صفحات أخرى

مون يتلاعب بالأمم المتحدة خلف الأبواب

عادل النيل
بان كي مون أكثر قادة الأمم المتحدة حصارا بالفشل بسبب ضعف واضح في منهج العمل بالمؤسسة الدولية , فهو ارتمى في أحضان القوى الدولية كموظف تعامل مع مسؤولياته بسلوك توظيف ينبغي أن يرضي القوى العظمى حتى ترضى عنه وتبقيه في وظيفته بصرف النظر عن الدور الكبير الذي ينتظره العالم خصوصاً الثالث منه في تسوية المشكلات الاقتصادية والسياسية التي لا تنتهي وتحتاج لفعالية المنظمة الدولية وقائدها الذي يفتقد الحكمة والقدرة القيادية المناسبة لهذا المنصب الحساس , وهو فهم أصول اللعبة وآثر السلامة على حساب الغالبية المسحوقة والمقهورة التي صوتت لمصلحة ترشيحه أملا في اداء مهماته وفقا لمقتضيات المنصب, وليس كموظف مشتبه في ولائه لدولة المقر وتنفيذ سياساتها التوسعية من خلال المنظمة الأممية.
الأمم المتحدة في الواقع تجربة مع الزمن استنفدت أغراضها , وغالبا ما يأتي أمينها العام بمبدأ الرجل المناسب في الزمن المناسب , وقد جاء مون في الزمن الأميركي وكان مناسبا تماما لها بالنظر الى ارتباكه وضعف شخصيته بما يسمح باستغلاله وتمرير الأجندة عبره , وشاهد ذلك ما كشفته روسيا أخيراً عن توقيع اتفاق تعاون بين الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي , يمنح الحلف تفويضاً مسبقاً , يحوله إلى بديل من الأمم المتحدة , وفقاً لديبلوماسي روسي بارز, وذلك ما دعاه الى التلميح إلى احتمال العمل على إقالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
ممثل روسيا الدائم لدى “الأطلسي” ديمتري روغوزين فضح مون خلال حديث إلى صحيفة “زفيستيا” قائلا إن الأمين العام للأمم المتحدة وقع في 23 سبتمبر الماضي , اتفاقاً للتعاون مع الحلف أحيط بالكتمان, ولم يجر إطلاع الدول الأعضاء وبينها دائمة العضوية في مجلس الأمن على مضمونه.
ووفق الاتفاق يعتبر الحلف الغربي ليس منظمة إقليمية عسكرية بل مؤسسة إنسانية ويطلق أيديه للقيام بعمليات مختلفة في مناطق من العالم , وذلك يجعل حلف الأطلسي عمليا قائماً بأعمال الأمم المتحدة في المسائل المتعلقة بالأمن الدولي , وكل ذلك استفز الديبلوماسي الروسي ودفعه لاستخدام عبارات قاسية في حديثه , معتبراً أن مون “أخذ على عاتقه صلاحيات لم يكن ليتولاها حتى في أحلامه” وأنه “وقع على وثيقة زواج سيئة من دون إذن الزوج” في إشارة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذين وأوضح أن لا روسيا ولا الصين ولا الآخرون كان لديهم علم بفحوى الوثيقة الموقعة , ووصفها بأنها غير شرعية, معتبرا أن مون تجاوز صلاحياته , وأنه غامر بمستقبله السياسي لأن إقالته باتت واردة وتصرفاته لا يمكن القبول بها .
هذه الفضيحة الكبيرة تؤكد ضعف شخصية مون واستخدامه من القوى العظمى بما يجعله دمية ولا يمكن الوثوق فيه , وإذا تفرس الشخص في وجه الرجل يمكن أن يلمس أنه ضعيف الشخصية و”غلبان” لدرجة قبوله بالتخلي عن التزاماته المهنية مقابل رضا الغرب ليمرر ما يشاء من خلال الأمم المتحدة , وذلك ما يجعله مشروع كارثة مهنية لا ينقصها العالم وهو يتمرغ في الوحل الأميركي والأخطاء الأميركية التي هددت وتهدد أمن وسلام العالم , وقبل الفضيحة الأخيرة سبق أن بدا واضحا أن مون غير مؤهل للمنصب الدولي وعلى شعوب العالم المستضعفة أن تعيد النظر في عمل الرجل , فقد قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فى مقابلة مع صحيفة “الأهرام” المصرية نشرتها اخيراً معلقا على مذكرة توقيف الرئيس عمر البشير الصادرة من مدعي المحكمة الجنائية الدولية “علينا أن نبرهن أنه لم تعد هناك حصانة للذين يرتكبون أعمالا وحشية”, مضيفا أنه سيبذل قصارى جهده من أجل المساعدة في تحقيق السلام في دارفور وبقية أرجاء السودان , وعن تطبيق المحكمة قرارها على الرئيس السوداني رغم وجود رؤساء دول آخرين ارتكبوا جرائم حرب وابادة جماعية ولم تقترب منهم المحكمة الجنائية أوضح مون أن المحكمة تحركت في قضية الرئيس البشير بناء على قرار من مجلس الأمن, معربا عن اعتقاده أن المحكمة ستباشر مستقبلا قضايا جرائم حرب أخرى من دون اعتبار لمن ارتكبها وأين ارتكبها.
عدم حصانة الرؤساء مبدأ دولي موجود في أدبيات ومنهج عمل المنظمة الدولية , وعدم نفاد من ارتكبوا جرائم وحشية من العدالة مما هومعلوم بالضرورة في معنى العدالة , ولكن أن يحكم مون بالحكم مسبقاً فذلك ليس حكيما ويتنافى مع موضوعية منصبه , وذلك يؤكد دورانه في الفلك الغربي وعدم الأهلية للعمل في منصبه الذي يخاف أن يفقده لأنه يعلم أن العدالة تحتاج أن يجلس الرئيس الأميركي جورج بوش وعصابة الحرب الصهيونية في كراسي الاتهام قبل غيرهم ولكنه لا يجرؤ على ذلك لأنه موظف يخاف على وظيفته أكثر من أن يكون مسؤولا على عاتقه مهمات تتطلب شجاعة وجرأة وذكاء وذلك ما يفقده الامين العام للامم المتحدة الذي يتوقع أن يكشف الزمن سلسلة فضائح أخرى إذا استمر في وظيفته التي يخاف عليها.
السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى