حازم صاغيّة: المثقّف الأبويّ وليبراليّة الصمت
اسكندر منصور *
تناول الأستاذ حازم صاغيّة أخيراً في مقالاته في جريدة «الحياة» مواضيع مختلفة، منها ما يتعلّق بـ«أزمة المسيحيّة اللبنانيّة» وخياراتها السياسيّة ونقد الخيار العوني عند المسيحيّين، ومنها ما يتعلّق بطبيعة الحرب الدائرة بين «القرضاويّة» و«الطالبانيّة»، والشأن اليساري وموقفه من «الأصوليّة الإسلاميّة» كـ«خيار» (؟) لـ«مناهضة الإمبرياليّة». أردت من هذا النقاش أن يكون فسحة حوار في شؤون وشجون الوطن الثقافيّة و السياسيّة دون أي إدعاء بصوابيّة المواقف التي أنطلق منها.
«الوعي الزائف» عند المسيحيّين اللبنانيّين
في الواقع اللبناني بدأ الكثير من الكتّاب، وخصوصاً بعض رؤساء تحرير الأقسام الفكرية والثقافية في الجرائد المحلية، يعبِّرون عن شفقتهم على مسيحيّي لبنان الذين اختاروا العماد عون بملء إرادتهم ممثلاً لهم في الندوة البرلمانية. فعباس بيضون في «ليلة الجنرالات» يتساءل «إلى أين يسوق الجنرال عون المسيحيّين؟» الذين أصبحوا بنظره نعاجاً تساق إلى الذبح، أو وقوداً لمشروع «بونابرتي مسيحيّ»، يقبلون الانصياع للجنرال دون طرح الأسئلة.
أمّا إلياس خوري الذي أطاح كل تراث ملحق النهار الثقافي بتياراته المتعددة، الذي تربّت أجيال تغرف وتنهل من صفحاته وكتاباته، فجعل من الملحق مرتعاً لنمط مملّ من الكتابة ذات اللون الواحد، ميزته التكرار البعيد عن هموم «الثقافة» والقيام بنقد خطاب الجنرال بشكل أسبوعي، حتى ليخيَّل للقارئ أنه لا يزال في قسم المحليات في جريدة «النهار».
أمّا حازم صاغية، الصحافي البارز الذي لم يترك موقعاً فكرياً يسارياً لم يزره ولو لفترة قصيرة، فقد حطّ به الرحال في أرض الليبرالية، فكان أحد أركانها في عالم «الفكر اليومي». وكعادته، كان صاغية الأبرز والأوضح تعبيراً ودلالة، وإن بشكل مختصر، في تحليل الظاهرة العونيّة وعلاقتها بالجمهور المسيحي اللبناني. وبهذا الخصوص كتب في جريدة «الحياة» عن موقع المسيحيين اللبنانيين في «هرم المعارضة اللبنانية ــ الإقليميّة» لحكومة فؤاد السنيورة حيث تتربّع سوريا وإيران في قمة الهرم، يليهما «حزب الله»، وتحته «يجلس «المتفاهم» معه ميشال عون».
وبناءً على هذا الموقع المسيحي الجديد، «ضمانة السياسة السوريّة ــ الإيرانيّة في لبنان» على حد تعبير صاغيّة، فإنّه «من السهل القول إنّ [ذلك] علامة استلاب المسيحيّين اللبنانيين الذين لا يدرون ماذا يفعلون، ولا يستوقفهم للحظة أن ما يفعلونه هو، بالضبط والتحديد، عكس مزاجهم وحساسيّتهم ومصالحهم» («الحياة»، 4 كانون الأوّل 2007). هنا تظهر النزعة الأبويّة في فكر حازم صاغيّة بأبرز تجلياتها. فهو يحدّد مكانه في موقع العارف «بالضبط والتحديد» لما هو خير للمسيحيّين اللبنانيّين أكثر من معرفتهم لما هو خير لأنفسهم. مسيحيّو لبنان، على حدّ قوله، «لا يدرون ماذا يفعلون»، أغبياء ينظرون إلى أتون النار ويقفزون في وسطه، ينظرون إلى الهاوية ويرمون بأنفسهم فيها، يسيّرهم جنوح نحو التدمير الذاتي ذي النكهة الصدّامية أو العونيّة الخارجة على تقاليدهم وممارستهم طيلة العقود الماضية؛ جهلة لا يعرفون عواقب الأمور ونتائج مواقفهم؛ وأخيراً ذهب بهم جهلهم فظنوا أنّ كلمة «ميشال» لا تزال فرنسيّة ومسيحيّة، ونسوا أنها أصبحت كلمة فارسيّة بعد عودة الجنرال إلى لبنان. وكلّ ذلك غير كافٍ، فهم يستحقّون الشفقة لأنّهم لا يعرفون حتّى «مزاجهم» و«حساسيّتهم»، فيعملون عكسهما تبعاً لمقولة صاغيّة، العارف «بالضبط والتحديد» من عليائه ما هو مزاجهم وما هي حساسيّتهم.
فبالنسبة إلى صاغيّة، «التفاهم» مع «الآخر» اللبناني أو إذا شئت العلاقة أو التفاهم مع «حزب الله» مفهوم غير مسيحي يثير حساسيّة المسيحيين ولا يمت إلى مزاجهم بصلة، أي ضدّ أصالتهم. وما أصالتهم سوى الحذر من الآخر «الشيعي» وامتداده الفارسي «المهدّد» للحضارة الغربيّة وإنسانيتها ومسيحيّتها. وقد يكون لاحقاً، وفي ظروف أخرى، الآخر هو «السنّي»، كما كان في السابق الفلسطيني هو «الآخر». هنا يتوَّج صاغيّة رمزاً للتفكير «الجوهراني» القائل إنّ ثمّة نمط تفكير مسيحي لبناني ثابتاً جوهرياً خارج الزمان والمكان، وإذا كان المسيحيّون في حالة عكس هذا «الثابت» و«الجوهري»، فهذا يعني أنهم يعيشون حالة من الوعي الزائف المخالف لجوهرهم وحساسيتهم وتطلّعاتهم ومصالحهم، وحتّى لمزاجهم. قد يعود أحد أسباب هذا الخيار، بنظر صاغيّة، إلى «ضعف التسييس في البيئة المسيحيّة عموما» («الحياة»، 4 كانون الأوّل 2007)، أو نتيجة التقاء الكراهيّة والحسد، لكون العونيّة مجمع كراهيّة («للقوات» والدروز) وحسد (لآل الحريري) («الحياة»، 25 أيلول 2007).
هكذا أصبح المسيحيّون، وخصوصاً العونيّين، كارهين وحاسدين وأغبياء لا يفهمون ليس فقط مصالحهم بل أيضاً مزاجهم، فيقتربون ممّن ينبغي أن ينفروا منه ويبقوا بعيدين عنه ليكونوا صادقين ومخلصين لحساسيتهم. إنّهم في غربة عن ذاتهم ومسيحيتهم وأصالتهم. هنا أقترح على وزارة التربية أن تؤسّس مركزاً للأبحاث المزاجية والحساسيّة يُعرف بمركز أبحاث «المزاحسيّة» المسيحي (شكراً للشهيد الفيلسوف كمال الحاج الذي علّمنا خلق المفردات الفلسفية). فصاغيّة الناقد لمفهوم «الأصالة» و«الجوهر» عند القوميين عرباً كانوا أو سوريين، ولمفهوم «الذات العربية» الخارجة عن الزمان والمكان، يقع في فخ الأصالة والفكر «الجوهراني» الخالص في بعده المسيحي اللبناني، فيُفتي بأنّ المسيحيين في نمط وجودهم العوني بعيدون عن أصالتهم، وما علينا إلا مساعدتهم ليتغلبوا على اغترابهم ويعودوا إلى أصالتهم (طبعاً) «القواتية» و«الكتائبية» بثوبهما البشيريّ تحت المظلة الحريريّة. حينئذ يعود مسيحيّو لبنان مسيحيّين، بعد أن يتناولوا كأس الاعتراف بأنّ العونية ليست إلا آيات شيطانية تداخلت عنوة وصدفة لتخطف النصّ المسيحي الأصيل القائل: أنا جعجع في معراب لا يكون لك جعجع آخر لا في «الصيفي» و لا في «الرابية»، وتضعه خارج التداول والقراءة.
ليس من السهولة أن يحدّد أحدنا ما هو الأفضل والأحسن للآخر. فمثلاً: ما الأسس والمعايير التي بها نستطيع تحديد مصلحة المسيحيّين اللبنانيين؟ وكيف تختلف مصالحهم عن مصالح غيرهم من المواطنين اللبنانيين؟ أليسوا أحقّ من غيرهم في تحديد خياراتهم السياسيّة النابعة من تجربتهم وهمومهم وهواجسهم؟ فهنا يستعيد صاغيّة مقولة القوى الثورية الطليعيّة (التي حسب عِلمنا أنّ حازم صاغيّة قد غادرها منذ زمن) المشبعة بفهم ما تريده الطبقة العاملة أكثر من العمال أنفسهم، وبالتفاني في سبيل مصلحتهم أكثر منهم، والتي أُوكِل إليها أو أوكَلت نفسها كناطقة باسم الطبقة العاملة رغماً عن إرادتها، إضافةً إلى أنّ إحدى مهماتها زرع الوعي في صفوف العمال لأنهم عاجزون عن فهم وتحليل الدور الموكل إليهم في تغيير التاريخ!
غريبة عجيبة ميزة هذا الفكر المليء ليس فقط بالتناقض والتمويه، بل بنزعة جارفة نحو الإملاء وإعلاء شأن الفكر «النخبوي» و«الانتقائي» في فهم الأحداث والأزمة وتعقيداتها. لقد مارسنا النقد فقط للمنهج ونمط التفكير، وربما ليس للموقف السياسي. فلسنا هنا في موقع مدح أو هجاء الظاهرة العونيّة؛ لا بل قد نشارك الأستاذ صاغيّة موقفه النقدي من العونيّة في بعض جوانبها. فإن كان نقده يكمن في الموقف السياسي للعونيّة، فإن نقدنا يتّجه نحو بُعدها التعبوي الطائفي الذي لا يختلف كثيراً بنظرنا عن الحريرية في بعدها الطائفي فكراً وممارسة أيضاً، أو عن ظاهرة حزب الله ببعدها الطائفي الذي ما لبث أن منع الانتصار في حرب تموز من أن يكون انتصاراً لبنانياً كاملاً فوقف عند حدود الطائفة.
الحرب «القرضاويّة» ـــ «الطالبانيّة» والخيار المغيّب
في «طريقة مناهضة الإمبرياليّة» يتطرق حازم صاغيّة إلى نقد مواقف اليساريين وعلاقتهم بالأصوليات الإسلاميّة، التي تجري بنظره تحت ذريعة مناهضة الإمبرياليّة وإسرائيل، لكنها علاقة بين «القبيلة التي تقتل وبين محاميها» (تناسى صاغيّة علاقة «الطالبان» بأميركا والسعودية). ولكي يوثِّق صاغيّة مقولته، اختار أفغانستان مثلاً ينطبق على البلدان الأخرى ما ينطبق عليه. فكتب: «أنّ الحرب في أفغانستان دائرة بين حامد قرضاوي وبين «الطالبان». وإذا كانت أفغانستان حالاً قصوى، فإن البلدان الأخرى لا تشذّ عن المبدأ، وإن اختلفت درجات تمثيله في ما بينها. ثم يتابع «فالواقع الذي يمتد على عدد من بلدان المنطقة مفاده صراع محتدم بين قوى موصوفة بصداقة أميركا أو «العمالة» لها، و بين أخرى أصوليّة ذات منحى راديكالي تعود به وبنا قروناً إلى الوراء». وفي المصدر نفسه، كتب صاغيّة «فحين يصبّ النقاد العلمانيّون المناهضون للإمبرياليّة» جهودهم في مكافحة قرضاي يكونون عملياً يصبّونها، مهما بلغ تواضعها في خدمة «الطالبان» («الحياة»، 12 كانون الأوّل 2007). وهكذا يصبح كلّ من يختلف مع صاغيّة إمّا محامياً للقتلة، أو «ليس بريئاً من إنتاج الظرف السياسي» للاغتيال (عون على سبيل المثال: «الحياة»، 25 أيلول 2007) أو متقاطعاً مع القتلة (راجع نقد صاغيّة لجريدة «الأخبار»، 10 تشرين الثاني 2007).
نحن أمام نصّ ميزته التمويه والمخادعة. فالتركيز على أفغانستان في نصّ صاغيّة يصحّ فيه ما قاله محمود درويش: «يدعوك لأندلس إن حوصرت حلب»، والمسكوت عنه في هذا النصّ أهم بكثير من المنطوق به. فالمؤكد هنا أنّ المشهد الذي يرسمه صاغيّة يعبِّر عن ثنائيّة، وإن كانت واضحة الخيار في الواقع الأفغاني فإن ميزتها تغييب الخيارات المتاحة في واقع البلدان الأخرى التي في نظر صاغيّة «لا تشذّ عن المبدأ» الذي هو صراع بين حامد قرضاوي و«الطالبان» في أفغانستان وبين «القرضاوية» و«الطالبانيّة» في البلدان الأخرى. إن كانت هذه الفرضيّة صحيحة، وهذا ما يودّ صاغيّة أن يوحي به، فإنّ الصراع في البلدان الأخرى بالنسبة إليه هو صراع محتدم بين قوى السلطة وقوى المعارضة التي هي بمفهوم صاغيّة ليست سوى مظهر من مظاهر «الطالبانيّة». وهنا نستطيع أن نقرأ المسكوت عنه، وهو دعوة صاغيّة على سبيل المثال إلى نكون إلى جانب السلطة السعودية دون مساءلة عن مدى تقدّمها ولو التدريجي والضئيل نحو الحريات العامة السياسيّة والاجتماعيّة، لأنّ الخيار الآخر والأسوأ هو بن لادن؛ وما يصحّ على أفغانستان والسعودية يصحّ أيضاً على مصر وباكستان وباقي البلدان.
وهكذا يفتي صاغيّة بأن كل معارضة هي بالضرورة «طالبانية». فتصبح المعارضة المصرية «طالبانيّة»، وكذلك المعارضة الباكستانيّة برموزها من آل بوتو إلى نواز شريف. وبناءً على ثنائيته، فما على أهل اليسار والعلمنة سوى الكفّ عن نقدهم للأنظمة والحكومات الحاليّة، لأنّ نقداً كهذا يخدم في نهاية المطاف القوى «الطالبانيّة» ويسمّن «الخطاب الأصولي الشعبوي»، على حد تعبير صاغيّة.
إنّ أكثر الدراسات تؤكد أنّ الحركات الأصوليّة ذات النزعة الـ«بن لادنيّة» أضعف بكثير مما كانت عليه من قبل. وإذا كانت هذه الدراسات جدّية وصحيحة، يصبح السؤال من المستفيد من إبراز الواقع كأن هذه الحركات في أوجها وهي مصدر خطر على الحكومات القائمة وبديلها الآتي؟ وبكلمة أخرى، من المستفيد من تعميم الواقع الأفغاني على البلدان الأخرى؟ الجواب ربما يكمن عند قوى السلطة في بلدان عديدة حيث تريد هذه القوى أن تنزع أي شرعيّة عن البدائل الديموقراطيّة الحقيقيّة باسم حربها على الإرهاب، فيبدو أي موقف معارض ـــ ولو من منطلق ديموقراطي ـــ يصبّ حسب تعبير صاغيّة في خدمة القوى «الطالبانيّة».
هذه هي الثنائية التي يدعو إليها صاغيّة، الثنائيّة المغيِّبة للخيارات السياسيّة البديلة واختزالها في خيارين اثنين لا ثالث لهما: إمّا أن تكون مع «القرضاوية» أو مع «الطالبانيّة»، مع الحكومات الحاليّة القمعيّة المستبدّة اللاديموقراطيّة التي بنظر صاغيّة «تتيح مجالاً ما للسياسة والمعارضة» (في السعوديّة؟) أو مع القوى الأصوليّة الطالبانيّة النزعة والتوجه»، أو بتعبير آخر «إما أن تكون معنا أو مع الإرهاب»، على حد تعبير جورج بوش.
«اليساري» يرفض الثنائيّات
وترجمة لهذه المقولة في الزمان و المكان اللبنانيين، يصبح على اليساري بنظر صاغيّة إمّا أن يكون مع تحالف الحريري ــ جعجع ــ جنبلاط أو مع تحالف حزب الله ــ عون. لأنه إن مارس النقد لقوى 14 آذار، يسهم في «تسمين الخطاب الأصولي الشعبوي».
لكنّ اليساري يرفض الثنائيات، وخاصة الطائفيّة الطابع، التي تختزل الإمكانات والآفاق الجديدة، فيقع في فخ التمترس القاتل المنهك والمهلك للبنان. عالمه عالم التحوّل المنفتح على الجديد في كل مكان. لا عقدة له أن يكون مع العدالة والمحكمة الدوليّة وإعلاء شأن الدولة؛ كما لا عقدة له أن يكون مع الجيش والمقاومة التي أطلق رصاصاتها الأولى في التصدّي لعدوّ طامع وحاقد على حدود لبنان.
اليساري لا عقدة له، لا بل في صميم وجوده، أن يكون إلى جانب عمّال لبنان وموظّفيه ذوي الدخل المحدود ضد جشع الآذارَيْن واقتتالهم على المحاصصة وكيفيّة قسمة الجبنة. لا عقدة له في مناهضة الإمبرياليّة ومعارضة السياسة الأميركية إن تعارضت مع مصلحة شعبه، كما كانت الحال في حرب تموز ولا تزال في لبنان، أو مع مصلحة أشقّائه في فلسطين والعراق على سبيل المثال. كما أنه لا عقدة له بالإقرار بأن الكثير الكثير من مشاكلنا في لبنان والعالم العربي، نحن مسؤولون عنها وليس أميركا. لا عقدة لليساري من الحداثة، بل هي مرامه. وذلك بعكس الذين يتشدّقون بالحداثة والاقتراب من «الغرب» ويلوذون بالصمت غير البريء حول ما يجري حولهم في بلدان عديدة، وخاصة في السعودية، مما لا علاقة له بالحد الأدنى من قيم الحداثة، ويدعون إلى إحياء «الصيغة» و«الميثاق» اللذين أتيا بالكوارث إلى لبنان. وكأنّهم، وبلا خجل، يوظّفون الحداثة في شركة الديموقراطيّة التوافقيّة والطائفيّة التي من أهم إنجازاتها، إضافةً إلى حروب أهليّة مستمرّة، العجز عن انتخاب رئيس جمهوريّة من دون «كلمات السر» من البعيد ومن القريب ومن الأقرب.
* كاتب لبناني مقيم في الولايات المتّحدة الأميركيّة