هل بدء العد التنازلي لمهاجمة إيران ؟!
إعداد – محمد حسين عبدالعزيز
إسرائيل وأمريكا لا تعرفان بالضبط ماذا لدي حزب الله من أسلحة جديدة، وهما تناقشان دائما هذه المسألة، وتحاولان بمختلف الطرق الاستخبارية الحصول علي معلومات بهذا الخصوص. هناك مشكلة كبيرة لدي كلتا الدولتين وهي أنهما تنظران إلي تزايد قوة حزب الله وإيران، في ذات الوقت الذي لا تعرفان فيه مدي فاعلية الأسلحة المعلن عنها، ولا تعرفان عن الأسلحة التي لا يُعلن عنها؛ وهما تريان أن التلكؤ في الهجوم يؤدي علي زيادة المخاطر المستقبلية. إنهما إلي غير وضوح إن هاجمتا العدو، وفي ورطة إن لم تهاجما. وفي كل الأحوال، لا مفر من الاستمرار في الاستعداد للمعركة القادمة.
عجلة أمريكا في تزويد إسرائيل بالأسلحة ليست عفوية ولا احتياطية، بل إن العدوانية هي التفسير الصحيح لهذا السلوك.
شحنات الأسلحة الأمريكية إلي إسرائيل لا تنقطع منذ أن بدأت حرب 2006. قدمت أمريكا أثناء الحرب كميات كبيرة من الأسلحة بخاصة من القنابل الذكية والعنقودية والصواريخ الخارقة، والقنابل التدميرية لإسرائيل في سعي منها لترجيح كفة الحرب لصالح إسرائيل وإلحاق الهزيمة بحزب الله. لكن نتيجة الحرب أقنعت أمريكا أن ما أمدت به إسرائيل ليس فعالا بالدرجة المطلوبة، وفاعليته ظهرت بصورة بشعة ضد المدنيين، وكان عليها أن تقدم لإسرائيل ما تظن أنه يمكن أن يكون أكثر فاعلية في مواجهة أساليب ووسائل حزب الله القتالية.
قدمت أمريكا بعد الحرب أسلحة وذخائر تعوضها عن النقص الذي حصل في المخزون الاستراتيجي لديها، وبدأت تقدم أنواعا جديدة من الذخائر أكثر فتكا من تلك التي استعملت في حرب لبنان . وعلي إثر التوجسات الإسرائيلية والأمريكية القائمة من تقنيات عسكرية إيرانية جديدة أمدت بها إيران حزب الله، ومن ضمنها صواريخ أرض – أرض، وأرض – بحر، وأرض – جو أكثر دقة وأبعد مدي وأكثر حمولة من تلك التي كانت متوفرة أثناء الحرب ، قررت أمريكا مد إسرائيل بأسلحة إستراتيجية دفاعية وهجومية جديدة، من ضمنها صواريخ مضادة للصواريخ، وطائرات إف 35، ورادار متطور للغاية.
بدأت فكرة نشر الرادار الأمريكي قبل سنتين خلال زيارة السيناتور الأمريكي جون مكين (اليوم مرشح الرئاسة الأمريكية). وكان يرافق ماكين عضو الكونجرس الجمهوري مارك كريك من شيكاغو، وهو من مؤيدي إسرائيل البارزين في مجلس النواب الأمريكي، وكان ضابطا رفيعا في البحرية الأمريكية، وهو مرشح لمنصب رفيع في وزارة الدفاع في حال فوز ماكين.
استمع كيرك من المسئولين الإسرائيليين لشرح حول ما يعتبرونه التهديد الإيراني ، وبعد عدة شهور، توجه لرئيس دائرة شمال أمريكا في وزارة الخارجية حينذاك، يورام بن زئيف، واقترح عليه أن تقوم الولايات المتحدة بنشر نظام دفاع صاروخي يشمل أنظمة صواريخ اعتراضية ورادار إنذار متطور. واقترح كيرك إقامة قاعدة أمريكية في إسرائيل تتمتع بمكانة خاصة مثل تلك التي تتمتع بها القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية.
وقال مؤيدو الاقتراح خلال بحث الموضوع في تل أبيب بأن الاقتراحات الأمريكية تعزز الردع الإسرائيلي في وجه إيران، ورأوا أن الهجوم الإيراني علي إسرائيل سيكون بمثابة هجوم علي الولايات المتحدة.
وعلي إثر ذلك قامت الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية بعمل جسر جوي مكون من 14 طائرة شحن كبيرة لنقل نظام الرادار المتطور FBX-T إلي جانب طاقم تابع لقيادة أوروبا في الجيش الأمريكي مكون من 120 ضابطا وجنديا سيشغلون النظام الجديد الذي سيكون مرتبطا بالأقمار الصناعية وبأحد أنظمة الرادار الأمريكية في أوروبا.
وعلي الرغم من أنه من المتوقع أن يعزز النظام الجديد حماية سماء إسرائيل من الصواريخ – ولكن بالمقابل سيحد كثيرًا من حرية الحركة الإسرائيلية ضد إيران وسوريا. وستكون إسرائيل ملزمة بطلب موافقة أمريكية علي كل عملية ضد إيران وسوريا، خشية تعريض حياة مشغلي الرادار للخطر، والذي سيكون الهدف الأول لصواريخ ال أرض- أرض المهاجمة.
ومن المتوقع أن يبدأ العمل بالنظام الجديد قبل المناورات العسكرية الأمريكية الإسرائيلية المشتركة المزمع إجراؤها خلال أشهر الخريف. ويعتبر الرادار FBX – T الأكثر تطورا في الولايات المتحدة وهو قادر حسب المصادر الغربية علي رصد أي جسم طائر بحجم كرة البيسبول من مسافة 4700 كلم تقريبا.
مواصفات النظام
يذكر أن نظام الرادار الجديد FBX-T هو من إنتاج شركة “رايثون” الأمريكية ويتيح لإسرائيل تحديد اتجاه وسرعة انطلاق الصاروخ ونقل تلك المعطيات لنظام “حيتس” الصاروخي الاسرائيلي .
فإن النظام قادر علي سبيل المثال علي رصد صاروخ شهاب 3 الإيراني بعد 5.5 دقيقة من إطلاقه، وبكلمات أخري إذا كانت مدة التحليق لصاروخ شهاب 3 منذ انطلاقه وحتي الوصول إلي هدفه 11 دقيقة، فإن النظام الجديد يرصد الصاروخ قبل 5 دقائق من وصوله. ولجسر هذا الفارق في الوقت ورصد الصاروخ لحظة انطلاقه يحتاج هذا النظام إلي ربطه بنظام الدرع الصاروخي الأمريكية العاملة بالأقمار الصناعية المسماة DSP.
وكانت اسرائيل تحتاج في السابق إلي تنسيق مسبق مع واشنطن قبل الحصول علي هذه القدرة التي أصبحت متاحة الآن لتل أبيب في كل وقت مما يعني أن إسرائيل أصبحت الآن قادرة علي مراقبة أي تجربة صاروخية إيرانية كانت أم سورية أو غيرها، ولكنها تستقي معلوماتها من خبراء أمريكيين.
ويتم ربط نظام FBX-T مع نظام الدرع الصاروخي العامل عن طريق القمر الصناعي عن طريق قاعدة أمريكية تتواجد في أوروبا تعمل علي نظام يدعي JTAGS – U.S. Joint Tactical Ground Station. وتلتقط في القاعدة الأمريكية في أوروبا الإشارات من أجهزة الإنذار العاملة علي الأقمار الصناعية الأمريكية وترصد بدقة عملية إطلاق صواريخ وتتابع مسارها، وتنقلها في الزمن الحقيقي لرادارات الإنذار الأمريكية المتواجدة في النقب.
وكانت إسرائيل قد طلبت الارتباط بنظام JTAGS قبل عشر سنوات، إلا أن الطلب لاقي رفضا من وزارة الدفاع الأمريكية، وتم تبرير الرفض حينذاك بالحفاظ علي الأسرار العسكرية والتكنولوجية للولايات المتحدة. وحسب الاتفاق الذي تمت بلورته مؤخرا لن يكون للجيش الإسرائيلي إمكانية التزود بالمعلومات مباشرة من أنظمة القمر الصناعي الأمريكي وسيعتمدون علي ما ينقله لهم الخبراء الأمريكيون.
خلال زيارة بوش لتل أبيب في احتفالات الستين للاستقلال سعي المسؤولون الإسرائيليون إلي تعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة. وطرحت في المشاورات التمهيدية ثلاثة اقتراحات: أن تصبو إسرائيل إلي عقد حلف دفاعي مع الولايات المتحدة، أو توقيع عدة اتفاقات عسكرية، أو العمل باقتراح كيرك علي تعزيز أنظمة الدفاع من الصواريخ .
وقرر باراك وأولمرت الطلب من بوش أنظمة الإنذار المتطورة والتنازل عن نشر أنظمة الصواريخ الاعتراضية، وعوضا عن ذلك طالبت بالارتباط بنظام الإنذار الأمريكي JTAGS.
ويعكس الرادار الواسع المدي عمق علاقات الدفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة. لكن بزيادة الاعتماد الفني علي حليفتها، فإن الدولة العبرية ربما تعزز من سلطة واشنطن في الاعتراض علي أي عمل إسرائيلي أحادي يهدف إلي منع إيران من تطوير أسلحة نووية.
ونصب الرادار وإيصاله بأجهزة الإنذار التي تسمي JTAGS هي الهدية الأهم التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش. وقد تم الاتفاق عليها خلال زيارة وزير الأمن إيهود باراك إلي واشنطن الشهر الماضي، وسبقت ذلك مباحثات استغرقت حوالي 10 سنوات.
وسيطيل النظام الجديد مدة الإنذار، بحيث تتيح إسقاط الصواريخ عن مسافة أطول من تلك المتاحة اليوم. ويعتمد الإنذار الإسرائيلي الحالي علي التقاط إشارات من قمر صناعي أمريكي والذي يرصد انطلاق صاروخ ولكنه لا يوفر معلومات حول مساره ومكانه. المعلومات من نظام JTAGS تحدد مكان الصاروخ بشكل دقيق وتتيح توجيه الصواريخ إليه في مرحلة مبكرة من تحليقه. وبذلك يكون ممكنا إطلاق صاروخ باتجاهه بل صاروخي اعتراض واحدا بعد الآخر في حال أخطأ الأول هدفه. كما أن الرادار الأمريكي أكثر دقة من الرادار الإسرائيلي أورن يروك (الصنوبر الأخضر) الذي يستخدم لإطلاق صاروخ ال حيتس (سهم) .
موقف ايران من نصب اسرائيل لرادار حيث قلل الخبير الإيراني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أمير موسوي من شأن فعالية ذلك النظام وقال إنه لن يكون مكتملا وفعالا إلا في غضون عامين.
وهنا يطرح سؤال: لماذا الإعلان في هذا الوقت بالذات عن إرسال امريكا الرادار وتزويد اسرائيل بطائرات f 35.
إن أولي مهام رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد والذي سيخلف الحالي ايهود أولمرت ستكون إعادة رد اعتبار الدولة العبرية العسكري بعد الهزيمة المذلة التي لحقت بها في حرب يوليو 2006 علي أيدي مقاتلي حزب الله. وسيكون رد الاعتبار علي هذه الهزيمة بتوجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران منتصف الشهر القادم، أي قبل نحو أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأمريكية وبعد انتهاء عيد الفطر وعودة المسلمين إلي حياتهم المعتادة.
وتشير هذه التقارير إلي أن الضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية سوف تتم بالتنسيق مع صقور الإدارة الأمريكية رغم معارضة وزارة الدفاع “البنتاجون” التي تري أن هذه الضربة ستشكل تهديداً مباشراً لأكثر من مائة ألف جندي أمريكي موجودين في العراق تحت مرمي الصواريخ الإيرانية.
وكان مسؤولون أمريكيون ذكروا في وقت سابق إن الإسرائيليين استبعدوا اقتراحات أمريكية تدور كلها حول تشديد العقوبات علي إيران لحملهم علي تأجيل ضربتهم لما بعد فترة الانتخابات الرئاسية.
من بينها اقتراح بأن تقوم البحرية الأمريكية في مياه الخليج العربي بفرض حصار علي مضيق هرمز ومنع الصادرات النفطية الإيرانية من الخروج عبره وكذلك منع الإيرانيين من استيراد 40 في المئة من حاجتهم للبنزين المخصص للسيارات والطائرات.
حيث وجد الإسرائيليون إن هذا الاقتراح سيقيم الدنيا ويقعدها علي ادارة بوش وعليهم معا، اذ سترتفع أسعار النفط في العالم إلي حدود غير مسبوقة علي عتبة الشتاء المقبل، كما ان هذا الحصار – في نظر تل ابيب – بحاجة إلي أشهر طويلة كي يفعل فعله.
ورغم أن ايران تحاول تخفيف وطأة التهديدات الاسرائيلية والتحذيرات الفرنسية لها بإطلاق تصريحات مزلزلة تهدد بإزالة اسرائيل، إلا أن المراقبين الدوليين متأكدون من أن إسرائيل لن تتردد للحظة واحدة في القيام بضربتها العنيفة للسبب الجوهري الأوحد وهو أن اليهود – حسبما أعلن شاؤول موفاز في واشنطن لن يسمحوا بإبادتهم جماعيا (كما فعل هتلر) مرة أخري، في إشارة الي امكانية امتلاك إيران السلاح النووي الذي قد تستخدمه ضد الدولة العبرية.
بدء العد التنازلي
وتأتي تلك التقارير في وقت توقع فيه اوليفييه جيتا أحد كبار العاملين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، قيام إسرائيل بضربتها العسكرية الجوية ضد إيران خلال الفترة الانتقالية بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين الرابع من نوفمبر والعشرين من يناير، موعد تسلم الرئيس الجديد مهامه في البيت الأبيض، وذلك قبل أن يخلي جورج بوش مكتبه لخلفه الذي لن تتحدد معالم سياسته الخارجية قبل ستة أشهر أو سنة.
وقال جيتا لصحيفتي “السياسة” الكويتية و”ميدل ايست تايمز” الأمريكية نشر امس في كلتيهما معا ان السؤال المتداول هنا في الولايات المتحدة وفرنسا واوروبا لم يعد ما اذا كانت اسرائيل ستوجه ضربة عنيفة الي إيران، بل أصبح متي ستتم تلك الضربة؟.
وأكد السياسي الأمريكي ان “اختيار شخصية رئيس الحكومة العبرية الجديد سيكون له تأثير مهم علي اختيار موعد ضرب ايران، الا ان العنصر الاهم في تحديد ذلك الموعد هو عنصر المفاجأة وتقريب ذلك الموعد، اذ كلما أجل الاسرائيليون العملية تضاعفت استعدادات ايران لصدها”.
ويعتقد جيتا أن ضرب إيران سيتم خلال المرحلة الانتقالية للإدارة الأمريكية الجديدة: فاذا تم انتخاب اوباما خلفا لبوش، فان الجيش الاسرائيلي سيسارع فورا الي تنفيذ ضربته قبل ان يتسلم منصبه في البيت الابيض ويمارس ضغوطا علي تل ابيب للتريث بانتظار اختبار تداعيات العقوبات الجديدة علي ايران، اما اذا تم انتخاب ماكين خلفاً لبوش، فان توقيت الضربة بهذه السرعة لا يعود مهما للاسرائيليين لانها ستصبح تحصيل حاصل في اي وقت.
وأكد السياسي الامريكي أن الاسرائيليين علي أي حال يفضلون القضاء علي البرنامج النووي الايراني في عهد بوش وقبل انتهاء ولايته دستوريا، اذ قد يفاجأون بحاجتهم الي دعم عسكري أمريكي في حال لم يحققوا الأهداف الكاملة من ضربتهم.
وقال استنادا الي ما سمعناه داخل وخارج الادارة الامريكية من الاسرائيليين الذين زاروا الولايات المتحدة اخيرا، فإننا بتنا متأكدين من انه لم يعد أمام اسرائيل سوي خيار واحد هو الضربة العسكرية لإيران .
إسرائيل وأمريكا لا تعرفان بالضبط ماذا لدي حزب الله من أسلحة جديدة، وهما تناقشان دائما هذه المسألة، وتحاولان بمختلف الطرق الاستخبارية الحصول علي معلومات بهذا الخصوص. هناك مشكلة كبيرة لدي كلتا الدولتين وهي أنهما تنظران إلي تزايد قوة حزب الله وإيران، في ذات الوقت الذي لا تعرفان فيه مدي فاعلية الأسلحة المعلن عنها، ولا تعرفان عن الأسلحة التي لا يُعلن عنها؛ وهما تريان أن التلكؤ في الهجوم يؤدي علي زيادة المخاطر المستقبلية. إنهما إلي غير وضوح إن هاجمتا العدو، وفي ورطة إن لم تهاجما. وفي كل الأحوال، لا مفر من الاستمرار في الاستعداد للمعركة القادمة.
عجلة أمريكا في تزويد إسرائيل بالأسلحة ليست عفوية ولا احتياطية، بل إن العدوانية هي التفسير الصحيح لهذا السلوك.
شحنات الأسلحة الأمريكية إلي إسرائيل لا تنقطع منذ أن بدأت حرب 2006. قدمت أمريكا أثناء الحرب كميات كبيرة من الأسلحة بخاصة من القنابل الذكية والعنقودية والصواريخ الخارقة، والقنابل التدميرية لإسرائيل في سعي منها لترجيح كفة الحرب لصالح إسرائيل وإلحاق الهزيمة بحزب الله. لكن نتيجة الحرب أقنعت أمريكا أن ما أمدت به إسرائيل ليس فعالا بالدرجة المطلوبة، وفاعليته ظهرت بصورة بشعة ضد المدنيين، وكان عليها أن تقدم لإسرائيل ما تظن أنه يمكن أن يكون أكثر فاعلية في مواجهة أساليب ووسائل حزب الله القتالية.
سيناريو تبرئة واشنطن من دم ضرب إسرائيل لإيران
في غضون ذلك، وضع صقور البيت الأبيض سيناريو لتبرئة الولايات المتحدة من أي هجوم محتمل قد تقوم به إسرائيل ضد إيران، وتشبيهه بالضربة التي سبق لإسرائيل أن شنتها علي العراق عام 1981، وقيل آنذاك إن إسرائيل تصرفت دون مشاورة واشنطن وإن الضربة وقائية وليست هجومية.
ونشرت صحيفة “هآرتس” العبرية رواية مفادها أن واشنطن رفضت بيع إسرائيل قنابل هجومية يصل وزنها الي 2،2 طن “مضادة للتحصينات”، وحسب الصحيفة فإن هذه القنابل ضرورية للغاية وخاصة أن إيران وزعت منشآتها النووية علي مسافات بعيدة وطمرتها تحت الأرض في مناطق جبلية عميقة.
كما تم تسريب خبر أن واشنطن رفضت بيع إسرائيل طائرات بوينج 767 (كي.سي) المخصصة لتزويد الطائرات العسكرية بالوقود أثناء تحليقها. وحسب الخبر أيضاً، فإن هذه الطائرات كانت تحتاجها إسرائيل لشن ضربتها العسكرية علي ايران نظراً إلي بعد المسافة وخاصة بعد إفشال مخطط الهجوم انطلاقاً من جورجيا.
واستكمالا لرواية التبرئة، تمت إضافة خبر أخير، مفاده أن واشنطن زودت إسرائيل بمحطة إنذار مبكر متطورة جداً ستمكن إسرائيل من الكشف عن أي صاروخ يتجه نحوها منذ لحظة إطلاقه مما سيعزز من منظوتها الدفاعية المضادة للصواريخ ، وكذلك طائرات قتالية حديثة .
ويعمل الآن الإعلام العبري والأمريكي علي تمهيد الرأي العام العالمي لتصديق قيام إسرائيل بتحدي حليفها الأكبر الولايات المتحدة وشن ضربة سريعة علي ايران دون استشارة واشنطن.
ورغم الغضب الأمريكي من التصرف الإسرائيلي، إلا أن الإدارة الأمريكية سوف تسارع لحماية إسرائيل من الرد الإيراني وتهدئة الأجواء بالتعاون مع فرنسا ودول الخليج (الحليفة لواشنطن).
ومما يدلل علي ذلك، ما كشف عنه سياسيون أمريكيون عن انه رغم معارضة وزيرة الخارجية كونداليزا رايس وزير الدفاع روبرت غيتس قبل نحو العام قيام سلاح الجو الإسرائيلي بضرب المنشأة النووية الكورية في دير الزور السورية إلا أن الحكومة الإسرائيلية نفذت ضربتها دون أن تعير إدارة بوش اي اهتمام… وهي الآن ستفعل الشيء نفسه ولن تنتظر مرة اخري تمنيات هذه الادارة بتأجيل الضربة لما بعد ظهور نتائج تلك العقوبات او لما بعد انتخاب الرئيس الامريكي الجديد علي إعادة درس الملف الايراني من أوله الي آخره.
ما الذي جعل إسرائيل تتأخر في ضرب إيران؟
كانت مصادر استخباراتية أمريكية كشفت أن روسيا دمرت خلال الحرب التي شنتها الشهر الماضي علي جورجيا مطارين كانت تبليسي قد سمحت لإسرائيل باستخدامهما لضرب المنشآت النووية الايرانية.
ونقلت وسائل إعلام عن تلك المصادر إشارتها إلي أن إسرائيل كانت قد وقعت اتفاقية سرية مع جورجيا قضت بتخصيص مدرج للمقاتلات المهاجمة الإسرائيلية التي ستتجه نحو إيران لإنزال ضربة بها، مقابل تصدير تل أبيب الأسلحة المتطورة لجورجيا وتدريب كوادرها العسكرية.
ونقلت وسائل اعلام عن المصادر الاستخباراتية اشارتها الي ان الانطلاق من جورجيا علي بحر قزوين الي ايران كان من الممكن ان يختصر المسافة بالنسبة للمقاتلات الاسرائيلية لو أنها كانت تحلق من مواقع باسرائيل حيث تحتاج إلي فترة لا تقل عن 3.5 ساعة، مشيرة الي أن شمال إيران حيث تتركز المنشآت النووية سيكون في متناول المقاتلات الإسرائيلية.
وكان من المفترض أن تجنب هذه الخطوة تل أبيب من الحصول علي ترخيص من الولايات المتحدة للمرور بالأجواء العراقية، إلا أن تنبه موسكو لما تخطط له واشنطن وتل أبيب أخفق به الاتفاق الإسرائيلي الجورجي وأحرج واشنطن التي تعاملت مع الأزمة الجورجية بحزم وغضب.
بعد نظام الرادار المتطور لمواجهة صواريخ إيرانية محتملة
صفقة طائرات إف 35 الأمريكية المقاتلة لإسرائيل
وافقت الحكومة الأمريكية علي بيع 25 طائرة مقاتلة من طراز “أف 35” لإسرائيل مع خيار شراء 50 طائرة إضافية في السنوات المقبلة في صفقة قدرت قيمتها بما يصل إلي 15.2 مليار دولار.
يأتي ذلك بعد أن حصلت إسرائيل مؤخرا علي رادار أمريكي واسع المدي يعزز القدرات الإسرائيلية علي مواجهة صواريخ إيرانية محتملة.
وقالت وكالة التعاون الأمني بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التي تشرف علي مبيعات السلاح الكبري إن الصفقة حيوية لمصالح الولايات المتحدة الأمنية القومية لمساعدة إسرائيل في تطوير والحفاظ علي “قدرة قوية ذات جاهزية للدفاع عن النفس”.
وذكرت الوكالة أن إسرائيل تحتاج إلي تلك الطائرات لتعزيز دفاعها الجو – جو والجو – أرض.
وأوضح في حديث للجزيرة أن النظام لا يمثل قوة ردع حقيقية مؤكدا أن الترسانة الصاروخية الإيرانية التي لم تكشف عنها طهران بشكل كامل قادرة علي ضرب الأهداف الإسرائيلية التي وصفها بأنها مكشوفة.
مميزات إف 35
ولكن تتميز طائرة f35 بشيء ممتاز ومتطور شيء رهيب فلقد صنعت اسرائيل خوذة خاصة لهذه الطائرة فعندما يلبسها الطيار وبواسطة النظر يستطيع تحديد الهدف وإطلاق الصاروخ وهذه ميزة ممتازة وخطرة .
وهي أحدث طراز من الطائرات المقاتلة الأمريكية والتي تعمل بتقنية التخفي وتمتلك قدرةً كبيرةً علي المناورة، فضلاً عن أنها أقل تكلفةً ويمكن استعمالها في جيش المشاة والبحرية والجو علي السواء.
اللافت للنظر أن طائرات “إف-35” الأمريكية الصنع لم تُصدِّرها الولايات المتحدة بعد إلي أي من الدول الحليفة لها، واختصت بها الكيان الصهيوني فقط، وهو ما يُثير العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه الصفقة وتوقيتها، وتأثير ذلك علي التوازن العسكري في المنطقة؟ وهل هناك علاقة بين هذه الصفقة واحتمالات توجيه ضربات عسكرية لأي من الدول المجاورة كإيران أو سوريا أو لبنان؟
وهذا يأتي من أن هناك تعهدًا أمريكيًّا في إطار التحالف الإستراتيجي الأمريكي الصهيوني بالمحافظة علي التفوق الصهيوني بالمنطقة، فكلما حدث تطور في نظم التسليح – والتي تتطور بمعدلات سريعة – تمد أمريكا الكيان الصهيوني بها.
حرب محتملة
هذه الصفقة تمثل تهديدًا مباشرًا لإيران وسوريا باحتمال أن يكون هذا استعدادًا صهيونيًّا لتوجيه ضربة لأحدهما والأرجح أنها إيران.
ومما يعزز هذا السيناريو أن هناك تلميحاتٍ بأن حزب الله يتربص بالكيان الصهيوني وكذلك فهناك أنباء بأن سوريا تطور نفسها عن طريق تطوير ميناء طرطوس، فلو جمعنا هذه الرؤي تصبح سيناريوهات الحرب محتملةً.
الصفقة الخاصة بطائرات (إف- 35) وهي أحدث طائرة في العالم تضمن التفوق الصهيوني كمًّا ونوعًا علي الدول العربية، ومن ناحية بوش فهو يريد مكافأة الكيان الصهيوني قبل أن يخرج من البيت الأبيض.
وحول التهديد الصهيوني لإيران: إن أمريكا خارج الحسابات فهي تقول للصهاينة: “افعلوا ما شئتم ضد إيران ولكن بعد خروجنا من العراق”، فأمريكا بعد خروجها من المستنقع العراقي لا تريد الدخول في معادلات أخري لا تحمد عقباها بعد ذلك.
الموقف العربي من تلك الصفقات والتطوارات التي تشهدها المنطقة
الموقف العربي ليس غريبًا فهو دائمًا ما يتسم بالبرود وعدم الإحساس، فالمنطقة تعيش الآن سباقًا للتسلح في ظل الحرب الباردة وتغير موازين القوي العالمية ودخول روسيا كطرف في المعادلة الدولية، والعرب ما زالوا في غفلتهم ولا يشعرون بمدي التغير الذي تشهده المنطقة والخطر الصهيوني الداهم والمستمر والمتزايد.
إن هناك عملاً يتم علي قدمٍ وساقٍ منذ عامين، وأن هناك تنسيقًا عسكريًّا مخططًا بين أمريكا والصهاينة لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران بتعاون الطرفين أو عن طريق أحد الطرفين منفردًا وتوقيت هذه الضربة مرهون باستنفاد أمريكا لكل المحاولات لإجبار إيران علي التخلي عن برنامجها النووي.
وحول تأثير ذلك علي المنطقة العربية إن الكيان الصهيوني يمتلك ترسانةً نوويةً تُقدَّر بأكثر من 200 رأس نووية، بالإضافةِ إلي وسائل إطلاقها، فالتهديد قائم وموجود والتوازن مختل، خاصةً بعد أن انتهت القدرة العسكرية العراقية، والتي كانت تُمثِّل التهديدَ الأكبر للنفوذ الصهيوني بالمنطقة.
فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن الولايات المتحدة زودت (إسرائيل) ب 25 طائرة قتالية من طراز (35- F). وترك البنتاغون الباب مفتوحاً أمام احتمال تزويدها بخمسين طائرة إضافية ضمن صفقة يبلغ حجمها 15.2مليار دولار.
وبذلك يكون الرئيس الأمريكي جورج بوش قد أنهي سلة الأسلحة التي وعد (إسرائيل) بها قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بعد شهر من الآن، رغم الأزمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة.
و(إسرائيل) هي الدولة الأولي التي تحصل علي هذه الطائرة الحديثة من إنتاج “لوكهيد مارتن”.
وذكر موقع “تيك ديبكا” الأمني أن ال 25 طائرة التي ستستلمها (إسرائيل) أولاً ستكون تقليدية، بينما ستكون ال 50 طائرة الإضافية لها قدرة الإقلاع والهبوط العمودي. وينوي سلاح الجو استخدام الطائرات العمودية في حال تدمير مدرجات الإقلاع والهبوط التقليدية في إطار حرب محتملة مع إيران وسورية وحزب الله وحماس.
ما هي طائرة إف 35؟
هذه طائرة من ثلاثة أنواع: F-35a, f-35b, f-35c، وكل نوع له مهماته العسكرية الخاصة، ومن المتوقع أن تكون طائرة المستقبل حتي عام 2040. الطائرة من صناعة شركتي لوكهيد ونورثروب الأمريكيتين، وتشترك بتمويلها عدة دول مثل أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا والنرويج والدنمرك وتركيا وإسرائيل. ومن أهم ما في إنتاجها أنها تُنتج كما تنتج السيارات علي خط التجميع. هذا يمكن الشركات من إنتاج طائرة واحدة كل يوم. فالنوع النوع الأول f-35a، والذي تمت تجربته.
طلبت إسرائيل الحصول علي الطائرة، وتمت الموافقة علي تزويدها بها عام 2014، وتراجعت وزارة الدفاع الأمريكية وجعلت التاريخ 2012. ويبدو أن الرئيس الأمريكي تعجل الأمر وقرر تزويد إسرائيل بها علي عجل،علي الرغم من أن إنتاجها العسكري الكمي سيبدأ مع بداية العقد القادم.
الطائرة قادرة علي تجنب الرادار، وهي تحمل مجسات إليكترونية متطورة جدا خاصة بتحديد الأهداف والمخاطر والتصويب، وهي تحتاج إلي مدرج طوله 180 مترا فقط. (في الأنواع الأخري، لا ضرورة لمدرج) تحمل الطائرة صاروخين جو-جو، وقذيفتين زنة كل منهما حوالي 1000 كغم، ومدفع رشاش عيار 25 ملم مع 180 مخزن، وذلك للتصويب الأرضي. يتم توجيه الصواريخ بواسطة الأقمار الصناعية، ولهذا تستطيع ضرب الأهداف علي ارتفاع متوسط بدل المغامرة بالقصف علي ارتفاع منخفض.
يقود الطائرة طيار واحد فقط، وتسليحها وخزان وقودها داخلي. سرعتها 1.6 ماك، أو حوالي 2000 كم/ساعة. ترتفع الطائرة إلي 48000 قدم، ومداها 2200 كم.
ستصبح إسرائيل أول دولة تتزود بمقاتلات اف – 35 المتطورة، إلي جانب الولايات المتحدة وثماني دول شريكة في تصنيع المقاتلة. واستكملت إسرائيل هذا الشهر عدة صفقات تسلح مع الولايات المتحدة، أبرزها نصب رادار اكس باند الفائق القوة في إسرائيل، بمساعدة خبراء أمريكيين لمواجهة التهديد الصاروخي الإيراني.
وبلغت قيمة مشروع تطوير هذه المقاتلة أكثر من 276 مليار دولار وهو يعتبر البرنامج العسكري الأكثر كلفة. ومن المتوقع أن تدخل هذه الطائرة الحربية قريبا الي ترسانة الجيشين الامريكي والبريطاني وجيوش أخري.
ولعبت مجموعة “بي أي ايه” البريطانية دورا مهما جدا في المشروع الذي أشرف عليه عملاق الصناعات الامريكية الحربية لوكهيد مارتن. وقد ضخت لندن ملياري دولار في هذا المشروع ومن المتوقع أن تحظي ب 138 مقاتلة.
حصة الأسد
أما الولايات المتحدة، فستكون لها حصة الأسد إذ من المنتظر أن يصل عدد هذه المقاتلات في صفوفها الي 2400 بحلول عام 2027.
وبالاضافة الي الولايات المتحدة، فستشارك استراليا وكندا والدنمارك وايطاليا وهولندا والنرويج وتركيا بتمويل هذا المشروع.
نخلص من ذلك…
وانطلاقاً من كل ذلك لم يعد مستغرباً تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي في القمة الرباعية التي انعقدت في دمشق مؤخراً عن ضربة إسرائيلية محتملة لإيران يجب العمل علي تجنبها واحتواء تداعياتها، حيث قال ساركوزي حرفياً: إيران تجازف كثيراً عبر استمرارها في عملية الحصول علي القدرة النووية العسكرية – ونحن واثقون بذلك – إذ يوماً ما ومهما كانت الحكومة الإسرائيلية، قد توجّه إسرائيل ضربة إلي إيران في القريب العاجل ، وبذلك تكون طامة كبري أخري للمنطقة العربية التي لم تعرف الاستقرار منذ وصول بوش الي سدة الحكم.
الراية