لماذا هذا المشروع الأسود في هذا التوقيت؟
حبيب دانيال
لقد أثار هذا المشروع أقلام الأحرار وكل ذوي الإرادة الصالحة معبرين عن رفضهم لمشروع الجاهلية وعصور الانحطاط التي ظننا أنها انقرضت ودفنت في كتب التاريخ والغبار. لن أدخل في قراءة نقدية قانونية للمشروع تاركاً ذلك للاختصاصيين الذين لم يقصّروا أبداً في تحليل المشروع من كل جوانبه كاشفين عيوبه وضعفه وحجم المؤامرة الشيطانية.
السؤال الذي نطرحه هو حول توقيت هذا المشروع الرجعي؟ في وقت نشهد فيه نجاح للسياسة الخارجية وانفتاح العالم على سورية وسورية على العالم. لماذا الآن؟ ولماذا تستهدف الوحدة الوطنية والتعايش الأخوي بحفنة من خفافيش الظلام الذين ينشطون في الليل لأنهم يخافون من النور… نور الحرية ونور الحق والمساواة.
لقد وسم القرن الحادي والعشرين بسمة التطرّف الديني الذي أجج النعرات الطائفية والحروب في أجزاء كبيرة من عالمنا الجميل الذي اعتقدنا أنه كلما تطور الإنسان كلما اتجه نحو السلام كتعبير حقيقي عن هذا التقدم. وليس بالغريب أن نتأثر نحن أيضاً بهذه الموجة المعادية للإنسانية وللحرية الدينية التي ترد في نص الدستور.
الخطر الحقيقي هو في توقيت هذا المشروع وفي العقلية التي تقف وراءه. لقد جاء في وقت تبين فيه أن سورية قوية بوحدة شعبها ووعي شبابها وانفتاحهم على ثقافة الآخر بعدما رأوا التجربة العراقية واختبروها عملياً باحتكاكهم مع الإخوة المهجرين وخاصة المسيحيين الذي قتلوا وسلبوا واغتصبت نسائهم وبناتهم واختطف أولادهم ودمرت بيوتهم وسرقت أرزاقهم… كل ذلك ترك في ذاكرة ووعي الشباب السوري صورة سلبية رافضة للتطرّف الديني المعادي لروح الأديان الحقيقية ولقيمة الحياة والحرية.
عقلية هؤلاء الجبناء لم تتحمل قوة الحياة والوعي بين الشباب بل أرادت هدم كل ما بني في مجال الأسرة والمرأة والطفولة ليعيدوا الوطن إلى الوراء وذلك من خلال ضرب أكثر النقاط حساسية في بلدنا ألا وهي الطائفية.
نحن نقول لهم بأننا نرفض هذا المسخ رفضاً كلياً ولا مجال للمناقشة والتفاوض… فمن أنتم حتى تقرروا عنا وعن أولادنا حياتنا ومستقبلنا… من أنتم حتى تهدموا حريتنا ووحدتنا وتعايشنا… من أنتم حتى تشرّعوا لنا التخلف والتطرّف والجاهلية… من أنتم… ولماذا تخافون النور وتمرحون في الظلام… اظهروا واكشفوا عن وجوهكم السوداء… واعرفوا بأنكم لن تنجحوا في تجربتكم هذه للشعب الأعرق في العالم لأن نور الحق والحرية وحب أبناء سورية لوطنهم لن يدع نار حقدكم تحرقه لأن هناك من بقوة إيمانهم يشفعون بهذا التراب الغالي.
نساء سورية