المشروع الجديد وقطع الطريق على أي قانون عصري للأسرة السورية
يحيى الأوس
فصل جديد وبضعة تعديلات طفيفة هو كل ما يحتاجه السوريين حتى تستقيم أحوالهم الشخصية بعد قرابة ستون عاما على صدور قانونهم الحالي في العام 1953!!. فصل جديد واشتراطات هامشية بسيطة و إلغاء لثلاثة قوانين تعود للطوائف المسيحية هو كل ما حمله مشروع القانون الجديد للأحوال الشخصية السوري الذي تم تداوله في الأيام الأخيرة كبديل للقانون الحالي!!
بالطبع أصحاب العلاقة لم يُسألوا عما يحتاجونه فقد درجت العادة على ألا يؤخذ برأيهم، لكن سقوط مسودة القانون السابق خير دليل على أن قانونا لا يأخذ بالاعتبار هذه الاحتياجات على محمل الجد، من الصعب أن يرى النور وإن فعل، فسيبقى معزولا استثنائياً. ونسأل الم يكن بمقدور الجهة التي تقف وراء القانون أن تستطلع رأي السوريين حول ملامح القانون الذي يرغبون به ويعبر عن احتياجاتهم الحقيقية، كي لا يخرج من يقول بيننا أن الزمن متوقف وأن ما كان يصلح للسوريين قبل ست وخمسون عاما لا يزال يصلح لهم اليوم.
إن إعادة طرح هذا القانون على هذه الشاكلة من جديد هو محاولة لدفن كل المحاولات الداعية لإيجاد قانون عصري للأسرة يقف جميع السوريين منه على مسافة واحدة وهو مدعاة للتساؤل حول إصرار الحكومة على اعتبار قانون الأحوال الشخصية شأناً حكومياً صرفا لا شأناً عاماً بدليل المضي في التكتم على أسماء أعضاء اللجنة والإصرار على أن يقوم بهذا المشروع أفراد وليس مؤسسات سواء كانت حكومية أو أهلية. ولعل الأداء السريع للحكومة في إصداره بعد شهرين فقط مدعاة لتساؤل أكبر وهي التي لا تزال تتخبط منذ أشهر في البت بقرار كقرار توزيع الدعم للمازوت!!
إن المضي في محاولة تمرير هذا المشروع هو استخفاف بإرادة السوريين وتغييب لهم عن المشاركة بإدارة شؤونهم وهو تقزيم لطموحاتنا بثورة تشريعية حقيقية تأخذ بيدنا نحو قوانين عصرية تضع الرجل والمرأة على قدم المساواة وتقدم الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية على منظومة القيم الاجتماعية التي ساهمت قوانين الأحوال الشخصية بتكريسها حتى باتت عائقا يحول دون لحاقنا بما أنجزته دولا أخرى كنا ولفترة قليلة مضت نعتقد أنها وراءنا!!
مجلة ثرى – العدد 207 تاريخ 15\ 11 \2009 – السنة الخامسة