هل كانت مسودة قانون الأحوال الشخصية أصل العلة أم نتيجتها..؟!!
ريما فليحان- الثرى
إلى أين نحن ذاهبون ..؟ سؤال يؤرقني منذ أيام..!
بدا كل شيء عندما بدأت كل تلك الجلبة التي أحدثها مشروع قانون الأحوال الشخصية.. ولم تنته عندما سمعت عن إيقاف المشروع لأنني سمعت أيضاً عن التغيير الذي سيصدر بمشروع قانون لاسم وزارة الأوقاف بحيث ستصبح وزارة الأوقاف والشؤون الدينية والدعوة والإرشاد!!
سبب أرقي هذا ليس التغير الحرفي الذي سيكون للوزارة ولكن ما قد يعنيه هذا التغيير أو يحمله بين ثناياه أو قد لا يحمله.. فربما يكون كل ذلك وهم ناتج عن الخوف الذي سبب الكابوس المتعلق بمشروع الأحوال الشخصية.. وربما هي مؤشرات يجب الانتباه إليها .. لا اعلم ربما.. فكل شيء يجري بعيدا عن الأضواء ضمن معادلات يصعب على المواطن البسيط مثلي أن يفهمها..! هل حقا نحن بحاجة فعلا لوزارة للشؤون الدينية ..!
منذ بدأت أعي ما يدور حولي.. أي منذ كنت في الخامسة وحتى اليوم عندما أصبح عمري أربع وثلاثين عاما، وأنا أدرك حقيقية واحدة لا يمكن لعقلي أو مشاعري أن تتقبل سواها، وهي أنني أحب هذا الوطن.. وطني المسمى سورية بكل ذلك التنوع الذي يحمله مواطنيه.. تنوع لم يشكل لي يوما إلا سببا إضافيا يجعلني أفاخر بالانسجام الذي يسود بين مواطنيه وبالبعد عن الطائفية والتخلف والتعصب و التي تشكل كارثة لدول كثيرة وتؤرق ساكنيها..
اذكر الآن كل تلك الدروس التي تلقيتها ضمن المناهج المدرسية في الثانوية والإعدادية .. عندما كان مدرس التاريخ يتحدث عن أوربا العصور الوسطى، وكيف كان تدخل الكنيسة في الدولة والحياة بشكل مبالغ فيه سببا لتخلفها وخنق علمائها بل وحرق نتاجهم العلمي في حينه..
أنا لا أقول أن شيئا مشابها يحصل لدينا لا سمح الله .. ولكن ما أخشاه هو شيء آخر.. شيء يتعلق بتوازنات موجودة أصلا في قلب المجتمع السوري توازنات تخلق ذلك الانسجام والتآلف الذي تحدثت عنه.. بحيث كفلت الدولة دائما بدستورها وقوانينها حرية المعتقدات ، دون أن يكون هناك تدخل في حياة وتفاصيل أي من الأقليات والفئات الأخرى التي تشكل نسبة كبيرة من مواطني هذا البلد..
سؤال واحد يدور في راسي الآن.. هل حقا نحن بحاجة إلى زيادة دور الدين في الدولة لنحقق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والقانونية كما صرح السيد وزير الأوقاف مع كل الاحترام والمحبة حقا للدين الحنيف وللمكانة التي تعنيها تلك الوزارة.. أم نحن بحاجة فعلا إلى بلد قادر على خلق توازنه الذي يتوافق مع دستوره بحيث تكون القوانين لكل الناس و هي المعيار الذي يفصل بين الخطأ والصواب.
هل مهمة الدين في بلد متنوع أصلاً، وضع الأسس والأنظمة؟ أم مهنته لا تتعدى تلك العلاقة بين الخالق والمخلوق بحيث تنظمها وتضع أسسها بحيث لا تتعدى الفرد ذاته إلى أفراد آخرين..؟
والسؤال الأهم : هل كان مشروع قانون الأحوال الشخصية سببا فعلا أم نتيجة لشيء غير واضح يذهب بنا إلى مكان مجهول المعالم؟….
أسئلة يحق لي أن اسألها كوني مواطنة سورية اعتز بهويتي وافتخر بتنوع نسيج وطني وبصداقاتي المتنوعة بحجم ذلك التنوع.. فنحن سوريين حتى العظم بغض النظر إن كنا مسلمين أو مسيحيين أو علويين أو دروز أو أي فئة أخرى
نحن سوريين نشكل معا بتآلفنا ومحبتنا لوحة فسيفسائية رائعة تشبه عراقتنا وأصالة بلادنا البعيدة عن التعصب والتزمت لأي فئة كانت.. يجب علينا مواطنين ومسؤولين إبقائها كذلك وحمايتها من أي مد لا يشبهنا ولا يشبه تلك اللوحة….
أرجو الانتباه..
موقع ثرى