عرض نقدي لكتاب جلبير الأشقر: العرب والمحرقة النازية، حرب المرويات العربية- الإسرائيلية
ياسين الحاج صالح
الكتاب المؤلف بالفرنسية (نقله إلى العربية بشير السباعي) هو بلا شك أوسع تناول متاح لسلسلة التفاعلات العربية مع ما يفضل المؤلف تسميته “إبادة اليهود”، منذ ثلاثينات القرن العشرين حتى أيامنا، فضلا عن التمثيلات الإسرائيلية والموالية لإسرائيل لتلك التفاعلات. يتوزع متن الكتاب على زمنين: “زمن المحرقة”، ويتقصى فيه المؤلف اليساري اللبناني الأصل “ردود الفعل العربية على النازية ومعاداة السامية”” بين عامي 1933 و1947؛ ثم “زمن النكبة” الذي يجري فيه استعراض “المواقف العربية من اليهود ومن المحرقة من 1948 إلى الآن”.
وقد صدّر المؤلف كتابه بفصل ذي عنوان درامي: “كلمات مثقلة بالألم”، يستهلّه بتساؤل درامي بدوره عن “الاسم الذي يجب أن يعطى لجائحة سوف تظل إلى الأبد، من زاوية الأخلاق الإنسانية، “غير قابلة للتسمية””. لكن لماذا هي “غير قابلة للتسمية”؟ ألا يعني ذلك منذ البداية إفرادها عن غيرها من المحن الإنسانية وجعلها مقياسا لكل ألم بشري، على نحو ما يفضل إيلي فيسيل، أحد أبرز “صناع المحرقة” (بالمعنى الذي قصده نورمان فنكلستين في كتابه “صناعة الهولوكوست”)؟ ألا يفتح ذلك الباب لضرب من الاستثنائية لا تكف إسرائيل عن المطالبة بها لنفسها، ما يقوض فكرة القانون العام، وتاليا العدالة ذاتها؟ وهل من شأن التشكك في أية مبالغات عاطفية حيال المحرقة أن يتضمن حتما تشككا فيها أو تقليلا من التعاطف مع ضحاياها؟ نتوقف عند هذه النقطة لأنه يبدو لنا أن المؤلف انساق وراء اندفاعات كهذه مرات في صفحات كتابه. ولأننا لا نرى من السداد في شيء أن يقع المثقف العربي تحت ضغط المبالغة في استعراض انفعاله بالمحرقة لمجرد أن عربا آخرين يبالغون في إنكارها، أو لأن العرب متهمون عموما بتجاهل الكارثة التي حلت باليهود على يد النازيين، وبلغت ذروتها في “الحل النهائي”، 1942-1945.
يوضح الفصل الأول أن الصهيونية كانت أحد ردود الفعل الممكنة على معاداة السامية، وأن رد الفعل هذا استفاد من تفضيل النازيين أنفسهم حتى عام 1939 ترحيل اليهود إلى فلسطين، بغرض الحصول على ألمانيا “طاهرة من اليهود”. وهو ما كان بن غوريون يجده مفيدا للصهيونية استنادا إلى “فلسفة الكارثة المفيدة” التي ينسبها له شابتاي تيفيت. وينسب له توم سيغيف (مؤلف أفضل كتاب عن موقف الإسرائيليين عن المحرقة، حسب الأشقر) قوله عام 1939: “لو كنت أعرف أن بالإمكان إنقاذ جميع الأطفال [اليهود] في ألمانيا بنقلهم إلى انكلترا، بينما لا يمكن إنقاذ غير نصفهم بنقلهم على فلسطين، لاخترت الخيار الثاني- لأننا لا نواجه حساب هؤلاء الأطفال فقط، بل الحساب التاريخي للشعب اليهودي”. هذا التصريح مؤشر على العزم الذي لطالما تحلى به القادة الصهيونيون طوال نحو نصف قرن قبل نيل بغيتهم عام 1948، لكنه يصلح ترياقا ضد تلك التصعيدات الانفعالية التي تتملك كتابا عربا حين تأتي سيرة الهولوكست.
في فصل “زمن المحرقة” الذي تكونت فيه أيضا التيارات الإيديولوجية العربية الكبرى المعاصرة، التغريبية الليبرالية والماركسية والقومية والإسلامية، يرصد المؤلف مواقف هذه التيارات من كل من النازية ومحنة اليهود والهجرة اليهودية إلى فلسطين وخطط الصهيونية لإقامة إسرائيل. ويُظهِر أن الأولين عارضوا النازية منذ البداية، دون أن يمس ذلك بعداوتهم للصهيونية. ومثل ذلك ينطبق على الماركسيين، وإن تذبذبت مواقفهم أحيانا بفعل ارتباطهم بالاتحاد السوفييتي، خصوصا عند توقيع المعاهدة السوفييتية الألمانية عام 1941، ثم عند موافقة الاتحاد السوفييتي على قرار التقسيم عام 1947.
وبين تيارات القوميين يُظهِر المؤلف تنوعا في المواقف، لكن المسافة بين رفض الصهيونية ومعاداة اليهودية تضيق هنا عموما، حتى أنها تمحي تماما عند تيار مصر الفتاة وعند القوميين السوريين الذين انبنت إيديولوجيتهم وحزبهم على الطراز النازي. ويخص المؤلف بأشد سخطه الإسلاميين، أو من يسميهم “دعاة الجامعة الإسلامية الرجعيون و/ أو السلفيون”، من رشيد رضا وشكيب أرسلان، والحكم السعودي، وعز الدين القسام، وصولا إلى أمين الحسيني الذي يكرس له 66 صفحة من كتابه. وبخصوص أرسلان والحسيني يبلغ المؤلف إحدى الذرى الانفعالية العالية في إدانتهما، فيستخدم كلمات من نوع “تواطؤ إجرامي” و”دون أي تأنيب للضمير، و”أسوأ بكثير”، و”أخطر بكثير”. هذا يبيح لنا التساؤل: لماذا ينبغي أن يكون النازيون أسوأ من الصهيونيين في عين ضحايا الأخيرين؟ لماذا ينبغي أن تكون نظرة ضحايا النازيين مكونة للضمير، فيما نظرة ضحايا الصهيونيين قضية محتملة من قضايا الضمير في أحسن الأحوال؟ وإذا كان مبدأ “عدو عدوي صديقي” جديرا بالإدانة، فهل يترتب على ذلك أن عليّ أن أسلم بأن عدوي أقل سوءا من عدو عدوي الذي لا ذنب لي في عدائه لعدوي؟ هذه تساؤلات تتولد فيما نرى من الصبغة الأخلاقية كثيرا والسياسية قليلا لتحليلات وأحكام الأشقر. الواقع أن أحكامه لا منظورية، تصدر عن ضمير كلي الإحاطة يحكم بمفعول رجعي على وقائع وممارسات كان من يدينهم بها أقل إحاطة بما يجري وغير مستوعبين لمداه، مثلهم في ذلك مثل معظم القوى الغربية ذاتها، وحتى الصهيونيين، إلى عام 1939 على الأقل. الضمير اللوام في كتاب الأشقر يعمل على طريقة الراوي العليم في الرواية الحديثة، يشغل موقعا إلهيا حيال الشخصيات ويعرفها من داخلها وخارجها، ويشغل دوما الموقع الأنسب للحكم على أفعالها ومساراتها ومصائرها. بل هو في الواقع يشغل في الآن نفسه مواقع متنوعة، ما لا يقدر عليه غير الله أو الشيطان، ذلك الإله الشرير. لكن الأشقر الذي يبدو أنه أخلاقيا وأبستمولوجيا يقيم في موقع يوتوبي (لا مكان) مسلحٌ في الواقع بمعرفة تراكمت خلال نحو ثلاثة أجيال، وبضمير بُني بحيث تشغل المحرقة النازية الجريمة المعيارية أو أم الجرائم كلها. مزودا بهذا الضمير وتلك المعرفة يدين الأشقر أشخاصا لا مسافة نفسية تفصلهم عن الحدث، وتقلل أوضاعهم البنيوية والسياسية المفرطة التحديد بالأحرى من حساسيتهم إزاءه. أعني أن ضحايا المحرقة ينتسبون إلى طرف كان بالفعل يتوسع في أرض الفلسطينيين ويهددهم كيانيا ولا يقبل المساواة معهم. الواقع أنه يمكن أن يؤخذ على الشخصيات العربية المدانة سذاجتها وغفلتها وهزالها الثقافي، وقلة احترامها لنفسها ولقضيتها ذاتها، أكثر بكثير من “تواطؤها الإجرامي” أو انعدام ضميرها حيال معاناة آخرين.
ويقسم المؤلف “زمن النكبة” إلى زمن عبد الناصر بين 1948 و1967، وزمن منظمة التحرير الفلسطينية من 1967 إلى 1988، ثم زمن المقاومات ألإسلامية من 1988 إلى اليوم. والفصل غني بالمعلومات والإحالات بدوره، يمهد له المؤلف بصفحات عن “النكبة في رؤية بني موريس”، المؤرخ الإسرائيلي “الجديد”، الذي يرى الأشقر مساره “مثقلا بالأعراض المرضية”. وبالفعل يجمع هذا المؤرخ بين وعي صاح بما جرى عام 1948 من اقتلاع للفلسطينيين بالعنف ومن تطهير عرقي، وبين تبرير هذا التطهير، بذريعة كاذبة، تفيد أن الخيار المطروح وقتها هو طرد الفلسطينين وإلا فإبادة اليهود. ويأسف موريس أن بن غوريون لم يطهر كل “ارض إسرائيل”، حالّا المسألة إلى الأبد، ويعتبر أن هذا “خطؤه القاتل”. وموريس نفسه يعتبر “الحرب بين الحضارات هي الخاصية الرئيسية للقرن الحادي والعشرين”، وأن “إسرائيل على خط جبهة هذه الحرب، وأن شأنها شأن الصليبيين بالضبط، “فرع أوربا المهددة في هذا المكان”.
وفي “زمن عبد الناصر” يرى المؤلف أن القوميين العرب هم الذين صعدت قضيتهم بفعل حرب 1948، فيما تراجعت قضية التغريبيين الليبراليين والماركسيين ودعاة الجامعة الإسلامية. ويبين أن موقف ناصر كان ساخرا من الدعوة على “رمي اليهود بالبحر”، إلا أنه يظهر سجلا متقلبا لقائد الحركة القومية العربية من معاداة اليهود، بلغ الذروة حين استشهد في أواخر خمسينات القرن العشرين بكتاب “بروتوكولات حكماء صهيون” المزيف، ونصح صحفيا هنديا بقراءته. على أن المؤلف يظهر مسار عبد الناصر مسار تعلم وتصحيح، ويرجح أن الزعيم المصري عرف لاحقا أصل الكتاب فلم يعد إلى الإحالة إليه.
وجدير بالذكر أن نقاش الأشقر مركب، ويمر غالبا عبر انتقاد روايات أخرى، إسرائيلية أو غربية، أو أيضا عربية.
وفي زمن منظمة التحرير، نطلع على سلسلة مواقف فلسطينية أرفع اطلاعا وأكثر تحررا عموما من معاداة اليهود، وإن لم تسلم من تذبذبات وازدواجية.
لكننا ننتكس إلى الوراء في زمن المقاومات الإسلامية الممتد بين 1988 وأيامنا.
وفي خاتمة الكتاب نطلع، بين أشياء أخرى، على مفهوم مثير هو مفهوم “حب السامية” الذي يشارك “معاداة السامية” التمركز حول اليهود، ويثابر على إفرادهم عن غيرهم.
لا مجال للمبالغة في فائدة كتاب “العرب والمحرقة النازية”، ولا في اتساع رؤيته ونفاذ تحليلاته وقيمته التثقيفية الكبيرة. هذا لا يمنع أنه يمكن التحفظ عن قضايا إضافية فيه.
نجادل في قضية أولى تلخصها العبارة التالية التي ينبث مضمونها في صفحات الكتاب ككل: “وبطبيعة الحل، كانت المحرقة أبشع بما لا يقارن، من النكبة وأكثر منها دموية. إلا أن هذا الاعتبار لا يقلل في حال من جسامة مأساة الفلسطيني، ولاسيما أنهم، كشعب، لم يتحملوا أي ذنب في وقوع دمار اليهود الأوربيين”. هناك فخ أخلاقي في هذه المقارنة لم يحاول المؤلف تجنبه رغم أنه انتقد مرات “تنافس الضحايا”. منذ قيام إسرائيل وبخاصة منذ ازدهار “صناعة الهولوكوست” بعد حرب 1967، باتت هذه المقارنة مضمرة في كل مقاربات المحرقة الإسرائيلية والغربية والعربية. الأمر مفهوم، فقد صرنا حيال قضية سياسية عيانية تفرض نفسها كل يوم على العالم كله، ومن باب أولى على المعنيين المباشرين وحدهم. والحال إن المحرقة وقعت قبل أزيد من ستين عاما، وقد ارتكبها طرف غير عربي، ودون أن يكون لأي طرف عربي ضلع فيها أو في التحريض عليها، فيما النكبة ارتكبها “ضحايا الضحايا” (تعبير إدوارد سعيد) ولا تزال مستمرة، ويحتمل أن تستمر عقودا وأجيالا، والمرتكب المباشر لها لم يقبل في أي يوم أن يكون مساويا وجوديا وسياسيا وحقوقيا للمنكوبين، بل يستكثر عليهم أن يملكوا سردية حول محنتهم ويطالبهم بمحو كلمة نكبة من سرديتهم (تسيبي لفني). الضحايا الفلسطينيون والعرب أقل بكثير من ضحايا الهولوكست المقدرين 6 ملايين، لكن المسلسل التضحوي مستمر هنا، فيما نال ضحايا الهولوكوست تشريفا لم ينله أي ضحايا قبلهم وبعدهم، بما يتضمنه ذلك من تقليل الحساسية حيال آلام “ضحايا الضحايا”، وبما فيه منح شرعية فائضة لدولة قامت في فلسطين دون استشارة أهلها وعلى حسابهم، دولة تنفرد اليوم بامتلاك أسلحة نووية قادرة على تحويل المدن العربية كلها هباء. هذا فوق عنصر المهانة الجمعية والاستلاب القومي الذي يخنق العرب منذ عقود، والذي لا يذكره جلبير الأشقر ولا يحسب له أي حساب. فوق كذلك دور إسرائيل والحماية الغربية لها في تعفين أحوال العرب المعاصرين وتعويق تقدمهم، مما لا حساب له أيضا في كتاب بمئات الصفحات .
لا يعني الإفراد متعدد الأشكال للمحرقة، وقد شارك فيه المؤلف غير مكتف بالامتناع عن نقده، غير أن هذه معاصرة لنا دوما، أو أنها واقع ليس تاريخيا مثل غيره، ولا يقبل التقادم مثل غيره أيضا. وهذا لا يقود إلا إلى إذابة المعاناة الفلسطينية والعربية في عاديات التاريخ المبتذلة. ننتهي إلى مفارقة معاكسة للواقع: المحرقة مستمرة، واليهود الإسرائيليون الأقوياء جدا معرضون لها في كل وقت، فيما قتل الفلسطينيين الضعفاء وتدمير بيوتهم وتشرد ملايينهم في العالم واقع متلاش لا قوام له ولا يخلف أثرا.
والحال أنه منذ قامت إسرائيل وأقامت عمودا رئيسيا من أعمدة شرعيتها على الهولوكوست، أضحت المحرقة المنتهية والنكبة المستمرة متساويتان. أو لنقل إنهما اندرجتا في دينامية تاريخية تضمن التحامهما والتوأمة بينهما، وكذلك التوأمة بين إنكار هذه وإنكار تلك. ثمة إنكاران وليس إنكار واحد، ومصير أحدهما مرتبط بمصير الآخر. الألم الإنساني واحد، وإعلاء آلام على أخرى لن يقود إلا إلى التلاعب السياسي بالألم الإنساني.
ولقد كان متاحا للمؤلف أن يتوقف أطول مما فعل أمام قضية إشكالية أخرى متصلة بالسابقة، تتمثل في مطالبة المفتي الفلسطيني أمين الحسيني السلطات النازية بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين، المطالبة التي يدينها الأشقر بعنف بالغ. والحال إننا هنا حيال معضلة أخلاقية فريدة: إما التغاضي غير المقبول عن مصير اليهود، أو تَقَبُّل أن يهاجروا إلى وطن المفتي ليقيموا دولة تطرده ومواطنيه من أرضهم. علما أن أميركا وانكلترا كانتا تمانعان في هجرتهم إليها، وأن من غير المرجح أن يكون موقف المفتي سهل المحرقة أو أعاق الهجرة إلى وطنه ممن استطاع إليها سبيلا من اليهود. في هذا الشأن وفي مقاربته كلها عرض الأشقر نزعة أخلاقية كوسموبولوتية قد تكون محمودة، لكنها تحترق بسهولة في أتون الصراع العنيف الذي أطلقته إقامة إسرائيل التي تبدو لنا استمرارا “للحل النهائي” النازي بوسائل أخرى وبضحايا آخرين. فهل تكون هذه النزعة الأخلاقوية اللامنظورية، المتعالية على السياسة والتاريخ الفعلي، سديدة إذن؟ ألا تكون بالأحرى نوعا من التطهر الأخلاقي الذاتي الذي يقترن في جميع أمثلته مع الغفلة عن الطابع السياسي التاريخي العياني للصراعات الفعلية؟
نرجح أن هذا النسق التطهري المتكرر في كتاب الأشقر متولد عن ضغوط يحددها الوضع البنيوي لكتابه: مكتوب بالفرنسية، ومترجم فورا إلى الانكليزية، وموجه إلى جمهور غربي. ثمة سردية بالغة القوة حول الهولوكست في الغرب، تضع أي كاتب عربي في موقع غير مؤات. سيتعين عليه من أجل أن يستطيع قول أي شيء عن النكبة أن يقول أشياء عن المحرقة، وأن يسوغ ألم الفلسطينيين بألم اليهود، مثبت لهذا صفة الألم الأكبر.
في مقدمة كتابه أمِل المؤلف “أن ينتج البعض، في وقت قريب ما، دراسات عميقة لتاريخ مختلف تلقيات النكبة، مأساة الشعب الفلسطيني”. لا شيء أكثر أهمية فعلا. نرجح منذ الآن أن تاريخ تلقيات النكبة سوف يكون تاريخا غير مباشر لتلقيات المحرقة، ونخشى أن ما يحتمل أن يتضمنه ذلك بالذات من إضفاء صفة نسبية على المحرقة قد يعوق كتابة التاريخ المأمول ذاك.
الكتاب صادر عن دار الساقي، بيروت، 2010؛ وهو من 558 صفحة.