قانون الاحوال الشخصية الجديد

حول قانون الأحوال الشخصية المنتظر

المحامية أمل يونس
إذا ما نظرنا نظرة سريعة إلى مشروع القانون المقترح كقانون جديد للأحوال الشخصية الس وري نجد وبكل تأكيد أنه قانونا متخلف بكل المقاييس القانونية والتشريعية والأسس التي بني عليها ولم يقدم أي خطوات أو أي تغييرات باتجاه إنصاف الأسرة السورية أو أي مطلب يلبي طموح المرأة السورية وبعيد عن تلبية الحاجة التشريعية القائمة بوجود قانون الأحوال الحالي الذي أصبح بحاجة ماسة للتغيير الايجابي وليس بمثل هكذا قانون قاصرا جدا عن أن يكون هو القانون المطلوب
وذلك لكونه:
1- لكونه مخالف لكافة المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والمرأة والطفل بدء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الى العهدين الدوليين إلى اتفاقية حقوق الطفل الى اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والتي توجب على الدول المنضمة اليها واجبا تشريعيا باتجاه تعديل تشريعاتها نحو ضمان حقوق المرأة والطفل والأسرة.
2- ويتعارض مع الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة 1993 لاسيما المادة الرابعة منه ويخل بقواعد تشغيل الأطفال من ناحية السن المبكرة في تشغليهم (16 سنه حددها القانون المقترح).
عربيا- هذا القانون يبعد كل البعد عن ما وصلت إليه قوانين البلدان العربية المتعلقة بالأحوال الشخصية لاسيما القانون المغربي والجزائري والتونسي وغيرها فإذا أجرينا مقارنة سريعة بينه وبين بعضها نرى ذلك بوضوح حيث المدونة الأسرة المغربية من البداية انطلقت من أن الأسرة المغربية قائمة على المسؤولية المشتركة والمودة والمساواة والعدل والمعاشرة بالمعروف والتنشئة السليمة للأطفال وهي لبنة جوهرية في دمقرطة المجتمع باعتبار الأسرة نواته الأساسية واعتمدت المدونة على الالتزام بأحكام الشرع ومقاصد الإسلام السمحة وأعمال الاجتهاد في استنباط الأحكام والاستهداء بما تقتضيه روح العصر التطور والتزام حقوق الإنسان عالميا والمواطنة وعلى إيجاد قضاء أسرة متخصص منصف وعادل وعصري وفعال وإيجاد منظومة تشريعية متكاملة ومنسجمة.
وقدمت المدونة العديد من الإصلاحات من أهمها – تبني صياغة حديثة بدل المفاهيم التي تمس بكرامة المرأة والإنسان وجعل مسؤولية الأسرة مشتركة بين الزوجين وجعل الولاية حقا للمرأة البالغة الراشدة وساوى بين المرأة والرجل في سن الزواج وحد من تعدد الزوجات وجعل الطلاق بأذن المحكمة وحق للزوج والزوجة وحافظ على حقوق الطفل بإدراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية في المدونة وجعل من حق الزوجين إدارة الأموال المكتسبة بعد الزواج بوثيقة مستقلة عن عقد الزواج
والقانونين المغربي والجزائري نصا على حقوق متساوية للزوجين ورفعا من سن الزواج وجعلا الحق للراشدة بعقد زواجها بنفسها وجعلا الشروط المتفق عليها بعقد الزواج ملزمة لمن التزم بها ولم تنص هذه القوانين على شرط الكفاءة وجاء القانون الجزائري على إعطاء المرأة حقها بأن تخالع نفسها مقابل مادي دون موافقة الزوج وغيره الكثير الكثير من الحقوق.
ومن العودة إلى القانون السوري المقترح نجد أنه يخالف كل ما ذكرناه أعلاه والأهم من كل ذلك أنه يخالف الدستور السوري نفسه في مواده25و44و45و36 و33 وغيرها والذي أكد على المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص وحماية الزواج والطفولة والأمومة وإزالة العقبات أمام المرأة السورية وتطورها ويخالف القانون المدني في قيام الأهلية بسن الثامنة عشر لمباشرة الحقوق المدنية.
ويتناقض مع الخطة الخمسية العاشرة التي أقرتها الدولة ومجلس الشعب التي فرضت ضمن الاستراتجيات إدخال التعديلات التشريعية للحد من العنف الواقع على المرأة وحماية حقوقها بما ينسجم مع سيداو وإصدار قانون مدني للأسرة يضمن حقوق أفرادها ويكرس المساواة الفعلية بين المرأة والرجل، وجاء التناقض والمخالفة الصريحة لكل ما ذكر في كل مواد القانون المقترح دون استثناء: فلم ينص على حقوق متساوية للزوجين، ولم يحم الطفولة، وحرم المرأة من حقها في اختيار الشريك، ولم يحد من التعدد، ولم يعدل سن الزواج ولا بشروطه، وبقي الحق للزوج في التدخل بعمل المرأة وسفرها وتنقلها، وبقيت إجراءات حل الزواج مجحفة بحق المرأة والأسرة وجهل للزوج الحق بطلاقها ثلاث مرات بجلسة واحدة..
وجاء على حالات جديدة أصبحت من الماضي البالي والمتهرئ مثل الايلاء والظهار واللعان والتي ينفى المرء العاقل حتى عن قراءتها ونص على ما يجعل التنافر الديني يسود بين أفراد المجتمع السوري مما يسئ الى اللحمة الوطنية القائمة في البلد وجاء على فرض أحكام تشريعية على قوانين الطوائف غير المسلمة في البلد وهذا غيض من فيض من المواد التمييزية بحق المجتمع السوري كاملا.
لهذا كله فأن هذا القانون أقل ما يقال عنه أنه ردة قوية باتجاه إعادة الأسرة السورية الى عصور ظلامية يخييم عليها التخلف ويدفع بالمجتمع السوري إلى الوراء ويجب إيقافه، والعمل على إصدار قانون أسرة عصري ينسجم مع واقع المرأة السورية والدستور السوري والخطط والاستراتجيات المقررة والمواثيق الدولية ومع تطور العصر والعلم بما يضمن حقوق متساوية ومكانة عالية للأسرة السورية ويساهم في أخذ المرأة دورها في بناء الوطن.
المحامية أمل يونس، (حول قانون الأحوال الشخصية المنتظر)
عن موقع “الثرى”، (6/2009)
للاطلاع على كامل مواد مشروع القانون الجديد يمكنك الذهاب الى الرابط التالي
https://alsafahat.net/blog/pdf/Syrian_safahat001.doc

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى