لأزمة المالية تخنق الاقتصادات
إيكونومست: الأزمة المالية تخنق الاقتصادات
حرمان الشخص من الأوكسجين يؤدي إلى اختناقه وانهياره وموته في النهاية، وهذا عين ما يحدث للاقتصادات عبر حرمانها من التمويل والعمليات المشابهة، بحسب ما أوردته مجلة إيكونومست الاقتصادية المتخصصة في عددها الأخير.
وذكرت المجلة أنه مع اتساع الأزمة المالية وزيادة حدتها بدأ الاقتصاد العالمي يختنق، وهذا هو الذي جعل البنوك المركزية في العالم تقوم بإجراءات طارئة بما في ذلك عمليات لخفض الفائدة يوم الأربعاء الماضي بهدف منع وقوع الفاجعة، وهو أمر يستبعد أن يحول دون ركود عالمي.
وأشارت إلى تقرير صندوق النقد الدولي المنشور الأربعاء الماضي الذي أشار إلى أن الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة كبيرة من الانكماش جراء الصدمات الخطيرة التي تلقتها الأسواق المالية للدول الغنية الأسوأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
وتوقع الصندوق أن ينخفض النمو العالمي بنسبة 3% عام 2009 وهو أدنى مستوى له منذ عام 2002.
تراجع محتوم
وأوضحت المجلة أن الانكماش طال كل اقتصادات الدول الغنية أو شارف على ذلك لمدة طويلة قبل سبتمبر/أيلول الماضي، وحملت الأسابيع الأخيرة تراجعا محتوما في اقتصادات هذه الدول.
وخسر الاقتصاد الأميركي القوة الدافعة خلال الصيف، وحققت الحوافز الضريبية المؤقتة للدولة وعائدات الصادرات القوية نموا بنسبة 2.8% بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران الماضيين، لكن في ظل توقف الحوافز ساء أداء الاقتصاد وقيد منح القروض وتدنى إنفاق المستهلكين على السلع.
وتحول الانكماش إلى ركود فيالشهر الماضي، حيث فقد الاقتصاد 159 ألف وظيفة وهي النسبة الأعلى خلال شهر واحد منذ عام 2003. وهوت مبيعات السيارات بنسبة لم تحدث منذ 16 عاما، وهو انخفاض لم يفلح الدعم الحكومي في التخفيف من حدته.
ويبدو أن الربع الثالث من العام سيحمل الأسوأ، ويتوقع محللون اقتصاديون أن ينخفض إنفاق المستهلكين إلى أسوأ مستوى منذ كساد عام 1980 بحسب إيكونومست.
توقع بالأسوأ
وأضافت المجلة أن البيانات تظهر صورة قاتمة للاقتصاد الأوروبي، كما أن الاقتصاد البريطاني الذي تباطأ في النصف الثاني من العام الحالي يتجه الآن بصورة واضحة وجلية نحو الركود. وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن بريطانيا ستشهد أسوأ أداء اقتصادي من بين الاقتصادات الكبيرة خلال الربع الأخير من العام الحالي.
ولا يختلف الوضع بالنسبة لاقتصادات منطقة اليوروبحسب البيانات، حيث تشير إلى أن الإنتاج في هذه الدول انخفض بنسبة 0.8% في النصف الثاني من العام، وهبط الناتج المحلي في أكبر ثلاثة اقتصادات في المنطقة وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
ويبدو الضعف كذلك في اليابان، إذ تراجع اقتصادها عن معدلاتها السنوية بنسبة 3% في النصف الأول من العام مع تدن في الصادرات وبطء في الاستثمارات، وأدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات إلى هز ثقة المستهلك.
هذه الصورة القاتمة للاقتصاد العالمي تفسر تدخل البنوك المركزية المنسقة لخفض معدلات الفائدة، بحسب المجلة. وأضافت أن مخاطر الركود تتزايد، وأن الاقتراحات بشأن خفض جديد لأسعار الفائدة ستصبح مطلوبة خاصة في أوروبا.
أوبزرفر: لا تخطئوا التقدير.. الأزمة حقيقة مخيفة للغاية
كتبت روث سندرلاند مقالا في صحيفة ذي أوبزرفر قالت فيه إننا نحدق في نفق مظلم بعد أسبوع عصيب مر على الاقتصاد العالمي لم نشهد له مثيلا في حياتنا, ولسنا نبالغ إن قلنا إن النظام المالي العالمي على حافة الانهيار نحو الهاوية.
وشددت على أنه لم يبق أمام السلطات لانتشال هذا النظام إلا وقت قصير جدا يجب عليها خلاله “تنسيق الجهود وتنفيذ إجراءات جديرة بثقة السوق للحيلولة دون انهيارها كلية”.
وأضافت أن عددا كبيرا من الناس يذهب إلى عمله ويعود دون أن يلقي بالا للأزمة الحالية، رغم ضخامتها لأنه لم يكتو بعد بنارها, لكنها حذرت الجميع قائلة: “لا تخطئوا التقدير.. فالأزمة حقيقة مخيفة للغاية”.
والخروج منها حسب ما كتبه المحلل المالي ويل هوتن هو العمل الدولي المشترك, إذ إن هول ما يحدث لا يمكن تصديقه.
وضرب هوتن كمثال لذلك الخطة البريطانية التي أعلنت يوم الأربعاء والتي وصفها بالشاملة والقوية, لكن الأزمة جرفتها لأن “الوباء المالي الذي يضرب الأسواق لا يمكن التصدي له إلا جماعيا”.
فالمشكلة حسب المحلل هي أن الأسواق لم تعد تثق في أن النظام المالي العالمي الذي ساعدت في بنائه يتمتع بأي مستقبل, “فهذا النموذج أظهر إفلاسه” على حد تعبيره.
لكن إذا كان المرء يعتقد أن الأسوأ قد انتهى, فعليه إعادة التفكير مرة أخرى, حسب دان روبرتس في صحيفة صنداي تلغراف.
روبرتس ذكر أن قرار الحكومتين الأميركية والبريطانية قبل أيام القاضي بضخ كل منهما في سوقها الخاصة 400 مليار جنيه إسترليني (أي نحو 700 مليار دولار) لإنقاذها من الإفلاس، أصبح الآن خبرا قديما, إذ لم تستمر بهجة السوق بذلك إلا ساعات قليلة.
كما أعرب الكاتب عن تشاؤمه من نتيجة الإجراءات التي أعلنها -نهاية هذا الأسبوع- كل من صندوق النقد الدولي ومجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي بغية بعث الأمل في السوق.
وقال “إن أعتى أسلحتنا لمواجهة هذه الأزمة لا يبدو أنها مؤذية, فتسونامي الذي ضرب أسواقنا ولد لدينا إحساسا بالصدمة والرعب, خاصة أننا ننظر إلى العالم حيارى وهو يتغير أمام أعيننا خلال 30 يوما دونما رجعة.
وحتى تنقشع هذه الأزمة تم تعليق العمل بكل قواعد التجارة كالبحث عن الربح في الاستثمارات، وأصبح كل ما يأمله المستثمر هو عودة رأس ماله حتى وإن لم يحقق له أي عائدات”.
روبرتس نقل في هذا الإطار عن أحد الصيرفيين قوله “لسنا قلقين على عائدات أموالنا وإنما على عودتها هي”.
أميركا تتخذ مرغمة خطوة راديكالية لتأميم صناعة المال والنظام المصرفي
وضعت الحكومة الاميركية نفسها في قلب الاعمال المصرفية أمس، في خطوة راديكالية ترقى الى حد تأميم صناعة المال والنظام المصرفي للبلاد، وأقر الرئيس جورج بوش بأنها خيار غير مرغوب فيه من الاستثمارات الحكومية الهائلة في النظام المصرفي بغية فتح القنوات المشلولة لعمليات الائتمان، وخصوصاً في ظل ارتفاع عجز الموازنة الفيديرالية الى 454,8 مليار دولار سنة 2008.
وفيما سجلت أسعار الأسهم ارتفاعات قياسية وعمليات جني أرباح واسعة، أكد بوش ان قرار شراء أسهم في المصارف الرائدة في البلاد بموجب خطة قيمتها 250 مليار دولار، وهو نوع من التدخل الفيديرالي غير المعهود منذ حقبة الركود الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي، “لا يهدف الى السيطرة على السوق الحرة إنما الى المحافظة عليها”.
لكن وزير الخزانة هنري بولسون “أسف” لان الادارة سترغم المؤسسات المالية، حتى السليمة منها، على المشاركة في المشروع في محاولة لاعادة الاستقرار الى الأسواق الائتمانية. وقال إن “حاجات اقتصادنا تستوجب ألا تأخذ مؤسساتنا المالية رأس المال الجديد هذا من أجل ادخاره، بل من أجل اعادة توزيعه”. وأضاف: “نأسف لأننا مضطرون الى اتخاذ هذه الاجراءات”.
ورحب رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي بن بيرنانكي بكل الخطوات الجديدة، قائلاً إنها ستساعد في تخفيف المشاكل التي تعتري الأسواق المالية وتهدد الاقتصاد.
واتخذ هذا القرار مع صدور تقرير يفيد ان العجز في موازنة السنة التي انتهت في 30 أيلول الماضي بلغ اكثر من ضعفي مبلغ 161,5 مليار دولار المسجل خلال عام 2007 ليصل الى 454,8 ملياراً. وهو يتجاوز ايضاً العجز القياسي الذي سجل عام 2004 وبلغ 413 مليار دولار.
ويعقد زعماء الدول الـ 27 في الاتحاد الاوروبي اليوم قمة في بروكسيل ستطغى عليها الازمة المالية، لتوسيع نطاق عمليات الانقاذ بعد قمة مجموعة الاورو قبل ايام في باريس والتي اتخذت فيها الدول الـ 15 الاعضاء قرارات منسقة لحماية النظام المصرفي الاوروبي.
وصرح الناطق باسم البيت الأبيض غوردون جوندرو بأن بوش سيجتمع مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، ورئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل دوراو باروسو السبت المقبل في كمب ديفيد لمناقشة الازمة المالية العالمية.
ودعا باروسو اوروبا والعالم الى ان يعيدا النظر في القواعد التنظيمية والاشرافية للاسواق المالية بما في ذلك صناديق التحوط عندما تنحسر أزمة الائتمان الحالية. وأيده في ذلك رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الذي قال إنه بعد صفقة انقاذ المصارف، ثمة حاجة الى موجة جديدة من الاجراءات لاصلاح هيكل القطاع المالي.
حذر في أوروبا من إعلان نهاية الأزمة … وأسواق الخليج تواصل ارتفاعها
واشنطن تضخ المليارات في المصارف … والبورصات لا تستجيب
ساد الحذر في الأسواق العالمية، أمس، بعد ساعات من بدء التعاملات، عندما تراجعت أسهم بورصة »وول ستريت« مجدداً، رغم البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من خطة الإنقاذ الأميركية، في وقت قللت مراكز القرار الاقتصادي من توقعاتها بشأن الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً في محاولة للحد من آثار الأزمة، وآخرها خطة إنقاذ القطاع المالي المتداعي عبر ضخ ٢٥٠ مليار دولار في رؤوس أموال المصارف وتقديم ضمانات جديدة للقروض.
وعادت بورصة »وول ستريت« إلى التراجع لتخسر المكاسب التي حققتها، أمس الأول. وبعدما افتتحت التداولات على ارتفاع تراجع مؤشر »داو جونز« بـ٠,١٢ في المئة، ومؤشر »ناسداك« بـ٢,١٤ في المئة، فيما خسر مؤشر »ستاندرد اند بورز« حوالي ٠,٨١ في المئة.
وقال الرئيس الأميركي جورج بوش، في مداخلة متلفزة من البيت الأبيض، ان »هذه الإجراءات لا تهدف إلى السيطرة على اقتصاد السوق وإنما للحفاظ عليه«، موضحاً أن إدارته ستستخدم قسما من أموال خطة الإنقاذ البالغة قيمتها ٧٠٠ مليار دولار »لضخ أموال في المصارف عبر شراء أسهم«.
من جهته، لفت وزير المالية الأميركي هنري بولسون الى ان مبلغ الـ٢٥٠ مليار دولار سيخصص لهذه الغاية، مضيفاً ان تسع مؤسسات مالية كبرى وافقت على ان تساهم الدولة في رؤوس أموالها في إطار هذا البرنامج، بتكلفة تصل إلى ١٢٥ مليار دولار، أي نصف المبلغ الذي أعلن عنه.
وأضاف بولسون »اليوم نتخذ اجراءات حاسمة لحماية الاقتصاد الاميركي«، معرباً عن أسفه »لاضطرارنا للقيام بمثل هذه التحركات، اجراءات ليست ما كنا نتمناه لكن علينا القيام بها لاستعادة الثقة في نظامنا المالي«.
كذلك، أعلنت الهيئة الفدرالية الأميركية لضمان الودائع المصرفية أنها ستضمن الديون الجديدة التي تحظى بأولوية للمصارف لمدة ثلاث سنوات، موضحة أن هذه الضمانة تتعلق بالسندات المالية الجديدة التي تصدرها المصارف حتى ٣٠ حزيران المقبل، على أن تبقى سارية حتى ٣٠ حزيران العام .٢٠١٢
وأشارت رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي إلى ان الكونغرس قد يعقد دورة بعد الانتخابات الرئاسية في الرابع من تشرين الثاني لدرس خطة جديدة لإنعاش الاقتصاد من اجل »إعادة بناء أميركا«.
وفيما يتوقع أن يلتقي بوش بنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو السبت المقبل في كامب ديفيد، قال متحدث باسم وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس إنها ألغت زيارة كانت مقررة إلى الإمارات، مفضلة البقاء في الولايات المتحدة للمساعدة في معالجة الأزمة المالية.
وفي أوروبا، صعدت الأسهم مدعومة بمكاسب لأسهم البنوك
وشركات النفط، لكنها أغلقت دون أعلى مستوياتها للجلسة بعدما تخلت الأسهم الأميركية عن مكاسبها الأولية. وأغلق مؤشر »يوروفرست ٣٠٠« لأسهم الشركات الكبرى في أوروبا مرتفعا ٢,٧٦ في المئة إلى ٩٦٣,٢٨ نقطة بعدما بلغت مكاسبه في وقت سابق من الجلسة حوالي ٦,٥ في المئة.
أمّا في ايسلندا، فسجلت بورصة ريكيافيك عند افتتاحها للمرة الأولى منذ الخميس الماضي، انهيارا بنسبة ٧٦ في المئة، فيما بقي التداول في أسهم المؤسسات المالية فيها معلقاً.
ومع استمرار الحذر في الأسواق أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أن هناك مخاطر أكثر مما كان متوقعا في الأزمة، مشيرا إلى أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للنظام المالي العالمي.
وأوضح انّ »الإجراءات التي تقوم بها الدول في الوقت الراهن هي المرحلة الأولى من التدابير المطلوب اتخاذها، لكن هناك حاجة إلى اجراءات أخرى في المرحلة الثانية والتي تتضمن تأكيدات للمواطنين بأن المشكلات التي وضعتنا في هذا الوضع لا يمكن أن تحدث ثانية«.
من جهته، اعتبر رئيس المجموعة الأوروبية جان كلود يونكر ان »ما من سبب يدعو إلى إعلان انتهاء الأزمة المالية والمبالغة في التفاؤل«، وذلك رغم تجاوب الأسواق المالية مع خطة مساعدة المصارف في منطقة اليورو.
وتوقع المصرف المركزي الفرنسي ان يتراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة ٠,١ في المئة في الفصل الثالث من العام ،٢٠٠٨ الأمر الذي سيؤكد دخول ثاني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو فترة انكماش.
إلى ذلك، ارتفعت مؤشرات أسواق المال الخليجية بقوة لليوم الثاني على التوالي بعد سلسلة خطوات اتخذتها الحكومات ساهمت على ما يبدو في ترميم ثقة المستثمرين. وعدا الكويت التي تراجعت بورصتها بنسبة ٠,٢٦ في المئة، سجلت جميع الأسواق الخليجية ارتفاعات كبيرة وعلى رأسها سوق الدوحة وسوق دبي اللتان كسب مؤشراهما حوالي ١٠ في المئة. أما مؤشر السوق السعودية، الأكبر في العالم العربي لجهة القيمة السوقية، فقد ارتفع بنسبة ٧,٢٩ في المئة، كذلك مؤشرات البورصة في مسقط (٨,٤ في المئة) والبحرين (١,٤ في المئة).
وكانت حكومة الإمارات قررت تخصيص ١٩ مليار دولار إضافية لدعم السيولة في القطاع المصرفي، وذلك في تدبير جديد لمعالجة المشاكل الناتجة عن الأزمة المالية العالمية.
وقال وزير الاقتصاد السعودي إن اقتصاد بلاده سيواصل النمو بمــعدلات تدعو للطــمأنينة رغم الأزمة المــالية العالمية التي توقع أن تخــفف من حدة التضخم.
من جهته، قال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي ان المنظمة شكلت فريقا لمتابعة تطور الأزمة، مشيراً إلى احتمال توجيه الدعوة لأعضاء المنظمة لعقد اجتماع جديد بغية درس التدابير الواجب اتخاذها »في حال وصلتنا معطيات تشير إلى ان الأوضاع المالية قد يكون لها عواقب أكثر جدية على النظام التجاري«.
من جهة ثانية، ارتفع سعر اليورو على نطاق واسع تاركا الين في الظل بعدما أيد المستثمرون خطط الحكومات الأوروبية لدعم القطاع المصرفي المتهاوي. وارتفع سعر العملة الأوروبية بنحو ٢ في المئة أمام الين (١٤١,٣٠ ين) وبأكثر من واحد في المئة أمام الدولار (١,٣٧٤٠).
في المقابل، هبطت أسعار العقود الآجلة للنفط الأميركي أكثر من دولارين للبرميل، في تعاملات متقلبة بفعل مخاوف من ان الاقتصاد ينزلق إلى الركود، حيث سجل الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم تشرين الثاني المقبل ٧٩,١١ دولارا للبرميل، متراوحا في نطاق حده الأدنى ٧٩,٠٠ دولارا والأعلى ٨٤,٨٣ دولارا، فيما ارتفع سعر الذهب أكثر من اثنين في المئة والبلاتين بنسبة أربعة في المئة بما يعكس ارتفاعا عاما في أسعار السلع.
(أ ف ب، رويترز، أب،
د ب أ، يو بي أي، أ ش أ)
لوفيغارو: المنعطف الكبير للولايات المتحدة
كتب بيير روسلين في افتتاحية صحيفة لوفيغارو الفرنسية الصادرة اليوم الأربعاء أن الأزمة المالية الحالية أدت إلى تسارع خطى التطور الراديكالي للسياسة الأميركية, وهو ما يخشى بصورة جدية أن ترسخه الانتخابات الرئاسية الأميركية في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
فالذي حدث بين التخلي قبل أسابيع عن المصرف الاستثماري ليمان براذرز باسم “قدسية عدم التدخل في السوق” وبين القرار الذي اتخذ لتوه لاستخدام خطة بولسون من أجل إعادة تمويل البنوك بمبلغ يصل 250 مليار دولار، هو في الواقع ثورة أيديولوجية حقيقية في الشاطئ الآخر للمحيط الأطلسي.
فمنذ فوضى العراق أصبح فشل المحافظين الجدد في السياسة الخارجية واضحا وها هو الآن يتأكد بهزيمتهم في أوج الحملة الانتخابية في المعركة الاقتصادية.
فإذا كانت الإدارة الفدرالية قد تركت ليمان براذرز تنهار دون أن تقدم لها أية ضمانات فإن ذلك يعود إلى فشل “براغماتيي” الإدارة -وزير الخزانة هنري بولسون ورئيس الاحتياطي بن برنانكي- في إقناع المنظرين الذين رأوا في إنقاذ رابع أكبر مصرف بوول ستريت “بداية الاشتراكية”.
وهذا الهلع هو نفسه الذي حمل عددا من أعضاء الكونغرس الجمهوريين على رفض خطة بولسون أواخر شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
تلك الخطة التي تمت المصادقة عليها في النهاية في صيغة تخول الخزينة الأميركية استخدام 750 مليار دولار لشراء “السندات المعدومة” للمصارف لكنها لا تضع في الحسبان على الإطلاق إعادة تمويلها, غير أن ذلك هو ما يبدو أن الأموال ستستخدم فيه حاليا.
ولحسن الحظ, فالكونغرس لم يكن ليوافق أبدا على تلك الخطة لو علم أنها تحضر للتأميم الجزئي للمصارف.
ففي الاقتصاد, كما في الدبلوماسية, ها هي الإدارة الأميركية الأكثر أيديولوجية في التاريخ الأميركي الحديث تبدأ بطي فترتها على وقع التخلي المدوي عن مبدأين ظلت تدافع عنهما في بدايتها:
– ففي العراق, أدى تولي الجنرال بيتراوس القيادة هناك إلى وصم تغيير جذري للأهداف الأميركية في هذا البلد, فغدت واشنطن البراغماتية تبحث عن حلفاء بين الطائفة السنية.
– وفي أفغانستان, بدأ وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس, وهو أحد دعاة البراغماتية في الإدارة الأميركية الحالية, إلى الترويج بصراحة لـ”طريقة للخروج من الأزمة” تقوم على مباحثات مع أعضاء حركة طالبان ممن هم غير مرتبطين بتنظيم القاعدة.
– وفي كوريا الشمالية, حيث خرج هذا البلد لتوه من “محور الشر” ومن قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد صراع حاد مع المحافظين الجدد.
وعلينا أن نحيي براغماتية الأميركيين التي تظل عقيدتهم الوحيدة الحقيقية وتمكنهم من تحطيم أصنام كانوا يعبدونها قبل فوات الأوان.
فالمنعطف الكبير الذي اتخذته الإدارة الأميركية في ربع الساعة الأخير من عمرها هو في الواقع منعطف في الرأي العام الأميركي ويبدو أنه عميق إذ ربما وصل حد إمكانية انتخاب الأميركيين للمرشح الديمقراطي باراك أوباما حسب ما تظهره استطلاعات الرأي.
العالم ينزف أمواله تحت مقصلة الكساد الأميركي
هبطت الأسهم في جميع أنحاء العالم امس، لليوم الثاني على التوالي، متأثرة بدلائل متزايدة على ان الاقتصاد الاميركي يتجه نحو حالة من الكساد، وسط تصاعد الدعوات لوضع نظام مالي عالمي جديد، تتزامن مع إصرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على عقد قمة مالية دولية في تشرين الثاني في نيويورك عقب الانتخابات الرئاسية الاميركية، وهو ما رفض البيت الأبيض الالتزام به، على الرغم من ان وزير المالية الاميركية هنري بولسون اقر صراحة بالمسؤولية الاميركية عن الازمة المالية عندما عبّر عن »ندمه« حيال الأخطاء التي قادت اليها.
عربيا، تراجعت مؤشرات أسواق المال في ختام أسبوع عاصف بالتذبذب الحاد. وانخفض مؤشر سوق دبي المالية بنسبة ٦,٥ في المئة، فيما خسر سوق أبو ظبي ٥,٤ في المئة. وتراجعت بورصة الكويت ١,٥ في المئة، بينما سجل مؤشر سوق الدوحة خسائر بنسبة ٣,٦ في المئة. أما سوق مسقط، فقد أنهت التداولات بانخفاض نسبته ٥,٧ في المئة، وانخفض مؤشر البحرين بنسبة ١,٢ في المئة، في وقت أعلن المصرف المركزي انه سيضمن السيولة للمصارف السعودية فضلا عن الودائع المصرفية. كما شهد مؤشر البورصة المصرية تراجعا بنسبة ٣,٢ في المئة.
على الضفة الأوروبية، واصلت البورصات أيضا الهبوط، وخسرت عمليا التقدم الذي سجلته الاثنين والثلاثاء. وخسرت بورصة باريس ٥,٩٢ في المئة ولندن ٥,٣٥ في المئة وفرنكفورت ٤,٩١ في المئة وميلانو ٦,٧٨ في المئة. واعلنت بورصة »ميسكس«، إحدى بورصتي موسكو، تعليق المبادلات لمدة ساعة بسبب تدهور أسعار الأسهم، فيما اعلنت وزارة المالية انها ستضخ ٨٠ مليار دولار في المصارف الأسبوع المقبل. وقد أصبح أكبر مصرفين في سويسرا وهما بنك »يو بي اس« و»كريدي سويس«، أحدث من يعلن الحصول على تمويل طارئ.
وفي الولايات المتحدة، واصلت الأسهم الأميركية تقلباتها. وفقد مؤشر »ستاندرد اند بورز ٥٠٠« أكثر من ٤ في المئة بعد يوم من تكبد السوق أسوأ خسائرها منذ انهيار تشرين الأول العام .١٩٨٧ وهبط مؤشر داو جونز الصناعي ٣,٨٩ في المئة، فيما تراجع مؤشر »ناسداك« ثلاثة ٣ في المئة، قبل ان يعود »داو جونز« ليعوض خسائره ويغلق مرتفعا ٣,٠٤ في المئة، و»ستاندرد اند بورز ٥٠٠« ٢,٥٩ في المئة، و«ناسداك« ٣,٧٣ في المئة.
وأعلن مصرف الاستثمار »ميريل لينش«، الذي استحوذ عليه »بنك اوف أميركا«، أنه مني بخسارة صافية بلغت ٧,٥ مليارات دولار في الربع الثالث من العام الحالي. وسجلت »سيتي غروب« رابع خسارة فصلية على التوالي بلغت ٢,٨٢ مليار دولار، في وقت أظهر تقرير حكومي أن أسعار المستهلكين الأميركية استقرت على غير المتوقع في أيلول مع انخفاض تكاليف الطاقة وسط دلائل جديدة على ان الضغوط التضخمية تتراجع.
وأدت المخاوف إزاء احتمالات دخول العالم في حالة انكماش الى تسجيل خسائر كبرى في آسيا اذ هبط مؤشر السوق اليابانية بنسبة ١١,٤ في المئة، وهي الخسائر الأكبر في يوم واحد من حيث النسبة المئوية منذ انهيار »الاثنين الاسود« في تشرين الاول ،١٩٨٧ ما دفع بالحكومة الى المطالبة باعادة النظر في النظام المالي العالمي. كما انخفضت الأسهم الصينية بنسبة ٤,٢٥ في المئة، فيما خسرت بورصة هونغ كونغ ٧,٥٨ في المئة وسيول ٨,٣١ في المئة وسيدني ٦,٩٤ في المئة وبومباي ٥,٥٧ في المئة.
وإضافة الى سوق الأسهم، هبط سعر برميل النفط في سوق نيويورك الى دون السبعين دولارا للمرة الاولى منذ آب ٢٠٠٧ (٦٩,٨٥ دولار). كما تراجع سعر برميل البرنت النفط المرجعي لبحر الشمال الى اقل من ٦٨ دولارا للمرة الاولى منذ الاول من حزيران ٢٠٠٧
ليبلغ ٦٧,٥ دولارا، في وقت اعلنت منظمة »اوبك« تقريب موعد اجتماعها الاستثنائي الذي كان مقررا في ١٨ تشرين الثاني الى ٢٤ تشرين الاول الحالي في فيينا. وتراجع الذهب أيضا أكثر من ٦ في المئة إلى ٧٨٩,٧٠ ـ ٧٩٢,٧٠ دولارا للأوقية (الأونصة).
في هذا الوقت، أعرب وزير المالية الاميركية هنري بولسون عن »ندمه تجاه الأخطاء العديدة التي قادت الى اكبر أزمة مالية في سبع عقود«. واوضح »لا نفتخر بالأخطاء التي ارتكبها العديد من الأشخاص، وأحزاب مختلفة… والفشل في انضباط السوق الذي قادنا الى هنا«. لكنه قال انه »غير نادم على الخطوات التي اتخذتها الحكومة الاميركية وتتخذها لحل الازمة«.
وفي بروكسل، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في نهاية قمة أوروبية استمرت يومين »ليس لنا الحق في ان نضيع فرصة إعادة هيكلة نظامنا المالي في القرن الحادي والعشرين«. واضاف »أريد فعلا ان أثير مسألة مستقبل صندوق النقد الدولي ودوره« في الاجتماع الذي سيعقده مع الرئيس الاميركي جورج بوش في كامب ديفيد غدا السبت. ورأى ان رواتب المدراء التنفيذيين وإصلاحات العملات يجب ان تكون جزءا من قمة مالية دولية أوسع يأمل في ان تعقد في تشرين الثاني في نيويورك عقب الانتخابات الرئاسية.
واعلن ساركوزي إنه طلب من المفوضية الأوروبية بحث إنشاء صندوق مالي مشترك يقدم المساعدة بينها لمصنعي السيارات. واوضح »الأميركيون قرروا لتوهم منح قروض قيمتها ٢٥ مليار دولار بأسعار مخفضة لأكبر ثلاث شركات تصنع السيارات… ونحن في أوروبا يجب ان نأخذ ظروف المنافسة في الاعتبار«. وقد حظيت الخطوة بدعم زعماء أوروبيين، فيما تحفظت عليها برلين ولندن.
وبينما أحجم البيت الأبيض عن الالتزام بتحديد موعد للقمة الدولية التي دعا ساركوزي الى عقدها، ولا أيضا تحديد مكان عقدها، معتبرا انه من السابق لأوانه معرفة مدى التزام الفائز في انتخابات الرئاسة الاميركية بهذه القمة، دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، الى تشديد الرقابة على النظام المالي. وتوقع صدور إعلان خلال ايام بشأن اجتماع مجموعة الثماني مع القوى الاقتصادية الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل »للقيام بعمل مشترك… لإجراء تغيرات كبيرة وجذرية«.
(ا ب، ا ف ب، رويترز، يو بي آي)