الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

خسارة خاتمي لا تُحبط وفوزه لا يُريح !

سركيس نعوم
اثار ترشيح الرئيس الايراني السابق الدكتور محمد خاتمي نفسه لرئاسة الجمهورية قبل مدة قصيرة ارتياح اوساط عدة في الولايات المتحدة. ولهذا الارتياح اسباب عدة. منها انتماء خاتمي الى فريق الاصلاحيين داخل الجمهورية الاسلامية الايرانية بل تزعمه هذا الفريق مدة طويلة، وثقافته الواسعة، واطلاعه على ابرز الحضارات والثقافات العالمية، وانفتاحه على العالم، وابتعاده عن التزمت الديني والسياسي وربما القومي والمذهبي، وارتفاع نسبة احتمال نجاح الحوار الذي قرر الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما قبل دخوله الى البيت الابيض اجراءه مع الجمهورية الاسلامية الايرانية في حال كان رئيسها الدكتور خاتمي. ولا يقلل هذا الارتياح معرفة الاميركيين وتحديداً غالبية متتبعي شؤون المنطقة وخصوصا بعربها والمسلمين من قرب انهم اخفقوا في اقامة حوار جدي وفاعل مع خاتمي يوم كان رئيسا يحظى بثقة غالبية الشعب الايراني. وهو فشل مردّه في رأيهم امتناع خاتمي عن تخطي العوائق التي وضعها المتشددون في بلاده في طريقه وامتناعه، هو الرجل المحب للسلام، عن الانخراط في معركة معهم قد تؤذي النظام الاسلامي الذي هو في النهاية جزء منه، فيما يعود (اي الفشل) في رأي الايرانيين الاصلاحيين كما المتشددين الى عدم صدق نية اميركا في الحوار مع خاتمي والتوصل الى تسوية معه تنهي العداء بين واشنطن وطهران.
هل الارتياح الاميركي المشار اليه اعلاه في محله؟
عارفو الجمهورية الاسلامية الايرانية والمطلعون على تطورات الاوضاع فيها عن قرب لا يعتقدون ان هذا الارتياح في محله، ويعزون ذلك الى جملة اسباب. منها ان شخصية الرئيس السابق خاتمي لم تتغير. وهذا يعني انه، في حال فوزه، سيمتنع عن مواجهة الجهات ومراكز القوى الاساسية في النظام الاسلامي الحاكم لفرض رؤيتيه الداخلية والخارجية. والجميع يعرفون سوء العلاقة بينه وبين هذه الجهات والمراكز التي كان لها الدور الابرز في احباط رئاستيه السابقتين ولا بد ان يكون لها الدور نفسه في حال فوزه بولاية ثالثة. ومنها ايضا عدم توقع فوز الدكتور خاتمي في الانتخابات الرئاسية المقبلة لأن القوى التي منعته من النجاح في السابق، اي من تحقيق الانجازات داخليا وخارجياً، لا تزال موجودة في كل مفاصل النظام وتسيطر على كل تفاصيل الحركة والنشاط في البلاد، وهي مستعدة لمنع تكرار تجربة رئاسة خاتمي مرة ثالثة والعمل من اجل ايصال شخص يمثلها فعلا الى موقع رئاسة الجمهورية. وهذا الاستعداد كبير، وسيكبر اكثر لأن ايران واميركا تقفان الآن بعد سنوات طويلة من الاشتباك بل الحروب وإن بالواسطة على مفترق طرق. فإما أن تنخرطا في حوار جدي ومثمر أعرب الرئيس الجديد الاميركي عن رغبته فيه ولم تعترض ايران الاسلامية “المتشددة” على الاشتراك فيه اذا كان جدياً … واما أن تواصلا حربهما غير المباشرة التي قد تتحول مباشرة في يوم ما اذا وجدت اميركا ان ايران “استوطت حيطها” كثيراً وهدّدت مصالحها الحيوية جدياً، واذا اعتقدت ايران انها صارت في مرتبة متقدمة من القوة العسكرية والتحالفات الاقليمية تتيح لها خوض حرب مع اميركا والنجاح فيها، او على الاقل الصمود سواء كان قرار هذه الحرب اميركيا او ايرانيا.
طبعا يستدرك عارفو ايران الاسلامية المطلعون على اوضاعها ان لا احد يعرف من سيفوز برئاسة الجمهورية الاسلامية في هذه البلاد. اذ قد يكون الفائز الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد او مرشح جديد، لكن ما يعرفونه يشير الى ان المهم على صعيد الحوار الاميركي – الايراني ليس من سيفوز برئاسة ايران بعد اشهر، حتى لو كان نجاد “المتطرف” والمتشدد والرافض كما يوصف، فانه سينفّذ سياسة القوة الحاكمة الاساسية في ايران اي سياسة مرشد الجمهورية ويسمى الولي الفقيه آية الله علي خامنئي والحرس الثوري الايراني. فالاثنان معاً يملكان القرار النهائي، ولا يتفرد فيه اي منهما.
انطلاقا من كل ذلك يرى العارفون والمطلعون المشار اليهم اعلاه ان على اميركا اوباما أن تستعد للحوار جديا بصرف النظر عن نتائج الانتخابات. ذلك ان نتيجتها لن تكون ديموقراطية مئة في المئة رغم وجود بعض الديموقراطية في الانتخابات الايرانية عموما. والسبب هو القيود التي يمكن ان تمارسها مؤسسات النظام الاسلامي والتوجهات التي قد تعطيها للناخبين، والمصالح التي تؤمنها لهم. ويرون ايضاً، انطلاقا من ذلك، ان على الممسكين بالملف الايراني في هذه “الاميركا” ألا يشعروا بالاحباط اذا خسر خاتمي في الانتخابات، او بالتفاؤل اذا ربح.
النهار

يوم، غداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى