صفحات العالم

تزيين الموقف إلايراني باتهام السعودية

داود الشريان
سركيس نعوم واحد من أهم المعلقين السياسيين في الصحافة اللبنانية، ولديه مصادر معلومات عربية وغربية، وهو جاهد للمحافظة على البقاء في منطقة الوسط بعد انقسام الساحة الصحافية في لبنان الى فسطاطين. لكن في مقال الامس تعرض سركيس لتضليل معلوماتي عجيب، فاعتبر ان الموقف السعودي متطابق مع الايراني حول الأمل في ان يفشل الحوار بين اللبنانيين، وشرح مبررات الموقف السعودي بطريقة تدل على انه استقاه من طرف لا يعرف السعودية، فضلاً عن ان يكون على علم بما يجري في اروقة الرياض.
لن نتوقف كثيرا عند تحليله لموقف الرياض الذي قال انه استقاه من «قريبين منها»، فذكر ان السعودية لا تؤمن كثيراً بنظرية «تنظيم الاختلاف او الاختلافات»، بل «ازالة هذا الاختلاف»، وهي عبارة جميلة، لكن ليس لها ترجمة في القاموس السعودي، وتصلح ان تقال عن أي موقف في أي شيء لأي دولة. ثم نقل كلام المصدر الايراني الذي فسر دوافع طهران بطريقة توحي بأن ايران دولة عربية يحكمها المعتصم، ثم خلص الى ان ايران لا تواجه السعودية لأسباب مذهبية او قومية، معاذ الله، وانما بسبب الوهابية التي تكفر أهلها بسبب مذهبهم الديني. كما انها تهدد شيعة لبنان وربما غيرهم للسبب نفسه. الشاهد ان سركيس، وعلى غير العادة، لف بنا لفة طويلة عريضة ليقول لنا ان ايران ليس لديها دوافع قومية او مذهبية في لبنان، لكنها تحارب من اجل الشيعة في لبنان. وهذه بلاغة لم نعهدها بسركيس، حتى انه كاد ان يقول ان الوهابية فكرة وجودية لا علاقة لها بالدين، ولهذا تحاربها ايران.
من حق سركيس ان يخاف على لبنان، ويحذر من الصراع الطائفي، لكن ان يحمل السعودية وزر الآخرين في لبنان اعتمادا على مصادر مجهولة فهذا شيء نستغربه من سركيس، فضلاً عن انه مطلع متميز على تاريخ لبنان السياسي الحديث والقديم، وهو يعرف ان العلاقة السعودية مع السياسيين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم تجاوزت نصف قرن، ويعلم ايضاً ان ما يسميه الوهابية موجودة منذ ذلك الوقت، فلماذا اصبحت العلاقة السعودية اليوم خطراً يهدد السلم الاهلي، ولماذا لم تكفّر الوهابية اللبنانيين في الخمسينات والستينات ولم تفرق شملهم؟ وكيف تعاملت السعودية بطريقة متساوية مع كل الطوائف على مدى عقود على رغم وجود الوهابية؟ لماذا لا يسأل سركيس نفسه عمن دخل الساحة السياسية اللبنانية بشعارات سياسية وبيارق وصور. من حق اي لبناني ان يبرر تدخل ايران في شؤون العرب في لبنان، لكن من غير الموضوعية السكوت على الدور الايراني بهذه الطريقة
الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى