لا أحد أو… أحمدي نجاد
نصري الصايغ
يقف أوباما في وسط الربع العربي الخالي، ويتولى شرح الإسلام. يفيض في تحسين مقام الكلام. يشدد على نبذ العنف. يقارن العذاب الفلسطيني الصغير، ويأسف له، مستفظعاً الهولوكوست الجسيم، كأننا صانعو أفرانها.
يصفق له الصنم العربي المترامي الأطراف. يفرك يديه اطمئنانا لمآلات تخلفه. ويتنبه إلى دوره الجديد: «القبلة في اسرائيل».
تصغي اسرائيل لخطاب أوباما وتقرر الجواب عليه: القبول بدولة فلسطينية معتقلة براً وبحراً وجواً وأرحاماً. يصفق حاخامات السياسة والدين في جامعة بار ايلان، ويتساءل العرب: كيف الطريق الى تنفيذ «وعد نتنياهو»؟
الصمت العربي، ربُّ الربع الخالي من المحيط إلى الخليج.
خطاب أوباما رسا على علامات جيدة جدا، استحقها من قادة العرب، مع حماسة ومبالغة في الإشادة. (الجماهير العربية لم تتحرك، هل هي من هذا الربع العربي؟) خطاب نتنياهو رسا على تفهم أميركي، ولم يصلنا حتى اللحظة موقف متذمر أو غاضب أو مكتوم أو مغلوب على أمره، من أحد ما… يطلق عليه لقب قائد عربي.
لنفترض أن جوابا عربيا واجبا، بعد خطابي أوباما ونتـنياهو. لنـفترض أن أحدا سيقف في قلب جامعة عربية أو أكاديمية متـفوقة، ذات اختصاص سياسي أو علمي مرموق، ليحــدث العالم عن قضايا العرب. عن فلسطين، بعدما أخذها نتنياهو الى «يهودـية» ألصــقت بها بالقوة والعنف. لنفترض أن قائـدا عربيا ما، من فلسطين أو الـقاهرة، أو بيروت أو أرصفة العواصم العربية، فمن يكون؟
عبد الناصر مات، ومالت بعده مصر إلى شعار «مصر أولا». عرفات مات، أو أميت، وما تبقى منه لا يعدو أن يكون «لا أحد»، بتاتا.
من؟
لا أحد في هذا الربع الخالي، يقف ليقول: الجامعة العربية؟ خير ممثل شرعي للغياب العربي… الإعلام العربي؟ خير ناطق رسمي باسم الواقعية وموازين القوى؟
من؟
بلى، قد يقف أحمدي نجاد، لينطق باسم العرب، وعن العرب، ليدافع (مع أخطائه المتكررة)، عن فلسطين. وسيلومه عرب كثيرون جدا، لأنه متهم «بالفارسية»، ومصاب «بالتشيع»، ومدجج بالنووي، وطامح الى مد النفوذ، ويدعم «حماس» المشاغبة، و«حزب الله»، الذي كاد يقلب عنصر واحد منه النظام المصري.
بلى، قد يقف أحمدي نجاد، ليقول للغرب، (ولن يقتنع منه) بأن فلسطين للفلسطينيين، وان اسرائيل كيان عدواني، والاعتراف بها نسيان للجريمة والمذبحة الدائمة بحق الفلسطينيين. سيقول طبعا، كما قال سابقا، وارتد العالم عليه، عربا وعجما، واتهموه بالجنون والتطرف.
أجنون أن تقول: اسرائيل جريمة العصر؟ من يبرئها، فليعلن ذلك، وليقل بأي معيار أو مقياس أو أخلاق؟
أجنون أن تقول: من حق الفلسطيني أن يبني دولته الديموقراطية التي يعيش فيها جميع سكانها، بحرية وديموقراطية؟
أجنون أن يوصف الاستيطان بالسرقة، وعدوان غزة بالمجزرة، وحرب تموز بأم الكبائر اللاإنسانية؟
سيقول ذلك، وسينظّم عرب ما، صفوفهم، لرد العدوان الإيراني، عن الخليج واليمن وموريتانيا ولبنان وطالبان وأفغانستان والباكستان. سيضعون إيران ومن معها من العرب، في رأس قائمة المطلوبين، وسيعزفون على التخت الغربي: موسوي فاز، ونجاد مزوّر. سيرفعون صوتهم احتجاجا، وبشدة، فيما السلطة في بلادهم تنعم بالوراثة والتقمص البدني. ولم تعرف الانتخابات إلا في المنامات الموحشة.
ليس دفاعا عن أحمدي نجاد. فقد يصيبه نقد من أكثر من جهة. لكن نجاد هذا، هو الذي قد يدافع عنا. طبعا، عبر من يعرف كيف يترجم الدفاع، دعما وقوة لمقاومة، تخشاها إسرائيل… وأشقاؤها العرب.
أخيرا، قد يفضل العرب أن يدافع عنهم، أردوغان. فأحد ما، خير من لا أحد.