صفحات الحوار

المفكر سعود المولى: لا نهضة في عالمنا الإسلاميّ ما لم نلغ السجون والمعتقلات

null
بيروت – ليال أبو رحال
الإسلام دين عالميّ ومواجهة الأصوليَّة لا تكون بالإدانة فحسب
مثقّف حتى العمق، ومنفتح حتى العمق. يجادل ويناقش لكنه لا يهادن ولا يتملق. يسمي الأمور بأسمائها ويضع إصبعه على الجروح، وهي كثيرة في عالمنا العربي والإسلامي. المفكر اللبناني الشيعي الدكتور سعود المولى، وفي حديث الى «الجريدة»، ينتقد أداء رجال الدين وفهمهم الخاطئ لعلاقة الدين بالدولة ويحمل على النخب الإسلامية التي تكتفي بإدانة الإرهاب والتيارات الأصولية من دون أن تخوض معها مواجهة ثقافية ودينية. كذلك، يراهن على نهضة لا تحدثها سوى عوامل ذاتية ووعي ينبغي على القيادات والنخب الوسطية المعتدلة نشر بذوره في أنحاء الأمة. واثق من أن بناء الهوية لا يمكن أن يتم بمعزل عن التفاعل مع العالم، الذي ينبغي علينا أن نأخذ منه وأن نعطيه في آن معاً.
ما هي التحديات الراهنة التي تواجه العالم الإسلامي؟
لا تزال التحديات التي تواجه العالم الاسلامي هي نفسها منذ مئة سنة. ما زلنا لليوم نطرح السؤال الذي طرحه السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده عام 1890، وهو «لماذا تخلفنا ولماذا تقدموا»، لأن التحدي لا يزال هو نفسه، التخلّف.
العالم الإسلامي عالم غني بكل مكوناته، بمواده الأولية، بموارده الطبيعية من نفط ومياه، بناسه وبماضيه الذي يختزنه وبالثقافات والأديان، وهو محط أطماع، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. ربما بسبب لعنة الموقع هذه، أصبحنا محط أطماع ونزاعات دولية، ومحاطين بكل هذه التحديات والتهديدات التي منعت نهضة هذه المنطقة وتقدمها.
أعتقد بأنه علينا أن ننتبه دوماً الى السبب الذاتي. كي نستطيع أن نحقق النهضة، نحتاج الى جهد داخلي والى مواجهة التحديات ومنها العولمة. نلاحظ أن معظم اللقاءات والتحركات الدولية التي تنظَّم لمواجهة العولمة بمعناها السلبي تتم في الدول الأجنبية، منها كندا على سبيل المثال، وهي الدول التي تبحث عن موقع لها في العالم وتريد المحافظة على هويتها وأن يكون لها كلمتها في هذه العولمة.
هل الإسلام اليوم في قلب مواجهة مع العولمة؟
الإسلام ليس ضد العولمة، لأنه دين عالمي كما سائر الأديان، لكن علينا أن نميّز بين ثلاثة أمور: العالمية والنظام العالمي والعولمة. العالمية تعني التعدد الثقافي والتفاعل بين الشعوب والأديان والمدنيات والثقافات، وهي بهذا المعنى إيجابية، مثلاً نقول أن نجيب محفوظ نال جائزة نوبل، أي أصبح أدبه عالمياً، وبالتالي علينا أن نطمح الى أن تصبح ثقافتنا أيضاً عالمية. أما النظام العالمي، فيقوم على مستوى السياسات الدولية، بحيث أن لكل حقبة نظاماً عالمياً معيناً. في المحصلة، هذا النظام هو حصيلة ميزان القوى بين الدول والشعوب والتجمعات، التي يخوض بعضها، لا سيما في العالم الثالث، نضالاً للتوصل الى نظام دولي عادل ومتوازن. للأسف، لا مكان للعالم الإسلامي اليوم في هذا النظام. من هنا، علينا أن نسعى الى أن نكون جزءاً فاعلاَ في هذا النظام لا متلقياً فحسب.
في ما يتعلق بالعولمة، هناك أنماط عدة منها، كالعولمة الاقتصاديةً التي تقوم على مبادئ المنافسة والبقاء للأفضل وسيادة النزعة الاستهلاكية وغلبة المنتوجات الأجنبية على حساب المحلية. هذه العولمة هي أيضاً مجال نضال عالمي للعدالة والتوازن بين المجتمعات ولئلا تسحق الشعوب الضعيفة. إضافة الى الجانب الاقتصادي في العولمة، يبرز الجانب الثقافي الذي تواجهه بعض الدول، ويتجلى بثقافة «الكاو بوي» و«الماكدونالدز»… لذلك، تكافح بعض الشعوب لأن تكون لها هويتها وتحافظ على منتوجاتها وثقافتها ضمن العولمة.
للأسف، يطغى المعنى السلبي على العولمة اليوم، وأقصى ما يكون ذلك في العالم الإسلامي. هناك نزعة غلبة واستقواء واستحواذ للدول المتقدمة والمتسلطة على حساب الدول الضعيفة، خصوصاً الشعوب الإسلامية، إذ تحاول أن تنزع هوية هذه الأخيرة وتقولبها في قالب معين وفقاً لمصالحها وما تعتقده الأفضل بالنسبة إليها.
شهد العالم الاسلامي هذه المواجهة منذ بداية تفكك السلطنة العثمانية، حيث واجه سؤال ماذا نفعل؟ ونشأت اتجاهات عدة: دعا البعض الى التفتيش عن أسباب قوة الدول المتقدمة، وذهب الى حد انشاء جيش قوي، لم يجلب سوى النكبات على هذه الشعوب. زاد الاستبداد، وأصبحت كل ميزانيات الشعوب مخصصة لهذه الجيوش ولتسليحها. رأى البعض الآخر أن سبب التفوق هو العلوم التي يجب أن نأخذها ونحافظ في الوقت نفسه على هويتنا. كذلك دعا فريق ثالث الى الاحتذاء بالغرب، فيما نادى فريق رابع بوجوب العودة الى الأصل والإسلام والتمسك بالهوية، ما أدى الى ازدياد الاتجاهات المتصلبة والمتشددة التي ترى كل ما هو أجنبي متحدراً من الشيطان وينبغي مواجهته.
الحلّ باعتقادي هو في سلوك خط الوسط الذي مثّله الشيخ محمد عبده، والذي ينبغي أن نعيد الاعتبار اليه، بحيث أنه بما أننا نعيش في هذا العالم، فعلينا أن نأخذ منه ونعطيه، وأن تكون لدينا الثقة بهويتنا وثقافتنا. لا يمكن أن يتم بناء الهوية بمعزل عن التفاعل مع العالم، وهذا التفاعل لا يمكن أن يجد أرضيته ما لم يكن لدينا هوية قوية وثقافة غنية.
لماذا يتمّ الإنطلاق دائماً من شعار «الحفاظ على الهوية» لتبرير خوض الحروب في العالم العربي، عوضاً عن الانفتاح والتفاعل مع الآخر؟
تصيب العولمة الهوية، وتؤدي بشكل من الأشكال الى البحث في مسألة الهوية والاتجاهات الدينية والقومية التي تنشأ في مواجهتها أو في مواجهة محاولات الهيمنة والاستحواذ والنفوذ الأجنبي، وتبحث عن نقاط القوة للمواجهة أو ما تسميه الممانعة.
غالباً ما تصاب هذه الممانعة التي تخوضها الشعوب للحفاظ على هويتها بنكسات. عندما تقوم على سبيل المثال، نهضة وطنية شاملة تستقطب كل مكونات الشعب، كمثال محمد علي باشا أو حزب الوفد أو منظمة فتح، تحدث حالات النهوض، لكن مع انتكاسها يتم اللجوء الى أقصى أنواع الدفاعات التي لها علاقة بالهوية. هنا يتداخل العامل الديني مع الطائفي والمذهبي. لجوء الشعوب الى العصبيات البدائية غالباً ما تكون نتائجه سلبية، فهي لا تستطيع المواجهة الا بجعل الآخر شيطاناً، فتتماهى الهوية الطائفية أو المذهبية مع المقدس، بمعنى هم الله والآخرون هم الشيطان.
في هذا السياق، هل يمكن القول إن الهوية المذهبية تستغل في الصراع السني الشيعي المتنقل في المنطقة للتغطية على أهداف تتعلق بزيادة النفوذ والصراع على السلطة؟
بالتأكيد، فالصراع السني الشيعي لم ينشأ لأهداف دينية، والتشيّع لم يقم لأسباب دينية، فهو في الأصل عبارة عن حالة سياسية نشأت بعد وفاة النبي، ثم أصبح مكوناً ثقافياً من مكونات الإسلام الواسع، وليس حالة انفصال أو هوية مختلفة عن باقي مكونات الأمة. ما يحصل اليوم أن النزاعات القائمة في المنطقة على السلطة والنفوذ، تستخدم مكوّن الهوية التي يُستخدم فيها المكون الطائفي من سني وشيعي.
عندما يُستخدم الدين أو الهوية الطائفية أو المذهبية فإن ذلك أشد ما يكون عنفاً، إذ أنه خط الدفاع الأخير بمعنى «عليّ وعلى أعدائي»… هنا تتماهى العصبيات مع الهوية المذهبية، بحيث يصبح التشيّع أو التسنّن قبلية وجاهلية، بالمعنى العلمي للكلمة، أي عصبية بالمعنى الذي حدده ابن خلدون. العصبية نزعة نحو السلطة والغلبة والزعامة، ويستخدم الدين فيها لتحصين قوة الجماعة.
لماذا تساق الشعوب العربية الى هذه الصراعات؟
شغل هذا السؤال بال كل المثقفين والعلماء منذ زمن طويل وحتى الأديان والأئمة الاثني عشر أو الصحابة بعد وفاة النبي. لم تصل الشعوب بعد الى مستوى من الوعي والنضج والتنظيم، بمعنى أننا لم نصل بعد الى تحقيق مطمح المدينة الفاضلة.
في الدول الأجنبية، استطاعت التخلص من هذا الأمر عبر وضع القوانين واعطاء السيادة للقانون. شبّه توماس هوبس، على سبيل المثال، الناس بحيوانات في غابة، وتحدث عن ضرورة وجود وازع قوي لضبطهم، وبعده أتى جون لوك وجان جاك روسو وتحدثا عن العقد الاجتماعي الطوعي، الناظم للمجتمعات، وهو ما تحتاجه شعوبنا ودولنا وأممنا على أساس كيانات وطنية، مقابل التخلي عن الأوهام والأحلام الأممية ما فوق الوطنية والقومية. علينا أن ننظم عقدنا الاجتماعي وقوانينا وأنظمتنا التي تحفظ الحقوق والمساواة بين الجميع، وهذا ما يجعل لهذه الشعوب أملاً في التقدم والنهضة، من دون أن يعني ذلك أننا تخلّينا عن الهموم القومية والدينية الاسلامية والجامعة.
أين الأنظمة العربية والإسلامية اليوم من مفاهيم الديمقراطية والإصلاح والعدالة؟
هذه هي مشكلة الدول العربية. حصل تقدّم جيد خلال السنوات الفائتة في هذا الاتجاه، لكنه لا يزال دون المستوى المطلوب، لأنه إذا لم نعط هذه الشعوب الحقوق والقوانين والعدالة والإحساس بالطمأنينية، وإذا لم نعطها منزلاً وطبابة وتعليماً وأمناً وأماناً، وإذا لم نلغ السجون والمعتقلات والاضطهاد الموجود، فلن تنهض هذه الشعوب وهذه المنطقة . في العالم العربي، ليست لدينا دول بالمعنى العلمي للكلمة، لذا على أنظمتنا أن تنتقل لتكون دولاً. لا يمكن مواجهة الكيان الصهيوني والتجزئة والاحتلال ما لم ننجز هذه المهمة وأن نتحول الى شعوب ومواطنين في دول لديها قوانينها وعدالتها.
لا يجوز أن يبقى الحاكم حاكماً مدى الحياة، في المملكة المتحدة لديهم ملكة، لكن في المقابل توجد أنظمة ومجالس وقوانين…هذا ما ينبغي أن نعمل له.
في السنوات الأخيرة، نلاحظ ربطاً دائماً بين الإسلام والإرهاب في الغرب، الى أي حد تدفع التيارات الأصولية والمتشددة في هذا الاتجاه وتساهم في تشويه صورة الإسلام؟
هناك ثلاث نقاط في هذا السياق، اولاً ليس من العدالة تحميل الإرهاب للإسلام بالعام، فعندما كانت بلفاست تحترق لم يقل أحد أن الكاثوليكية أو البروتستانتية هي المسؤولة، بل كانت مسألة سياسية. لا يجوز تحميل أي دين من الأديان المسؤولية، كما نميّز نحن بين اليهودية والاسرائيلية، وهنا يجب على المسؤولين والحكام والإعلاميين والمفكرين التنبه الى هذا الموضوع.
ثانياً، تتحمل الاتجاهات الأصولية المنتعشة في العالم الاسلامي مسؤولية كبرى، لأن من مصلحتها أن تدفع المواجهة الى هذا الاتجاه، أي إنها مواجهة بيننا نحن كمسلمين وبين هذا العالم، فهي تسوق الناس كقطيع الغنم الى هذه المواجهة من دون أن يكن لنا ناقة أو جمل. هي مواجهة خاطئة لا يجوز أن يتحمل المسلمون نتائجها.
ثالثاً، هناك مسؤولية يتحمّلها المسلمون جميعاً، وبخاصة النخب المعتدلة والوسطية، صحيح نقول إنه لا علاقة لنا ببن لادن والقاعدة، لكننا يجب في المقابل أن نخلق، كأنظمة وحكام وسلطات قائمة، الأجواء البديلة، بمعنى لا تواجه الأصولية بمزيد من القمع والاستبداد، أو بعدم المبالاة بل بالثقافة والوعي والتنمية والتشديد على قيم الإسلام السمح. لا تكفي الإدانة فحسب، بل يجب على العلماء والمفكرين والأدباء القول إن هذا ليس الإسلام وخوض المواجهة ثقافياً لأن يكون واضحاً للعالم ما هو الاسلام وما هي حقيقته، لكي لا تقودنا هذه المشكلة، كأفغانستان والعراق، الى الحضيض.
هذا النوع من العقل الذي يستبيح دماء المسلمين وثقافتهم، وقيمهم، وسلامتهم وأمنهم، كأن يضع قنبلة في حسينية أو يقتل الأبرياء… يجب أن تقابله مواجهة ثقافية دينية معلنة وواضحة من كل القيادات والقوى الإسلامية، من الإخوان المسلمين الى السلفيين الوهابيين في السعودية الى كل القيادات الدينية في هذه الأمة.
هل من قوى تدفع في هذا الاتجاه اليوم وتسعى الى تعزيز ثقافة الاعتدال؟
بالطبع، ولولا فسحة الأمل لما كنا نتحدث في الموضوع. أعتقد أن ما نشهده اليوم هو مخاض عنيف، ندفع فيه أثماناً كان يمكن أن تكون كلفتها أقل لو تنبهت القيادات والنخب، أي ما نسميه الاسلام المعتدل، والحكام الى وجوب إقامة نوع من التنمية والتضامن بين شعوبنا ومجتمعاتنا وتحقيق نهضة ثقافية واجتماعية واقتصادية. لذلك ندفع اليوم أثماناً مضاعفة، ومع ذلك فإن الجانب الايجابي المضيء في هذا المخاض هو أنه لا بد من أن ينتج منه وعي جديد. المقوم الأساسي للنهضة داخلي، فإذا لم نكن موجودين وموحدين وواعين ونهضويين لا يمكننا أن نعدّل ميزان القوى الدولي، الذي لا يعدّل بأحداث 11 أيلول، أو بوضع قنبلة،… وهنا أهمية النخب والقيادات والإسلام الصحيح في العودة الى الأصل والثوابت كالسلام والمحبة والتوازن والعدالة والأخوَّة بين الشعوب مع الحفاظ على الهوية والأصالة والدفاع عن النفس.
هل يتحمّل رجال الدين مسؤولية عدم المساهمة في إشاعة هذا الجو الايجابي؟
يتحمّل رجال الدين مسؤولية أساسية، فهم يساهمون لدوافع متعددة. البعض دافعه فهم مغلوط لعلاقة الدين بالسياسية، ويتجلى باستخدام الدين في السياسة، والبعض الآخر بدافع الخوف من الشائع. للأسف، تقع نسبة مرتفعة من علماء الدين والمشايخ ضحية هذين الفهمين الخاطئين. في ما يتعلق بعلاقة الدين بالسياسة، نجد على سبيل المثال أنهم يعلمون أي طفل أن الاسلام دين ودولة، ويُغلق باب النقاش. ثمة فهم خاطئ لعلاقة الإسلام بالسياسة ولموقع علماء الدين في السياسة. لا يعني ذلك أن يحكموا كما في ولاية الفقيه. الاسلام دين، والدين يشمل تنظيم فلاح الانسان في الحياة الدنيا وخلاصها في الدنيا الثانية. لا يعني هذا أنه ينبغي أن يتوافر نظام حكم معين يحدده المشايخ أو أن ثمة فهماً معيناً هو الفهم الصحيح وهذا ما قاله الله. من قال أن هذا الشويخ الذي لم يتعلم سوى كلمتين ثلاثة هو من يحدد لنا النظام السياسي؟ يجب تصحيح كل هذه المسائل وتحديد علاقة علماء الدين بالدولة، ومن أين تستمد الدولة شرعيتها أمام شعبها..
من هنا، هل تعتقد بوجوب إعادة النظر بعلاقة الدين بالدولة؟
بالضبط، لأننا خلال السبعينات والثمانينات كنا في مرحلة دفاع في وجه الموجة الشيوعية والعلمانية، فتحدثوا عن الإسلام الدين والدولة. الآن، انتهت هذه الحقبة، وأصبحت العلمانية تتكيف مع الأديان في المجتمعات الغربية. نحن الآن بحاجة الى وقفة مع الذات لتعريف العلمانية والدولة المدنية وموقع الدين فيها. في اتفاق الطائف في لبنان، تحدثنا عن الانسجام بين الطوائف ودعونا الى دولة مدنية.
من هنا، فإننا ندعو الى سيادة الأمة على نفسها، من خلال الانتخاب والمحاسبة والمساءلة. هذا هو المعنى الأساسي لتدخل الدين في الدولة. علماء الدين هم فقهاء نصحاء مصلحين، يعطون التوجهات العامة لا زعماء أحزاب، وإذا أنشأ حزباً فلا يقول انه باسم الله، هذا حزب سياسي لا يحق له أن يصبح الناطق باسم المقدس.
يقودنا هذا الكلام الى مشروع ولاية الفقيه الذي ينادي به بعض الشيعة، ما موقفك من هذا المشروع وهل من إمكان لتطبيقه خارج ايران؟
لا مناخ لوجود مشروع الفقيه في أي مكان، وصل الإمام الخميني الى الحكم بانتفاضة شعبية هائلة شاركت فيها كل مكونات المجتمع، لا لأن الولي الفقيه قرر استلام الحكم ونفذ انقلاباً. في الحكومات الأولى التي تشكلت خلال ولاية الفقيه، كانت صلاحيات الامام الخميني مقيدة وليس كما هو حاصل اليوم.
إذا طبقت في هذا البلد، فلا يعني ذلك أن لها إطاراً لدى الشيعة في لبنان أو النجف أو بغداد، ولا يجوز أن نقبل بذلك. رأينا أنه في ما بعد مع مجيء خاتمي برز تيار إصلاحي. من وجهة نظري الشخصية، لن تطول ولاية الفقيه كثيراً في ايران.
لكن أنا الشيعي اللبناني أخضع للدولة اللبنانية فحسب، لا لولاية الفقيه. إنها نقطة أساسية يجب أن توضّح وتكون حاسمة، حتى لو قبلنا أن لديهم ولاية فقيه في بلدهم، ولكن لا سلطة لهم على أي شيعي في العالم، لان كل بلد يحتاج أن ينظم اجتماعه السياسي وفق قناعاته وكما يحدده شعبه. ولاية الفقيه حالة استثنائية في العقل الشيعي، ولا أساس لها لا في القديم ولا في الحديث.
بالانتقال الى أطر تواصل الإسلام مع سائر الأديان، أين الحوار المسيحي الإسلامي اليوم؟
يعيش الحوار في مأزق اليوم، على رغم أنه حين بدأنا هذا العمل بتوجيه وقيادة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي أطلق الحوار في لبنان ثم نقلناه الى مستوى المنطقة، لم يكن احد قد تحدث بهذا الموضوع على المستوى الاسلامي، لا بل إننا هوجمنا على أن هذا ليس من الإسلام بشيء وهو ضد الدين وبقي ذلك شائعاً حتى التسعينات.
اليوم، أصبح الحوار مقبولاً وعلى الأجندة الإسلامية، دولاً وتنظيمات، وحققنا إنجازاً على هذا المستوى. لكن النقطة السلبية تبقى أنه في طبيعة المواجهة الحاصلة في العالم، ينبغي أن توضع للحوار المسيحي-الاسلامي أجندة واضحة: على ماذا يقوم، بين من ومن، ولماذا؟ لا يكفي الاكتفاء بالمجاملات، انتهينا من هذه المحطة والمطلوب اليوم ما العمل؟ وكيف نستلهم كديانتين وشعوب ونخب القيم المسيحية الاسلامية الواحدة الموجودة في الدين ونستخدمها لصياغة حياتنا في هذه الدنيا.
الجريدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى