من هنا نبدأ برفض المشروع الجديد لقانون الأحوال الشخصية
لينا ديوب
رغم أنني لا أميل إلى الفصل بين الرجل والمرأة عند الحديث عن حياتنا المشتركة، إلا أنني أجد نفسي مضطرة إلى القول أن ما زعمه الرجال على مدى قرون طويلةبأنه حكر عليهم تثبت الشواهد الكثيرة أن المرأة حين تتاح لها الفرص التي يستأثرون بها في مجال العلم والعمل والإدارة فإنها لا تكون أقل نجاحا منهم،
لذلك لن يكون مقبولا بعد الآن مناقشة دخول المرأة إلى الحياة العامة أم لا، بل كيف يمكن أن نولي اهتماما أكبر للدور الذي يمكن أن تؤديه.
وعليه فان القوانين التي يجب أن تؤطر حياتنا يجب أن تكون داعمة لدورها، وخاصة قوانين الأسرة والتي تسمى قوانين الأحوال الشخصية، لذلك فإن واضعي هذه القوانين عليهم أن يعوا أن الأب والأم، أي رجال ونساء الأسرة، لهم مصالح تتطابق أحيانا وتتصادم أخرى والقوانين التي توضع يجب أن تجعل صراع مصالح الأسرة تعاونيا، ليعود بالفائدة على جميع أطرافها، وتتجلى الفائدة للمرأة بزيادة خياراتها، لتحقق لنفسها رفاها عن طريق التعليم ومن ثم العمل.
وهنا قد تسخر معظم نساءنا من كلمة “رفاه”! لأن العمل للمرأة خارج المنزل حمل لها أعباء إضافية، لكن لا يمكن إنكار أنه أعطاها فرصة التعايش مع العالم الخارجي واكتساب خبرات حياتية لم تكن لتحصل عليها لو بقيت حبيسة البيت، وأنها أصبحت ذات فعالية، وتضطلع بمسؤولية إنجاز أو عدم إنجاز الأشياء والمهمات في المؤسسات العامة التي تسجل وتحسب في الاقتصاد الوطني، والتي لا تهمل ولا تحسب كإنجازاتها داخل البيت.
وهكذا فان رفاه المرأة المقصود هنا، هو في بعض أشكاله فرصة الاهتمام بصحتها مثلا، بعد قدرتها على اكتساب رزقها، ومن ثم حقها في الملكية، لتصبح شيئا فشيئا شريكا في قرارات الأسرة، أي أدواتها وقدرتها لاختيار نوعية الحياة، وهنا أصل إلى رفض قانون (أحوال شخصية) لا يأتي ثمرة للعمل على تنمية المجتمع أي يساهم في توسيع خيارات المرأة.
لطالما اختزل رجال الحكومات والاقتصاديون قضية نهوض المجتمع وتطويره بعرض الأرقام والتركيز على الناتج القومي وحجم الاستثمارات وغيره من المظاهر الاقتصادية، مع إهمال كل جوانب الحياة الأخرى، لكن في بلدنا بدأنا ومنذ الخطة الخمسية التاسعة نسمع ونقرأ عن توجهات جديدة تهتم بالجانب الاجتماعي، منه حياة المرأة ودعم دور المرأة في الحياة العامة، ومن بين الإجراءات التي ذكرت في الخطة العاشرة في فصل المرأة وضع قانون أسرة مدني، لكن ما حصل هو مشروعين متتالين يعيدان المرأة إلى البيت، والمجتمع إلى مزيد من التراجع والتخلف!
وإذا كنا قبل شهر وربما أكثر ومع بدء الفريق الاقتصادي مناقشة ما تحقق من الخطة العاشرة مع قدوم عامها الأخير ، فان هذا الفريق بالإضافة إلى أنه مطالب بتوضيح وتعليل أداء الحكومة الاقتصادي في هذه الخطة تفسيراً علميا مقنعاً لا يرفق بتلك الأرقام بقدر ما يرفق مع النتائج على أرض الواقع، لكم هائل من الوعود، منها مثلا دخل الفرد السوري! فهو مطالب أيضا بوقف هذا المشروع الذي إن استمر، سيلتقي مع نتائج الخطة العاشرة، ويبدأ بخنق المرأة والأسرة السورية التي لم تحصد من أدائهم الاقتصادي إلا رفع الدعم عن المازوت وغلاء الأسعار وتراجع التعليم.
نساء سورية