اسرائيلمحمد زكريا السقال

الأنتخابات الإسرائيلية أحلام وأوهام المراهنين

محمد زكريا السقال
خاضت أسرائيل معركتها الأنتخابية ، وكان الدم الفلسطيني وقضيته أهم البرامج الانتخابية ، سبعة ألاف بين شهيد وجريح، كانت بأجماع كل المرشحين في الدعاية الرابحة في الأنتخابات ، ووعود كثيرة بالقضاء على الفلسطيني المنكوب ، إجماع إسرائيلي على أن الفلسطيني ليس له حقوق ، متطفل إرهابي يؤرق أمن أسرائيل وهناك ضرورة التخلص منه .
التخلص من الفلسطيني هو المطبخ ومركز الأبحاث الذي تدار به الخطط وتدبر به السياسة ، وهنا النتائج تبقى في كيفية الخلاص من هذا الفلسطيني ، بالسحق والتشريد على طريقة ,,نتنياهو ،، مرشح اليكود و ,, ليبرمن ,, مرشح ,, إسرائيل بيتنا ,, أم بالتهجير ونسف البيوت وتطويع الفلسطيني ليكون في بلدية مسلوبة القرار على طريقة ,, ليفني ,, حيث لم يبتعد ,, باراك ,, كثيرا عن هذه السياسة الذي يريد سلاما مع الإحتفاظ بالمستوطنات وتوسيعها في الضفة والجولان ، وبهذا تكون أسرائيل قد أسفرت عن وجهها الحقيقي كدولة ذات أطماع كثيرة لأنها لا تحدد حدودها ولا تريد سلاما وتعايش ، وهذا ما نعتقده ونعرفه نتيجة البنية والوظيفة الاستعمارية الاستيطانية لها .
لم تكن النتائج التي أسفرت عنها مفاجئة ، بالحد الأدنى لنا بقدر ما أكدت الطبيعة الصهيونية لهذه الثكنة ، بل وأكدت أوهام اللاهثين وراء تسوية هذا الصراع العربي الأسرائيلي ، إلا أن الذي يجب ملاحظته هنا أنه بالقدر الذي تتهاوى به المنطقة العربية وتتشظى بالقدر الذي تتطاول أسرائيل وتعربد ، وتتجلى للعيان طبيعتها العدوانية والعنصرية ، معادلة واضحة للعيان ، بل نستطيع تأكيد السياق الذي أخذته هذه المعادلة فنقول أن الشرط الذي حددته أسرائيل للتسوية مع النظام العربي ـ تطويع المنطقة وتطبيعها للقبول بالسلام والتعايش معها ـ هو المقدمة لنزع أظافر الشعوب والجماهير من خلال الأستبداد والدكتاتورية كيما تملي شروطها على أنظمة لن تكون إلا صنيعتها من خلال تبادل الحماية والأمن وقد يلاحظ الكثيرون أن إسرائيل متعايشة ومتصالحة مع كل الأنظمة في المنطقة العربية ، المعترف بها والمطبع معها والذي ينتظر والذي يفاوض مباشرة أو مداورة أو بالوكالة ، والاعتراف بها سيكون سياق تطويعي أخر من خلال إيكال أمن هذه الأنظمة إليها .
طالعت كثيرا من المقالات والتحليلات التي تتبنى وجهة نظر أن نتائج الأنتخابات ستكون مخيبة لآمال الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي لمح للتدخل في ازمة الشرق الأوسط ولكن الكثيرين يتجاهلون أن الرئيس الأمريكي لم يعد بحلول فدفع عملية السلام في المنطقة لا يعني بالضرورة حل القضية وإعطاء الفلسطينيون حقوقهم حيث يتطلع الشعب الفلسطيني لقيام دولة مستقلة وعاصمتها القدس وتفكيك المستوطنات وتمكين اللاجئين من العودة لديارهم بناء على القرار الدولي 194 ولكن يبدو أن هذه المطالب العادلة ستتبخر في ظل السياسة العربية الراهنة ، والحكومة الأسرائيلية الجديدة التي يحتل اليمين الصهيوني مقدمة وطلائع قوائمها البارزة في الأنتخابات التي جرت ، وقد عودتنا الأدارة الأمريكية و الرئيس أنهم يتحاشون الضغط على أسرائيل ويتجنبون انتقادها ويتفادون أحراجها وسيكتفون بنقل مطالبها ومحاباة هواجسها ، قد لا يكنون إسرائيليون أكثر من الإسرائيلين في ظل ثقل الملفات الكثيرة والعالقة وعلى رأسها الأزمة المالية الخانقة التي مازالت تتفاعل ، وفي ظل ارتباط بنية النظام العربي ومصالحه وأمنه بالولايات المتحدة الأمريكية ، حيث سيبدو غير قادر على استغلال هذه الأزمة من زاوية الضغط وفرض مبادرته للسلام الذي وعد الشعب العربي بأنها لن تترك مركونة على الطاولة .
لهذا على الشعوب العربية والقوى التي ليس لها لا ناقة ولا جمل في السياسة المعومة والممارسة في المنطقة ، والتي لن تجلب لها سوى مزيد من البؤس والأرتهان والسرقة والنهب ، مضاف إليهم القمع والأضطهاد ، أن تخرج من كل المراهنات والأوهام التي يمارسها النظام العربي وأن يكون هدفها الأساسي هو إنتزاع حريتها وقرارها من خلال النضال للتغير الديمقراطي كي تأخذ دورها في تقرير مصيرها وحل كل مسائلها العالقة وعلى رأسها المسألة الوطنية التي لن تحل إلا بميزان قوى حقيقي تمتلكه الشعوب في السياسة والأقتصاد والسلاح الذي سيكون عند استعماله الحكم الفصل.
ولكن في ظل الأوضاع القائمة وفي ظل العسف الذي يعيشه المواطن الفلسطيني حيث المضايقات اليومية والسور الذي يمزق جسد الأرض الفلسطينية ويفصل الشعب والعائلات في مستوطنات شبيه بمستوطنات الموز في جنوب أفريقية واقتلاع الأشجار والاستيطان الذي لم يقف عند حد وتهويد القدس وتشريد أهلها والمضايقات التي تواجه الشعب الفلسطيني في مناطق 1948 ومضايقة العنصريون الصهاينة لأهالي عكا ومناطق أم الفحم والمثلث ، هذه الأوضاع الغير إنسانية وغير طبيعية ستكون في ظل الحكومة التي ستسفر عنها الأنتخابات والتي تؤكد عنصريتها وتطرفها مما يفرض على الشعب الفلسطيني ممثلا بكل قواه وممثليه أن يدرك أن مجابهة هكذا واقع يتطلب حكمة وسياسة واضحة وخطاب واضح وأول هذه المهام هو الوحدة الوطنية والبرنامج الوطني الذي يحدد الثوابت والتمسك بها وصياغة نضال متعدد الأوجه والأشكال والأنتفاضة هي أكثر الأشكال الملائمة لهكذا مواجهة لطبيعة الهجمة وحشد التضامن ومبادرة العدو من خلال طبيعته العنصرية والفاشية والتي ستبرز لوحدها وتتطلب رد عليها بموقعها كدفاع مشروع وهجوم سياسي أشد فتكا وضراوة ، لا نستطيع نحن الذين في الخارج تفصيل وصياغة نضال شعبنا في الداخل حيث هو أدرى بظروفه إلا أننا نحاول التفكير والترشيد من موقع أن الصراع قائم وسيطول .
محمد زكريا السقال
برلين / 13 / 2 / 2209

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى