صفحات ثقافية

الحقيقة … أياً كان الثمن

null
أسامة أدور موسى
توقفت عن الكتابة منذ مايقارب السنتين بسبب ظروف كثيرة أحاطت بي مؤخرا، لكني لم استطع عن أمنع نفسي من الكتابة بعد انتشار خبر اختطاف و اغتيال الصحافي الشهيد سربست عثمان. وهذه ليست المرة الاولى الذي اكتب فيها عن المضايقات التي يتعرض لها الزملاء في اماكن مختلفة من العالم وأظهر تعاطفي مع الصحفيين ضد السلطات. فمن مقالي التضامني مع مراسل ال بي بي سي الان جونستون المنشور في عدة مواقع الكترونية، الى الحوار الذي أجريته مع احد الزميل أحمد آسو من اربيل حول وضع الحريات الصحفية في اقليم الشمال العراقي، رغبة مني في القاء الضوء على الضغوطات التي يتعرض لها زملاؤنا هناك نشر على موقع زهريرا الاخباري.
استغربت في البداية لماذا قتل هذا الصحافي الشاب الجريء، في ظل حكومة خبرت الظلم والقمع، وقاومت الدكتاتورية، وناضلت لاستعادة حقوق الشعب الكردي المضطهد، وازداد استغرابي عندما علمت ان المتهم الأول في قضية الاغتيال هم عناصر الأمن في الاقليم الكردي المستقل.
لكن سرعان ما تذكرت ان الطغاة هم الطغاة اينما كانوا، ولافرق بين عربي او أعجمي منهم الا بفنون التعذيب، وأنواع التنكيل، وأشكال القضاء على احلام الشعوب، و صنوف محاربة الحق ونصرة الظلم وممارسته، وأساليب هضم الحقوق واقتلاع الاحلام وهدم المستقبل ….. الى آخر القائمة. وهؤلاء لا هم لهم سوى البقاء في السلطة ولا غم عندهم الا ملء الجيوب بالاموال المسروقة من فقراء الشعب وكادحيه، (نحن وسربست منهم بلا شك) ولا خشية عندهم الا من أصحاب الفكر الحر النير والقلم الجريء اللاذع و الضمير الحي الرقيب، لانهم يشكلون المنغص المشاكس في طريق تعميق وتكريس الاستبداد و السيطرة ونهب الشعوب.
سرعان ما تذكرت أن الطغاة هم الطغاة في اي مكان يطلقون الشعارات الكبيرة لكن اذا ما وصلوا الى مشارف الكرسي ينقلبون على شعاراتهم ، ويتقنون (مثلما يفعل ساسوكي) فن التحول، الى دكتاتوريات مجرمة تستحق أوسكار أبشع جلاد بعد ان تكون هذه المجموعات قد عانت من كونها في دور الضحية مطولا .
الطغاة هم الطغاة في كل مكان، يخشون الكلمة فيعتقلون الأقلام و المحابر، لأنها تخدش عجرفتهم و تنال من هيبتهم. يخافون الحقيقة فيخنقون أصوات الصحفيين ويستأصلون حناجر الأحرار الذين يصرخون في وجه الظلم .
الطغاة هم الطغاة أينما كانوا، يحبون المتملقين والمتسلقين و”ماسحي الجوخ” ، و يكرهون أصحاب الآراء الجريئة. يفضلون من يكتب عنهم قصائد الشعر وأغاني البطولة وعبارات الثناء و الاطراء و التكبير و التعظيم .. ويسكتون من يتجرأ على الاعتراض، ومن يشير الى الخلل، ويتحدث عن التجاوزات.
الطغاة هم الطغاة اينما كانوا، يورثون أولادهم وإخوانهم وأولاد خوالهم وأعمامهم واقاربهم وأبناء عشيرتهم وطائفتهم المناصب و المواقع، كل المناصب حتى المعارضة لهم فيها موقع ….
لا مكانة لديهم للطاقات والكفاءات والافكار والإبداع والتميز .. الأولوية للقرابة و العائلة والصهر و أشدد كثيرا على الصهر …..
الطغاة بايجاز يا سادتي، هم الطغاة
جميعهم الى مزبلة التاريخ يذهبون
يخرجون من جحر الفئران كصدام
ويعلقون على المشانق كموسوليني
ويقتلون على ايدي شعوبهم كتشاوتشيسكو
يقذفون بالاحذية كاحمدي نجاد
يحاكمون في المحاكم الدولية كميلوسوفيتش
يصارعون الموت كشارون
ينتحرون منهزمين كهتلر
يحاصرون في أوطانهم كالبشير
يموتون تخمة كـــ ..
باختصار شديد ، وكي لا أكون التالي في القائمة بعد سربست : الخلود هو للحق و الحقيقة و العدل و الحرية والكلمة الحرة، أما الطغاة والطغيان والاستبداد والمستبدون فإلى جهنم وبئس المصير. واذا كنت يوما في عداد سربست ومن سبقوه الى قائمة الشرف والشهادة فليكن كذلك !! ولتكن الحقيقة …. ايا كان الثمن !!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى