ما يحدث في لبنان

ضيف جديد

ساطع نور الدين
اسم جديد دخل على السياسة اللبنانية، ويمكن ان تكون له صولات وجولات في اسرارها وخباياها، ويمكن ان تكون له تحليلات يحفظها السياسيون اللبنانيون عن ظهر قلب، ويمكن ان تكون عنده تعليمات وتوجيهات سرعان ما ستتحول الى اوامر ينفذها الجميع حرفيا من دون تردد او نقاش.
الاسم الجديد، يأتي هذه المرة من القاهرة التي سبق ان غابت لثلاثة عقود سورية كاملة عن بيروت، ليضفي نكهة جديدة الى الحياة السياسية اللبنانية، التي تبحث في هذه المرحلة بالذات عن مرشد من الخارج، يبدد حالة الضياع والفوضى، ويزيل الكثير من علامات الاستفهام والقلق التي كان يطرحها السياسيون اللبنانيون، حول مركز الرعاية الجديد للوضع اللبناني.
اللواء عمر القناوي، نائب مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان، الذي هبط فجأة من السماء بالامس على اللبنانيين جميعا، وراح يتجول علنا على كبار المسؤولين والسياسيين، اثار اكثر من الحشرية اللبنانية المعهودة في مثل هذه الحالة، حول لغز وصول هذا الضابط المصري الرفيع الرتبة الى بيروت، وحرّك ما هو اعمق من التنافس اللبناني المألوف على لقائه والاحتفاء به، وفتح قنوات التواصل معه في المستقبل، لعل وعسى…
السعي الى تفكيك ذلك اللغز، لم يقتصر على الطبقة السياسية اللبنانية التي رف قلبها لاسم الضيف المصري واستعادت فجأة ذكريات حقبة سورية مديدة، كان فيها ضابط الاستخبارات صانع سياسات وصداقات وخصومات، وكان فيها مفوضا ساميا يهدد الرئاسات ويشتم الوزارات ويوزع المسؤوليات، ويتقبل الهدايا الثمينة في مكتبه او حتى في منزله… وينظم علاقات ثنائية مميزة قاومت مختلف الشرعيات والسفارات.
المؤكد ان القاهرة لا تطمح الى استعادة تلك التجربة السورية البائسة، وهي لا تملك مقومات وراثتها، ولا حتى مكونات ممارستها… لكنها لا تستطيع ان تزيل الانطباع الذي تكون جراء وصول موفدها غير الدبلوماسي الى بيروت، ومفادها انها ربما قرأت تجربة السنوات الثلاثين الماضية، وتوصلت الى الاستنتاج ان السياسة اللبنانية الضائعة هذه الايام لا تدار بنجاح الا بواسطة خريجي المؤسسة الامنية… مهما كان السياسيون والدبلوماسيون المصريون بارعين في اداء مهامهم.
كما ان القاهرة لا تستطيع ان تنكر ان ايفاد اللواء القناوي الى بيروت، في مهمة لا يبدو على الاطلاق انها استخباراتية او امنية او حتى عسكرية، يعني انها باتت تساوي من حيث الاهمية والخطورة طبعا بين لبنان وبين قطاع غزة الفلسطيني الذي يخضع منذ سنوات عديدة للعناية المباشرة من قبل ادارة الاستخبارات المصرية التي تتولى ادارة الوضع في القطاع، بقيادة اللواء عمر سليمان، من خلال نائب آخر له، وتشرف على تنظيم اي حوار فلسطيني .
ربما من السابق لاوانه القول ان وصول اللواء القناوي الى بيروت في زيارة علنية مثيرة، هي ايذان بتحرك مصري مختلف عما شهده لبنان على مدى السنوات الثلاث الماضية ، لكنه سيكون من الصعب على القاهرة ان تهمل الارباك الذي احدثته مثل هذه الزيارة لدى الطبقة السياسية اللبنانية.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى