صفحات أخرى

‘في الموسيقا السورية’

دمشق ـ ‘القدس العربي’ ـ من أنور بدر يعتبر كتاب الدكتور حسني حداد ‘في الموسيقا السورية’ من أهم المراجع التي درست نشوء الموسيقا ومصادر إبداعها، وعلاقتها بتاريخ سورية، مستعيناً بما توصل إليه الباحثون من نقـــوش مرســـومة أو مدونات على لُقى فخارية في النصف الأول من القرن الماضي، أي قـــبل اكتشـــاف أول سلم موسيــــقي في أوغــــاريت، ليؤكد الدكتور سامي أيوب الخوري في مقدمته أهمية كتاب ‘في الموسيقا السورية’ بالنسبة للحضارة الإنسانية عامة وبالنسبة للحضارة السورية على وجه الخصوص، حيث امتد أثر الموسيقا السورية إلى اليونان ومنها إلى معظم دول العالم.
وقد عرّفنا الدكتور سامي أيوب الخوري في مقدمة الكتاب بشخصية حسني حداد الذي درس في مدرسة طرابلس الإنجيلية فتعلم العزف على العود والبيانو وتميز فيهما، ثمّ التحق بالحزب القومي الاجتماعي السوري في أربعينيات القرن الماضي ليناضل ضد الاحتلال الغربي للبنان، بعدها سافر الكاتب إلى الولايات المتحدة وحصل على إجازة الدكتوراه من جامعة شيكاغو، التي عين فيها أستاذاً محاضراً لعدة سنوات قبل أن توافيه المنية مبكراً.
أما كتابه ‘في الموسيقا السورية’ فقد نشر كمجموعة أبحاث منذ عام 1952 بعنوان ‘مدخل في الموسيقا’ ثم توسعت الفكرة لتشمل نشوء هذا الفن وعلاقته بتاريخ سورية، حيث عبرت الموسيقا عن مظاهر الحياة المختلفة المدنية والدينية والشعبية، وجاء الكتاب موزعاً على مقدمة وخمسة فصول.
في الفصل الأول الذي حمل عنوان ‘لغة النفس’ يؤكد المؤلف أن الإنسان لا يمتاز عن غيره بالنطق، بل أن ما يميزه عن الحيوان هو الفن، والفن وحده بجوهره اجتماعي وإن كان العرب في صحرائهم لم يعرفوا الموسيقا ولم تدخل في لغتهم إنما جاءت من اليونانية كتعبير عن العواطف والانفعالات النفسية، إذ تعني هذه اللفظة في لغتها اليونانية ‘الجمال النفسي’ مستشهداً بعبارة أفلاطون ‘إن الموسيقا هي إحدى الوسائل لتربية الأفراد والجماعات وتنظيم المجتمع’.
كما درس في الفصل الثاني للكتاب تطور الموسيقا في ظل السومريين3500ق.م وحتى البابليين فالآشوريين وصولاً إلى الاسكندر المقدوني في العصر الهيليني.
كما درس الآلات المكتشفة في الآثار السورية وهي ثلاثة أنواع: إيقاعية، ونفخية، وآلات وترية، كما ميّز بين السلم الموسيقي السباعي والآخر الخماسي، وطرق تدوين الألحان الموسيقية، إذ اعتمد اليونانيون الحروف المأخوذة عن السوريين وفق دراسة للدكتور ‘غالين’ في كتاب ‘موسيقا السوريين البابليين والآشوريين’.
وتطرق المؤلف لعلاقة الموسيقا بالطقوس والشعائر الدينية وارتباطها بالآلة ‘إنكي ‘ رب الصنائع والفنانين، وكيف تشكلت جوقات صغيرة من المنشدين في المعابد، حيث غنى السوريون منذ القدم انتصار بعل على إله الموت.
في الفصل الرابع تحدث الكاتب عن ميزات الموسيقا السورية وتميزها عن موسيقا الشعوب الأخرى كالفرعونية في مصر وموسيقا آسيا واليونان والرومان وتطور الموسيقا مع المسيحية والفتح الإسلامي وصولاً إلى ما غدت عليه في أوروبا . ليؤكد في الفصل الأخير أن عصور الانحطاط التي مرّت على هذه المنطقة خلال عشرة قرون انتهت بالاستعمار الحديث هي سبب تخلفنا وانكفاء العلم لدينا بأصول الموسيقا وأهميتها.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى