المعارضة الديمقراطية خارج التصنيف
غسان المفلح
الديمقراطية بوصفها شكلا تاريخيا ينظم النزوع الوجودي نحو الحرية، وهذا النزوع لا يرتبط مطلقا بالتصنيف التقليدي، لما يعرف باليمين واليسار، الثورات الديمقراطية التي ارتبطت بالبرجوازية، لم يكن فيها يمين ويسار، كانت فيها أنظمة ملكية استبدادية إقطاعية..الخ سموها ما شئتم، إن انبثاق اليمين واليسار بعد الثورة الفرنسية التي كانت آخر الثورات’ البرجوازية’ قبل الثورة الروسية الأولى 1905، ولم تستطع أن تزيح الاستبداد دفعة واحدة، وأكلت أبناءها. هذه الثورة التي انبثق منها تصنيف اليسار واليمين، لازالت تشكل نموذجا جاهزا للتفكير بأوضاعنا، تماما كما كانت حال الثورة البلشفية بالنسبة للشيوعيين وطيف اليسار العالم ثالثي، لكن لو راجعنا تاريخ هذه الثورة الفرنسية لوجدنا أنه لم يكن هنالك تصنيف موجود قبل قيامها، او حاضر لدى قادتها وفعالياتها وخطابها. ونحن بدورنا لازلنا متمسكين بالتصنيف الذي تم بعد نجاح الثورة.
الثورة الديمقراطية الإنكليزية التي تمت بشكل شبه سلمي، ولم يكن مطروحا خلالها، التصنيف المذكور، وقد تمت قبل الثورة الفرنسية بزمن غير قصير. كانت البرجوازية الصاعدة مع عموم الفلاحين، هي التي شكلت قوى الثورة. من دون الدخول في التفاصيل التاريخية، لكننا وصلنا إلى حد المغالاة جراء التصنيف بين اليمين واليسار، الى درجة أننا لم نعد نرى ديمقراطيين إلا في صفوف اليسار. وإن كان هنالك ديمقراطيون غير يساريين، فيجب أن تتم قيادتهم وفق برنامج يساري، وإلا سوف تزال عنهم تلك النعمة التصنيفية بأنهم ديمقراطيون.
في سورية، حتى اللحظة، لايزال التصنيف شغالا، بحكم مجموعة من العوامل وأولها، أن المعارضة الديمقراطية بتحفظ – تشكلت من بقايا التيارات اليسارية الشيوعية والقومية، إضافة إلى انخراط إسلامي ملتبس، او لازال ملتبسا في الحركة الديمقراطية السورية إن جازت التسمية.
ومن ثم من تقدم من هذه الحركة اليسارية نحو تبني ليبرالي ما، فإنه جاء لكي يحضن هذه الليبرلة بغلاف يساري متهالك، ولم يستطع تجديد بناه الفكرية والتنظيمية والسياسية، ولذلك أسباب عدة منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي. فصرنا نرى تصنيفا جديدا هو’ يساري ليبرالي أو ليبرالي يساري’ وبالطبع الليبرالية من هذا المنطلق التصنيفي تستوعب الديمقراطية، كمفهوم وكنظام سياسي يؤمل في الوصول إليه.
من المعلوم في كل المجتمعات التي أتت فيها أنظمة تقدمية كما يعرف عنها بالتسمية، هذه الأنظمة أول شيء فعلته، هي ضربها لنويات ليبرالية او برجوازية تقليدية، وحولت البنية السياسية الظاهرة على الأقل، إلى محمية يسارية شكلا وخطابا. لهذا نحن كمعارضة ديمقراطية احتفلنا بالمناضل رياض سيف، رغم أن الرجل ليس يساريا، ولازال الرجل خارجا منذ أسابيع من السجن للمرة الثانية، نتيجة لانخراطه العملي في النضال الديمقراطي. واحتفالنا به لم يكن وليد يساريته، بل وليد برجوازيته ‘الوطنية’ وليبراليته الطبقية.
لماذا احتاج هذا اليسار الذي يوزع التصنيفات يمنيا ويسارا، لكي يقف خلف المناضل رياض سيف؟ لماذا طالما ان هذا اليسار يمتلك الحقيقة وتوزيع المعايير القيمية على المناضلين وغير المناضلين؟
لوحة اليسار عندنا تشمل بدءا من قوى التجمع الوطني الديمقراطي المؤلف من ستة أحزاب يسارية. وكما قلنا فإن المتحولين كما أسماهم الباحث محمد سيد رصاص، ويقصد اليسار المتحول ليبراليا، لم يتخلوا عن موقعهم اليساري كما حاول الكاتب أن يحتكر توصيفة محددة لمفهوم اليسار.
الآن بعد انقضاء مرحلة سياسية من عمر سورية، أقصد الخمس السنوات الأخيرة، عادت نغمة اليسار، وتجديد اليسار لتتصدر أدبياتنا، لماذا؟
وبالعودة إلى موضوعة اليسار واليمين، هذه قضية لا تطرح في سياق حركة ديمقراطية، بل تطرح في ظل نظام ديمقراطي، أو في ظل قوى تريد تحقيق برنامج يساري بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
نحن في أمس الحاجة إلى ديمقراطيين، سواء كانوا يساريين أو يمينيين.. والتوافق على مطلب ديمقراطي ذي بعد تاريخي.
دولة القانون وتداول السلطة، حرية الرأي والمعتقد والتنظيم، الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، واقتصاد السوق، هذه عناوين لمساحات تغطي كامل المصالح الطبقية والاجتماعية والرمزية.
هذه قضايا أجمعت عليها البشرية ليس نظريا، بل لأنها انتجت أمامنا مجتمعات متقدمة لأنها تبنت هذا النموذج، وإذا كانت لدينا خصوصيات ما، فيتم نقاشها على أرضية هذه القواعد التاريخية العامة.
****
اليسار حتى اللحظة لم يستطع أن يقدم نموذجا اجتماعيا، من دون دولة تدخلية، كمصطلح فضفاض وغامض وملتبس، وفي غالب الأحيان خالطا بين الدولة التدخلية والسلطة الكليانية. من قال انه يمكن لانتقال ديمقراطي من دون أولوية سيادية لدولة تدخلية؟ التي تستند في تدخليتها على العقد الاجتماعي المحايث لوجود مثل هذه الدولة، والعقد الاجتماعي، لا تسوغه مصالح يسارية فقط، لأننا بذلك نصبح أمام سلطة كليانية، لأنه لا توجد دولة يسارية، ولا توجد دولة يمينية، لأنها مجرد أن تأخذ هذه الهوية فمعنى ذلك ان ايديولوجيا واحدة قد اعطتها هذه الهوية، وهذا مناف للديمقراطية وعقدها الاجتماعي.
كيف يستطيع اليسار تقديم نموذج دولة حيادية، وتدخلية بالآن معا؟ فإما نحن أمام نموذج تاريخي موجود لدولة طبقية، أو لدولة حيادية؟ هل مازلت تنميات غرامشي كفيلة بحل هذه الازدواجية؟
****
لا يمكن وجود نقابات مهنية من دون وجود مجتمع طبقي، ولا يمكن وجود نقابات مهنية في ظل سلطة آحادية، لأن ما يمكن أن يوجد هو هيئات تابعة لتلك السلطة، سواء كانت يسارية أو يمنية.
لا يمكن وجود مجتمع مدني آحادي يساري أو يميني، وهذه بداهة وجودية، مهما حاولت السلطة التدخلية الآحادية تغطيتها.
****
الاستيلاء على السلطة، ما قدمه اليسار حتى اللحظة في العالم هو الاستيلاء على الدولة والمجتمع، تحت عنوان الاستيلاء على السلطة من أجل تنفيذ برنامج شمولي.
اليسار الأوروبي هو يسار في مجتمع متاح لليمين كما هو متاح لليسار، فهل السلطة في سورية يمين؟ أليس تجديد اليسار بحاجة لنقيضه؟ أين هو؟ كيف يمكن الحديث عن اليسار، من دون أن نعرف اليمين؟
****
في سورية الآن موجة يسار شكلانية ضيقة وعابرة للوقائع خطابيا، تحاول إقناعنا الآن بأن ما يتم في سورية، هو إجراءات ليبرالية أو نيوليبرالية متوحشة.. لكي تبرر وجودها، ودفاعها أحيانا عن قطاع الدولة.
الانتقال إلى اقتصاد السوق في أي إجراء ليبرالي يتم وفقا للقانون، والخصخصة نظام قانوني يطبق على جميع المتنافسين، فهل توجد في سورية بنية قانونية للخصخصة؟ واية خصخصة هي التي تجري في سورية الآن؟
العدالة الاجتماعية مطلب دائم…أو ربما أمل نحتاجه لاكتشاف يساريتنا…
‘ كاتب سوري
أدعو في سوريا إلى الآتي 1- كل من يكون مطلوباً للدولة أن يرسل له شرطي يكون اسمه ورقمه العسكري على صدره ومعه تبليغ خطي من الجهة التي تطلبه 2- من يراد احضاره جبرياً لسبب ما يرسل له شرطيان ومعهم مختار الحي ومعهم تبليغ خطي من الجهة التي تطلبه فيسلم التبليغ الخطي للشخص حيث يترك التبليغ عند أهله حتى يعرف أين ذهب ابنهم ومن الذي أخذه بحيث يرسل له محامي عند الحاجة بحيث لايضيع الإنسان هباءاً ولا يعرف له مكان – 3- كما أدعو كل انسان يأتيه أشخاص مدنيون لإعتقاله وهو لايعرفهم بأن يمتنع عن الذهاب معهم ومقاومتهم وعلى أهله وجيرانه مساعدته في ذلك باعتبار هؤلاء معتدين على انسان في بيته — وذلك حتى لايعتقل الإنسان ويغيب عن الوجود ولا يعرف الأشخاص الذين اعتقلوه – عندما يخرج إنسان من بيته يجب معرفة أين ومن أخذه — فقد ضاع الألوف من ابناء الشعب ولم يعرف مصيرهم منذ 3عقود وغالبيتهم أبرياء أبرياء أبرياء