أيهما أسوأ إيران أم إسرائيل؟
ثائر الناشف
نكون أمام أحجية معقدة لا حل لها , تشغل تفكيرنا طويلاً وتزيد قلقنا لأعلى مستوياته , لو اعتبرنا ما يرشح عن منطقتنا من معلومات بمثابة براهين قاطعة في أحكامها النهائية , بأن مجمل الدور الإيراني في دول الجوار العربية سيئ للغاية , غير أن إسرائيل المتوغلة فيها أكثر سوءاً , أم أن إسرائيل رغم توغلها سيئة فقط , بينما إيران الساعية للعب أدوار أبعد من حدود دورها الطبيعي الأشد سوءاً ?.
في الوجهين لايمكن الهروب أو التغافل عن هذه الأحجية , لطالما أن أدوارهما تحمل من السوء , ما لا يمكن لأحد احتماله , الواضح أن وجهي هذه الأحجية , إيران وإسرائيل , يشكلان وجهين لعملة واحدة .
عملة سيئة في نواياها , قذرة في تعاملاتها , لا يمكن صرفها , ومن يتعامل معها جهلاً أو علماً , يصعب غسل يديه , مهما حاول , لسوء فعلته.
لسنا بصدد إصدار أحكام تتصل بالخيانة أو بالعمالة , فنحن أبعد ما نكون عنها , وحبذا لو كان التعاطي معهما يؤسس لعلاقة صحية , ويمهد لأرضية يعمها السلام , لكن وجهات النظر باتت متطابقة اليوم أكثر من الأمس , حول سلبية الأدوار بين إسرائيل وإيران وتبادلها بشكل غير مباشر على حساب أمن واستقرار جوارهما العربي الأشد تضرراً من هذا العبث الأعمى .
وحيال هذا التطابق العجيب الذي يعبر عنه اليوم في الشارع ضد إسرائيل وفي الإعلام ضد إيران , ينبغي الإدراك جيداً , أنهما أصبحتا في كفة واحدة , فخطرهما واحد , يزيد أو ينقص بالتناسب طرداً , وذلك حسب مقتضيات كل مرحلة , وغالباً ما يزيد منسوب الخطر الإسرائيلي عندما يتناقص نظيره الإيراني أو بالعكس .
العكس الإيراني هو السائد , فمنسوبه يزداد اليوم على حساب نظيره الإسرائيلي في العراق ولبنان وحتى بعض فلسطين , فأن تبقيا على درجة واحدة من السوء أفضل من أن يصبح أحدهما أحسن من الآخر بالنسبة لنا , فكما تحتاج إسرائيل لتصبح طبيعية إلى تطبيع علاقاتها مع عشرين دولة عربية , بشروط هذه الدول , تحتاج إيران لتصبح مقبولة إلى تطبيع علاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي .
وإذا حدث أن بدا أحدهما أحسن من الآخر, سيسأل بعضنا وقتها, أيهما أرحم ? حدوث هذا الأمر أكثر من مستحيل, فلا رحمة تجب لمن ليس في قلبه رحمة.
* كاتب عربي ¯ القاهرة