فيسبوك.. تواصل بعجره وبجره
يقول الطالب الأميركي بجامعة هارفارد مارك زوكربير Mark Zuckerber إنه كان يهدف عندما أسس موقع فيسبوك في الرابع من فبراير/شباط عام 2004 إلى تصميم موقع يجمع زملاءه بالجامعة ويفتح لهم فرصة تبادل المعلومات والصور والآراء.
إلا أن النجاح الكبير الذي لقيه هذا الموقع شجع زوكربير على فتحه أمام مزيد من طلبة الجامعات والمدارس الأخرى, بل لم يلبث أن اقتنع -نظرا للإقبال الهائل على هذا الموقع- بأن يفتحه أمام من يرغب في الانضمام إليه في أواخر 2006, ليصبح اليوم أكثر الشبكات الاجتماعية شعبية على مستوى العالم.
الرسالة
وتتلخص رسالة فيسبوك, حسب ما هو منشور على موقعه, في منح مستخدميه القدرة على التعارف فيما بينهم وجعل العالم أكثر انفتاحا وترابطا, وهو ما يترجم في قيام ملايين الناس يوميا بتكوين صداقات جديدة وتوطيد علاقات قائمة أصلا ورفع عدد لا متناه من الصور على الموقع, فضلا عن تبادل معلومات وأفلام فيديو عبر فضائه.
المرتبة
وحسب موقع ألكسا فإن فيسبوك يحتل اليوم المرتبة الرابعة بين كل مواقع الإنترنت على مستوى العالم.
والبيانات التي أوردها موقع كومسكور تظهر أن عدد زوار هذا الموقع وصل أكثر من 307 ملايين عبر العالم وذلك في شهر أبريل/نيسان الماضي, بينما لم يتجاوز عدد مستخدمي مايسبيس الذي يعتبر أهم منافسي فيسبوك في مجال الشبكات الاجتماعية 127 مليون فقط.
وقد قدرت مجلة بيزنس ويك في أغسطس/آب 2008 قيمة فيسبوك الإجمالية بما بين 3,7 مليارات دولار وخمسة مليارات دولار.
تحفظات عليه
ورغم أنه بالفعل أصبح رائدا في مجاله, فإن كثيرا من مستخدمي فيسبوك, بدأ يكتشف أن ضره قد يكون أكثر من نفعه, فثمة من يتهمه باستباحة خصوصيات المشتركين وتسريب بياناتهم الشخصية، وثمة من يؤكد أنه يستغل من قبل جهات استخبارية للتجسس, ولا يتردد الكثيرون في شجب ما يروج عبر فيسبوك من عنف وكراهية وتمييز عنصري وما يمرر خلاله من أشياء تخدش الحياء وتشجع على نشر الرذيلة.
وكانت منظمة الدفاع عن حقوق المستهلك الأميركي قد اكتشفت قبل فترة أن فيسبوك غير في شهر فبراير/شباط الثاني الماضي وبصورة سرية بعض شروط استخدامه, فأبرز أنه “هو صاحب الحق الأبدي والشامل لكل ما ينشر عبره”.
ونص الموقع على أنك كمستخدم “تعطي فيسبوك حقا أبديا لا رجعة فيه ولا استثناء يخوله التصرف في كل ما تنشره عبره (مع التفويض بإعطاء رخصة ثانية لاستخدام المواد المنشورة) بما في ذلك النسخ والنشر والتوزيع والتخزين والتنفيذ، والنقل والمسح الضوئي والتحرير والترجمة والتكييف، أي إعادة توزيع أي شيء ينشر عبر الموقع”.
وهذا يعني أن فيسبوك قرر أن يستغل كل ما ينشر عبره, حتى لو قام الشخص بإزالة المادة أو إغلاق حسابه, حسب تعليق لمجلة أفريك مغازين على هذه الشروط.
ولولا يقظة المنظمة الأميركية المذكورة لانسحبت هذه الشروط على كل من يسجل في هذا الموقع, غير أن إدارته اضطرت للتراجع عنها وإن كان مؤسس فيسبوك أشار إلى أن هذا التراجع “ظرفي”, وهو ما فسره البعض بأنه يعني أن زوكربير ترك الباب مفتوحا أمام إضافة شروط على التسجيل عاجلا أو آجلا.
حجبه
وقد تعرض هذا الموقع للحجب في عدد من الدول العربية والإسلامية وغيرها لأسباب مختلفة, فمنها التي اتهمته بتعريض أمنها وأمن مواطنيها للخطر، ومنها التي رأت فيه أداة لإشاعة الفاحشة وتدمير القيم الأخلاقية، ومنها التي حجبته لأسباب سياسية.
فقد تم حجبه جزئيا أو كليا في البحرين وسوريا وإيران وتونس والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإسرائيل وغيرها.
لكن ذلك لم يؤثر بعد على التطور الهائل الذي يشهده هذا الموقع وغيره من مواقع الشبكات الاجتماعية، وهي تواصل زحفها لتلتهم مزيدا من وقت متصفحي الإنترنت وتساهم في تشكيل جيل يجعل من الفضاء الافتراضي, بضره ونفعه, وعجره وبجره خلفيته الثقافية.