عودة رفسنجاني؟
ساطع نور الدين
خطاب عنيف يخمد الأزمة ويرجئ تفجرها الى مرحلة لاحقة: وجه مرشد الجمهورية الايرانية آية الله علي خامنئي في خطبة الجمعة في جامعة طهران امس انذارا صريحا ومباشرا الى الاصلاحيين بالكف عن الاحتجاج على الولاية الثانية للرئيس محمود احمدي نجاد، منعا لاي اختراق داخلي، ارهابي، لصفوفهم، او اي انتهاك خارجي لاستقرار ايران.
لم يكن يُتوقع من خامنئي ان يتخذ غير هذا الموقف بعد اسبوع على التظاهرات الشعبية في شوارع طهران، التي اثارت الشكوك حول مصداقية الانتخابات الرئاسية وربما ايضا حول استقرار نظامها السياسي. لكن اللغة التي استخدمها كانت قاطعة وحاسمة اكثر من نتائج فرز اصوات الناخبين الايرانيين الذين لا يمكن لاحد منهم ان يصدق ان نجاد نال بالفعل غالبية 62 بالمئة ، خصوصا انه اساء ادارة الاقتصاد الايراني ورفع معدلات التضخم والبطالة ، واساء تدبير السياسة الخارجية عندما وضع ايران في مسار تصادمي مع العالم كله من دون استثناء.
لن يزول التشكيك في النتائج، ولا في دور المرشد ولا في مرجعيته، الذي نزل للمرة الثانية الى تفاصيل المعركة السياسية الداخلية، بعدما كانت المرة الاولى قبل اربع سنوات عندما غامر بصداقته الشخصية مع احد ابرز رموز الثورة والدولة الاسلامية هاشمي رفسنجاني من اجل ان يأتي برئيس من خارج الوسط السياسي مثل نجاد.. قبل ان يضطر في خطبة امس الى تقديم ما يشبه الاعتذار من رفسنجاني عن الاتهامات التي وجهها الرئيس المنتخب اليه والى اسرته خلال الحملة الانتخابية الاخيرة.
ومثل هذا الاعتذار قد يعني ان خامنئي اراد تحييد رفسنجاني، الذي قابله لساعتين قبل الانتخابات، والذي يبدو انه استعاد خلال التظاهرات بعضا من دوره السياسي المفقود، وساهم في تغطية الاصلاحيين اكثر مما فعل عندما كانوا يخوضون معركتهم الاولى مع المؤسسة الدينية والامنية المحافظة، بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي. وهو دور يتخطى هذه المرة رغبة رفسنجاني الدفينة بالانتقام من المرشد الذي سبق ان اذله في المعركة الانتخابية مع نجاد، وسمح بشن الحملة على تورط افراد اسرته في الفساد..
واللافت ان خامنئي في خطبته نهى نجاد عن مواصلة هذه الحملة اذا لم تكن مستندة الى ادلة وبراهين، برغم ان الجمهور المحافظ بات يوجه عداءه نحو رفسنجاني بشكل خاص، ويحمله ضمنا مسؤولية انقسام الشارع وتجرئه الى هذا الحد على المؤسسة الحاكمة. وهو ما يوحي بان الرئيس السابق عاد مرة اخرى ليشكل مفتاح المواجهة السياسية الحالية وأحد اهم عناوينها.. من دون ان يعرف ما اذا كان سيقبل الاعتذار ام انه سيقود المعركة الاخطر مع المؤسسة الحاكمة التي نبذته قبل اربع سنوات.
الصراع لا يزال في بدايته. يمكن ان يخرج من الشارع نتيجة الانذار الشديد وغير المألوف الذي وجهه خامنئي، لكنه لا يمكن ان ينتهي الى هزيمة اصلاحية جديدة، بعدما اكتسب الاصلاحيون خلال تظاهرات الاسبوع الماضي زخما سياسيا اضافيا لا يمكن للمرشد ان يحتويه، لا سيما بعدما جزم مرة اخرى انه طرف.