فوز باراك اوباما بجائزة نوبل للسلام
نبذة عن حياة باراك اوباما
فوز اوباما بهذه الجائزة كان مفاجئا
باراك أوباما اول امريكي من اصول افريقية يصل الى البيت الابيض…
ولد اوباما عام 1961 في ولاية هاواي الامريكية من اب كيني وام امريكية بيضاء، ولفت الانظار اليه عام 2004 عندما القى كلمة امام المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي.
تحدث اوباما في كلمته عن نفسه كمثال للقيم الامريكية المبنية على الطموح والعصامية وقال “ان والدي حصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة التي مثلت له ولكثيرين قبله بلد الحرية والفرص عبر العمل الدؤوب والمثابرة”.
وكان والد باراك يرعى الماعز في صغره الى جانب الدراسة وبعد الحصول على اجازة جامعية نال منحة دراسية وانتقل للدراسة في ولاية هاواي الامريكية.
عاد الاب الى كينيا عندما كان اوباما صغيرا وتوفي هناك في ثمانينيات القرن الماضي.
وخلال دراسته التقى الاب مع آنا، والدة اوباما، وتزوجا وانجبا اوباما الابن عام 1961.
حاول الاب الدراسة في جامعة هارفارد المرموقة لكنه لم يكمل الدراسة بسبب ضيق ذات اليد وعاد الى كينيا وعمل مستشارا لدى الحكومة الكينية وطلق والدة اوباما.
عند بلوغ اوباما السادسة من العمر تزوجت والدته رجلا اندونيسيا مسلما وانتقلت العائلة الى اندونيسيا وعاش اوباما هناك اربع سنوات درس خلالها في مدارس كاثوليكية.
عاشت العائلة في اندونيسيا اربع سنوات وعاد اوباما بعد ذلك مع والدته الى ولاية هاواي للعيش مع جده وجدته الامريكيين واكمل دراسته.
دخل جامعة كولومبيا في نيويورك حيث درس العلوم السياسية وبعدها انتقل الى مدينة شيكاجو وعمل باحدى الهيئات المحلية لمدة ثلاث سنوات ونصف.
عام 1988 انتقل الى جامعة هارفارد المرموقة لدراسة القانون وبعد التخرج كان اول افريقي يتولى منصبا مرموقا في الجامعة.
عاد بعد ذلك الى مدينة شيكاجو وتمرس في مهنة المحاماة وتخصص في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية. وكان اغلب زبائنه من ضحايا التمييز في العمل والسكن كما تولى منصب السيناتور في مجلس ولاية الينوي ما بين 1996 و2004.
وبعد اشهر قليلة من فوزه بمقعد في مجلس الشيوخ الامريكي عن ولاية الينوي اصبح نجما اعلاميا وواحد من اكثر الشخصيات شعبية في العاصمة واشنطن وصاحب كتابين من اكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة.
وكان أوباما الأفريقي الوحيد بين أعضاء مجلس الشيوخ المئة، وخامس أمريكي من اصول افريقية يدخل إلى مجلس الشيوخ.
وتزوج أوباما من محامية، اسمها ميشيل، ولديه الآن ابنتان هما ساشا وماليا.
وكان أوباما يعمل في المحاماة حتى فترة قريبة، كما انه يلقي بعض المحاضرات في كلية القانون في جامعة شيكاغو، وهي المحاضرات التي يقول إنها تبقي ذهنه حاضرا في موضوعات كالإجهاض وحقوق المثليين جنسيا.
ماتت والدة اوباما انا دونهام مبكرا بعد اصابتها بالسرطان.
وكان أوباما من أوائل المناهضين للحرب على العراق عام 2003.
خاض اوباما منافسة شرسة مع وزيرة الخارجية الامريكية الخالية هيلاري كلينتنون للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وفاز على منافسه الجمهوري السيناتور المخضرم جون ماكين في انتخابات العام الماضي بفارق واضح.
اوباما: تفاجأت وشعرت بالتواضع الشديد باعلان فوزي
قال الرئيس الامريكي باراك اوباما انه تفاجأ وشعر بالتواضع الشديد لاختياره لجائزة نوبل للسلام.
واوضح اوباما، في تصريحات صحفية خارج البيت الابيض، انه لا يرى فوزه بالجائزة تثمينا لانجازاته، بل يعتبرها دعوة للعمل والتحرك الدولي من اجل مواجهة التغيرات في القرن الحادي والعشرين.
وقال الرئيس الامريكي ان الجائزة هي “مشاركة بين جميع الساعين نحو العادالة والاحترام”.
واضاف: “انا لا اشعر بأنني يجب ان اكون في مصاف العديد من الشخصيات المؤثرة التي شرّفها الحصول على هذه الجائزة”.
وكانت الاكاديمية السويدية قد اعلنت الجمعة فوز الرئيس الامريكي بجائزة نوبل للسلام لهذا العام.
وقالت اللجنة النرويجية المكلفة اختيار الفائز انها اختارت اوباما لنيل هذه الجائزة تثمينا لجهوده “الاستثنائية” من اجل تعزيز دور الدبلوماسية على المسرح الدولي وتعزير التعاون بين الشعوب.
واوضحت اللجنة في اعلانها انه “نادرا ما يصل شخص الى ما وصل اليه اوباما من خلال قدرته على جذب اهتمام العالم، ومنح الشعوب الثقة بمستقبل افضل”.
واضاف بيان اللجنة ان “دبلوماسيته قائمة على المبدأ القائل بان من يقود العالم عليه ان يمارس هذه القيادة على اسس من القيّم والمواقف التي تتشارك بها شعوب العالم”.
وفي اول رد فعل له اعلن الناطق باسم اوباما ان الاخير اعرب عن شعور بالتأثر لنيله الجائزة عندما ايقظه من النوم عند الاعلان عن نبأ فوزه بالجائزة.
وكان اسم الرئيس الامريكي مذكورا بين الترشيحات، الا ان العديد من مراقبي هذا الشأن يقولون انها ربما منحت الى اوباما قبل اوانها.
“تشجيع”
ونوهت اللجنة بشكل خاص برؤية اوباما وجهوده من اجل عالم خال من الاسلحة النووية.
وفي هذا قالت اللجنة ان “اوباما رئيسا، خلق جوا جديدا في السياسة الدولية، وعادت دبلوماسية العمل الجماعي الى موقعها مع التركيز على الدور الذي يمكن ان تلعبه الامم المتحدة ومؤسسات دولية اخرى”.
منح الجائزة لدبلوماسيته “الاستثنائية”
وقد ضمت قائمة الترشيحات 205 مرشحين، وهو رقم قياسي، منهم رئيس وزراء زيمبابوي ومعارض سياسي صيني.
ويحصل الفائز، الذي تختاره اللجنة المكونة من خمسة اعضاء، على 1,4 مليون دولار ووساما ذهبيا.
واعلن رئيس اللجنة التي اختارت اوباما والتي تضم خمسة اشخاص لدى سؤاله عن سبب منح اوباما الجائزة قبل ان يمضي عاما في منصبه ان اللجنة اختارته “تشجيعا له على ما يسعى للقيام به” واضاف ان هذا مؤشر قوي على ان اللجنة “تشاطره نفس الاهداف”.
وضع اوباما منذ وصوله الى البيت الابيض نصب اعينه اجندة طموحة على الصعيد الدولي مثل السعي لحل قضية الشرق الاوسط والملف النووي الايراني.
لكن منتقديه يقولون انه فشل حتى الان في تحقيق نجاحات ملموسة .
الامريكيون اصحاب قصب السبق في جوائز نوبل
صار الامريكيون الاكثر فوزا بنوبل
اصبح الرئيس الامريكي باراك اوباما المواطن الامريكي الحادي والعشرين الذي يفوز بجائزة نوبل للسلام، وهو ما يجعل الامريكيين اكثر مواطني العالم فوزا بالجائزة منذ اقامتها في عام 1901.
اما الشخصيات الامريكية البارزة التي فازت بها فهي:
* الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر، وفاز بها في عام 2002 لمساهماته في الوصول الى تسويات سلمية لعدد من النزاعات حول العالم ودعم الديمقراطية وحقوق الانسان، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
* جودي وليامز وحصلت عليها مشاركة في عام 1997 لجهودها في مكافحة زرع الالغام في العالم.
* ايلي ويزل الناجي اليهودي من المحرقة النازية، وحصل عليها في عام 1086 باعتباره “واحدا من من اهم الزعماء الروحيين والمصلحين في زمن انتشر فيه العنف والقمع والعنصرية في العالم”.
* هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الاسبق، وحصل عليها عام 1973 مشاركة لاسهاماته في وقف الحرب في فيتنام.
* نورمان ارنست بورلوج في عام 1970 لجهوده في ما عرف بـ “الثورة الخضراء” او تحسين المحاصيل الزراعية.
* مارتن لوثر كينج في عام 1964 لجهوده في مكافحة العنصرية ودعم المساواة داخل المجتمع الامريكي.
* لينوس كارل بولينج في عام 1962 وهو عالم امريكي نشط ضد دعوات التسلح النووي واجراء التجارب النووية، واسهمت اعماله في الوصول الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية.
* جورج مارشال في عام 1953، وهو وزير خارجية امريكي سابق، وصاحب خطة مارشال لاعاة بناء اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
* رالف بونشي في عام 1950 وهو وسيط عرف بمساعيه لوقف الصراع في فلسطين.
* اميلي جرين بلاتش، وحصلت عليها في عام 1946، وهي الرئيسة الفخرية لرابطة النساء العالمية للسلام والحرية، مشاركة مع جون موت رئيس مجلس الارساليات المسيحية العالمية.
* كوردل هول في عام 1945 وهو وزير خارجية امريكي اسبق عرفت عنه مساهمته في اقامة الامم المتحدة.
* جين آدمز في عام 1931 وهي رئيسة سابقة لرابطة النساء العالمية للسلام والحرية لاسهاماتها في منع تحويل الحروب الى سياسة قومية.
* فرانك جيتس ديوز في عام 1925 وهو نائب سابق للرئيس الامريكي ورئيس لجنة التعويضات التي انشأت عقب الحرب العالمية الاولى.
* الرئيس الامريكي السابق ودرو ويلسون في عام 1919 اعترافا بفضله في انشاء برنامج السلام المكون من 14 بندا وعمله في اقامة عصبة الامم.
* الياهو روت في عام 1912 وهو وزير خارجية امريكي اسبق لاسهاماته في انشاء محكمة العالم.
* الرئيس الامريكي الاسبق ثيودور روزفلت في عام 1906 لدوره في انهاء الحرب الدموية في عام 1905 بين القوتين العظميين آنذاك اليابان وروسيا.
ردود فعل دولية متباينة على فوز اوباما بنوبل
تباينت ردود الفعل حول فوزه بالجائزة
بدأت ردود الفعل الدولية تتوالى على فوز الرئيس الامريكي باراك اوباما بجائزة نوبل للسلام لعام 2009.
فقد قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان فوز اوباما بالجائزة يؤشر الى “عودة امريكا الى قلوب الشعوب في العالم.
واضاف ان لجنة نوبل “اثنت على التزامه بحقوق الانسان والعدل والسعي نحو السلام في العالم، كما تصورها مؤسس الجائزة”.
اما ليخ فاليسا الرئيس البولندي السابق والفائز بالجائزة عام 1983 فقد كان اكثر صراحة بقوله: “من..! اوباما.. بهذه السرعة، هذا تسرع، فلم يتوفر له الوقت الكافي لعمل اي شيء”.
واضاف: “في الوقت الحاضر كل ما يقوم به اوباما هو تقديم المقترحات، لكن في بعض الاحيان تمنح لجنة نوبل الجائزة للتشجيع على العمل المسؤول”.
واستغربت صحف امريكية رئيسية من منح اوباما الجائزة، اذ قالت صحيفة وول ستريت في افتتاحيتها : “ليس واضحا لماذا.. هل من اجل عقد سلام من نوع ما مع هيلاري كلينتون، او التخلي عن الدرع الصاروخي الذي رحب به الايرانيون، او من اجل الاستعداد لزيادة القوات والسلاح في افغانستان”.
واضافت الصحيفة ان اختيار اوباما للجائزة مسح تماما المبدأ التقليدي في التقييم والمتمثل في عمل الشيء والحصول على التقدير لاحقا.
تشجيع
وقال الفائز بالجائزة العام الماضي، رئيس الوزراء الفنلندي السابق مارتي اهتيساري: “لم نلمس حتى الآن سلاما في الشرق الاوسط، وصار واضحا ان هذه المرة ارادوا (مانحو الجائزة) تشجيع اوباما للتحرك في مثل هذه القضايا”.
واضاف، في تصريحات لقناة سي ان ان التلفزيونية الاخبارية الامريكية انه من “الواضح انها تشجيع لدفعه الى القيام بشيء حول هذا الامر، واتمنى له التوفيق”.
ومن طهران نقل عن متحدث باسم الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد قوله ان فوز اوباما يجب ان يدفعه للبدء في العمل على القضاء على الظلم في العالم.
عندما اخذ اوباما مكان الرئيس بوش اعتقد الشعب الافغاني انه لن يتبع خطوات سلفه، لكن للاسف خطا اوباما خطوة اكثر.
الناطق باسم طالبان
واوضح الناطق الرئاسي الايراني انه لو الغى اوباما حق النقض الذي تتمتع به واشنطن في مجلس الامن “فسيظهر ذلك ان الجائزة منحت له بوجه حق”.
وقال محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية والفائز السابق بالجائزة ان اوباما “غير الطريقة التي ننظر بها الى انفسنا والى العالم الذي نعيش به، واحيا الآمال لعالم متصالح مع نفسه”.
ومن كابول قال الرئيس الافغاني حامد كرزاي ان اوباما هو الشخص “المناسب” لهذه الجائزة.
الا ان تنظيم طالبان ادان منح الجائزة لاوباما، وقال انه “لم يتحرك خطوة واحدة نحو السلام في افغانستان.”
وقال الناطق باسم طالبان صبغة الله مجددي ان الاجدر ان يفوز اوباما بجائزة نوبل للعنف وليس للسلام.
واضاف انه من “السخف ان تمنح جائزة السلام لرجل أمر بارسال 21 ألف جندي اضافي الى افغانستان لتصعيد الحرب”.
منح الرئيس اوباما، زعيم اكبر قوة عسكرية في العالم، الجائزة في بداية عهده انما هو انعكاس للآمال التي بعثها على مستوى العالم لرؤيته لعالم خال من الاسلحة النووية.
رئيس المفوضية الاوروبية
ونقلت وكالة رويترز للانباء عن مجددي قوله انه “عندما اخذ اوباما مكان الرئيس بوش اعتقد الشعب الافغاني انه لن يتبع خطوات سلفه، لكن للاسف خطا اوباما خطوة اكثر”.
من جانبه قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هنأ الرئيس الامريكي بالجائزة، واعرب عن أمله في ان تقام الدولة الفلسطينية في عهده.
واضاف: “يأمل الرئيس الفلسطيني ان يصل الرئيس اوباما الى النتائج المرجوة في سعيه نحو السلام في الشرق الاوسط، من خلال اقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس”.
وبعث رئيس الوزراء البريطاني رسالة تهنئة خاصة الى اوباما على فوزه بالجائزة.
“عالم اكثر امنا”
كما هنأه رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو، وقال ان فوزه سيرفع من مستوى آمال الناس من اجل بناء عالم اكثر امنا.
واضاف، في بيان صدر عنه، ان “منح الرئيس اوباما، زعيم اكبر قوة عسكرية في العالم، الجائزة في بداية عهده انما هو انعكاس للآمال التي بعثها على مستوى العالم لرؤيته لعالم خال من الاسلحة النووية”.
وفي كينيا قال سعيد الاخ غير الشقيق للرئيس اوباما ان اسرته من جهة ابيه فخورة بحصول اوباما على الجائزة، واعتبرها فخرا للاسرة وليس لاوباما فقط.
واضاف ان الخبر “اثلج صدر الكثيرين، لان الرئيس اوباما يمثل الناس من كل اطياف الحياة”.
الأميركيون يشككون بجدارة أوباما بجائزة نوبل للسلام واللجنة النرويجية تنفي “شعبوية” قرارها
واشنطن – دب أ – أوسلو- ا ف ب – بدت موجة من الشك وعدم التصديق في ردود الافعال التي أعقبت إعلان فوز الرئيس الامريكي باراك أوباما بجائزة نوبل للسلام هذا العام، قبل مرور سنة على تلك الانتخابات التاريخية التي وضعته على مقعد الرئاسة بينما تقاتل قوات بلاده على جبهتين حربيتين وفي ردود فعل اميركية مبكرة قابلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية ذات الاتجاه المحافظ منح أوباما جائزة نوبل للسلام ببعض التشكك. وعلقت الصحيفة على خبر منح الجائزة لأوباما على موقعها الالكتروني اليوم الجمعة بالقول:”أوباما يحصل على نوبل للسلام: مقابل ماذا؟”.
وأضاف معلق الصحيفة:”أصبح باستطاعة أي زعيم سياسي أن يحصل على جائزة للسلام لمجرد أنه يعتزم تحقيق السلام في وقت ما في المستقبل”.
وقد دافع رئيس لجنة نوبل توربيورن ياجلاند عن قرار اللجنة منح جائزة نوبل للسلام هذا العام للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي لم يمض على توليه رئاسة الولايات المتحدة سوى أقل من تسعة الأشهر.
وردا على سؤال عما إذا كانت اللجنة قد اتخذت “قرارا جريئا” قال توربيورن اليوم الجمعة في أوسلو:”كل ما حدث في العالم منذ تولي أوباما حكم أمريكا وكيف تغير المناخ الدولي يعتبر أكثر من كاف للقول إن أوباما اوفى بما جاء في وصية ألفريد نوبل ألا وهو ضرورة منح الجائزة لمن بذل أكثر من أجل التآخي العالمي ونزع السلاح خلال العام السابق ، ولمن دعم التعاون والحوار”.
ومشيرا لفترة أوباما القصيرة في حكم أمريكا والتي لم تصل إلى تسعة أشهر قال ياجلاند:”عندما ننظر لتاريخ جائزة نوبل فسنتبين أننا حاولنا في مناسبات عدة تعزيز وتشجيع ما تقوم به شخصيات بعينها وقت منح الجائزة كما حدث مع (المستشار الألماني الأسبق) فيلي برانت على سبيل المثال والذي حصل على الجائزة عام 1971 عندما شرع في سياسة تخفيف حدة التوتر مع الكتلة الشرقية في أوروبا، تلك السياسة التي كانت في غاية الأهمية بالنسبة لما حدث بعد ذلك بسنوات كثيرة، أو كما حدث عند منح الجائزة لميخائيل جورباتشوف عام 1990 والذي غير العالم تماما”.
وردا على اتهام لجنة نوبل بأن قرارها منح الجائزة لأوباما كان قرارا “شعبويا” قال الاشتراكي ياجلاند الذي تولى من قبل منصب رئيس الحكومة النرويجية ومنصب وزير الخارجية:”على من يرى ذلك أن يضع الواقع العالمي نصب عينيه، ليس لدي ما أقوله أكثر من ذلك”.
وأشار ياجلاند إلى أن المبادرات التي اتخذها أوباما حتى الآن لاقت ردود فعل إيجابية من قبل روسيا والصين.
وجاء فوز أوباما كتعبير عن الآمال العريضة التي تحدو دول العالم في أن يتحرك أول رئيس للولايات المتحدة من أصول أفريقية لحل ذلك الكم من القضايا الدولية، وليس تقديرا لما أنجزه في تسعة أشهر فحسب. تلك القضايا تشمل الملف النووي الايراني وقضية السلام في الشرق الاوسط والحرب في العراق وأفغانستان.
وعلى الصعيد المحلي، يأتي فوز أوباما بالجائزة رفيعة المستوى، بينما توشك فترة الود بينه وبين شعبه على الانتهاء، مع استياء متنام بسبب التراجع الاقتصادي وخسارة مزيد من الجنود في أفغانستان. ما كان مستغربا بحق، هو منح جائزة نوبل لرئيس امريكي لا يزال في منصبه. لقد كان آخر رئيس أمريكي حصل على الجائزة وهو في منصبه ودرو ويلسون عام 1919 لدوره القيادي في تأسيس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الاولى، وما صاحبها من أهوال. في البداية قوبل نبأ فوز أوباما بذهول و صمت في البيت الأبيض رغم مسارعة بعض وسائل الإعلام لانتقاد منح الجائزة لأوباما الذي لم يمض على توليه رئاسة الولايات المتحدة سوى أقل من تسعة أشهر.
وذكرت شبكة التلفزيون الإخبارية سي ان ان استنادا إلى أحد مستشاري أوباما أن الرئيس الأمريكي استقبل نبأ منحه جائزة نوبل للسلام هذا العام “بتواضع”. وتابعت سي ان ان بالقول:”يأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن أوباما ضمن قائمة الأوفر حظا للفوز بالجائزة”.
وكالات – د ب أ- ا ف ب
فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام يثير الإشادة و”الغضب” في العالم
دبي – حسام عبدربه، وكالات
جاءت ردود الأفعال في أنحاء العالم الذي فاجأه فوز الرئيس الامريكي باراك أوباما بجائزة نوبل للسلام الجمعة 9-10-2009 مزيجاً من الإشادة والتشكك.
وأشادت اللجنة النرويجية التي تمنح الجائزة خلال الإعلان عن فوز الرئيس الامريكي بالجائزة “بجهوده غير العادية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب”.
وأشار رئيس وزراء النرويج ينس شتولتنبرج الى جهود أوباما من أجل السلام ونزع الاسلحة وقال “هذه مفاجأة مثيرة يبقى أن نرى ما إذا كان سينجح في تحقيق المصالحة والسلام ونزع الاسلحة النووية”.
وسخرت حركة طالبان الافغانية من الجائزة وقالت إنه من السخف أن تذهب لأوباما وهو الذي أمر بإرسال نحو 21 ألف جندي إضافي الى أفغانستان لتصعيد الحرب.
وقال محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي حصل على الجائزة عام 2005 “لا أستطيع أن أفكر اليوم في أي شخص يستحق هذا الشرف أكثر في أقل من عام في الرئاسة غير الطريقة التي ننظر بها لأنفسنا والعالم الذي نعيش فيه وأنعش الأمل في عالم متصالح مع ذاته”.
من جانبه قال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الاوروبية في بيان “يعكس منح الجائزة للرئيس أوباما زعيم أكبر قوة عسكرية في العالم في مستهل رئاسته الآمال التي أنعشها برؤيته لعالم خالٍ من السلاح النووي”.
وفي الشرق الاوسط قال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين في محادثات السلام، إن الجائزة قد تكون فألاً حسناً للسلام في المنطقة.
وقال “نأمل في أن يتمكن من تحقيق السلام في الشرق الاوسط وانسحاب اسرائيل الى حدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود 1967 عاصمتها القدس الشريف”.
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك لراديو الجيش الاسرائيلي انه يعتقد ان الجائزة ستعزز قدرة أوباما “على المساهمة في تحقيق سلام إقليمي في الشرق الأوسط يجلب الامن والرخاء والنمو لجميع شعوب المنطقة”.
وكانت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة وتعارض ابرام اتفاق سلام مع اسرائيل أكثر تشككاً.
وقال اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس المقالة للصحافيين بعد صلاة الجمعة انه يعتقد ان الجائزة ستكون عديمة الجدوى ما لم يحدث تغيير حقيقي وعميق في السياسة الامريكية حيال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
وأبلغ صالح المطلك البرلماني السني العراقي البارز وكالة رويترز عن اعتقاده بأن اوباما يستحق الجائزة اذ نجح في تحقيق تغيير حقيقي في سياسة الولايات المتحدة من سياسة تصدر الشر الى العالم الى سياسة تصدر السلام والاستقرار.
وفي إندونيسيا قال مصدر مسعودي نائب رئيس جمعية نهضة العلماء، أكبر جمعية اسلامية في البلاد: “أعتقد انه أمر طيب ومناسب لأنه الرئيس الامريكي الوحيد الذي مدّ يده إلينا بالسلام في ما يتعلق بقضايا العرق والدين ولون البشرة يتمتع بتوجه منفتح”.
وفي باكستان قال لياقة بلوخ العضو البارز في حزب الجماعة الاسلامية الديني المحافظ “انها مزحة، كم يثير الامر من حرج بالنسبة لمن منحوه الجائزة لانه لم يفعل شيئاً للسلام، ما التغيير الذي حققه في العراق أو الشرق الاوسط أو أفغانستان”.
وأشاد الاسقف الجنوب إفريقي ديزموند توتو الذي حصل على الجائزة عام 1984 بمنح أوباما نوبل للسلام باعتباره “تأييداً رائعاً لأول رئيس امريكي من أصل افريقي في التاريخ”.
وكان فائزان سابقان بالجائزة المرموقة هما ميخائيل جورباتشوف ووانجاري ماثاي من بين أول المهنئين.
ونقلت وكالة انباء ايتار تاس عن جورباتشوف، آخر زعماء الاتحاد السوفييتي السابق والذي فاز بالجائزة عام 1990، “في هذه الاوقات العصيبة يجب دعم الاشخاص الذين يستطيعون تحمل المسؤولية ولهم بصيرة والتزام وإرادة سياسية”.
ومن جانبها أشارت ماثاي الناشطة الكينية في مجال البيئة التي حصلت على الجائزة في 2004 الى الخلفية المشتركة لأوباما وهو لاب كيني وأمي أمريكية ووصفتها بأنها “حدث مشجع أخر لإفريقيا”.
وقال سيد أوباما، عم الرئيس الامريكي، لرويترز عبر الهاتف من قرية كوجيلو في غرب كينيا مسقط رأس جدود أوباما “انه أمر يشعرنا بالامتنان كعائلة ونشاطر باراك هذا الشرف ونقدم له التهنئة”.
وقال مورجان تسفانجيراي رئيس وزراء زيمبابوي الذي قيل انه سينال الجائزة ان أوباما “نموذج رائع”.
وصرح لرويترز خلال زيارة لإسبانيا “أود تهنئة الرئيس أوباما، أعتقد انه مرشح يستحق الجائزة”.
عودة للأعلى
نص إعلان جائزة نوبل حول أوباما
قررت لجنة نوبل النرويجية منح جائزة نوبل للسلام لعام 2009 للرئيس الامريكي باراك أوباما لجهوده غير العادية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب وأولت اللجنة أهمية خاصة لرؤية أوباما وسعيه من أجل عالم خالٍ من الاسلحة النووية.
وأوجد أوباما كرئيس مناخاً جديداً في السياسة الدولية واستعادت الدبلوماسية متعددة الاطراف وضعها الرئيسي بتأكيد الدور الذي يمكن أن تلعبه الامم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى وتفضيله الحوار والمفاوضات كأداتين لحل الصراعات الدولية، بما في ذلك الصراعات الاكثر تعقيداً، وأعطت الرؤية لعالم خالٍ من الاسلحة النووية حافزاً قوياً لمفاوضات لنزع السلاح والرقابة على الاسلحة، وبفضل أوباما تضطلع
الولايات المتحدة الان بدور بناء بدرجة أكبر في مواجهة التغيرات المناخية الكبرى التي يشهددها العالم ويجري ترسيخ الديمقراطية وحقوق الانسان.
من النادر جداً أن تجد شخصاً استطاع أن يجذب انتباه العالم ويمنح شعوبه الامل في مستقبل أفضل كما فعل أوباما، ودبلوماسيته لها أساس في تصور يرى أن أولئك الذين يقودون العالم يجب أن يفعلوا ذلك على أساس من القيم والتوجهات التي تتشارك فيها غالبية شعوب العالم.
وسعت اللجنة النرويجية لنوبل على مدى 108 أعوام لتشجيع هذه السياسة الدولية تحديداً وتلك التوجهات التي يعتبر أوباما الآن المدافع الابرز عنها في العالم وتصادق اللجنة على دعوة أوباما بأنه قد حان الوقت الان كي نتحمل جميعاً نصيبنا في المسؤولية في ردّ عالمي على التحديات العالمية.
نوبل النبوغ المبكر
ساطع نور الدين
كما في نوبل الآداب، كذلك في نوبل السلام، كان الفائزان هذه السنة بمثابة مهرب من منح الجائزة لمن يستحقها فعلا، ولمن يمكن ان يكون فوزه مثارا لمشكلة ادبية وسياسية في آن معا.
في جائزة الادب، كان يبدو ان ثمة صراعا خفيا يدور داخل لجنة نوبل بين اختيار احد الاسمين العربيين المرشحين وهما الكاتب والمفكر السوري المرموق ادونيس والكاتبة الجزائرية المتألقة آسيا جبار، وبين اختيار الكاتب الاسرائيلي البارز عاموس عوز. والارجح انها دخلت في حسابات سياسية اكثر من الاعتبارات الادبية. وقررت في النهاية ان تقف على الحياد في ذلك التنافس العربي الاسرائيلي، ووقع اختيارها على اسم ثالث لا يثير الجدل، وينتمي الى التقاليد القديمة للجنة التي كانت احدى ادوات المواجهة الفكرية بين الشرق الشيوعي والغرب الليبرالي ايام الاتحاد السوفياتي.
ليس هناك تفسير آخر لمنح جائزة الادب هذا العام الى الكاتبة الالمانية الرومانية الاصل هيرتا مولر التي لا تحسب بين كبار ادباء العالم المعاصر، ولا يحفظ سجلها الادبي سوى معركتها السياسية مع دكتاتور رومانيا السابق نيقولاي تشاوشيسكو، وهي معركة كانت عابرة وهامشية في التاريخ الاوروبي، وهي باتت من الماضي البعيد الذي لا يمكن استحضاره بأي جائزة ولا بأي عمل ابداعي، ولا يمكن ان يمس اي حساسية ادبية، حتى بالنسبة الى الألمان انفسهم الذين ابدوا تحفظهم عن تكريم احدى الكاتبات بلغتهم.
في نوبل السلام، كان اختيار الرئيس الاميركي باراك اوباما مثيرا للدهشة، بل والسخرية ايضا، لكنه كان ايضا مدعاة للسؤال الاهم عن المرشحين الآخرين الذين استبعدتهم اللجنة، وعن سبب اسقاطهم من اللائحة. والاسماء التي تبقى سرية في العادة ولا يكشف عنها الا بعد مرور خمسين سنة، سُربت من قبل الدول او الجهات التي رشحتها، ما زاد من حجم الفضيحة التي ارتكبتها اللجنة، عندما كان همها الاول ان تتفادى الحرج او الجدل السياسي.
ليس هناك منطق لما اعلنته اللجنة عن سبب اختيارها اوباما الذي رشح في الاول من شباط الماضي، اي بعد اقل من اسبوعين على تسلمه الرئاسة: هو موقف بمفعول رجعي من سلفه الرئيس جورج بوش، الذي هز الامن والسلم العالميين بحروبه العسكرية وحملاته السياسية، وهو موقف بمفعول مسبق من الرئيس الاميركي الحالي الذي يبدو للجمهور في مختلف انحاء العالم انه يتمتع بنبوغ مبكر، مع ان الواقع الدولي لا يشهد حتى الآن على مثل هذه الميزة، ومع ان العالم الاسلامي لا يستطيع ان يقدم مثل هذه الشهادة بأوباما… وإن كان هناك كثيرون ـ وبينهم لجنة نوبل نفسها ـ يصرون على التفاؤل بالرجل وعلى الحاجة الى تشجيعه على المضي قدما في جدول اعمال لا يختلف في الجوهر عن جدول اعمال بوش، بل في الشكل فقط.
ليست المرة الاولى التي تعتمد لجان نوبل السويدية والنروجية معايير سياسية مزدوجة، لكنها المرة الاولى ربما التي تبدو قراراتها سطحية الى هذا الحد.
السفير
نوبل أوباما “الشاعر”
هوشنك بروكا
تباينت ردود الأفعال على مفاجأة لجنة نوبل النرويجية للسلام، والتي قررت في الوقت الضائع، منح جائزتها لهذا العام إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تكريماً ل”جهوده الخارقة التي بذلها الرجل بغية تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب”، على حد اعتقاد القائمين على شئون اللجنة.
جواباً على السؤال المطروح بخصوص “الجائزة النكتة” أو “الجائزة اللعبة”، أو “الجائزة الورطة”، على حد توصيفات بعض كتاب الرأي هنا وهناك، فيما إذا كان أوباما استحق جائزة نوبل للسلام بالفعل، أم كان دون إسمها وتقليدها، أرى بأنّ ما قاله الرئيس الأمريكي نفسه بهذا الصدد، هو جواب كافٍ ووافٍ، على أنه كان دون مستوى الجائزة بأعماله ومنجزاته، التي لم تتعدّ للآن حدود “النية الحسنة”، و”القول الحسن”، و”الفكر الحسن”، أما “المنجز الأوباموي” على مستوى “الفعل الحسن”، فلا يزال حتى اللحظة غائباً، أو مؤجلاً إلى ما تشاء السياسة، راهناً، ومصلحة أمريكا العليا، في القادم الباقي من ولايته، التي لم يمضِ على بدئها سوى عشرة أشهر أو تكاد.
بُعيد نشر خبر فوزه بالجائزة، قالها أوباما بنفسه، بتواضع وصدق عميقَين، كبيرَين، بأنه “تفاجأ بقرار لجنة نوبل”، لأنه “لا يستحق بأن يكون مع العديد من الشخصيات التي كرّمت بهذه الجائزة، رجال ونساء ألهموه وألهموا العالم بأكمله من خلال سعيهم الشجاع نحو السلام”.
ولكنه رأى بالمقابل بأنّ الجائزة ليست إلا “تأكيداً للقيادة الأمريكية من أجل طموحات يتطلع إليها الناس في العالم أجمع”.
إذن الرجل يقرّ بنفسه بأنه “غير جدير بالجائزة”، وهو لا يزال “دون سقف شجاعتها” على مستوى الفعل، لا سيما وأن العالم كله يعلم بأن رصيده الفعلي في صناعة السلام فعلاً، سواء في كل العالم أو في جزءٍ منه، لا يزال صفراً “حالماً” أو صفراً “يتمنى”، يراوح مكانه في أكثر من جهة، وفي أكثر من قضية سلام منتظرة. والدليل على ذلك، هو السلام المعطّل بين إسرائيل وفلسطين، والسلام المفخخ في أفغانستان والعراق، والسلام المؤجل مع إيران وشقيقاتها في “محور الشر”، والسلام الحذر جداً مع جماعات الإسلام السياسي المتشددة…إلخ.
في محاور السلام هذه كلها، أوباما لم يصنع سلاماً حقيقياً، بقدر ما أنه “تمنى”، و”اراد”، و”قال” سلاماً، و”حلم” به، وهذا هو بيت القصيد في “سلام أوباما”، الذي لا يزال يطير في السماء، كسلام شاعري جميل، يُراد له أن يحدث في كل العالم، من جنوبه إلى شماله، ومن شرقه إلى غربه.
أوباما لم ينجز سلاماً بعد، وإنما أنجز “شعراً سياسياً” أو “سياسةً شاعرية”، علّ وعسى أن يصنع بها سلاماً في هذا العالم، أو ينجز عالماً في هذا اللاسلام.
فإذا كان هناك من مبررٍ أو سبب لمنح أوباما كسياسي كبير، يقود أكبر دولة في العالم، أكبر جائزة سلام عالمية، فهو ليس لأنه صاحب إنجازات سياسية عظيمة تحققت في السلام بالفعل، وإنما لأنه صاحب خطاب سياسي(لم يخرج من نطاق “النيات الحسنات” بعد)، يستند إلى قوة المنطق بدلاً من منطق القوة، وإلى قوة العقل بدلاً من عقل القوة، يدعو به ك”داعية سياسي” إلى عولمة السلام، في مناسبة “قولية” هنا وأخرى هناك.
فهو، استحق الجائزة ربما على رسالته السياسية “الشاعرية” بإمتياز، أو سياسته المجبولة بالشعر، التي يدعو فيها طيلة حوالي عشرة أشهر من تسلمه لمنصبه، كرئيس يشعرِن السياسة، إلى سلام مفتوح على كل العالم؛ سلام بلا شرق وغرب؛ بلا مسيحي صليبي ومسلم فاتح؛ بلا أسود زنجي وأبيض سيّد؛ بلا رجل فوق وإمرأة تحت؛ بلا عالم أول وثانٍ أو ثالث وعاشر..
إذن شاعرية خطاب أوباما، هي شاعرية سياسية، تريد وتتمنى للعالم، هكذا برداً وسلاماً على الكل، ومن الكل إلى الكل، أن تكون، وهي بهذا تشذ عن القاعدة السياسية التي تعرّف السياسة بأنها “فن الممكنات”، في حين أنّ سياسة أوباما، في هذا المنحى، كما يؤكد غياب الفعل راهناً وصعوبة لا بل استحالة تحضيره أو استحضاره لاحقاً، فهي سياسة حالمة تنحو “جهة الشعر” لشعرَنة الممكنات، ليس لأن أوباما لا يريد السلام ولا يسعى إليه، وأنما لأن ما يقوله ك”خطيب سياسي شاعر”، ليس خارج إرادته فحسب، وإنما خارج إرادة العالم وممكناته راهناً، وربما في القادم القريب والبعيد منه أيضاً.
العالم، بكل تأكيد، ليس قصيدة شعر جميلة ممكنة، أو “حمامة تحط هنا، وأخرى تطير هناك”، كما يريد لها أوباما أن تكون.
العالم، ليس سهلاً، كالماء أو كقصيدة، كما أن أوباما ليس سوبرماناً، وليس بيده عصا سحرية لتغيير العالم كما وعد دوله وشعوبه وأديانه في الأول من تنصيبه.
الجائزة إذن، لم تُمنح لأوباما على المنجز من سلامه، وأنما في السلام المفكر فيه، أو المؤمّل، أو”المشعرَن فيه” على مستوى خطابه “الدعَوي”، في الأشهر العشرة الماضية.
تأسيساً على هذا المنجز القولي، أو المنجز الفعلي المؤجل، يمكن اعتبار القادم من زمان أوباما، زماناً امتحاناً صعباً لسلامه(المشعرَن حتى اللحظة) الصعب، فيما إذا كان من الممكن، أو المتوقع له أن يرتق إلى مصاف مجايليه من صناع السلام الحقيقيين السابقين، الذين قال أوباما فيهم، بأنه “لا يستحق” الآن(وهو فارغ اليدين)، أن يكون مدوّناً في تاريخهم الحافل بصناعة شجاعة السلام، أو إنجاز السلام الشجاع.
نوبل الآن، استحقها أوباما على شاعريته السياسية في وصف السلام، كقصيدة ممكنة تطير، فهل سيستحقها لاحقاً قبل انتهاء ولايته، على فاعليته السياسية في صناعة عالمٍ من سلام، أو إنجاز بعض سلامٍ لبعض عالم هنا أو هناك، كفعل حقيقي ممكن؟
هل سيستمر أوباما على نهج نوبل(ه) الراهن، سياسياً حالماً يشعرِن السلام، ويخطب فيه كحمامٍ يطير؟
هل سيقفز أوباما إلى “شجاعة” أهل نوبل الماضين الخالدين في سلامهم، ويصبح سياسياً فاعلاً، ينجز السلام ويتمكن من تفعيله وتحقيقه بالفعل، كسلامٍ يعيش على الأرض، لا كسلامٍ يطير في الهواء؟
أم أن نوبل سيخسره، في الحالين، هنا “شاعراً” سياسياً في الدعوة إلى سلام القول الحسن، وهناك براغماتياً في تمكين سلام الفعل الحسن؟
هذا هو امتحان نوبل الصعب، لقادم أوباما الأصعب.
ايلاف