إسرائيل وحوار طهران – واشنطن
سعد محيو
تقرير لجنة الطاقة الذرية الدولية، الذي أكد أن إيران “عبرت العتبة التكنولوجية النووية” وباتت تمتلك ألف طن من اليورانيوم الكافي لصنع قنبلة نووية، كان بمثابة هِبَة مفاجِئَة من السماء سقطت مباشرة على “إسرائيل”.
فهذا التقرير سيستخدم الآن من جانب اللوبي اليهودي القوي في الولايات المتحدة للضغط على إدارة أوباما، ليس لتغيير وجهة نظرها في الحوار مع إيران (فهذا بات أمراً صعباً) بل لتغيير وجهة سير هذا الحوار في مجالين اثنين:
الأول، وضع شروط مسبقة على المفاوضات، في مقدمها ضرورة وقف إيران لعملية تخصيب اليورانيوم، وتمكين المراقبين الدوليين التابعين لوكالة الطاقة من التحقق والتحري من التنفيذ بدقة.
والثاني، وضع سقف زمني محدد لهذا الحوار لا يتعدى الأشهر، لمنع طهران من مواصلة لعبتها المفضلة في كسب الوقت.
بيد أن هذا لن يكون كل ما في الجعبة “الإسرائيلية”. علاوة على ذلك هناك على ما يبدو “خطط عملانية” لمواكبة الحوار الإيراني الأمريكي بما يكفل في النهاية نسفه أو إفشاله، تتراوح بين استئناف الحروب بالوكالة بين تل أبيب وطهران في المشرق العربي، وبين احتمال قيام الموساد بعمل إرهابي كبير ضد أمريكا وإلصاق التهمة بإيران أو حلفائها العرب.
الخيار الأول أكده قبل أيام وزير الدفاع “الإسرائيلي” باراك، الذي ألمح في محاضرة أمام كبار قادة الجيش “الإسرائيلي” إلى أن على “إسرائيل” مواكبة الحوار الأمريكي الإيراني بالتركيز على جبهة حزب الله وربما أيضاً سوريا. كما أكده وزير البحرية “الإسرائيلية” الجنرال ماروم، الذي نادراً ما يدلي بتصريحات، حين قال: “إن محور الشر الذي يتكوّن من إيران وسوريا وحزب الله وحماس، سيتطلب من “إسرائيل” شن حملة ضده تُستخدم فيها أفضل جهودنا وإمكاناتنا”.
وما طبيعة هذه الحملة؟
“هارتز” أجابت أنه يتعلق بنقل الاهتمام “الإسرائيلي” بالتدريج نحو الشرق والشمال، الأمر الذي يشي بإمكانية إعادة فتح الجبهة مع حزب الله وحتى ربما أيضاً مع سوريا، على حد قولها.
هذا عن الخيار الأول.
أما الخيار الثاني، أي شن عمل إرهابي “إسرائيلي”، فهو سيكون وارداً في كل آن حين نتذكر أن الدولة العبرية لم تتوان عن تدمير السفارتين الأمريكية والبريطانية في القاهرة خلال الخمسينات لمنع أي تقارب بين مصر الناصرية والولايات المتحدة، وحين تم ضرب سفينة التجسس الأمريكية “ليبرتي” إبّان حرب 1967 لتوريط واشنطن. وهي قد لا تتوانى الآن عن القيام بعمل أمني كبير سواء في الداخل الأمريكي أو في مياه الخليج ضد المصالح الأمريكية، مع ترك بعض “البصمات” التي تثبت تورط إيران.
كما هو واضح، كل الخيارات السلبية “الإسرائيلية” مطروحة على جدول أعمال الاحتمالات القوية، وهي احتمالات ازدادت قوة بعد تكليف نتنياهو تشكيل الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة، حيث أعلن هذا الأخير في أول تصريح له بعد التكليف أن إيران “هي الخطر الوجودي الأول على “إسرائيل””.
وبالطبع، حين يكون الخطر وجودياً، لا يكون ثمة بديل سوى شن “الحروب الوجودية”.
وهذا بالتحديد ما يبدو أن “إسرائيل” استعدت له حتى قبل صدور تقرير لجنة الطاقة الذرية الدولية، “الوجودي” بطبيعته هو الآخر.