الرموز لا تكفي لربح هذه المــعركة
روبرت فيسك *
لا تستطيع إطاحة ثورات إسلامية بواسطة أضواء السيارات. وبالتأكيد ليس بواسطة الشموع. ربما خدم الاعتصام السلمي غاندي بطريقة جيدة، لكنّ المرشد الأعلى لإيران لن يقلق من بضعة آلاف من المتظاهرين في الشوارع، حتى لو صرخوا «الله أكبر» من أسطح منازلهم كلّ ليلة. مناجاة الله هذه انطلقت من أسطح قندهار كلّ ليلة بعد الاجتياح السوفياتي لأفغانستان في 1979 ـــــ سمعته بنفسي في قندهار كما سمعته الأسبوع الماضي من أسطح طهران ـــــ لكنّه لم يوقف الروس عن مسعاهم كما أنّه لن يوقف الباسيج أو الحرس الثوري. الرموز لا تكفي.
في الأمس، أفصح الحرس الجمهوري ـــــ غير المنتخبين والذين لا يمثّلون شباب اليوم في إيران ـــــ عن تهديدهم المخجل للتعاطي مع «مثيري الشغب» بـ«طريقة ثورية».
الجميع في إيران، حتى من هم أصغر من أن يتذكروا مذبحة النظام بحق معارضيه في 1988 (عندما شنق عشرات الألوف كالطيور) يعرفون ما يعني ذلك.
إطلاق العنان لحشد من القوات المسلحة في الشوارع، والادعاء أنّ من يطلقون عليهم النار هم «إرهابيون» هما نسخة مطابقة لردة فعل الجيش الإسرائيلي على الانتفاضة الفلسطينية. فعندما يقتل رماة الحجارة المتظاهرون تعتبر غلطة هؤلاء، فهم يخالفون القانون ويعملون لمصلحة قوى أجنبية.
عندما يحصل هذا في الأراضي التي احتلتها إسرائيل، يدّعي الإسرائيليون أنّ قوى أجنبية كإيران وسوريا تقف وراء العنف. عندما يحصل ذلك في شوارع المدن الإيرانية، يدّعي النظام الإيراني أنّ الولايات المتحدة، إسرائيل وبريطانيا تقف وراء العنف.
وهي فعلاً انتفاضة، تلك التي اندلعت في إيران، مهما كانت أهدافها يائسة. ببساطة، لم يعد ملايين الإيرانيين يتقبّلون حكم القانون، بسبب اعتقادهم أنّ القانون أصبح فاسداً بعد انتخابات احتيالية. وقد ألغى قرار المرشد الأعلى علي خامنئي الخطير، بالوقوف وراء محمود أحمدي نجاد، أيّ فرصة له بأن يخرج من المعركة حكماً محايداً.
اعتقل أقرباء لعلي أكبر رفسنجاني، وهو حليف لمير حسين موسوي، ثم أفرج عنهم. ثمّ هدّد رئيسُ البرلمان موسوي بالاعتقال، لكن لم يقترب أحد من محمد خاتمي، وهو من رجال الدين الأكثر شعبية وحليف لموسوي.
كان موسوي رئيس وزراء، لكنّ خاتمي كان رئيساً للجمهورية. إيذاء خاتمي يعني سلب أي حصانة وحماية مستقبلية من طريق أحمدي نجاد. وحليف الأخير السياسي آية الله يزدي، الذي يرغب في أن يصبح المرشد الأعلى المقبل، خطر على خامنئي. وفيما يقول أصدقاء أحمدي نجاد إنّ كلّ جثة مدماة في شوارع المدن الإيرانية هي «إرهابية»، سيحتفي بها أعداؤه على أنّ أصحابها من الشهداء.
يحتاج موسوي حتى يفوز إلى أن ينظّم اعتراضاته بتجانس أكثر، لا الضرب على الحافر. لكن هل يملك خامنئي خطة طويلة الأمد غير البقاء فقط؟
(ترجمة ديما شريف
عن صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية)