الأزمة المالية العالمية

هكذا تحدث فولكر وكروغمان وستيفنز

سعد محيو
فلندقق معاً في المواقف التالية التي أدلى بها علية القوم في النظام الاقتصادي العالمي:
* بول فولكر (أحد أبرز المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي باراك أوباما): “الاقتصاد العالمي يتدهور ربما على نحو أسرع مما حصل خلال الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي. لا أتذكر أي وقت، حتى خلال الكساد الكبير(العام 1929)، تدهورت فيه الأمور الاقتصادية والمالية بمثل هذه السرعة وبهذا التماثل في أرجاء العالم”.
* بول كروغمان (أبرز المحللين الاقتصاديين الأمريكيين): “الأزمة الاقتصادية الراهنة تبدو أضخم حتى من أزمة كساد 1929. إنها بالأحرى تشبه الذعر الذي طرح الاقتصاد الأمريكي أرضاً سنة 1873 واستمر لمدة خمسة أعوام متواصلة. متى يمكن أن تنتهي الأزمة الحالية؟ لا أعرف، ولا أعتقد أن أحداً يعرف”.
* فيليب ستيفنز (كبير محللي “فاينانشال تايمز”): “لا أعتبر نفسي في عداد أولئك الذين يؤمنون بأن الركود الاقتصادي العالمي الحالي سيليه حتماً يوم آخرة سياسي واجتماعي. لكن ما أراه من انبعاث للقوميات والنزعة الحمائية في قلب الاتحاد الأوروبي يدفعني إلى الخوف. ما لم يتعلّق ساركوزي وبراون وميركل ببعضهم بعضاً الآن وفوراً، فسيعلّق كل منهم من رقبته على حدة قريباً”.
هل لاحظنا أوجه التقاطع في هذه المواقف الخطيرة؟
يفترض ذلك. فالأقطاب الثلاثة يُجمعون على أمرين اثنين متلازمين: الأول، أن الأزمة الاقتصادية الراهنة أخطر بكثير مما يظن حتى أكثر المتشائمين. والثاني، أنه على رغم الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول الذي أفرزته ثلاثة عقود من العولمة، إلا أن القادة السياسيين مازالوا يبحثون عن حلول في إطار الدولة  الأمة أو الدولة القومية، وليس في سياق حكومة عالمية ما.
هذا الشرخ الكبير بين السياسة والاقتصاد في العالم يُنذر، في حال استمراره، بعواقب ومضاعفات قد لا تخطر على بال، منها، على سبيل المثال، احتمال انشطار الاتحاد الأوروبي إلى اتحادين (شرقي وغربي) غارقين في لجج “حرب باردة” جديدة بينهما. وهو احتمال غريب ألمح إليه بقوة قبل أيام رئيس وزراء تشيكيا ميريك توبولانيك حين وصف دعوة ساركوزي شركات السيارات الفرنسية إلى سحب مصانعها من بلاده بأنها “أشبه بتخلي فرنسا عن تشيكوسلوفاكيا لهتلر العام 1938”.
وثمة مثال آخر لا يقل خطورة: في ندوة اقتصادية عُقدت مؤخراً في بروكسل، رحب مسؤول ألماني بالإجراءات المالية التي اتخذتها إدارة أوباما لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي عبر تخصيص 800 بليون دولار لإنعاش قطاعات العمل والأسواق، لكنه استدرك سريعاً ليقول إن هذه الخطوة “ستسكّن الألم، لكنها لن تعالج المرض”.
وحين سئل عن العلاج، أحال السائل إلى التاريخ مذكّراً إياه بأن أمريكا “لم تخرج من الكساد الكبير بسبب الإجراءات الإنقاذية التي اتخذها الرئيس رزوفلت بل بفضل الحرب العالمية الثانية”.
حسناً. الحرب العالمية الثالثة تبدو مستبعدة كلياً الآن بسبب توازنات الرعب النووي. لكن ما دون هذه الحرب ليس مستبعداً على الإطلاق: من الثورات الاجتماعية إلى الحروب الإقليمية الكبرى (أمريكا  إيران أو أمريكا  كوريا الشمالية مثلاً)، ومن احتمال انفجار أوروبا من الداخل إلى عدم اسقاط فكرة البروفيسور الروسي بانارين عن “حتمية” تفكك الولايات المتحدة إلى ست دول.
كل شيء يكون وارداً في السياسة حين يتهاوى الاقتصاد. وكل القلوب تتغيّر حين تصل المسألة إلى الجيوب.
الأدلة؟ فلنكرر التدقيق معاً بمواقف فولكر وكروغمان وستيفنز.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى