صفحات أخرى

كتــاب: حـروب روبـرت فيسـك الكبـرى

null
عفيف رزق
ليس تحاملا، بل نقد موضوعي وان كان قاسيا لنهج الإدارة الأميركية والسياسة التي اتبعتها، في منطقة الشرق الأوسط خلال الستين سنة الماضية، باعتبارها المحرك الرئيسي للأحداث والمشارك فيها ومسرحها ساحات معظم دول هذه المنطقة.
يستعرض الكاتب البريطاني «روبرت فيسك» كـ«صحافي ميداني» في مجلده الضخم (1907 صفحة) بعنوان «الحرب الكبرى، تحت ذريعة الحضارة» تسلسل هذه الأحداث كمراقب أمين لمختلف ميادين الحروب ولساحات الثورات والانتفاضات، فمقابل عشرات ألوف المصابين وذوي الضحايا والجرحى والمهجرين والمشردين والسجناء السياسيين والمدنيين الأبرياء والمجندين العسكريين وجنرالاتهم وقادة الرأي العام والثوار والمتمردين وايضا المسؤولين السياسيين والحكام.
عاين مواقع القتال وشارك المقاتلين على الجبهات همومهم ومخاوفهم وسجل كمهني محترف رأيه وآراءه الآخرين مدفوعا، لتحقيق هذا العمل الشاق، الدقيق والموثق، بسؤال أقلقه وتردد في أغلب فصول الكتاب، بشكل معلن أو مضمر، هو: ما هو الدافع لهذه الأحداث؟ أهو النفط، الموضوع الذي يثيره في كثير من أسباب هذه الحروب، أم تأكيد الهيمنة وإحكام السيطرة على منطقة استراتيجية في باطن تربتـها ثروات طبيعية هائلة، وفوق هذه الــتربة شعوب مزقتها النزاعات والأحقاد مصدرها طبقة حاكمة لا هم لها سوى الحفاظ على السلطة؟ أم صراع الحضارات بين الشرق والغرب، أم محاربة الإسلام المتطرف بعد أن خذل الإسلام المعتدل، خصوصا بعدما أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن انه يقود «حربا صليبية جديدة» حتى ولو استدرك وتراجع عن هذه التسمية…
انطلاقا من كل ذلك، يفرض واجب الاطلاع علينا، أن نقرأ ما كتبه روبرت فيسك لتعميق معرفتنا بمجريات هذه الأحداث وللاطلاع ايضا على خفايا ما كان يدور في الغرف المغلقة وفي سراديب السياسة الدولية بعد تسليط الضوء عليها للتأكيد أن لا وجود للصدفة في مسار التاريخ الذي يبقى محكوما بإرادة صانعيه.
افتتحت وكالة الاستخبارات الأميركية مع زميلتها البريطانية أعمالهما بـ«عملية الجزمة» عام 1953 فأطاحتا رئيس الوزراء الإيراني «الديموقراطي الوحيد» محمد مصدق وأعادتا الى السلطة الشاه من منفاه ليحكم إيران مدة ربع قرن وليتوج «ملك الملوك» و«نور الآربين»، و«ليستبد في الحكم نيابة عنا بالقمع والوحشية والفساد»، والسبب ان مصدق أمم «الشركة الانكليزية ـ الايرانية» للنفط. ومع سقوط مصدق تم فتح «عهد جديد من التدخل وزيادة العداء لأميركا بين صفوف القوى الوطنية الإيرانية الواعية»، كما ينقل فيسك عن الأكاديمي الأميركي «جايمس أ. بيل». أما من شارك كعميل سري «الأعلى مقاما» في هذه العملية البريطاني «وودهاوس»، فيصيبه الاكتئاب الشديد بالثورة الإيرانية بقيادة «آية الله الخميني» ويقول:
«شعرت بأن العمل الذي فعلناه ذهب سدى…». لكن فيسك يخالفه الرأي تماما معتبرا أن هذه العملية تعود لجهل المسؤولين الأميركيين والبريطانيين بطبيعة الشعب الإيراني، مضيفا «تصور أن نسج سجادة واحدة يشترك فيه عدد كبير من الناس ويستغرق حوالى عشر سنوات (…) لا تستخف بصبر الإيرانيين ومثابرتهم».
وككل الثورات الشعبية التي عرفها تاريخ الإنسانية، احتاجت الثــورة الإيرانية عام 1979 الى سنوات لتركيز أوضاعها الداخلية، بعدما صفت حساباتها مع رجــال العهد البائد، ومع أولئــك الذين لا يشــتركون معها في الأهداف نفسها والخطط لتحقيق هذه الأهداف.
لم تمض سوى عدة أشهر على قيام هذه الثورة حتى وجدت نفسها تخوض حربا شنها عليها النظام العراقي في ايلول 1980. برز الدور الأميركي، الى جانب العراق، واضحا من مد هذا الأخير بما تحتاجه الحرب في الميدان العسكري والدعم السياسي على المسرح الدولي، الى المشاركة المباشرة في القتال، فتم تدمير منصات النفط الإيرانية، حركة سلاح البحرية الإيرانية. ومما يذكره الكاتب في هذا المجال، انه وبتاريخ 17/3/1987 قصفت طائرة ميراج عراقية السفينة الأميركية «ستارك» في مياه الخليج وذهب ضحيتها 37 من بحارتها، وقبل ان يقدم العراق اعتذاره عن الخطأ الذي ارتكبه طياروه بحق السفينة، اتهم الرئيس الأميركي رونالد ريغن الإيرانيين بأنهم أنذال، أما تعليق فيسك على هذه الحادثة فكان: «كانت سابقة مثيرة للاهتمام، فعندما كاد العراق يغرق فرقاطة أميركية ألقي اللوم على إيران، وعندما هاجمت القاعدة الولايات المتحدة بعد 14 سنة ألقي اللوم على العراق (…) هذه المواقف المزدوجة الفظة التي تبدو واشنطن وحدها قادرة على اتخاذها». ضربت تداعيات الحرب الاقتصاد الإيراني الذي وصل الى حافة الانهيار، فحذر الرئيس الإيراني رفسنجاني قائد الثورة «الخميني» من أن «معاودة إمداد الجيوش الجرارة صارت مستحيلة ولم يعد بالإمكان تجديد الهجوم على العراق…». ترافق ذلك مع عزم أميركا على تدمير سلاح الجو الإيراني من خلال تدمير الطائرة الإيرانية المدنية «الايرباص»، في الثالث من تموز 1988، وكانت تطير كعادتها بين بندر عباس ودبي وعلى متنها 290 راكبا.
من ارتدادات هذه الحرب جاء احتلال العراق لإمارة الكويت، عام 1990، بذريعة كونها جزءا من العراق لان النظام الكويتي يتآمر على الاقتصاد العراقي… لم يدم الاحتلال طويلا، اذ نشأ تحالف دولي ـ إقليمي بقيادة الولايات المتحدة، وطرد القوات العراقية من الأرض الكويتية. لقد كانت نتائج هذه الحرب كارثية على العرب، من أهمها: اولا إعلان الشمال العراقي منطقة تتمتع بحكم ذاتي موسع، ومنعت السلطة في بغداد من ممارسة سيطرتها على هذه الجزء من العراق، وثانيا قمع السلطات العراقية بوحشية الانتفاضة التي حدثت في جنوب العراق. فإذا كانت واشنطن قد دعمت الوضع الجديد في شمال العراق فإنها «خانت»ن كما يقول فيسك، هذه الانتـفاضة، فتم تصفية آلاف الجنوبيين العراقـيين على أيدي قوات النظام العراقي وتدمير قراهم وتهجيرهم، علما ان الادارة الاميركية كانت قد حرضت، عبر وسائل إعلامها قبل الحرب، على الثورة.
وبرر الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عدم التدخل في جنوب العراق بقوله: «لا أريد أن يقتل أي جندي أو طيار أميركي في حرب أهلية قائمة في العراق منذ أجيال»، أما أحد الدبلوماسيين الاميركيين فقد قال للكاتب: «صدام حسين الذي تعرفه أفضل من تحالف ضعيف صعب السيطرة عليه أو رجل جديد قوي غير معروفة قدراته…»، وثالثا هي عملية طرد لـ360 ألف فلسطيني، في خلال السنتين التاليتين، بحجة تعاونهم مع العراقيين إبان الاحتلال.
يعلق فيسك على ذلك بالقول: «كانت تلك عملية تطهير عرقي لا مثيل لها في الشرق الأوسط منذ المجازر التي رافقت الهروب الفلسطيني من القوات الاسرائيلية عام 1948». من القضايا التي يتناولها الكتاب، الوضع في الجزائر حيث يفند فيسك ادعاء الفرنسيين بأن غزوهم للجزائر هو «صراع حضارات. بالطبع كانوا مخطئين» اذ انهم «كانوا يحاربون ثورة وطنية في الجزائر». وفي مطلق الاحوال يضيف الكاتب ان الجزائريين استبدلوا دكتاتورية فرنسا بدكتاتورية بومدين والشاذلي بن جديد.
لقد بلغت الديموقراطية نهايتها في هذا البلد، في اوائل كانون الثاني 1992 عندما طبقت الحكومة الجزائرية، التي كانت تقودها مجموعة من الضباط الكبار الواسعي النفوذ، القانون العرفي وجردت جبهة الإنقاذ الإسلامي من فوزها في الانتخابات الديموقراطية.
لقد ردد الغرب تكراراً ان السلطة تأتي عبر صناديق الاقتراع أكثر منها عبر الثورة. لعبت هذه الجبهة بأمانة البطاقة الديموقراطية والتزمت بالقوانين لكنها «ارتكبت خطأ الفوز بالانتخابات، وهذا ما لم يكن يريده النظام أو مؤيدوه الغربيون». وهكذا حصلت خلال السنتين التاليتين، مأساة واسعة غير مصرح عنها في أنحاء في الجزائر، طبيعتها ـ ثورة من قبل الإسلاميين الذين حرموا من النصر الانتخابي ـ معروفة جيدا، لكن أبعادها ازدادت بشكل مرعب يوميا مع إراقة دماء على مستوى لا مثيل له منذ الاستقلال عن فرنسا. وكانت مناطق واسعة من الجزائر تسقط كل ليلة تحت سيطرة تنظيم عسكري متماسك جدا: «الجماعة الإسلامية المسلحة».
لقد جرت انتخابات متتالية أوصلت وجها آخر قديما من قيادة جبهة التحرير الوطني هو عبد العزيز بو تفليقة ليتولى السلطة. يستعرض الكاتب «المحرقة الارمنية» على ايدي الاتراك عام 1915، والسبب، برأي الاتراك، ان الارمن ساعدوا اساطيل الحلفاء في البحر المتوسط إبان الحرب العالمية الاولى. ان الموضوع المثير في هذا الفصل هو ان اليهود أنكروا استخدام عبارة «المحرقة الارمنية»، وقال وزير خارجيتهم شيمون بيريز في نيسان 2001 «اننا نرفض المحاولات التي تبذل لإقامة تشابه بين محرقة يهودية والمزاعم الأرمنية» والاغرب من ذلك ان مقالات فيسك التي كانت تتناول هذه القضية «المحرقة الارمنية» Armenian مع الحروف (H) كبيرا تم الاعتراض عليه واستبدل بحرف صغير: (holocaust).
-2-
في فصول ثلاثة يتحدث فيسك بالتفصيل عن وقائع النزاع العربي ـ الاسرائيلي بدءاً من دور الحاج امين الحسيني في المقاومة الفلسطينية في ثلاثينيات القرن الماضي وتشرده، وتحالفه مع النازيين ؛ إلا أن غموض آراء هؤلاء من وعد بلفور بإقامة وطن يهودي على ارض فلسطين , ثم هزيمة الحلفاء في هذه الحرب امور أرخت بظلال الخيبة على جهود الحسيني في استعادة الارض الفلسطينية من المستوطنين اليهود المتزايد أعدادهم باستمرار . ينهي فيسك هذا الفصل بالقول: «لقد ضيَع الحاج امين الحسيني فرصة ذهبية ولم يعرف كيف يلتقطها…», في اشارة الى القرار الدولي بتقسيم فلسطين.
في الفصل الثاني يتحدث عن اعتماد اليهود على التوراة في ان ارض الميعاد ـ فلسطين ـ هي ملك للإسرائليين الذين عليهم «الاستيطان في فلسطين» . ثم يُجري مقابلات مع مستوطنين يهود قدموا الى فلسطين من شتى اصقاع الارض تجسيداً لـ«الحجة الإلهية» التي تقول, حسب ادّعائهم إن «يهودا والسامرة ـ الضفة الغربية ـ هما من ارض اليهود الواردة في التوراة» . يقترح فيسك عدم استخدام كلمة «استيطان» بل كلمة «استعمار» , فالأولى تعني البقاء والشرعية, في حين ان الثانية تعني «الاحتلال», اي اغتصاب ارض يملكها فلسطيني لديه اوراق ملكية تثبت ذلك من ايام الانتداب البريطاني ومنذ ايام الامبراطورية العثمانية. واذا كان اليهود يدّعون ان الله اعطاهم الارض, ألا يحق للفلسطينيين مناشدة الله ليبقيهم في ارضهم؟!. بعد ذلك يتحدث عن اتفاق اوسلو الذي جرت مناقشته سراً وتم التوقيع عليه في ايلول 1993, وقد وصفه عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري حافظ الاسد بأنه «أسوأ وثيقة وقعها العرب منذ تقسيم فلسطين عام 1948»؛ اما الأكاديمي الفلسطيني المعروف ادوارد سعيد فحلل هذا الاتفاق الذي قسَم الضفة الغربية الى مناطق أ و ب وج وعيّن الجهة الامنية المسؤولة عن كل قسم. يقول سعيد: إن عرفات هو اول من تنازل عن القدس، وثانياً إن عرفات خرق قرار مجلس الامن الدولي رقم 242 الذي طالب الإسرائيليين بالانسحاب من الاراضي المحتلة في حرب 1967, في حين ان هذا الاتفاق يمنح الاسرائيليين حق تقرير ما هي الاجزاء التي سينسحبون منها من القسم المتبقي من فلسطين؛ وثالثاً كانت الخرائط التي جرى التفاوض في ظلها بيد الإسرائيليين ولم تكن لدى الفلسطينيين من الخرائط التي تدعم حججهم. يسهب المؤلف في وصف المجازر التي ارتكبها الاسرائيليون في هذه المرحلة ومن أكبرها وأشنعها تلك التي نفذها (القاتل باروخ غولدشتاين) الضابط برتبة رائد في الجيش الاحتياطي الاسرائيلي عندما دخل جامع قبر ابراهيم في الخليل وقتل اكثر من 75 شهيداً من المصلين في 25 شباط 1994. عاد عرفات الى غزة في الثاني من تموز 1994, بعد عشرة اشهر من مصافحته رابين قضاها في التفاوض مع هذا الاخير على شروط دخوله فلسطين, وقد واجه الأسئلة المحرجة والوضع الصعب الذي يعاني منه المواطنون الفلسطينيون, لجأ الى ما ينادي به كل الحكام المستبدين «عندما تهاجمهم شعوبهم, اذ اعتبر خصومه مشتركين في مؤامرة اجنبية», فاتهام الأجانب, يضيف فيسك، هو «دائماً» ورقة في يد اولئك الذين لا يجابهون هوية خصومهم. وقد استخدم الاميركيون هذا «المثل الاعرج في الاعوام 2003 و2004 و2005 عندما واجهوا تمرداً عراقياً شاملا».
يستعرض فيسك في الفصل الثالث آراء افراد التيار الاسرائيلي المؤيد للسلام في مدن وبلدات الضفة الغربية ويصفهم بالشجعان مقابل وصفه للكثير من الصحافيين الغربيين بالجبناء الذي لا يتجرأون على انتقاد مواقف اسرائيل خوفاً من غضبها وحرصاً على مراكزهم, في حين ان الصحافي الاسرائيلي المنتمي الى هذا التيار يكتب تقارير «ارقى من اي شيء كتبه مؤلف عربي» , وكان يشير الى تقرير احدى الصحافيات الاسرائيليات عن مجزرة قانا التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية إبان غزوها لبنان عام 1996 ضمن عملية «عناقيد الغضب».
من النتائج المباشرة لتفجيرات الحادي عشر من ايلول 2001 قرار الادارة الاميركية برئاسة جورج بوش الابن غزو افغانستان التي كانت تحكمها الطالبان, بعد ان رفضت هذه الاخيرة تسليمها بن لادن الذي اعتبرته المسؤول عن هذه التفجيرات. وعلى رغم انه كان داخل الولايات المتحدة من طرح اسئلة حول لماذا حدث هذا؟ وما هي الاسباب الكامنة وراء هذه التفجيرات؟ فإن فيسك لاحظ انه تم تجاوز هذه الأسئلة بسرعة وحلت محلها عبارات متشابهة ذات مغزى معين: «إنهم يكرهون ديموقراطيتنا», أكنتم معنا او ضدنا… «نحن رجال صاحون». وهكذا دخلت الولايات المتحدة والعالم نفق حرب لا نهاية لها. «الحرب على الإرهاب»، انها حرب بطبيعتها لا هدف واضحا لها ولا نتيجة منظورة لنهايتها. ويضيف فيسك «حرب دون توجه سوى انها ستجر المزيد من الثأر والدم..», وسادت عقيدة جديدة في الولايات المتحدة وأيدها كثير من قادة الدول وأجهزة الاعلام العالمي هي ان «ايلول 2001 بدَل العالم الى الأبد…». لقد أدان فيسك بعبارات قاسية ما حصل في هذا اليوم من وحشية بحق الأبرياء ومن تدمير اصاب البنى التحتية ومن اعمال لا يقرها اي انسان عاقل, الا انه طرح سؤالا مفاده : لقد جرت مجازر لا تحصى بأحجام اكبر في الشرق الاوسط خلال العقود السابقة بدون ان يوصي احد بأن العالم لن يكون كما هو عليه مجدداً؟! ويستشهد بأمثلة من التاريخ المعاصر كموت نصف مليون طفل عراقي إما من الجوع وإما لعدم وجود ادوية لأمراض عانوا منها ايام الحصار الذي فرضه التحالف الغربي على العراق, او المليون ونصف المليون قتيل في الحرب العراقية ـ الايرانية التي لعبت الادارة الاميركية فيها الدور التحريضي الرئيسي… فضلاً عن مئات آلاف القتلى من الفلسطينيين من جراء المجازر الاسرائيلية ولم تستوجب حتى إدانة متواضعة من جانب الاميركيين.
يستعرض الكاتب في بعض فصول الكتاب قضايا اخرى ذات دلالة على تورط الغرب فيها, منها الطريقة التي تم فيها تعيين عبد الله بن الحسين ولياً للعهد في الاردن والدور السلبي الذي لعبته الملكة نور ـ النصف اميركية ـ وصاحبة التأثير القوي على الملك حسين ضد الحسن شقيق الملك حسين وكان قد عُين ولياً للعهد … وقيل في عمان «إنه في حال وصول الحسن الى السلطة فإن نور ستغادر البلاد». وفي فصل آخر عن العدوان الثلاثي: الفرنسي ـ الانكليزي ـ الاسرائيلي ـ على مصر عام 1956 والدور التحريضي الذي قام به رئيس الوزراء العراقي في تلك الفترة, نوري السعيد, عندما نصح انطوني ايدن, رئيس الوزراء البريطاني آنذاك, قال السعيد لإيدن «اضربوه, اي لعبد الناصر, اضربوه يشدة, الآن…».
من اللقاءات المهمة التي اجراها المؤلف وأتى على ذكرها في الكتاب ثلاثة لقاءات مع اسامة بن لادن, الاولى عام 1993 في الخرطوم عندما كان يتابع اعمال قمة اسلامية ضمت تيارات سياسية ودينية متنوعة تمثل «كل تناقض موجود في العالم العربي». اللقاء الثاني, بناءً لاتصال هاتفي من احد اتباع بن لادن بفيسك يطلب من هذا الأخير القدوم الى افغانستان وذلك عام 1997. وبعد تسعة اشهر من اللقاء الثاني, تم اللقاء الثالث بنفس الطريقة وأيضا في افغانستان وأهم ما جاء فيه ان حلماً راود احد اتباع بن لادن يدَعي فيه ان فيسك صار مسلماً ومن اتباعه, لكن الحوار الذي تم بين الرجلين انتهى الى موقف سلبي من فيسك.
ومن اهم ما ذكره فيسك على الصعيد الشخصي استقالته عام 1988 من جريدة التايمز اللندنية بعد 18 عاماً من العمل فيها وذلك احتجاجاً على تلاعب في مقال اُرسل الى الجريدة حول إسقاط طائرة مدنية إيرانية من قبل البحرية الاميركية وأدان فيسك طاقم السفينة الاميركية, في حين ان ما نُشر كان العكس, انتقل بعدها الى الإندبندنت.
اما أهم القضايا التي تابعها فهي حمله جزءاً من صاروخ أطلقته طائرة اسرائيلية دمَر سيارة إسعاف لبنانية وقتل ستة من ركابها إبان «عناقيد الغضب»، العملية العسكرية الاسرائلية عام 1996 ضد لبنان وارتكب فيها سلاح الجو الاسرائيلي مجزرة قانا. وبعد عمل دام اسبوعين انتقل خلالها فيسك من لبنان الى باريس ومن هناك الى الولايات المتحدة, حيث تم عرض هذا الجزء من الصاروخ على مسؤولي المصنع ليبرهن لهم ان السلاح الأميركي المهدى لاسرائيل تستخدمه هذه في قتل المدنيين الأبرياء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى