيه: لو كنت أعلم… ومثل هذا النقد الذاتي الشجاع كان سيكون مكملاً حقيقياً لتقييم الدور البطولي لمقاومي الحزب في مواجهة العدوان الإسرائيلي. وهو الدور الذي كان موضع اعتزاز كل اللبنانيين. وكنت من بين الذين أشادوا بذلك الدور البطولي لأولئك المقاومين الشجعان، في الوقت الذي كنت أوجه فيه النقد لسياسة حزب الله في احتكار المقاومة، وفي احتكار قرار الحرب والسلم. كان ذلك النقد الذاتي من قبل حزب الله، لو حصل بالطريقة التي أشرت إليها، سيساعد في تعزيز الوحدة الوطنية الحقيقية في الداخل اللبناني بدل الإنقسام الذي ساهم كل طرف سياسي بدوره فيه، في شكل فعل ورد فعل وفي تخوين متبادل من قبل كل فريق للفريق الآخر، الأمر الذي أدى إلى هذا التعطيل المتواصل لمؤسسات الدولة ولسائر مرافق الحياة في البلاد وإلى توترات أمنية كادت تهدد باندلاع حرب أهلية جديدة. وقد دفع لبنان، الثمن الباهظ لتلك التوترات السياسية والأمنية لاستمرار السياسيين في هذين الفعل ورد الفعل، وهم يتصارعون فيما بينهم على تحديد أحجامهم في الدولة وفي مؤسساتها، فضلاً عن الصراع حول النظام وطبيعته، وحول طبيعة ووظيفة الدولة فيه.
أقول ذلك من أجل استخلاص العبر، في هذه اللحظة التاريخية التي بدأ ينتقل فيها لبنان، بعد اتفاق الدوحة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الإنتقال من حقبة مليئة بالأزمات وبالتوترات، إلى حقبة جديدة واعدة، سيتحمل فيها الفرقاء السياسيون المختلفون في اتجاهاتهم السياسية وغير السياسية، والمختلفون في تحالفاتهم الإقليمية والدولية، يتحملون المسؤولية عن تحقيق ذلك الإنتقال بأفضل الطرق، وبأكثرها احتراماً للدستور وللديمقراطية ولخصوصية لبنان المتعدد والمتنوع.
س(4): ماهي نظرتكم بالنسبة لمستقبل إسرائيل في المنطقة؟
كريم مروة: لا أستطيع الإجابة عن مثل هذا السؤال. فالقضية لا تتعلق برغبتي وبرغبتنا جميعنا. القضية تتعلق بموازين القوى في المنطقة وفي العالم، من جهة، وتتعلق بالسياسة التي تسلكها بلداننا، في مواجهة السياسة التي تسلكها إسرائيل، من جهة ثانية. وفي قراءتي للسياستين لا أرى أفقاً حقيقياً لحل حقيقي للصراع في الوقت الراهن وفي الزمن المنظور. في حين أنني أرى، من دون جهد، وبالإستناد إلى الوقائع، ومن دون أوهام تعارض ذلك، أن إسرائيل باقية في الموقع الأقوى، وأننا باقون في الموقع الأضعف. وللتغيير في هذه المعادلة شروطه التي لا تتوفر لا في الأنظمة الحاكمة، ولا في القوى المكافحة بالسلاح فلسطينياً ولبنانياً وعربياً. والحديث هنا عن القوة والضعف في صفوفنا كعرب وفي صفوف إسرائيل، يتطلب تحرير سياساتنا ومواقفنا، في المواقع المختلفة لكل منا، تحريرها من الشعارات التي لا تفيد معنى، والتي لا ترتكز إلى أسس واقعية تبرر إطلاقها. هذا أولاً. ثم أن هذا النوع من الحديث يتطلب، من جهة ثانية، أن تنطلق الأطراف العربية التي تحمل السلاح باسم المقاومة، في فلسطين أولاً، وفي لبنان كذلك، في سياساتها وفي ممارساتها، من أن حقنا المشروع في النضال لتحرير أرضنا واستعادة حقوقنا المستلبة ينبغي أن يراعي الشروط التي تختلف من مرحلة إلى أخرى، وأن يؤخذ في الإعتبار فيه أن نضالنا هو نضال طويل، وأن لشعوبنا، وللإنسان في بلداننا، حقوقاً علينا، لا يجوز أن نغفلها، باسم ذلك النضال المشروع الطويل الأمد. علينا أن ندرك بوعي كامل أن نضالنا هذا الذي نهدف من ورائه إلى تحقيق الحرية لشعوبنا لا يعطينا الحق بأن نستسهل التضحيات، وألا نحسب حساباً لحجمها، وللجدوى من تعظيمها، في ظل موازين للقوى ليست لصالحنا. إن الإندفاع في النضال وتقديم الخسائر من دون حدود، بدآ يشيران إلى أننا ندفع شعوبنا للموت من أجل تحقيق حياة أفضل لها! وأخطر الأمثلة على ذلك تلك العمليات الإنتحارية التي نسوق إليها زهرة شبابنا. إذ أن هذه العمليات الإنتحارية، بالنسبة إلى الذين يعتبرونها وسيلة نضالية أساسية، إنما تشير إلى مدى الإستهتار بحياة البشر، إذ تحولهم إلى قنابل موقوتة.
لا بد من تغيير جوهري في سياساتنا وفي طرائق نضالنا وفي أدوات وأشكال هذا النضال. وعندما نبادر إلى تغيير هذه الطرائق والأدوات والأشكال، سيكون للحديث عن الضعف والقوة بيننا وبين إسرائيل معنى آخر مختلف. هل هذا التغيير ممكن؟ ربما. لكنني أرى أنه لا بد لعرب فلسطين أولاً، وللعرب عموماً على اختلاف مكوناتهم ومواقعهم، أن يفكروا فيما يعود لهم في تأمين الشروط لإحداث التغيير في المعادلة، حتى ولو اقتضى ذلك تغييراً جوهرياً في السياسة بشقيها، ما هو تكتيكي منها وما هو استراتيجي، وتغييراً جوهرياً في أشكال النضال، كما أشرت إلى ذلك قبل قليل. وفي رأيي، الذي أتمسك به اليوم وأدافع عنه بحزم، بعد تلك التجارب الغنية بالدروس التي مررنا بها في لبنان وفلسطينين وفي العالم العربي عموماً، هو أن زمن استخدام السلاح قد ولّى، بعد أن أثبت عدم جدواه، وأثبت فداحة الثمن الذي تدفعه شعوبنا من جراء الإستمرار في استخدامه، وأن زمن السياسة بكل أشكالها هو الذي يجب أن يحل محل زمن السلاح. لقد قام الكفاح المسلح بواجبه على أفضل وجه في بعض المراحل. وكان لنا نحن شيوعيي لبنان دور كبير في استخدامه. وكنا يومذاك على حق، وكان أشقاؤنا من الشيوعيين العرب، الذين اعتبرونا مغامرين، على غير حق… اليوم تغيرت الظروف وبات علينا أن نستفيد من دروس تجاربنا. كلا، لم يعد استخدام السلاح صالحاً للزمن الذي نحن فيه، وبالطريقة القديمة ذاتها التي أدت وظيفتها على أفضل وجه. وحان وقت استبدال هذا الشكل من النضال بأشكال جديدة أكثر جدوى وأقل خسائر، لكي نحقق ما نريده لبلداننا، وللشعب الفلسطيني خصوصاً الذي يستحق أن يعيش بسلام، وبحرية، وباستقرار، ويختار طريقه إلى التقدم والحرية، ويتابع نضاله في شكل متوازن وطويل المدى، تحترم فيه المراحل وتحترم فيه الشروط التي بالإستناد إليها يجري تحديد أشكال النضال في كل واحدة منها بخلاف الأخرى. وهذا الحق بالإستقرار والسلم والحرية هو أيضاً حق لبنان وشعبه بعد أن أنجز تحرير أرضه. أليس هذا ما فعلته سوريا من دون أن تحرر أرضها المحتلة في الجولان، بعد أن عجزت عن إنجاز تلك المهمة بالحرب وبالمقاومة؟ إذ هي قررت، منذ خمسة وثلاثين عاماً، الإلتزام بالهدنة الكاملة الطويلة المدى مع إسرائيل مع بقاء الجولان محتلاً، وذلك من دون معاهدة من النوع الذي وقعته كل من مصر والأردن مع إسرائيل، بعد استعادة أرضهما المحتلة! والمفارقة في هذا الأمر هو أن سوريا، في الوقت الذي تحترم هي هذه الهدنة مع إسرائيل وأرضها محتلة، تخوّن اللبنانيين الذين يطالبون باحترام الهدنة ذاتها، من دون توقيع اتفاق سلام، بعد تحرير الأرض، وتشجع، أي سوريا، حزب الله على الإستمرار بالمقاومة بعد أن أنجزت مقاومته تحرير أرض الوطن، خلافاً لما فعلت هي! وللمفارقة هنا دلالاتها السياسية. إذ المطلوب، بالنسبة إلى الأشقاء السوريين، كما تشير إلى ذلك السياسة الرسمية للدولة، أن يبقى لبنان ساحة صراع مع إسرائيل إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً! فإما أن يتم تحرير الجولان بالمقاومة اللبنانية، أو تعم الفوضى في لبنان الساحة. ويستحيل الخلاص من تلك الفوضى إلا بعودة الوصاية السورية إلى هذا البلد المعذب، العاجزة قواه السياسية عن حل مشاكلها وانقساماتها وصراعاتها بنفسها. أما القول، من قبل سوريا ومعها حزب الله، بأن وظيفة الإستمرار في المقاومة هي استكمال تحرير ما تبقى من الأرض في مزارع شبعا، وتحرير الأسرى في سجون العدو، فالجواب الملائم عن هذا القول هو أن هذه المهمة صارت مهمة الدولة، وأن شكل النضال لتحقيق هذه المهمة صار مختلفاً، وأن اللبنانيين، والجنوبيين منهم خصوصاً، صاروا بحاجة لأن يتمتعوا بالإستقرار والسلم والحرية بعد كل التضحيات الجسام التي قدموها بسخاء على امتداد الأعوام الستين الماضية.
س(5): هل من إمكانية للتعايش الفلسطيني-الإسرائيلي في ظل دولة علمانية ديموقراطية واحدة؟
كريم مروة: شعار الدولة الديمقراطية العلمانية الذي طرحه الفلسطينيون في أواخر ستينات القرن الماضي استهلكته الأحداث والصراعات والأحقاد. لذلك فإن طرحه اليوم هو مضيعة للوقت. ربما يكون ذلك ممكناً بعد عقود من الزمن، عندما يتحقق السلام العادل، ويتم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
س(6): هل من إمكانية لأن تكون الولايات المتحدة في غير الصف الإسرائيلي وحكماً نزيهاً في الصراع العربي-الصهيوني؟
كريم مروة: لا توجد مثل هذه الإمكانية في الوقت الحاضر، حتى ولو سمعنا الكثير على ألسنة المسؤولين فيها عن ضرورة قيام دولة فلسطينية. فالولايات المتحدة الأميركية ستظل لزمن طويل تعتبر إسرائيل ركيزتها في المنطقة. ربما يتغير الموقف إذا ما تغيرت الظروف. لذلك يجب ألا يعوّل على دور نزيه من قبل الولايات المتحدة في التعامل مع العرب بنفس المستوى من تعاملها مع إسرائيل.
س(7): بالمقابل: هل تصل الإستراتيجيتان الحاليتان…الفلسطينية والأخرى العربية إلى مستوى مجابهة الخطر الذي تمثله الإستراتيجية الإسرائيلية؟ وما هي اقتراحاتكم لتعديلهما، إن كانت (كلاهما أو أحدهما) من وجهة نظركم لا تصلان إلى مستوى المجابهة؟
كريم مروة: الواقع الراهن في الداخل الفلسطيني مأساوي بكل المعاني. وهو، في حقيقته، استمرار لسياسات سابقة دفع الشعب الفلسطيني ثمنها على الدوام. الحديث هنا يطول. ولست مستعداً للخوض في قضايا تتعلق بالماضي. وقد كتبت كثيراً حولها. توجد في فلسطين سلطة وطنية هي استمرار للسلطة التي نشأت في أعقاب اتفاقيات اوسلو، التي رفضتها منظمات فلسطينية وأحزاب ودول عربية، وأيدتها وتعاملت مع موجباتها منظمات أخرى، وفي طليعتها حركة فتح بقيادة الرئيس ياسر عرفات، وأيدتها دول عربية. بالمقابل توجد اليوم حكومة حماس التي استولت على قطاع غزة بالعنف المسلح، وأقالها رئيس السلطة الوطنية الحالي أبو مازن، معتبراً أنها قامت بانقلاب دموي، قسمت الشعب الفلسطيني إلى قسمين متحاربين بأعنف الأشكال، وبأشدها تدميراً.
لست هنا في معرض التقييم من بعيد لوقائع وأحداث، أشقاؤنا الفلسطينيون هم المعنيون بها وبتقديم الإجابات عنها. لكنني، بمعزل عن صحة هذا الموقف أو ذاك في الخلاف القائم بينهما، لا أستطيع إلا أن أكون في السياسة مع موقف السلطة، استناداً إلى موقفي المبدئي من الكفاح المسلح، باعتباره تحوّلاً في الممارسة إلى نقيض الهدف المبتغى منه. وفي رأيي الذي أعلنته في مقالات عديدة نشرتها على امتداد الأعوام التي تلت انتفاضة الحجر، فإن تحويل تلك الإنتفاضة إلى انتفاضة مسلحة كان خطأ فادحاً دفع الشعب الفلسطيني، ولا يزال يدفع، ثمناً باهظاً له. وهو الموقف الذي أعلنته، بعد تحرير الأرض اللبنانية في عام 2000، بضرورة تسليم حزب الله سلاحه إلى الدولة، والتحول إلى الإسهام مع القوى السياسية الأخرى في إعادة بناء الدولة التي كانت الحرب الأهلية قد أحدثت فيها وفي مؤسساتها خللاً كبيراً. وكنت أستند في موقفي هذا إلى ما حصل في كل البلدان التي استطاعت بالمقاومة أن تحرر أرضها. إذ تحولت فيها المقاومة بعد التحرير إلى رمز وطني، وتحول المقاومون إلى بناة للدولة.
بالنسبة إلى الوضع في فلسطين الأمر مختلف عما هو عليه الحال في لبنان. لكن ذلك الإختلاف على أهميته لا يغير من جوهر الموقف إزاء واقع صعب، يستحيل تغييره بالعنف، وفق ما أشارت إليه ودلت عليه الأعوام الستون التي مرت على قيام إسرائيل. السياسة الواقعية التي تقوم على احترام المراحل، واحترام موازين القوى، هي التي يمكن أن تقود إلى تحقيق الأهداف، هدفاً هدفاً، حتى ولو طال الزمان. فالمهم، بالنسبة إلى الوطنيين ، هو أن يدركوا على الدوام أن كل نضال يخوضه شعب من الشعوب من أجل حريته إنما يهدف في الأساس إلى تأمين الشروط التي تجعل الإنسان حراً وسعيداً. في حين أن ما نشهده في فلسطين، وفي لبنان كذلك، مع اختلاف الظروف، يتعارض مع ذلك الهدف السامي. إذ أن السياسة التي تعتمد الكفاح المسلح طريقاً وحيداً ودائماً إلى التحرير قد حولت هذا الكفاح إلى هدف قائم بذاته، وحولت الإنسان، الذي يرمي النضال إلى تحريره، وقوداً دائماً لذلك الكفاح، وموتاً وبؤساً متواصلين من دون أفق.
هذا هو موقفي المبدئي. وانطلاقاً منه أعتقد أن على الصراع القائم بين سلطتين في فلسطين ينبغي أن يتوقف وأن يحل محله اتفاق جديد مبني على سياسة مختلفة عن السابق، سياسة تقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، حتى ولو لم تكن حدود تلك الدولة في المرحلة الأولى هي الحدود التي ينص عليها قرار التقسيم. فالوصول إلى الأهداف المبتغاة اليوم، في ظل الواقع القائم، هو صعب ومعقد محلياً وإقليمياً ودولياً، ويتطلب زمناً طويلاً. فلنفاوض بكل ما لدينا من إمكانات، ولنوحد جهودنا، فلسطينيين وعرباً وأصدقاء لنا في العالم، وأصدقاء لنا في إسرائيل بالذات على قلة عددهم. فلعلنا نحقق، في ظل مثل هذه السياسة الجديدة، بعض ما يطمح الشعب الفلسطيني إلى الحصول عليه. وهو ما يتمثل بحل سياسي يخرج هذا الشعب المكافح من النفق المظلم الذي هو فيه، وينقله إلى حياة فيها بعض الإطمئنان وبعض الإستقرار. وهما اطمئنان واستقرار ما زال يبحث عنهما هذا الشعب المعذب منذ عقود، قبل قيام إسرائيل وبعدها. وفي مثل هكذا سياسة يمكن أن يكون النضال أكثر جدوى، وأقل كلفة، حتى ولو طال الزمن الذي سيحقق فيه الشعب الفلسطيني الأهداف الكاملة لنضاله الطويل والشاق المليء بالآلام والمآسي.