صفحات سورية

اتصالات سورية – اسرائيلية أم اختبار نيات ؟

null


سركيس نعوم

عن موضوع لبنان وتشعباته الخارجية قالت ايضاً الشخصية الاساسية نفسها من عرب باريس: “الاوروبيون منقسمون حول الموضوعين اللبناني والسوري. فرنسا عادت الى سياستها السابقة حيالهما بعد سلسلة الخيبات التي تعرضت لها في لبنان وبسببه ومن سوريا وايران. ايران لم تعد تستقبل موفدي فرنسا. لا احد يساعد لبنان اذا لم يساعد هو نفسه. على اوروبا واميركا والمجتمع الدولي دعم صمود لبنان، ذلك ان حكومته تواجه 8 آذار وسوريا وايران. ولكن ماذا بعد؟ “الماذا بعد” مهمة اللبنانيين الذين يجب ان يضعوا مشروعاً، والمقصود هنا فريق 14 آذار، يقولون فيه ماذا يريدون. لم تعد تفيد مواقف مثل “نحن صامدون” و”باقون” وما الى ذلك. يجب ان يقوموا بأمور عدة وخصوصاً الحكومة التي تمثل هذا الفريق كونه غالبية في مجلس النواب، منها تيسير الامور اليومية للبنانيين مثل الكهرباء، ومنها تنفيذ المشروعات المتوافر تمويلها. هناك تمويل متوافر لعدد من المشروعات، وهناك اموال تأتي لتمويل مشروعات اخرى. لماذا لا تنفذ هذه المشروعات؟ لماذا نفّذ مشروع المواقف قرب الارصفة في مقابل بدل ولم ينفذ غيره؟

هل هذه المشكلة هي الوحيدة التي تعطل امور لبنان؟ وهل كل مشكلاته الاخرى محلولة؟ الحكومة لا تفعل شيئاً. روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم تعد موجودة. اسمه لا يزال موجودا. هناك فشل عام في كل المواقف. وذلك ما كان ليحدث ايام الشهيد، وانت تعرفه وتعرف كيف كان يحرك الادارات كلها يومياً ومنذ الصباح الباكر ويحض المسؤولين الكبار وغير الكبار على العمل والتنفيذ ويعطيهم احياناً الافكار والملاحظات. كان يتابع ويلاحق ويحض. هذا الامر لم يعد موجودا. لا بد من وضع مشروع للغد. على فريق 14 آذار ان يقتنع ان اتفاق الطائف مات او على طريق الموت او ربما التعديل لان الشيعة في لبنان يريدون حصة في السلطة التنفيذية او ربما كل السلطة. حسناً، ليعملوا مشروعاً شاملاً وجامعاً بالاتفاق مع الجميع يرضي الشيعة والسنة وكذلك المسيحيين بابقاء كلمة اساسية ما لرئيس الجمهورية الذي يخرج عادة من صفوفهم على الاقل حتى الآن. ويفترض في مشروع كهذا ان يقيّد الى حد ما رئيس مجلس النواب في مقابل “الحصة التنفيذية” للشيعة بحيث لا يبقى فاتحاً على حسابه او ربما حساب غيره وقادرا على اقفال المجلس ساعة يشاء. لا اعتقد ان اللبنانيين سيكون لهم رئيس حالياً. حكومة فؤاد السنيورة مستمرة بدعم الاميركيين والمجتمع الدولي. ذلك افضل ربما من انتخاب رئيس مقيّد والى جانبه حكومة مستقيلة وتالياً غير فاعلة بسبب العجز عن تأليف حكومة جديدة او بسبب رفض البعض ذلك. ولكن من يضمن ان تجرى الانتخابات النيابية في موعدها بعد نحو عام من الآن؟ على كل حال الهم الاميركي اليوم هو المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. لم يعد هم الادارة في واشنطن الرئاسة بل المحكمة ودعم الحكومة. سيطلب الرئيس الجديد للجنة التحقيق الدولية تمديداً لمهمته. وذلك ربما يعني ان لا عمل رسمياً للمحكمة قبل “التشارين” المقبلة او ربما قبل نهاية السنة الجارية. ماذا يحصل اثناء ذلك؟ “الستاتيكو”، اي استمرار الوضع القائم. في اي حال من الآن الى آخر السنة الجارية قد تحصل تطورات كثيرة في الداخل وفي المنطقة وفي الخارج ومنها تغيير الادارة الاميركية الحالية، فلننتظر“.

ماذا عن الاتصالات او بالأحرى المفاوضات التي قيل انها حصلت على نحو غير رسمي بين سوريا واسرائيل في العامين الماضيين والتي نفتها سوريا؟

لم يكن النفي سهلاً ولا مقنعاً، لأن الذي مثّل اسرائيل في المفاوضات المذكورة او الاتصالات واسمه الون لئيل القى محاضرة مفصلة عنها في معهد الشرق الاوسط Middle East Institute في السابع والعشرين من شباط الماضي على الارجح وحضرها اكاديميون عرب واجانب وناشطون وسياسيون ومهتمون. كما لم تكن سهلة محاولة “التقاط” الاميركيين “الأقحاح” اذا جاز التعبير وتحديدا الذين ليسوا من اصل غير عربي وسوري لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع. لكن الذي “يفتش عن ربه يلاقيه” كما يقول المثل، وكانت النتيجة لقاء مع اميركي مشارك في هذا النوع من الاتصالات من زمان بل يمكن القول انه صار متخصصاً فيها وفي الاعداد لها بحيث ان كل من يقرر الانطلاق في واحدة منها يتصل به للمساعدة او ربما للاشتراك فيها. ماذا قال هذا الرجل عن الاتصالات او المفاوضات السورية – الاسرائيلية غير الرسمية او غير المباشرة؟ قال: “الون لئيل كان مديراً عاماً للخارجية في اسرائيل. واوزي اراد كان قريباً جداً من بنيامين نتنياهو. ليست لأي منهما الآن صفة رسمية، ولم تكن لهما صفة كهذه اثناء الاتصالات – المفاوضات. لم يكلفهما احد اجراء اي استطلاع او اختبار نيات مع سوريا، لكنهما فعلا ونقلا “لياقة” النتائج الى حكومتهما التي لم تكن على علم بما كانا يفعلان. ربما لم تكن حكومتهما لتمانع في اجراء الاختبار. ربما عرف البعض فيها بما جرى ولم يعرف به البعض الآخر. اما ابرهيم سليمان الاميركي السوري الاصل المقيم في اميركا منذ نحو خمسين عاماً فوضعه مختلف تماماً عن وضع كل من لئيل واراد. انه، في رأيي، على صلة بالنظام في سوريا. ولم يكن ليتفاوض مع اسرائيليين لو لم يكن حاصلاً على موافقة سورية. هنا نعود الى القصة نفسها. هل اولمرت رئيس وزراء اسرائيل مستعد للتوصل الى تسوية مع سوريا، ام انه كان لا يمانع في اختبار نياتها؟ الحقيقة ليس عندي جواب عن ذلك. ولكن ربما يكون السوريون ايضاً يختبرون نيات حكومة اسرائيل ويسجلون التقدم الذي يتحقق عبر قنوات غير مباشرة ريثما يحين الوقت المناسب للتفاوض رسمياً. انهم لا يرون الوقت الحالي مناسباً، ذلك ان الادارة الاميركية الحالية معادية لهم، وتتهيأ للرحيل بعد اقل من سنة ايضاً. فلماذا الاستعجال؟ لا بد من انتظار الادارة الاميركية الجديدة“.

هل كان لك دور ما في “التفاوض” الفعلي وآلياته؟

النهار


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى