المغنية السورية رشا رزق: خياراتي تمتد من الطرب الأصيل الى الأوبرا والجاز والبلوز

دمشق – من عامر مطر
تُغنّي، لتثبت أن بعض الأصوات مخلوقة من الملح، لأنها تدفع المستمع الى العطش إليها كلما سمعها أكثر، كما تدفعه الى الرقص والطرب والذاكرة. تُغنّي الفنانة السورية رشا رزق الجاز، والأوبرا، وموسيقى العرب الكلاسيكية، كما تكتب الأغاني وتلحّنها، وتغنّي للأطفال في شارات مسلسلات الكرتون. جاب صوتها بمساحاته المختلفة غالبية المدن السورية، والكثير من مدن العرب والعالم: بيروت، عمّان ، الدوحة، الكويت، دبي، باريس، مرسيليا، أثينا، وفرانكفورت. أدّت دور الساحرة الأولى في أوبرا “دايدو وإينياس” في تونس 2002، ودور البطولة في أوبرا “ابن سينا” في قطر 2003، ودور ميكائيلا في أوبرا “كارمن” في دمشق 2008، وتدرّس الغناء الأوبرالي في المعهد العالي للموسيقى في دمشق. أما في الجاز فشاركت في حفل افتتاح مهرجان الجاز في الدوحة 2004 مع مغنية الجاز دايانا ريفز، وعازف البيانو ميغال بورستلاب، إضافة لالى مشاركتها في مهرجان الجاز في دبي 2007 مع عازف الغيتار كمال مسَلَّم. سجلت ثلاث أغان مع فرقة era العالمية في ألبومها era 4 عام 2008، وذلك في استوديوات abbey road في لندن. غنّت للجمهور السوري في “الآرت هاوس” بعض الموشحات، وبعض الأغاني الطربية العربية، كما غنّت منذ أيام أعمالاً جديدة لها ضمن مشاركتها في مهرجان الزهور في دمشق. وقد عادت في أمسية “الآرت هاوس” إلى الماضي القريب مع أغاني عبد الوهاب ونجاة الصغيرة، وأسمهان، على رغم تصنيفها ضمن موسيقيي الحداثة في الموسيقى السورية، فما سبب هذه العودة؟
– لم أهجر هذه الموسيقى لأعود إليها. كانت موجودة دائماً في الكثير من حفلاتي. منها ما قدّمته العام الماضي في حفلات دار الأوبرا السورية، وضمن مشاركتي في مهرجانات الموسيقى الصوفية المتوسطية في فرنسا، ومهرجانات الموسيقى العالمية في ألمانيا، وفي دول أوروبية. تحت سقف الأنماط الموسيقية التي غنيتها، يمكنني القول إنني لن أهجر الموسيقى أبداً.
• لكنك نظرتِ باستمرار إلى الأوراق التي كُتبت عليها كلمات الأغاني، دل هذا على عدم حفظك للكلمات.
– نعم، لأنني قدمت حفلات متنوعة تفصل في ما بينها أيام معدودة، كحفل لموسيقى كلاسيكية فرنسية في دار الأوبرا السورية، وآخر في مدينة حلب، إضافة إلى استعدادي للسفر إلى لبنان من أجل حفل مع الموسيقي اللبناني زياد الرحباني، لذلك تعبت، وأُرهقت ذاكرتي لفرط الجهد في الفترة الأخيرة، فلم أحفظ الأغاني التي قدمتها.
• في أمسيتك الأخيرة ضمن مهرجان الزهور، قدمت بعض الأغاني الجديدة، لماذا تقدمين باستمرار أعمالك الجديدة للجمهور قبل تسجيلها؟
– ستظهر هذه الأغاني في الألبوم الجديد قريبا، استمر فيه على الخط الذي قدمته في الألبوم الأول. عادِة تقديم أغانينا الى الجمهور قبل تسجيلها، إنما هي دراسة لرد الفعل الأول للمستمعين.
• التنوع الذي شهدته رحلتك مع الموسيقى تدفع الى السؤال عن البداية. من أي الأنماط الموسيقية بدأتِ؟
– من الطرب الأصيل في البداية، بتشجيع من عائلتي منذ الطفولة، ومن أساتذتي في المدرسة. بعدها دخل الغرب إلى عالمي الموسيقي. سعيت بعطش خلف كل أنماط الموسيقى الحديثة، من الروك، والبلوز، والجاز بأنواعه. ثم كانت الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية (الأوبرا) خياري الأكاديمي الوحيد أثناء دراستي في المعهد العالي للموسيقى في دمشق، والآن هو مجال عملي بالإضافة إلى مجالات أخرى، كالجاز، والموسيقى العربية.
• لماذا كل هذين التشتت والتنوع في العمل؟ تعملين في الأوبرا والجاز والغناء للأطفال وكتابة الأغاني… أين أنت ؟ وما مشروعك الأهم؟
– أنا في هذه كلها، وهذا ما جعلني على ما أنا عليه الآن، وأستطيع الجزم بأن كل هذه الأمورعلى درجة واحدة وكبيرة من الأهمية بالنسبة اليَّ.
• اشتغلتِ مع فرقة “إطار شمع”، وفرقة “كلنا سوا”، وفرقة Anas and Friends، ألا يتشابه مضمون هذه الفرق، ويعد القائمون عليها مجموعة واحدة من الأشخاص؟
– تتشابه هذه الفرق في المضمون لا في الشكل، ويستطيع أن يلحظ ذلك من يمتلك دراية بهذه الأنماط الموسيقية، إذ تحاول جميعها تقديم موسيقى تعبّر عنها وعن واقعها بشكل حقيقي، وهي لا تقترح موسيقى تجارية لتبيع نفسها من جمهور معين، أو شركة معينة، أو حتى من أشخاص أو سياسات معينة. هي بكل بساطة تطرح واقع مجتمعها، وتقدم الفن الذي تؤمن به.
• لكن هناك فرق جديدة لا تقوم على الموسيقيين، كالفرق التي تقوم على ممثلي التلفزيون مثلاً.
– لِمَ لا. فمن يمتلك الموهبة والصوت والمعرفة الموسيقية والخبرة والوقت، ولديه مشروع موسيقي مهم، هو الموسيقي، والأجدر على تقديم الموسيقى الحقيقية. لكن هناك دخلاء على الفنون، كفن التمثيل مثلاً. هناك أشخاص لا يستحقون الفرص المعطاة اليهم على رغم  دخولهم على هذا العالم لإعتبارات غير فنية، وهناك المئات من الأشخاص لا يستحقون الوقوف على المسارح،  والأمثلة  في سوريا كثيرة جداً.
• على رغم غزارة إنتاجك، لم تصوري فيديو كليب شخصيا واحدا، هل يمكن تسمية ذلك بأنه رفض لهذه الطريقة في الإنتشار؟
– ليس رفضاً بالمعنى العام، بل أفضّل أن يكون جيدا من حيث النوع، ويعبّر عن العمل الموسيقي بشكل حقيقي، ولا يكون مقحما بشكل غير منطقي، فيظهر العمل بشكل لا يشبهني فيه، ولا يشبه عملي، أو يظهر بملامح شركة الإنتاج التي تجري وراء التسويق في الدرجة الأولى، كما أنني أعمل على النفس الطويل، لأن الوصول السريع يحتاج إلى الكثير من التنازلات، ولن أتنازل عن أي قيمة فنية.

النهار