صفحات الحوار

نبيل عبد الفتاح : المصريون غرقوا في التديّن الشكلي

null
حسن عبد الموجود
منذ سنين طويلة يعمل نبيل عبد الفتاح علي  تشريح المجتمع المصري من منظور الدين . دراساته التي  ينشرها تباعاً  بالأهرام وفي كتب تعكس الحالة الحقيقية التي يمرّ  بها هذا المجتمع . يؤكد عبد الفتاح في هذا الحوار أن المصريين أصبحوا شكلانيين أحياناً  ومغالين أحياناً  ومنقسمين  غالباً، ويحلل الأسباب التي أدّت إلي ذلك .
عبد الفتاح وثيق الصلة بالثقافة والمثقفين،  وقارئ جيد للإبداع الذي يصدر في مصر والعالم، ولهذا فإنني اخترت أن يكون الحوار معه حول الظواهر  المجتمعية،  وأيضاً  رؤيته للواقع الأدبي في مصر .
لماذا أصبح المجتمع  غارقاً  إما في التطرف الديني أو في التأسلم الشكلي؟
الحديث عن المجتمع ككتلة مصمتة ومندمجة صعب،  ولكن هناك تضاريس اجتماعية وثقافية ودينية أكثر تعقيداً  وتحتاج إلي رصد وتفكيك حتي لا نصدر انطباعات عامة لا تفسر شيئاً .
بشكل عام .. ما الأسباب التي أدّت إلي ذلك؟
تلاعب  ” الطبقة السياسية ” بالدين في العمليات السياسية،  بل وسعيها الدائم منذ  23  يوليو  1952  وحتي الآن لتأميم الإسلام في الصراع السياسي مع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من المنظمات الإسلامية السياسية علي اختلافها . تسييس الدين عموماً  ومحاولة احتكاره سلطوياً  ليس عملية أحادية الجانب،  وإنما هناك آخرون علي الساحتين السياسية والاجتماعية يرون أنهم قادرون أيضاً  علي استخدامه في مواجهة الدولة والسلطة والمؤسسة الإسلامية الرسمية . السلطة استخدمت الإسلام منذ  23  يوليو  1952  وإلي الآن لعلاج مشاكل الطابع التسلطي واللاديمقراطي للعبة السياسية ومن ثم استخدمت الإسلام كمصدر للشرعية السياسية وأداة لتبرير السياسات والقرارات الكبري،  وفي الوقت ذاته استخدمته في نطاق السياسة الخارجية . الإخوان وغيرهم أيضاً  استخدموا الإسلام في محاولاتهم لأسلمة الدولة وصبغ  المجال العام بالبيروقراطية،  والأخطر سعي بعضهم إلي سحب الشرعية الدينية من مؤسسات الدولة الحديثة وسياساتها،  والأخطر كسر الاندماج والتكامل الوطني المصري .
ما أثر الصراع بين الإخوان والدولة؟
أدي الصراع السياسي مع الإخوان إلي تواطؤات وربما تحالفات بين بعض أجهزة الدولة،  وبين بعض أطراف الحركة السلفية بهدف استخدامها ضد قوي وجماعات ومنظري الإسلام السياسي،  بدعوي أنهم لا يعملون بالسياسة ولا توجد لديهم أهداف تتصل بالسلطة،  وإنما لهم سياسة دعوية . أغفلت الدولة معرفة طبيعة التعاليم والأفكار والثقافة السلفية المستعارة من مجتمعات أخري تختلف تاريخياً  في نمط التدين والثقافة السلفية السائدة هناك عن التكوين التاريخي للمجتمع المصري وتوجهاته الدينية . تناسي بعضهم في السلطة أن التمدد في المجالين العام والخاص والهيمنة الرمزية عليها  _  في اللغة والخطاب اليومي ونمط التدين الاستعراضي والشكلاني  _  يؤدي إلي إنتاج قوة سياسية / دينية تعتمد علي قوة اجتماعية مستمدة من أتباعها حتي ولو لم تستخدم شعارات سياسية .
من هنا وجدنا تمدد الحجاب والنقاب والإسدال وغيره من أنظمة الزي والعلامات الدينية تشير إلي حجم وقوة دور بعض السلفيين وهيمنتهم الرمزية علي روح بعض المصريين المسلمين،  وكيف أن الخيارات الشخصية لم تعد كذلك في إطار الاختيار بين الأزياء إلا علامة علي قوة التعاليم الوافدة،  والتي حولت نظام الزي إلي مجال الالتزامات العقائدية،  وهي أمور جديدة تماماً  علي التدين المصري .
وما الوضع مع رجال الكنيسة الأرثوذكسية؟
أدي التواطؤ بين بعض أجهزة الدولة والطبقة السياسية،  وبين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلي ترك أمور الأقباط إلي الأكليروس بقيادة البابا وكبار الأساقفة،  بحيث أصبح حضورهم المكثف في المجال العام،  وفي الجدالات الكبري والصغري، هو تعبير عن اختصار الأقباط في الكنيسة واختزال المؤسسة الكنسية وتقاليدها الديمقراطية الداخلية في البابا وبعض الأساقفة .
هنا نحن إزاء إزاحة لعموم المواطنين الأقباط من المجال العام ومشاهده علي اختلافها،  بما يشير إلي أزمات في المواطنة الكاملة وحقوقها واستبعاد وانسحاب سياسي للأقباط من مؤسسات المشاركة السياسية والمجال العام،  ومشكلات تمس حرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية والأخطر هنا يتمثل في تراجع الثقافة المدنية،  والرأسمال المدني الاجتماعي والسياسي والتاريخي حول مفاهيم التقدم والتطور والتحديث والنهضة . منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، ومصر تشهد نكوصاً  عن الحداثة والعصرية لصالح قشورها،  والأخطر عودة إلي الروابط الأولية الأسرة والعائلة والعشيرة والقبيلة،  والأهم هنا ربط ذلك بالرجوع إلي الرابطة الدينية،  وهو ما أدي إلي انقسامات رأسية في المجتمع علي أساس الدين . من ناحية أخري هناك تحول قبطي إلي جماعة دينية مندمجة وراءها ثقافة التمييز الديني وفاعليها  _  الدولة وبعض الجماعات الإسلامية،  ورجال الدين الأقباط الذين يريدون احتكار تمثيل الأقباط والتعبير عنهم
في المجال العام وقياداتهم  – ،  ومن هنا وجدنا مظاهر التدين الشكلي تغزو حياتنا،  كجزء من التضاغط الاجتماعي والديني من ناحية،  والاحتقانات الاجتماعية والدينية ذات النزوع الطائفي  . غالب الجمهور يستخدم اللغة والرموز والعلامات الدينية، علي نحو مكثف وجماهيري في الحياة اليومية،  وهو ما أدّي إلي نزوع نحو التركيز علي الأشكال الدينية لا جوهر الإيمان الديني القائم علي التجربة الإيمانية الشخصية قبل أن تكون جزءاً  من تجربة إيمانية جماعية .
من هنا يمكنك أن تلاحظ هذا التجاور بين الممارسة الشكلية والقناعية  _  لدي بعضهم في عدد من   الأحيان – وبين ممارسات فساد وخروج علي القانون باتت مهيمنة في حياتنا اليومية . الجميع يتحدثون عن الفساد ومخاطره  في الوظيفة العامة،  وفي شيوع ثقافة   الرشاوي ونهب المال العام،  وهو ما لا تخلو منه صفحات الجرائد الخاصة والمعارضة والقومية في متابعتها اليومية للظواهر والوقائع الإجرامية وما تتوصل إليه أجهزة الأمن والرقابة والنيابة العامة،  والأحكام القضائية من حقائق حول الفساد والفاسدين .
لا نريد التعميم،  ولكن ثمة بعض من تعايش بين الفساد والتدين الشكلي،  هل هي محاولة لتنظيف الضمائر أو سعي لخلق توازن نفسي شكلي لدي بعض المصريين أو  غالبهم؟ ربما !
كيف تري خروج المصلين عقب صلاة الجمعة للمطالبة بعزل البابا وتحديد إقامته؟
هي وقائع جديدة ونتحفظ عليها ونرفضها ولكننا أمام حالة الاحتجاج واتهامات أيا كانت صحتها أو كذبها . هذا الشكل من التضاغط الديني  ،  هو الوجه الآخر للاحتقان والخلل في العلاقة بين الديني والسياسي،  والديني الإسلامي والديني المسيحي، وبين الديني والثقافي،  وبين الديني والمدني . نحن إزاء إحدي نتائج ظاهرة موت السياسة أو اللا تسيس،  ومن ثم ملأ الديني وجماعاته ورموزه الدينية مساحات الفراغ،  ومن ثم سعي كل طرف أو فاعل ديني سياسي أو اجتماعي إلي الهيمنة الكاملة باسم الدين علي المجال العام . ثمة توظيف سياسي لطقس صلاة الجماعة يوم الجمعة،  وهو أمر ذو جلال وأهمية في الممارسة الجماعية لإحدي الفرائض الإسلامية،  ومن ثم يسهل علي بعضهم من بعض السلفيين أو من ينتمون إلي جماعة سياسية استخدام الصلاة في الاحتجاج السياسي و”الطائفي ” علي تمدد دور المؤسسة الأرثوذكسية ورموزها في المجال العام،  وهو أمر يتطلب معالجة أوسع نطاقاً . لابد أن تعطي الدولة لمواطنيها الأقباط كافة حقوق المواطنة السياسية والقانونية والدينية والثقافية في إطار مبدأ المساواة الدستوري،  ثم آنذاك لابد من تحديد علاقة ومساحات ودور الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي . حقوق المواطنة والتزاماتها هي جزء من سياسة تدعيم وإشاعة الثقافة المدنية،  وإعادة تأسيس وتجديد منظومة المشترك المدني في التعليم والإعلام والحياة السياسية والحزبية،  وفي إطار المجتمع المدني الذي يتشكل في حياتنا .
هل نحتاج لإعادة التفكير في مسألة علاقة الدين بالدولة؟
يبدو لي مع آخرين ضرورة مراجعة الأفكار النمطية الشائعة عن علاقة الدولة بالدين في تقاليد العلمانية الأورو  _  أمريكية، لأنه لا يوجد نموذج واحد للعلمانية الأوروبية أو الأمريكية،  النموذج الفرنسي للدولة اليعقوبية ليس هو المثال الأوحد، فهناك النموذج الألماني،  والبريطاني والأمريكي . نحتاج للخروج من دوائر الأوهام الشائعة والمفاهيم المغلوطة والملتبسة، حتي يمكن صياغة علاقة جديدة وخلاقة لا تؤثر علي السياسة وصراعاتها الدهرية واليومية،  ولا علي الثقافة المدنية،  ولا تؤدي إلي التمييز الديني والعرقي أو علي أساس النوع الاجتماعي أو التمييز بين الرجل والمرأة .

هناك من يري أن مشكلة الكنيسة تتعلق بعدم تحديد هويتها جيداً  .. هل هي مقار للعبادة أم تقوم بوظائف مدنية سياسية تخص الأقباط  .. كيف تراها أنت؟
أنت تطرح مشكلة معقدة وهي مسألة هوية مؤسسة دينية وطنية عريقة،  والقائمين عليها والناشطين في إطارها . هوية المؤسسة الدينية الأرثوذكسية ليست دينية ومذهبية فقط،  وهذا المعطي يبدو وكأنه تاريخي منذ دخول المسيحية مصر،، وقصاري ما يمكن قوله في هذا الصدد أن الوهن الذي أصاب أسس الاندماج والتكامل الوطني وانسحاب الأقباط من المجال العام السياسي بفعل التزمت وبعض التطرف الديني الأصولي،  واستبعادهم من المشاركة السياسية أدي إلي تحول من المجال العام المدني الذي تم تديينه إلي المجال الديني والمؤسسة الدينية الأرثوذكسية،  وهو ما أعطي فرصة تاريخية ونادرة لرجال الدين  _  الأكليروس بقيادة البابا  _  أن يسيطروا علي تشكيل اتجاهات الأقباط السياسية والتاريخية . من هنا بات الخطاب الديني حول التاريخ المصري،  ومصر وشعبها خاضعاً  لتصورات دينية / عرقية تحتاج إلي مراجعات علمية وتاريخية، لأن بعضها يتم توظيفه سلبياً  ويساعد في دعم آراء المتشددين والأصوليين في تيارات الإسلام السياسي لتكريس الانقسامات الرأسية بين أبناء الشعب الواحد،  ومحاولة تأسيس دولة دينية علي أشلاء انقسامات الأمة إلي مسلمين وأقباط !
كيف تصف دور الكنيسة هنا؟
الكنيسة مؤسسة للعبادة وإنتاج الثقافة الدينية ولها دور رعوي وربما اجتماعي بالنسبة للفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة . هذا ما نفهمه .. مثلها في ذلك مثل دور العبادة ورجالها في أي دين،  ويفترض دستوراً  وقانوناً  أن رجال الدين لا دور سياسياً لهم،  كما أنه لا يجوز أن تتحول أماكن العبادة إلي الدعاية السياسية أو للحض علي كراهية أديان ومذاهب المواطنين الآخرين .
من هنا أتصور أن تحرير المجال العام من عوائقه وقيوده ودعم الثقافة المدنية في إطار المساواة والمواطنة وعدم التمييز سيؤدي إلي ضبط تمدد رجال الدين .
وما السبب في كثرة الأسئلة التي يتم توجيهها للمشايخ ورجال الدين المسيحيين في عدد ضخم من القنوات الفضائية والإذاعات؟
كثرة الأسئلة هي تعبير عن  غياب الحد الأدني من المعرفة،  وعن اضطراب في أساليب مواجهة الحياة المعاصرة،  وغياب أو وهن الذهنية الحداثية أو العصرية في التعليم والتربية والإعلام التي تمد  ” المواطن ” المصري بالأدوات التي يستطيع بها مواجهة تفاصيل وتعقيدات الحياة العصرية وما تنتجه من أسئلة !
كثير من الناس يمارسون لعبة التشدد والغلو بينهم وبين بعض رجال الدين ولاسيما في الفضائيات من خلال تقديم أسئلة الهدف منها إحراج بعض المشايخ،  وغالباً  ما تكون أسئلة قديمة ولها إجابات مماثلة ومستخرجة من متون الكتب القديمة وهوامشها،  ويعاد طرحها من كتب الأئمة أو التابعين أو المتأخرين . لعبة ذهنية حول تمرينات التطرف والتشدد وهدفها الإحراج العلني لهذا الشيخ أو ذاك . لا شك أن هذه اللعبة  / المزايدة تأتي من قبل بعض الغلاة من الوهابيين أو السلفيين لكي تكون هناك مشاركة في القضايا الكبري لابد أن تكون علي رأس اهتمامات الطبقة السياسية،  وهي لا تريد لأحد أن يشاركها في تقرير مصائر المصريين لأنها تركتهم لرجال الدين وفريسة لتعليم رديء ونظام صحي فاشل وضحايا للبطالة وثقافة الكيتش،  والاستمساك بالسلطة والثروة معاً !
لماذا  غاب المثقفون عن مناقشة القضايا الحيوية التي تمس الواقع من حولهم مثل انتخابات مجلس الشعب؟
مع تقديري لسؤالكم،  لكن السؤال ينتمي إلي مراحل تاريخية ولّت حول بروز المثقف في المجال العام منذ قضية درايفوس ذائعة الصيت في فرنسا،  وتطور هذا المثقف العمومي وأدواره علي تعددها من إنتاج المعرفة والثقافة العامة أو العالمة، وتدخله بإبداء الرأي في القضايا والمواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تطرحها الصفوة الحاكمة أو المعارضة،  أو ما يطلق عليه في الأدبيات السياسية الغربية بالطبقة السياسية في هذا البلد أو ذاك . من هنا نستطيع أن تجد في حقل المثقف العمومي دوراً  لعالم الاجتماع،  المثقف،  والفيلسوف،  المثقف والروائي،  المثقف والشاعر،  المثقف والرسام،  المثقف،  والنحات،  المثقف ورجل القانون أو الفقيه،  المثقف والسينمائي،  المثقف والمسرحي . بالطبع ثمة تمايز بين هؤلاء ودورهم وحضورهم المهني في تخصصاتهم،  وبين وضع هؤلاء مرتبطاً  بصفة المثقف .
إذن ما شروط وجود المثقف؟
التكوين الثقافي المتميز والرفيع بالإضافة إلي الموهبة والحساسية للشأن العام هو الشرط الأول لوجود المثقف . الشرط الثاني يتمثل في : الاهتمام بالقضايا والأسئلة العامة والرغبة في طرحها علي الطبقة السياسية،  أو التداخل فيما تطرحه من مواقف وسياسات ورؤي،  أو إزاء سياسات داخلية تخصّ  بعض الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً،  أو الشرائح الوسطي،  أو تدخل المثقف في قضايا السياسات الدفاعية لدولته،  أو سياسات البوليس أو الأمن،  أو  غيرها من سياسات التشريع والقضايا القانونية أو الجنائية والعقابية  .. إلخ .
الشرط الثالث : إبداء الآراء في عديد المجالات من خلال المواقف السياسية وأشكال الاحتجاج علي اختلافها،  أو عبر المقاربات النقدية والتحليلية التي تؤصل للظواهر تاريخياً  ومعرفياً  وفلسفياً  وهو الأهم والأكثر اتصالاً  بالصفة مثقف  .. إلخ، وتقديم التصورات الساعية لإيجاد أفكار ما،  أو حلول والأهم   المساهمة في تقديم الرؤي المستقبلية .
كيف تري العلاقة التي تجمع المثقف برجل السياسة والدولة في مصر؟
هذه الأدوار البنائية في إنتاج المعرفة والمشاركة في عمليات بناء الدولة الحديثة وفي الحركة الوطنية،  وفي صياغة الرؤي النقدية تعود إلي شراكة تاريخية مصرية بين المثقف ورجل السياسة العملية . المثقف المصري الحديث والمعاصر شريك في إنتاج الدولة الحديثة،  وفي تكوين وتشكيل الأمة المصرية الواحدة الموحدة . من هنا كان ولا يزال حضور المثقف ضروريا وشرطا رئيسا لتطور مصر . المثقف النقدي منتج المعرفة العالمة والناقد الأعظم للسياسات والأفكار السلطوية والكاشف الهاتك للضلالات الإيديولوجية هو شرط للخروج من الدراما والتراجيديا الكبري التي نعيشها،  أو للتحرر من أسر المسألة المصرية الجديدة،  وأقصد بها تخلف مصر التاريخي وتراجعها علي جميع الأصعدة،  أي محاولة علاج رجل الشرق الأوسط وجنوب العالم المريض . لا يمكن في تصوري أن يقوم التحالف الاجتماعي الحالي  ” رجال الأعمال ” وبيروقراطية الدولة وأجهزة القوة فيها ومعهم بعض رجال الدين وجماعاتهم ومؤسساتهم وسلطاتهم بأية سياسات تؤدي إلي تطور مصر وشفائها من أمراضها الهيكلية . من هنا السؤال هل لابد من العودة إلي المعادلة التاريخية المثقف والسياسي رجل الدولة . أما دور البيروقراطي الذي يحاول أن يكون سمساراً  سياسياً  فصيغة فشلت تاريخياً .
هل معادلة المثقف والسياسي رجل الدولة ممكنة الآن؟ !
العودة إلي معادلة المثقف والسياسي رجل الدولة،  تبدو صعبة جداً  الآن،  لأن أدوار المثقف تراجعت منذ سبعينيات القرن الماضي في ظل أفول عصر السرديات الكبري  _  بالتعبير الليوتاري  _  وبروز التشظي،  ومن ثم نهاية مثقف القضايا الكلية والفلسفية والإيديولوجيات الكبري في عصر تتشظي فيه الاهتمامات والقضايا والمشكلات،  والرؤي والهويات . في الوقت نفسه هناك توجه إلي حصر دور المثقف في إطار إنتاج المعرفة العالمة والرفيعة التي تتوجه إلي القلة . من ناحية أخري ألا تلاحظ معي أن هناك بروزاً  لدور أهل الخبرة / التكنوقراط ورجال الأمن ولاسيما في الدول التسلطية؟ عموماً  هناك صعود لسلطة خبير السلطة أو من يطلق عليهم الخبراء بقطع النظر عن كون هذا الاصطلاح  غير دقيق فدورهم وتعليقاتهم تتسم في كثير بالعمومية الشديدة،  وتنحسر عنها لغة ودقة أهل الخبرة والخبراء والاستثناءات بينهم محدودة .
هل هناك محاولات أخري لاستبعاد المثقف وحضوره في حياتنا؟
نعم إلي حد ما خذ مثلاً  ثانياً  علي ذلك ويتمثل في بعض محاولات إزاحة المثقف لصالح الناشط الحقوقي أو السياسي،  أو في مجال الحركات الاجتماعية الاحتجاجية والمطلبية،  في أجهزة الإعلام المرئية والمكتوبة المصرية والعربية . تبدو حالة إزاحة المثقف بل والخبير المتخصص فعلاً،  وكأنها عمدية أو مقصودة وليست نتاجاً  لتطور اجتماعي سياسي معلوماتي ولكنها فيما يبدو لي قد تكون تعبيراً  عن تحالف بين بعض أطراف أجهزة الدولة وبعض الإعلاميين الرسميين،  وفي بعض الصحف الخاصة في محاولة حصار المثقف وأهل الخبرة ولاسيما جيلي الستينيات والسبعينيات،  لأنهم يمثلون التطور التاريخي للمثقف باني الدولة،  الأمة الحديثة،  وصانع الوعي السياسي والاجتماعي الحداثي والبصير،  والذي فتح عيون مصر علي عالمها وتاريخها .
هل هناك تغير في نظرة المصريين للمثقف والثقافة؟
أستطيع أن أقول لك نعم .. إنّ  بعض التغير الاجتماعي نحو تعظيم الثروة والمكانة والسلطة قد اعتري ثقافة المصريين ولاسيما  ” الطبقة الوسطي ” وشرائحها نحو تسليع الإنسان المصري وتقييمه بحسب ثروته لا بحسب ثقافته ومكانته،  وهو
ما يعكس بعض مستويات التدهور ويمكنك أن تقول بعض الانحطاط في الثقافة السائدة لدي الطبقة الوسطي،  والأخطر صعود بريق  ” رجل الأعمال ” والسماسرة ومقاولي الأراضي وتجار الحديد والخردة … وقدراتهم المالية وتأثيرهم في الدوائر الإعلامية،  بل وفي شراء الصحف وتغيير توجهاتها التحريرية . كل هذا وغيره يشير إلي تغيير اجتماعي وشبه جمعي سلبي في إدراك قيمة المثقف والثقافة والمعرفة،  وربما بعض الترخص من بعض خبراء السلطة وإعلامييها ومثقفي السلطان، حيث قدم هؤلاء نمطاً  فكرياً  وسلوكياً  تبريرياً  وخدمياً  للسلطة،  ومن ثم ساهم  غالبهم في إضفاء صور سلبية ومشوهة للمثقف الانتهازي .
هل هي حالة يأس عامة  .. وكيف يمكن إعادة المثقفين إلي دائرة النقاش مرة أخري؟
لا يمكننا التعميم والقول إنّ  المثقفين خارج دائرة النقاش،  لأن ذلك  غير دقيق فبعضهم منخرط فعلاً  وبفعالية في الجدل العام، وقصاري ما يمكن لنا أن نلاحظه هو تراجع مستويات ونوعية الحوار من حيث عمق المقاربات من حيث المنهجية والقدرة التأصيلية والاعتماد علي المعلومات وطرق البرهنة والاستخلاص،  فضلاً  عن سوء استخدام المصطلحات التي يتم توظيفها كجزء من البلاغة والبيان الإنشائي،  وليس بوصفها أداة في الوصف والتكثيف وتطوير الجدل حول الأسئلة والقضايا التي يستخدم فيها المصطلح . نحن إزاء ظاهرة عامة تسم الممارسة الكتابية والخطابية لبعض من يطلق عليهم مصطلح المثقفين،  ومن أبرزها أيضاً  غلبة روح الشعبوية والصياح اللفظي،  وربما يعود ذلك إلي هيمنة ذهنية ومقاربة النشطاء وخطابهم الذي يميل في الغالب إلي لغة الشعارات والتبسيط .
هل هي حالة عامة؟
بالقطع لا،  ومن ثم لابد من الإشارة هنا إلي أن هذه الحالة السلبية لا تشمل كل المثقفين المتداخلين في الجدل العام،  وإنما هناك استثناءات لمقاربات رصينة وموضوعية،  ولكن تستهلك في دوائر تضيق يوما بعد الآخر،  وخاصة في ظل تراجع مستوي ونوعية القراء من بعض الأجيال الجديدة التي جاءت من نظم تعليمية محدودة المستوي ورديئة  غالباً  والاستثناءات محدودة وترجع لاعتبارات شخصية أو أسرية . ثمة ضعف في معرفة اللغة العربية أثر كثيراً  في مستوي ونوعية القراء الذين تعودوا علي اللغة اليومية العامية السائدة،  والأخطر أنها باتت لغة كتابة وحوار وسجال . لا شك أن تدهور مستوي القراء،  ومن ثم  غالب الصحف اليومية علي اختلافها وكتابها أدي إلي شيوع حالة من الصد عن المشاركة في الجدل العام من قبل بعض كبار المفكرين والمثقفين،  وهم قلة قليلة علي العموم في مصر .
اللامبالاة باتت تعبيراً  عن بعض اليأس لغياب تأثير الكتابة النقدية علي القرار السياسي،  وخاصة في ظل  غياب الجدل والتفاعل بين المثقف النقدي،  وبين الدولة وتحول بعض خبراء السلطة إلي حجاب حاجز بين صانع القرار والمثقف . بعض هؤلاء  ” المديوكرات ” ،  و”المنيوكرات ” _  من هم أقل من الحد الأدني من المعرفة والثقافة والمهنية  _  وغيرهم من الجهلاء الجدد يقاتلون بضراوة ليسيطروا علي منابر الرأي،  ويسعون إلي استبعاد بعض المثقفين الجادين بل وأهل الخبرة . هنا نستطيع أن نقول إن منطق البرامج الحوارية أو السجالية لا يهتم برأي المثقف ولا الخبير  _  إلا قليلاً  – ويهتم بالنشطاء والحزبيين ورجال الدين والخطاب زاعق الصوت والفكر اليومي البسيط والاختزالي .
وماذا عن اليأس الذي نراه في المشهد السياسي والثقافي؟
بعض اليأس هو نتاج هذه الحالة الإقصائية والاستبعادية التي تحدثت عنها،  وخاصة في ظل هجوم بعض رجال الدين، وجماعات دينية إسلامية  _  وبعض الأكليروس الأرثوذكس  _  علي الإبداع والمبدعين وعلي الإنتاج الثقافي،  والأعمال التخيلية ومحاولة إخضاعها لمعايير تختلف عن معايير وأدوات التحليل النقدي للإنتاج الإبداعي السردي،  أو الأكاديمي أو الفلسفي . من هنا أشاع بعض هؤلاء بعضا من الإرهاب والترويع للمبدعين والمثقفين والكتاب .

كيف يعود المثقفون إلي دائرة النقاش العام؟
عودة المثقفين إلي دائرة النقاش العام بقوة وفاعلية تتطلب عدداً  من الشروط السياسية والاجتماعية منها،  أن تعود الثقافة والمثقف علي قمة أولويات  ” الطبقة السياسية ” ،  وأجهزة الدولة،  وأن تصبح ويصبحوا طرفاً  رئيسياً  في عملية تجديد الدولة وأجهزتها،  والأهم تجديد المجتمع وقواه الاجتماعية علي اختلافها .  خطاب المثقفين النقدي بالغ  الأهمية في إشاعة روح المسئولية داخل الدولة،  وفي الحياة العامة . لابد أن يكون هناك طلب اجتماعي علي الثقافة والمعرفة،  وهذا يعني ضرورة تطوير نظام التعليم وإيلاء عناية قصوي بالتكوين الثقافي للطلاب والطالبات،  وإصلاح تعليم اللغة العربية واللغات الأجنبية ولاسيما الإنجليزية في نظامنا التعليمي ما قبل الجامعي وما بعده .
ما سبب ضوضاء الجوائز وتبادل التكريمات والدروع وتصدر أشباه المبدعين والمثقفين المشهد الثقافي؟
حالة الضوضاء والصخب هدفها إشاعة الصمم ومحاولة صرف الانتباه عن طرح الأسئلة،  ورصد ونقد بعض الظواهر السلبية التي تسيطر علي الممارسات الثقافية الرسمية واللا رسمية في بلادنا وفي المنطقة .
ضوضاء الجوائز يعود إلي بروز ظاهرة الجوائز النفطية الأهلية والرسمية التي خصصتها بعض الدول العربية النفطية أو المؤسسات الأهلية أو بعض الأشخاص للإبداع الروائي أو الشعري أو القصصي أو الفكري  .. القيمة المالية الكبيرة للجوائز،  وعسر حياة  غالب المبدعين المصريين وبعض العرب،  خلقت حالة من الاستنفار والتضاغط والتلاسن المتبادل ولاسيما في ظل   عدم وجود تقييمات نقدية منهجية ومدروسة وموضوعية للإنتاج الأدبي،  فلم يعد لدينا سلطة نقدية ذات مشروعية،  تحدد مستويات الإنتاج السردي ومكانة الكتاب كما كان الوضع حتي عقد السبعينيات وبعض سنوات الثمانينيات من القرن الماضي . تراجع مستويات ونوعية  غالب الممارسات النقدية وغلبة التقويمات الانطباعية والمجاملات   أدي إلي لا مبالاة وتحد لصوت الناقد الموضوعي بل وإثارة الشكوك والاتهامات إزاء تقويماته أيا كانت،  ومن ثم هناك تجريح مستمر للنزاهة النقدية لبعض هؤلاء لاسيما أنهم أعضاء في  غالب لجان التحكيم النفطية علي اختلافها .
ما أثر هذا التزاحم علي الجوائز ولجانها التحكيمية؟
التزاحم علي الجوائز   والترجمة للغات الأجنبية   بات يشكل أحد دوافع ومحفزات الكتابة السردية ولاسيما الروائية،  بل أنها دفعت بعضهم وبعضهن إلي هندسة كتابية تلبي احتياجات سوق الجوائز والترجمة من خلال توليفات تؤدي إلي ضجيج آخر حول العمل والكاتب،  مما يؤدي إلي توليد طلب علي الترجمة بكل تداعيات ذلك .
لم تعد الكتابة الإبداعية لدي بعضهم تعبيراً  عن حالة إبداعية،  ولكن انعكاساً  لقرارات عمدية بضرورة الكتابة ولا بأس في ذلك،  ولكن ألا يكون القرار تعبيراً  عن دوافع ومغريات خارج العملية الإبداعية والكتابية ذاتها !

هل هناك معايير موضوعية في اختيار الأعمال المرشحة؟
غالب الجوائز النفطية لا كلها تسيطر عليها معايير  غريبة لا تنظر إلي العمل الأدبي في ذاته،  أو تاريخ الكاتب وإنجازه وموقعه علي الخريطة الإبداعية والثقافية في بلاده،  أو المنطقة،  وإنما بعضهم يغُلب عامل السن أي الأقدمية الجيلية،  وهو أمر بالغ  الغرابة مع كل الاحترام للأجيال السابقة . أو ترجيح معيار الجنسية بمعني ضرورة توزيع الجوائز سنوياً  علي بعض أبناء الجنسيات العربية بغضّ  النظر عن مستوي العمل المقدم مقارنة بأعمال آخرين،  وهو أمر بالغ  الغرابة ويكشف عن تحيزات مسبقة لا علاقة لها بمعيار القيمة السردية ذاتها . هناك أيضاً  الموقف السياسي للكاتب أو الكاتبة أو الشاعر والشاعرة من دولة مقدمي الجائزة ومموليها . هناك أيضاً  معيار الصداقة كما حدث في بعض الجوائز الأجنبية التي تم تعريبها وتمويلها نفطياً . أمور تكشف عن خلل نقدي وأخلاقي،  ومهما حاول بعضهم خلق حالة ثقافية في إقليم النفط،  إلا أن تركيبة وتاريخ هذه المجتمعات و”الدول ” لن تؤدي إلي تغييرات ثقافية في العمق،  ولن تعدو كرنفالات الجوائز والتكريم والدروع،  ومهرجانات السينما سوي قناع،  أو ماكياج ثقافي يحاول إخفاء الروح اليباب وراء بعض القصور والصحراء، والأدوار السلبية التي لعبتها بعض حكومات هذه الدول في السياسة العربية .
يمكنك أن تلاحظ أيضاً  غلبة التحيزات الشخصية علي بعض الاختيارات في الجوائز المصرية دون القيمة الأدبية للعمل . وسأضرب مثالاً  بحالة التنابذ والتلاسن والغيرة والكراهية التي خلقتها بعض ما أشاعته الجوائز والترجمة والمؤتمرات الأدبية في أوروبا وأمريكا بين بعض الروائيين والروائيات من أجيال الثمانينيات،  والتسعينيات من القرن الماضي وما بعد  .. ثمة إشاعة لروح الكراهية وبعض الشرور الصغيرة والنميمة والاغتياب .
هل هذا التقييم يسري علي كل من حصلوا علي الجوائز العربية؟
بالقطع لا . هناك شخصيات ذات قامات عالية حصلت عليها عن استحقاق وجدارة وقيمة ترتبط بتاريخهم الفكري والنقدي والإبداعي وإنتاجهم السردي أو الشعري في تطور الأجناس الأدبية التي طوروها من حيث البنية السردية واللغة والرؤي الجمالية  .. إلخ،  أو تجاوزوا هذه الأجناس إلي ما يتعداها،  ومن ثم حرروا الأدب العربي من أطره المدرسية أو الموروثة إلي آفاق أكثر تركيباً  وفي عمليات التخييل السردي  .. كيف يمكن أن تضع بعض الكبار الذين طوروا بنائياً  الإبداع العربي بآخرين لا ظل لهم في مسار الثقافة العربية؟ ! المرجح أن بعضهم استطاع تطوير مدرسة في العلاقات العامة وبناء شبكات المصالح وعمليات التربيط لتوزيع الجوائز علي بعضهم بعضاً،  أو بعض جوائز الدولة المصرية التي تعطي وفق معايير الموالاة لبعضهم !!
إن عدداً  من الاختيارات لجوائز الدولة،  وما يتم من طقس تعبئة الأصوات،  وحجم الكتلة التي يتم توجيهها من قبل قادة المؤسسة الرسمية نحو خيارات محددة سلفاً،  أدي إلي الطعن في شرعية تمثيلها للدولة المصرية بكل دلالة ذلك الرمزية .
هل كان الحاصلون علي جوائز الدولة سواسية من حيث الرضا عنهم أو علاقاتهم؟
بالقطع لا،  ثمة أشخاص ذوو قيمة وعلي خلاف مع توجهات المؤسسة الرسمية،  وهم عندما يحصلون علي الجوائز إنما يحصلون عليها عن جدارة واستحقاق .
هل يمكن لمصر في المستقبل أن تمتلك جيلاً  روائياً  له إمكانيات الستينيات علي مستوي الكم والكيف؟
لكل جيل مبدعوه ونوعية إبداعه،  وأنا لا أتصور ولا أريد أن يكون جيل جمال الغيطاني وبهاء طاهر وإبراهيم أصلان ومحمد البساطي وصنع الله إبراهيم وبعض مجايليهم مستنسخين في الأجيال الأخري،  وإلا لكان هؤلاء بمثابة ظلال لهم،  ومن ثم نكون أمام حالة تدهور إبداعي . الجيل الستيني لا يزال يكتب ويطور من أدواته وتقنياته ولغته،  وبعضهم يكرر من سرده وقضاياه الكبري وبعضهم الآخر يحاول التداخل مع سرد جيل التسعينيات وما بعد والأحري أنه يحاول تجديد سرده وأخيلته وعوالمه في إطار الجزئي والتفصيلي والمشهدي . إذا أخذت جيل الستينيات ذاته فسوف تجد أنهم حاولوا الخروج من حالة الافتتان بالسرد المحفوظي وبنيته،  وإن لم يفعلوا ذلك لما استطاعوا تأسيس مكانتهم المتميزة في تاريخ السرد العربي الحديث والمعاصر .
وكيف تري الكتّاب الجدد؟
بعضهم أصدقائي وأتابع ما يكتبونه وأنحاز له،  واخترت مع أصدقاء لي  _سيد خميس وإبراهيم داود وعبد الحكم سليمان_ روايات هامة رشحت لميريت لنشرها،  وكنت ضمن من انحازوا لها ومنها أعمال بعض أصدقائي أحمد العايدي وحمدي أبو جليل،  وياسر عبد اللطيف،  وإيهاب عبد الحميد،  وحمدي الجزار وياسر إبراهيم،  وحامد عبد الصمد،  ومسعد أبو فجر،  وأحمد صبري أبو الفتوح،  ومنصورة عز الدين،  وإبراهيم فرغلي،  وسعيد نوح وآخرين . انفجار سردي وجمالي أحدث تغييراً  في السرديات العربية،  وهو لا يقلل من إنجاز الأجيال السابقة أو اللاحقة .
السؤال الذي يدور في ذهني من سيستمر من هؤلاء،  ويطور من أدواته ومعرفته وأساليبه السردية وفي البناء واللغة؟ ومن الذي سيعيد إنتاج عوالمه ورؤاه أو يدور حولها ومن ثم يذهب ضحية له؟ !
<span>بالطبع نحن إزاء  غوايات قد تصرف بعض أبناء هذا الجيل عن مساره الإبداعي،  الجوائز والترجمة والسينما والصحافة، لأن السرد الروائي يحتاج إلي إخلاص شديد،  والدرس المحفوظي والستيني لا يزال مثيراً  للاستلهام والاحتياج حيث تجد الإخلاص في القراءة والمتابعة والجدية والصرامة والنظام وهي من الأمور  المهمة،  فبعض المغريات المتاحة قد تؤدي إلي تبديد الموهبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى