صفحات مختارة

كيْ يكون اليسار سبيلنا إلى النهضة

* غسّان بن خليفة
لا يسعى هذا المقال إلى سرد تاريخ اليسار العربيّ بمختلف تيّاراته، ولا إلى تحليل أزمته الراهنة، بقدر ما يهتمّ بالتركيز على أحوال اليسار الديمقراطيّ القوميّ العربي، ومحاولة تلمّس آفاقه المستقبليّة.
I – أوضاع اليسار القوميّ الديمقراطيّ اليوم
يصعب المسحُ الدقيقُ لما وصلتْ إليه حالُ هذا اليسار. ولذلك سأكتفي بعددٍ من البلدان العربيّة التي أعرف شيئًا عن وضعها أو جمعتُ بعضَ المعلومات عنها. كما أنني لن أتحدّث عن حركاتٍ قد يعتبرها البعضُ يساريّةً وحدويّةً، كالبعث وأغلب الأحزاب الناصرّية، نظرًا إلى موقف الأول من المسألة الديمقراطيّة، ولالتباس علاقة بعض الناصريين (كأنصار فكر عصمت سيف الدولة) بأحد أهمّ المبادئ اليساريّة في رأيي، أي العلمانيّة، ومحدوديّةِ إيمانهم بالتضامن الأمميّ.1 كما يمثّل موقفُ بعض هذه التيّارات من حلّ قضيّة الصراع مع الصهيونيّة نقطة خلافٍ مع اليسار الوحدويّ الذي تؤمن كلُّ تيّاراته تقريبًا بحلّ الدولة الديمقراطيّة العلمانيّة الواحدة على أرض فلسطين.
يَشْهد اليسارُ القوميّ الديمقراطيّ في مختلف الأقطار العربيّة حالة من الضعف، شأن بقيّة التيّارات اليساريّة. ففي مصر، يمثّل “حزبُ التجمّع الوطنيّ التقدّميّ الوحدويّ” أبرز عنوانٍ في هذا الإطار. لكنْ، بعد بدايةٍ واعدةٍ لهذا الحزب في منتصف السبعينيّات، أصابه التهرّمُ والنخبويّة، ولم يعد له أيُّ دورٍ رياديّ في النضال ضدّ الاستبداد في مصر ولا في النضالات الاجتماعيّة. وعلى الرغم من تضحيات شبابه المناضل، فقد تحوّل إلى سياسة “الأَسقف المنخفضة،”2 فصارت معارضتُه للنظام ضعيفة، في حين تطرّف في معارضة “الإخوان المسلمين.” كما عارض التحرّكات الميدانيّة لحركات التغيير الديمقراطيّ ، كـ “كفاية” وأخواتها.
أمّا في تونس، فقد كان “التجمّع الاشتراكيّ التقدّميّ” (تأسّس في بداية الثمانينيّات) عنوانًا للتيّار اليساريّ الوحدويّ الديمقراطيّ في تونس، واعتُبر مثالاً للتجديد والدقرطة في الفكر اليساريّ، إذ تميّز بنقده للتجارب الاشتراكيّة الشموليّة في العالم، وبتأكيده العروبةَ ركيزةً أساسيّةً في خطابه. لكنه، مع نهاية التسعينيّات، راح يركّز على “الديمقراطيّة،” جاعلاً منها أولويّة في برنامجه، والمحدِّدَ الرئيسَ في تكوينه وتحالفاته. فسادت قراءةٌ تجعل من “التجانس الفكريّ” غيرَ ذي ضرورة، بل عقبةً أمام “التوحّد،” وفُتحتْ أبوابُ الحزب لأفرادٍ وتيّاراتٍ من خلفيّاتٍ إيديولوجيّةٍ مختلفة، منها غيرُ اليساريّ وغيرُ العلماني ومَنْ لا يعترف بالعروبة أصلاً! وتتوّج ذلك كلُّه في مؤتمر الحزب سنة 2001، حيث أُسقطت الاشتراكيّةُ من برنامجه وتمّ تغييرُ اسم الحزب إلى “الحزب الديمقراطيّ التقدّميّ.”3 وعلى الرغم من وجود تيّار يساريّ وازنٍ داخل الحزب، يصرّ على مسألة الفصل بين الدين والسياسة، فإنّ خطاب جزءٍ أساسيّ من قيادة “التقدّمي” متبرّئ من العلمانيّة.4 ولئن تميّز الحزبُ في العقد الأخير بكفاحيّته العالية في النضال الديمقراطيّ، فإنّ طرحه “اليساريّ الوسطيّ” في الجانب الاقتصاديّ ـ الاجتماعيّ لا يقدّم طرحًا مختلفًا جوهريّاً عمّا تطرحه السلطةُ الحاكمة.
أمّا في المغرب الأقصى، فقد انحسر التيّارُ اليساريّ القوميّ منذ اغتيال قياداتٍ يساريّةٍ كانت قريبةً من التجربة الناصريّة، مثل المهدي بنبركة وعمر بنجلّون. ولا شكّ في أنّ بروز المطالب الثقافيّة الأمازيغيّة جعل من التأكيد على الطرح العروبيّ أمرًا أكثرَ تعقيدًا. ومن ثم لا توجد في المغرب أحزابٌ يساريّة وحدويّة عربيّة، بل أفرادٌ ومجموعاتٌ منتمية إلى أحزابٍ يساريّةٍ صغيرةٍ نسبيًا، لعلّ أهمّها “حزبُ الطليعة الديمقراطيّ الاشتراكيّ.”
ويستحيل طبعًا عدمُ التطرّق إلى لبنان وفلسطين ـ وإلى حدٍّ ما الأردن واليمن ـ وجميعُها عرف تجاربَ متميّزةً ومترابطةً في هذا المجال. إذ فرّختْ تجربةً “حركة القوميين العرب،” لاسيّما بعد صدمة هزيمة 67، تجاربَ يساريّة قوميّة ثريّة ماتزال حاضرةً بقوّةٍ في وعي الشباب اليساريّ العربيّ اليوم. إلاّ انّ هذه التجارب انتهت إلى الانحسار الجماهيريّ. وتمثّل الجبهتان الشعبيّة والديمقراطيّة لتحرير فلسطين، وحزبُ الوحدة الشعبيّة في الأردن، والحزبُ الاشتراكيّ اليمنيّ، والحزبُ الشيوعيّ و”حركةُ الشعب” في لبنان، أبرزَ أمثلةٍ على ذلك. أمّا الخيبة الكبرى فكانت الانقلابَ الإيديولوجيّ لتجربة الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ، الذي كان يقود “الحركة الوطنيّة اللبنانيّة،” واندثارَ تجارب بدت واعدةً كتجربة “منظّمة العمل الشيوعيّ” في لبنان: فهذه المنظّمة التي أنتجتْ مثقّفين لامعين أسهموا ويسْهمون حاليّاً في تطوير الفكر السياسيّ اليساريّ الديمقراطيّ العروبيّ،5 أفرزتْ أيضًا نقيضَهم ممّن ارتدّوا عن أفكارهم وانخرطوا في التيّارت “الليبيراليّة” المتماهية مع سياسات “محور الاعتدال العربي.” كما أنّ أكبر الخيبات في هذا المجال ـ على الأقلّ بالنسبة إليّ ـ كانت تجربة “حركة اليسار الديمقراطيّ،” التي تحطّمتْ على صخرة الجمود الفكريّ لقيادتها، ولاسيّما شبه تقديسهم لفكرتَيْ “الدولة” و”الشرعيّة الدوليّة” (في سياقاتٍ لا تحتمل ذلك، في رأيي، كحالتيْ لبنان وفلسطين) وطموحاتها السياسيويّة.
وفي فلسطين المحتلّة عام 48، تبرز تجربة “التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ،” رغم خصوصيّة العمل في الهامش الضيّق للعبة السياسيّة التي أفرزها نظامُ الأبارتهايد الإسرائيليّ. إذ يمثّل الحزبُ، الذي أسّسه المفكّرُ والمناضلُ القوميّ ذو الخلفيّة اليساريّة د.عزمي بشارة، مثالاً يستحقّ المتابعة، لقدرته الكبيرة على الجمع بين المرونة السياسيّة التكتيكيّة (مثل قراره دخولَ البرلمان الإسرائيليّ مع ما ينجم عن ذلك من تطبيعٍ إلزاميٍّ مع بعض رموز الدولة الصهيونيّة) والثباتِ المبدئيّ خدمةً لأهدافٍ إستراتيجيّةٍ مناقضةٍ للمشروع الصهيونيّ. لكنّ التحدّي الكبير في ظنّي هو في حفاظ الحزب على وجهه الديمقراطيّ التقدّميّ، وعدم التحوّل إلى حزبٍ قوميّ محافظ.
طبعًا لا يتسّع المجال، ولا عدمُ اطّلاعي الكافي، للتعرّض إلى كلّ التجارب اليساريّة الديمقراطيّة الوحدويّة العربيّة ــ وهي عديدةٌ لا على المستوى الحزبيّ وحده، وإنّما أيضًا على مستوى المجموعات غير الحزبيّة والمثقّفين المنخرطين في الشأن العامّ مّن حَمَلة هذه القيم. وقد يلاحظ البعضُ، عن وجاهة، أنّ حدود تعريف هذه القيم فضفاضةٌ بعض الشيء؛ وربّما يستغرب البعضُ الآخر ذكرَ تجارب قد لا يراها متجانسة سياسيّاً أو إيديولوجيّاً. وهذا ما يستوجب توضيحًا أكثر دقّة للقيم الأساسيّة التي أدعو إلى أن تكون الأرضيّة الفكريّة السياسيّة لبناء التيّار اليساريّ الديمقراطيّ الوحدويّ، أو بالأحرى استئناف عمليّة بنائه.
***
II – أفكار لانطلاقةٍ نهضويّةٍ جديدة
1 – مرتكزات اليسار الديمقراطيّ الوحدويّ: من الضروريّ، إذًا، عرضُ القيم الأساسيّة المنشودة لهذا اليسار، الذي هو بمثابة الوريث الطبيعيّ لتيّارات اليسار القوميّ الديمقراطيّ الآنف الذكر. وبهذا المعنى فإنها قيمٌ “مُحيّنة” تستجيب لمستجدّات الواقع العربيّ والعالميّ، ولتطوُّرِ الفكريْن اليساريّ والوحدويّ. وهذه القيم هي:
أ) الحرّية بمختلف أشكالها. فإلى جانب الحرّيات العامّة الوثيقة الصلة بالنظام الديمقراطيّ (حرّية الإعلام، والتعبير، والتنظيم، والترشّح، والانتخاب،…)، هنالك مسائلُ الحرّيات الفرديّة. وهذه تشمل: حرّية الاعتقاد أو اللااعتقاد الدينيّ، والمساواة التامّة بين الجنسين، والدفاع عن حقوق الأقلّيّات الثقافيّة والإثنيّة في العالم العربيّ، والنضال البيئيّ، والدفاع عن الفئات المهمّشة من مُعطّلين عن العمل ومعوّقين ونساء ومثليين ومثليّات…
ب) العلمانيّة: وأعني العلمانيّة ذاتَ المضمون المنفتح، التي لا تعادي الدين أو المتديّنين، وتتعاطى بإيجابيّةٍ مع الموروث الثقافيّ ومع أهميّة الدين في المجتمع. إنّها، في المحصّلة، منظومة قانونيّة وتربويّة تؤكّد “الحياد الإيجابيًّ” للدولة تجاه كلّ الديانات والمعتقدات، وترسم حدودَ التمايز بين مجالَي الدين والسياسة.
ج) العدالة الاجتماعيّة: وهي تشمل مختلفَ الاجتهادات المتمحورة حول هذا الهدف العامّ، أكانت ديمقراطيّة اجتماعيّة، أم اشتراكيّة، أمْ شيوعيّة — شرط ألاّ تدعو هذه الأخيرة إلى إقامة نظام شموليّ باسم العمّال على شاكلة التجربة الستالينيّة.
د) العروبة: وهي عروبة قائمة على المُشترك الثقافيّ، وفي القلب منه اللغة، لا على أوهام النقاء العرقيّ أو الإثنيّ. عروبة تكرّس فكرة المساواة التامّة بين كلّ المنتسبين إليها، على اختلاف معتقدهم أو أصلهم الإثنيّ أو موقعهم الاجتماعيّ. فهي ذات “طاقةٍ وحدويّةٍ علمانيّةٍ حداثيّةٍ من الدرجة الأولى.”6 وهذا يعني تصوّرًا أكثر “ديمقراطيّة” للعروبة التقليديّة: لا أفضليّة فيه لبلدٍ (أو بلدانٍ بعينها) على البلدان الأخرى، باسم “الريادة التاريخيّة” أو غيرِها من المبرّرات لخطابٍ أو سلوكاتٍ تمّ تأويلُها (عن حقٍّ أو سوء فهم) على أنّها استعلائيّة، ولاسيّما في بلدان المغرب العربيّ، تجاه بعض بلدان المشرق والخليج. فبهذا المعنى وحده تكون الهويّةُ العربيّةُ الجامعة، إذا إعتُمَد تصوّرٌ تقدّميٌ لها، قادرةً على استيعاب التنوّع الإثنيّ والقوميّ داخل الإطار الوحدويّ الذي ستختاره الشعوبُ العربيّة (أكان فيديراليّاً أمْ كونفدراليّاً على شاكلة الاتّحاد الأوروبيّ). إنه تصوّرٌ يقْطع مع التعريفات “الإثنيّة” الشوفينيّة التي شابت خطابَ بعض الأنظمة الاستبداديّة من رافعي شعار “القوميّة العربيّة.”7 كما يعترف للأقلّيّات القوميّة غير العربيّة ليس بحقوق المواطنة للأفراد فحسب، بل أيضًا بـ”حقوقٍ جماعيّةٍ للجماعات التي تصرّ على تعريف نفسها كغير عربيّة عبر حركاتها القوميّة ضمن الدول القائمة.”8
هـ) الطموح الوحدويّ العربيّ: تمثّل الفكرة الوحدويّة العربيّة إحدى ركائز أيّ مشروعٍ مناهضٍ للهيمنة الرأسماليّة الأميركيّة على العالم، عبر تشكيل عالم متعدّدِ الأقطاب. كما أنّها مصلحة “شعبيّة” في الأساس. يقول المفكّرُ اليساريّ د. سمير أمين في هذا الصدد: ” تمتلك الطبقاتُ القائدة في هذا ]المقصود: الانقسام العربيّ[ مصالحَ موضوعيّةً، فى حين أنّ الشعوب تمتلك أقلَّ بكثير، وهى بحاجةٍ ماسّةٍ إلى كسر هذا القيد من أجل أن تحقّق تقدّمًا حاسمًا.”9 لكنّه يضع لذلك شرطًا مهمّاً، هو أن تكون هذه الفكرة الوحدويّة ذاتَ مضمونٍ ديمقراطيّ قادرٍ على “الاعتراف بالتنوّع.”10 وعليه، يجب أن تكون الوحدة العربيّة نتيجة لمسار ديمقراطيّ تدريجيّ، يحفظ لكلّ شعبٍ عربيّ سيادةَ قراره، ولكلّ بلدٍ خصوصيّاتِه الثقافيّة. كما يجب التأكيد على أنّ الوحدة العربيّة ليست غاية لذاتها، وإنّما وسيلة لتحقيق النهضة العربيّة ذات المضمون التقدّميّ الاشتراكيّ.
و) حلّ تقدّمي لقضيّة فلسطين: وهذا يشمل ضمانَ كافّة الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ على كامل أرض فلسطين، وعلى رأسها “حقّ العودة” – ومن نافلة القول أنّ ذلك يستوجب تفكيكَ نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ. ويشمل هذا الحلّ أيضًا الاستجابة للمطلب الأخلاقيّ بإيجاد صيغةٍ لدمج من يقبل من اليهود الذين وٌلدوا وعاشوا في “إسرائيل” التخلّيَ عن الصهيونيّة. وتمثّل “الدولة الديمقراطيّة العلمانيّة الواحدة” الحلَّ الأكثر استجابةً لهذه المبادئ حاليّا، وقد رفعه اليسارُ الفلسطينيّ والعربيّ منذ الستينيّات. لكنّ ذلك لا يعني عدم إمكانيّة تطويره أو اجتراح حلول أخرى بما يضْمن المحافظة على عروبة فلسطين.
ز) اعتبار قضيّة كلّ أمّة أو إنسانٍ مظلوم في هذا العالم قضيّةً تخصّنا وتستوجب منّا أقصى درجات التضامن والنضال المشترك: وهذا يمرّ بالضرورة عبر تقديم الهمّ الإنسانيّ في مختلف أنحاء العالم على المصالح القوميّة الضيّقة، لاسيّما عند تعلّق الأمر بقضايا وحقوقٍ تهمّ الجميعَ، مثل: البيئة وحقوق الأفراد والجماعات وحقّ تقرير المصير. وهذا لا يتناقض أبدًا مع أولويّة التعامل مع المجال القوميّ، مسرحِ الأحداث والنضال اليومي.
أما من أين نستلهم هذا المشروع، فمن التجارب الماضية (أبرزها التجارب التنظيميّة والفكريّة التي أسّسها جورج حبش) والحاضرة في منطقتنا العربيّة، ومن تجارب أخرى في العالم جَمعتْ بين الفكر اليساريّ (بمختلف أطيافه) والفكر الوحدويّ. ولعلّ تجربة اليسار الوحدويّ في أمريكا اللاتينيّة، من غيفارا الثوريّ إلى شافيز البوليفاريّ، أبرزُ وأقربُ مثالٍ في هذا السياق.
2- العوامل الموضوعيّة والذاتيّة لتشكّل هذا التيّار: ليس الهدف من طرح هذا المشروع خلق تنظيم سياسيّ جديد، وإنّما أنطلق ممّا أعتقد أنّه حاجةُ المجتمعات العربيّة إلى قطبٍ يساريٍّ ديمقراطيٍّ وحدويٍّ وازن، يمثّل بديلاً ذا صدقيّة ومَخرجًا ممكنًا من حالة الاستقطاب الثنائيّ بين الأنظمة الحاكمة والحركات الإسلاميّة… هذا مع الأخذ بعين الجدّ الدورَ التخريبيّ للعامل الخارجيّ، ممثّلا في التحالف الإمبرياليّ ـ الصهيونيّ وضرورة التصدّي له.
وقد يجادل أناسٌ باستحالة الأمل في مشروع كهذا، استنادًا إلى التجارب السياسيّة المذكورة أعلاه. لكنّ ما قد لا يلحظونه هو وجودُ إرهاصاتٍ لحراكٍ يختمر ببطء، وغالبًا بعيدًا عن أضواء الإعلام، يصبّ في اتجاه تبلور ذلك المشروع. وهذه الإرهاصات هي نتيجة لتشابك عوامل وأحداثٍ عديدة، أبرزها: i) غزوُ العراق سنة 2003 ، واتّضاحُ نوايا أميركيّة وإسرائيليّة في تحويل المنطقة العربيّة الى حالةٍ من الطوائف والمذاهب والإثنيّات والقوميّات المتصارعة، بما يقضي على أحلام النهوض العربيّ؛ ii) انكشاف كذبة “تشجيع الديمقراطيّة” في غير بلدٍ عربيّ، ومواصلة تزكية الأنظمة الديكتاتوريّة على قدر تواطئها مع المشروع الأمريكيّ في المنطقة؛ iii) تراجع قدرات الهيمنة الإسرائيليّة بعد حربيْ 2006 و2009 ، بفضل استبسال المقاومة اللبنانيّة وصمود مقاومة غزّة وأهلها؛ iv) بروز مساوئ النظام الرأسماليّ المعولَم، وعدم نجاح الدعاية “النيوليبيراليّة” في إخفاء وجهه القبيح؛ v) الصعود اللافت لليسار في أميركا اللاتينيّة، عبر صناديق اقتراعٍ ضحّت شعوبُ تلك المنطقة كثيرًا كي تجعلها تنطق بإرادتها الحرّة، رغم قمع الأنظمة الديكتاتوريّة التي تسندها الولاياتُ المتّحدة.
كلّ هذه العوامل الموضوعيّة أدّت الى بداية تشكّل وعيٍٍ جديدٍ في الوطن العربيّ، وبخاصّةٍ لدى شبابٍ غير راضٍ بأوضاع أمّته. لكنّ هذا الشباب، الذي لا ينتمي في معظمه الى أحزابٍ سياسيّة،11 يحتاج إلى وجودٍ ملموسٍ لهذا البديل الديمقراطيّ التقدّميّ، وإلى أفكارٍ وبرامجَ واضحةٍ عن سبل تحقيق التغيير المنشود؛ فمن دون هذه الأدوات، يُخشى أن يدبّ اليأسُ في نفسه، فيَنزع إلى الاستقالة والعودة إلى الاستهلاك، أو إلى تيّارات التطرّف والماضويّة.
3 ـ بناء حركة مجتمعيّة متعدّدة الأبعاد: لا يعني ما سبق غيابًا كلّيّاً لعناوين دالّةٍ على هذا المشروع، لكنّ الموجودَ منها أشبهُ بمؤشّراتٍ متفرّقة. فعندنا مثقّفون ومثقّفاتٌ دأبوا منذ زمنٍ على تقديم رؤيةٍ نقديّةٍ للواقع العربيّ، مختلفةٍ جذريّاً في بعض الحالات مع الممارسات والشعارات التي تروِّج لها القوى المهيمنةُ، المتحكّمةُ في أدوات الحكم السياسيّ والسيطرة الاقتصاديّة، أو المعارضةُ لها، فضلاً عن قوى الهيمنة الخارجيّة. كما نمتلك فنّانين متألّقين يَحملون هذه القيم ويلهمون بفنّهم شرائحَ واسعةً من الشباب. وصارت عندنا منابرُ ثقافيّة وإعلاميّة، تتميّز، على ندرتها، بجودة المضمون وجذريّته. وعندنا أيضًا شبابٌ منخرطٌ في العمل الاجتماعيّ بأشكاله المتعدّدة: النقابيّة، والحقوقيّة، في “المنظّمات غير الحكوميّة” أو الأهليّة وغيرها. وأخيرًا، لدينا شبابٌ عاد يستهويه النضالُ السياسيّ، لكنه لا يجد غيرَ أحزابٍ مترهّلة، على رأس أغلبها قياداتٌ هرمةٌ (في الفكر قبل السنّ) غيرُ قادرةٍ على التجديد والإبداع، ويَفرض عليها اختلالُ موازين القوى لصالح الأنظمة الحاكمة معادلاتٍ صعبةً وحساباتٍ ضيّقةً تؤدّي إلى كبح اندفاع الشباب، فيخسر المجتمعُ برمّته أجيالاً متلاحقة ذات طاقاتٍ كامنةٍ للإبداع والثورة.
السؤال الذي يطرح نفسَه إذنْ: كيف نجمع بين مختلف هذه الحلقات بهدف بناء تيّارٍ مجتمعيٍّ واسع، يعمل بذكاءٍ ونجاعةٍ وطول نفسٍ لتغيير أوضاع مجتمعاتنا وأمّتنا؟ والجواب الذي أقترحه هو: بالسعي إلى أن يشعر أعضاءُ هذه الحلقات بأنّهم ينتمون إلى مشروعٍ كبيرٍ واحد، وان اختلفتْ ميادينُ فعلهم المباشر، بحيث يعملون، كلّ من موقعه، على بناءٍ حركةٍ مجتمعيّةٍ متعدّدة الأبعاد، لكنها تتفّق جميعُها على القيم العامّة للمجتمع البديل الذي ننشده، قيم اليسار الديمقراطيّ الوحدويّ التي تعرّضنا إليها سابقًا.
أ) المثقّفون: من أبرز المثقّفين والمثقّفات الدّالين على إمكانيّة البديل الديمقراطيّ الحداثيّ العروبيّ: فوّاز طرابلسي، نهلة الشهّال، عزمي بشارة، سماح إدريس، أسعد أبو خليل (ذو الشعبيّة المحترَمة عند قطاع من الشباب العربيّ المسيّس)، المنصف المرزوقي، هيثم منّاع، نوال السعداوي، إلياس خوري، بيار أبي صعب، جورج قُرم، برهان غليون، توجان الفيصل، عمر البرغوثي، وغيرهم وغيرهنّ. لكنْ لا شيء يدلّ على أنّهم يحملون رؤية عامّة متجانسة لمستقبل العالم العربيّ؛ وهم بالتأكيد مختلفون في عددٍ من القضايا؛ كما أنّ درجة يساريّتهم و”وحدويّتهم” متفاوتة. غير أنّ ما يجمعهم من القيم الأساسيّة المذكورة أعلاه أهمُّ وأوسعُ بكثيرٍ ممّا يفرّقهم.
ثم إنه لا شيء يوحي أنّ هؤلاء المثقّفين ينْظرون إلى أنفسهم كحمَلة مشروع عامٍّ واحد، ولا أنّهم يعملون بشكل جماعيّ أو ينسّقون في ما بينهم لتحقيق أهدافٍ بعينها. وإنّما يسعى كلٌّ منهم، عبر علاقاته، وبحسب اهتماماته، إلى الإفادة بمعارفه وجهده، وذلك عبر منبرٍ ما أو في إطار ثقافيّ أو سياسيّ أو أكاديميّ ما. ويفتقر العديدُ منهم إلى أُطُرٍ للتواصل مع الأجيال العربيّة الشابّة. ولهذه الأسباب أرى ضرورة أن ينظّموا أنفسَهم في إطار تنسيقيّ أو شبكيّ ذي هويّةٍ واضحة، بما يتيح لهم الحدَّ الأدنى من التواصل والعمل المشترك، وبما يَسمح لتلك الأجيال الشابّة التي تنظر إليهم بإعجاب، كأفراد، أن تراهم كمجموعةٍ حاملةٍ لهويّةٍ ومشروعٍ متكاملٍ لتغيير الواقع العربيّ.
لا، ليس المطلوب من هؤلاء المثقّفين أن يكوّنوا تنظيمًا سياسيّا ـ فأغلبُهم لا يقْدر ولا يرغب في العمل السياسيّ المباشر. بل المطلوب أن يعتبروا أنفسَهم جزءًا من تلك “الحركة المجتمعيّة” المتعدّدة الأبعاد، يلعبون فيها دورَهم الأساسيّ كمثقّفين عضويّين: لا يستنكفون من السياسة، ومن التعبير عن مواقفهم بشجاعة، ومن المشاركة المباشرة في تحقيق ما يدعون إليه. أمّا العمل السياسيّ المباشر، أي التنظيميّ الميدانيّ اليوميّ، فيجب أن يقع على عاتق “حلقةٍ أخرى” من الأشخاص الحاملين لهذه المُثُل، لكنهم أكثرُ استعدادًا لمهامّ التنظيم والمتابعة اليوميّة.
ب) الناشطون السياسيّون: هنا نوضح أنّ هؤلاء ليسوا مجرّدَ أدوات تنفيذٍ لأفكارٍ يسطّرها لهم “المثقّفون،” بل يجب أن يكونوا، بدورهم، من ذوي التكوين الفكريّ المتين. يجب النظرُ إلى الأمر، إذن، على أنّه توزيعٌ مرنٌ ومتناغمٌ للمهامّ والأدوار، بما تَسمح به قدراتُ كلّ شخص. فليست هناك تراتبيّة تنظيميّة، ولا فصلٌ بين مختلف حلقات هذه الحركة المجتمعيّة الشاملة، بحيث يمْكن ناشطًا سياسيّاً أن تأخذه تجربتُه إلى موقع المثقّف، أو إلى غيره من المواقع، أو إلى الجمع بين عدد منها إذا إستطاع ان يكون ناجعًا فيها جميعًا. يجب، في رأيي، أن تكون المهمّة الأساسيّة لهذه الحلقة هي بناء تنظيم سياسيّ عصريّ ومبدع في هيكلته وأساليب نضاله وخطابه: تنظيم على مستوى قوميّ، يتفرّع قطريّاً ـ ليس بالضرورة إلى فروعٍ تابعةٍ لهذا التنظيم نفسه، وإنما قد تكون حركاتٍ أو أحزابًا موجودةً يرى الناشطون السياسيون في كلّ قطر قدرةً على “استصلاحها” و”تجذيرها.”
ج) الناشطون الاجتماعيون: لهؤلاء في اعتقادي دورٌ محوريّ في بناء هذا المشروع وإنجاحه. فمن الأخطاء الفادحة التي وقعتْ فيها حركاتُ التغيير في بلادنا، ولاسيّما حركاتُ التغيير الديمقراطيّ التي ظهرتْ في السنوات الأخيرة من نوع “كفاية” في مصر و”18 أكتوبر” في تونس وغيرها، أنّها كانت دائمًا تأتي “من فوق،” أيْ من ميادين السياسة والثقافة والإعلام. وفي المقابل، كانت هنالك أيضًا حركاتٌ يساريّةٌُ اعتقدتْ أنّها تعمل “من تحت،” من خلال نظرةٍ “عمّالويّةٍ” همّشتْ دورَ الثقافة والفنّ والإعلام، فبقي العملُ التحتيّ مقتصرًا على “اختراق النقابات الصفراء،” وذلك في تطبيقٍ أرثودوكسيّ لتجربة الثورة البولشيفيّة ولأفكار لينين.
المطلوب إذًا هو أن يكون هناك من يجعل أولويّته العملَ الميدانيَّ عن قرب مع النّاس، في مختلف أماكن وجودهم، من أجل تحقيق قضاياهم اليوميّة، أيْ تلك التي قد لا تكون ذاتَ علاقةٍ مباشرةٍ بالقضايا السياسيّة.12 هنا كانت نقطة الضعف الكبرى لمختلف تيّارات اليسار العربي! فقبل أن نحدِّث النّاسَ عن الديمقراطيّة والدستور والتداول السلميّ على الحكم وغيرها من المبادئ التحرّريّة الرائعة، علينا أن نسمع منهم عن مشاغلهم اليوميّة: عن مشاكلهم في السكن والعلاج والشغل وفي تربية الأبناء وتسديد أقساط القرض. وعلينا ألا نكتفي بالسماع، بل أن نعمل معهم على حلّ قضاياهم بأساليبَ نضاليّةٍ أخلاقيّةٍ تبعدهم عن شراك الزبونيّة السياسيّة والانتهازيّة والرشوة وغيرها من “الحلول” التي يفرضها عليهم نظامُ الاستبداد الحاكم مستغلاً قلّة حيلتهم. هنا يكون المكانُ الأوّل لليسار الديمقراطيّ الوحدويّ: بين الناس ومعهم، في الحيّ والمستشفى ومدرسة الأطفال والشغل والمقهى والمسجد وملعب كرة القدم وكلّ الأماكن التي تمثّل لهم أهمّية. علينا أن نكافح معهم، بكلّ تواضع وطول نفس واستقامةٍ أخلاقيّة، من أجل تحقيق انتصارات صغيرة تحسّن من واقع حياتهم، وتعيد إليهم الثقة في جدوى المطالبة بالحقوق عبر الإصرار عليها وعن طريق العمل الجماعيّ المنظّم. كلّ ذلك من دون أن نفكّر في الكسب السياسيّ المباشر من انخراطنا في هذه النضالات، ومن دون رفع الشعارات “الكبيرة” التي قد تخيفهم. عندها نكون ساهمنا في تسييس وعيهم بشكلٍ تدريجيّ، وفي مساعدتهم على استكشاف قدرتهم على تغيير واقعهم بأنفسهم من دون ارتهانٍٍ بأحدٍ أو منّة منه. ومن البديهيّ أنّ النّاس سيهتمّون شيئًا فشيئًا ببقيّة ما نطرحه من أفكار ومطالب، ويقتنعون بترابط المطالب الكبيرة بمطالبهم “الصغيرة،” بما يعزِّز استعدادَهم للنضال والتضحية من أجل الأولى أيضًا. وعندها ستكون للقوى التقدّمية العربيّة القاعدةُ الاجتماعيّةُ التي طالما افتقدَتها.
د) الفنّانون: لا يتجاوز المطلوب من أشخاص أمثال مارسيل خليفة، وزياد الرحباني، وريم البنّا، وأنور براهم، وشربل روحانا، أن يواصلوا إلهامَ الشباب العربيّ معانيَ الثورة على السائد. لكنْ من المهمّ أن يعوا أنّهم جزءٌ من مشروعٍ واسعٍ ذي عناوين واضحة. ومن المهمّ أن يعرف الشبابُ، بدوره، أنّ فنّانّيه المحبوبين جزءٌ من هذا المشروع. فهذا “الوعي المزدوج” قادر في رأيي على خلق ديناميّة أملٍ وتغييرٍ لافتة يكون الشبابُ العربيّ عمودَها الفقري.
هـ) المنابر الإعلاميّة والثقافيّة: في العصر الذي نعيشه، ورغم الدعاية النيوليبيراليّة الفجّة عن “نهاية الإيديولوجيا،” تبقى للأفكار وظيفةٌ كبرى في تغيير الواقع. فلا يمْكن تصوّرُ حركةٍ تريد تغييرَ أحوال مجتمعاتٍ متأزّمةٍ من دون وسائل إعلام وتثقيف. وعليه، لا بدّ من التفكير جدّيّاً في بعث أدواتٍ إعلاميّةٍ واسعة الانتشار، تبدأ من مواقع عصريّة مُتقنة الإنجاز على شبكة الأنترنت، فإلى الجريدة اليوميّة، والمجلّة الفكريّة، والقنوات الفضائيّة. ورغم ما تتطلّبه هذه المهامُّ من إمكانيّاتٍ ضخمة، فإنّ التفكير في إنجازها في إطار مشروع حركة مجتمعيّة واسعة أسهلُ من أن تقوم بذلك حركةٌ سياسيّة أو مجموعةُ مثقّفين أو شباب مناضل، كلّ على حدة. ونحن لا ننطلق من الصفر في هذا المجال: فلدينا قلعة فكريّة ثقافيّة صامدة منذ عقود، لم تؤثّر السنون في حيويّة مضمونها ولم تمنعْ تطويرَه، هي المجلّة التي تقرأون فيها هذه السطور. ومثلها دارُ الآداب، أكثرُ دور النشر تقدّميّةَ في الوطن العربيّ. كما صارت لدينا منذ سنواتٍ قليلةٍ جريدةٌ جريئةٌ تعبِّر عن هويّتها اليساريّة الديمقراطيّة العربيّة بوضوح، هي جريدة الأخبار اللبنانيّة، التي أهدانا إيّاها، قبل أن يرحل، الصحفيّ والمثقّفُ اللامع جوزيف سماحة، أحدُ رموز الفكر اليساريّ الديمقراطيّ الوحدويّ.
***
لا يطمح هذا المقال أن يكون بيانًا تأسيسيّاً لتنظيم ما، وإنّما هو بمثابة عمليّة “عصفٍ ذهنيّ” تهدف إلى فتح الحوار على مصراعيه بين مختلف الأطراف المهتمّة باستئناف مشروع النهضة العربيّة ذات المضمون التحرّري التنويري الاشتراكيّ. إنه مقال من أجل تجديد الأمل والوفاء لأحلام النساء والرجال الذين بدأوا المسيرة منذ أجيال.
مونتريال
* صحفيّ وناشط سياسيّ من تونس، مقيم حالًيّا في مونتريال.

1. 1. يكفي ذكر المواقف الملتبسة لبعض المثقّفين والناشطين القوميين من الأحداث التي تلث الانتخابات الإيرانيّة الأخيرة. لعلّ أبرزها موقف الصديق دياب أبو جهجه (الذي أعتبره من أكثر المثثّفين والناشطين القوميين يساريّة وتقدّمية). فعلى أهمّية تحليله “الطبقيّ” للصراع بين المعارضة والنظام في إيران، فإنه يبدو أنّه تبنّى رواية النظام الإيرانيّ عن نتائج الانتخابات، وذلك من زاوية الحرص على “الأمن القوميّ العربيّ،” دون اعتبارٍ يُذكر لمشروعيّة مطالب المحتجّين الديمقراطيّة (القدس العربيّ، 18/6/2009). كما ورد الموقفُ “الغامض” نفسه، بتحليلٍ أكثر تفصيلاً، في مقالين لعزمي بشارة على موقع الجزيرة نت، في الفترة نفسها.
2. 2. أحمد بهاء الدين شعبان، مجلّة الآداب 3-4/2005
3. 3. أشير إلى انّني أنتمي إلى هذا الحزب، وشاركتُ في المؤتمر المذكور، وكنتُ مقتنعًا وقتذاك بفكرة التخلّي عن “الاشتراكيّة” وبضرورة توحيد مختلف التيّارات داخل حزبٍ واحدٍ من أجل القضيّة الديمقراطيّة. وبالتالي فإنّي أتحمّل قدرًا من المسؤوليّة عمّا أنتقده اليوم. إلاّ أنّ تراكم التجربة الشخصيّة داخل الحزب وخارجه، وتوسّع الأفق المعرفيّ، خلّقا عندي بالتدريج رؤيةً نقديّةً لأولويّات الحزب وللفكر السائد لدى قيادته
4. 4. أنظر الحوار الذي أجرته قتاةُ “الحوار” التونسيّة المعارضة مع أحمد نجيب الشابّي، الأمين العامّ السابق للحزب، ومؤسّسه وأحد أبرز قيادييه وأكثرهم تأثيرًا إلى اليوم. وكان قال فيه: “أنا لست علماني … أنا مسلم حديث ( 2006-10-26)، علمًا أنّ التيّار اليساري في مؤتمر ديسمبر 2006 نجح في إدراج عبارة في النظام الداخلي مفادُها انّ الحزب “حداثي… ويفصل بين الدين والسياسة.”
5. 5. على سبيل الذكر لا الحصر: فوّاز طرابلسي، ونهلة الشهّال، والراحل جوزيف سماحة
6. 6. عزمي بشارة، أن تكون عربيًا في أيّامنا (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربيّة، 2009)، ص 27.
7. 7. تحديدًا نظام البعث في العراق بقيادة صدّام حسين، الذي أضرّ بالقوميّة العربيّة عبر أدلجتها وتوظيفها لغاياتٍ سياسيّةٍ ضيّقة لتبرير الحرب مع إيران وتصويرها على أنّها حرب بين الفُرس والعرب
8. 8. د.عزمي بشارة، مصدر سابق، ص 18
9. 9. من دراسته: “الصراع الصهيونيّ ـ العربىّ على ضوء المشروع الأمريكىّ للسيادة العالميّة” http://www.forumtiersmonde.net/arabic/Samir_Amin_Writings/US_Domination.htm
10. 10. المصدر نفسه
11. 11. أنظر مثلاً على موقع”فيس بوك” كيف نجحتْ مجموعة بعنوان “من أجل تجمّع يساريّ ديمقراطيّ وحدويّ عربيّ” في استقطاب أكثر من 500 شاب وشابّة من مختلف الاقطار العربيّة بعد فترةٍِ قصيرةٍ على تأسيسها.
12. 12. في هذا السياق، تمثّل حركة “نضامن” المصريّة مثالاً واعدًا يستحقّ المتابعة. أنظر بيانهم التأسيسيّ وتعريفهم بأنفسهم على هذا الموقع http://tadamonmasr.wordpress.com
مجلة الآداب » ٤-٥/ ٢٠١٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى