الأوروبيـون يقـرأون أكثـر مـن الأميركييـن لكـن القـراءة تتدهـور فـي العالـم
الأوروبـي يقـرأ 35 كتابـاً و80 عربيـاً يقـرأون كتابـاً واحـداً
منيرة ابي زيد
تتأثر نسب القراءة في العالم بنمو التكنولوجيا، التّحولات السياسية، العامل الاقتصادي والنظم التعليمية. في أية بلدان ترتفع نسبة القراءة؟ ما هي النظم الأكاديمية والأنظمة السياسية التي تنمّي حب المطالعة؟ وهل ستُستبدل قراءة الكتب بالقراءة على شاشات الانترنت؟ تظهر الإحصاءات نتائج غير مرضية في مختلف البلدان.
لم تعد الكتب والأفكار تغيّر العالم، وذلك هو التحوّل الجوهري في وظيفة الكتاب ومكانته في المجتمع والأحزاب السياسية. حالياً، حلّ العامل الاقتصادي والديني محل التأثير الأيديولوجي الثقافي على مستوى تحريك الشعوب وحثّهم على التمرّد والتغيير. في هذا السياق، نلاحظ أن القرآن الكريم هو أكثر الكتب قراءة في كل البلدان العربية إلا في لبنان حيث يفضل الناس الروايات المعاصرة. لذلك، تطرح الاشكالية التالية؛ ماذا يعلّمنا الكتاب؟ هل يسمح لنا باكتشاف أنفسنا؟ أو بمعرفة العالم بشكل أفضل؟ وهل يمكن للروايات والأشعار أن تلعب دور الكتب الدينية على مستوى إيجاد أجوبة على الأسئلة الوجودية؟ تصعب الاجابة على هذه الأسئلة، خاصةً أن الأدب الغربي بات يشكك باللغة نفسها منذ بداية القرن العشرين. فالكتابة الحديثة مبنية على الشك، لغتها تتساءل عن حقيقة نفسها، بعكس القرآن المبني على اليقين على المستويين اللغوي والعقائدي.
إنما الأديان ليست العامل الوحيد الذي حلّ محل الفكر والأيديولوجيا، إذ أن الاقتصاد يلعب دوراً محورياً في التأثير على الأحداث السياسية. فباتت ثورة القرن الواحد والعشرين ترتبط بشكل أساسي بالتمويل الخارجي، ولا تنبع من حركة إجتماعية وتثقيفية مبنية على القراءة. هكذا، فقد الكتاب بعده السياسي والوجودي. فقد هيبته على المجتمعات. فلماذا نقرأ إذاً؟ سعياً وراء البعد الرومنسي؟ أو بحثاً عن الجمال؟ اللذة؟ على المستوى الجمالي، باتت الصورة في عصرنا الحالي صيغة حديثة للتواصل تسمح لنا باكتشاف أبعاداً جمالية متجدّدة باستمرار. التكنولوجيا؛ سرعة، تحكّم وإبداع، تبتكر وسائل جديدة للتواصل باستمرار. هكذا، شكلت الصورة الاعلامية والاعلانية، وغيرها من آخر الإنتاجات التكنولوجية العصرية أهم أداة للتواصل بين الناس. حالياً، الصورة تتكلم وتعبّر أفضل من الكلمة، خاصةً أنها تتمتع مؤخراً بحركة سمعية – بصرية بفضل اليو- توب U-Tube على الانترنت. كما أن الصورة تفوّقت على اللغة لأنها كونية تتواصل مع كل المجتمعات والثقافات، والتكنولوجيا تفوّقت على الكتاب بحركتها وإبداعها المستمرين.
إنما، لا تنحصر العوامل المؤثرة على نسب القراءة في العالم بهذا في العلاقة بين التحولات المجتمعية والكتاب. بالفعل، قد لا يكون انخفاض نسبة القراءة في معظم الأحيان مرتبطاً بكل هذه التعقيدات الفلسفية والاجتماعية. حالياً، تشكل القدرة الشرائية عاملاً هاماً في سياق التأثير على نسب القرّاء. لذلك، تدهورت نسبة القرّاء في العالم العربي بشكل لافت. نذكر العوامل المؤثرة على هذا الصعيد: الأمية، ثمن الكتب وعدم انتشار المكاتب العامة. وللجو العائلي تأثير هام في سياق تنمية حب المطالعة. بالفعل، من الصعب جداً أن يترعرع طفل في أسرة أمية ويعشق القراءة لدى بلوغه سن الرشد. كما أن القراءة في العالم العربي مرتبطة بعدد الكتب التي تصدر كل سنة باللغة العربية. وبالفعل، ينتج العالم العربي 5000 كتاب في السنة، بينما تنتج أميريكا 300000 كتاب في السنة. في سياق هذه المقارنة، يقرأ الطفل العربي 7 دقائق في السنة، بينما يقرأ الطفل الأميركي 6 دقائق في النهار. وتكشف أحدث الاحصاءات أن أوروبياً يقرأ بمعدل 35 كتاباً في السنة، والإسرائيلي 40 كتاباً في السنة، أما على مستوى العالم العربي فإنّ 80 شخصاً يقرأون كتاباً واحداً في السنة. في المحصلة، توازي ثقافة أوروبي واحد ثقافة 2800 عربي، وتوازي ثقافة إسرائيلي واحد ثقافة 3200 عربي. بالنسبة لهذه المقارنات، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار عدد سكان العالم العربي الواسع. وبالفعل، فإن العالم العربي، على عكس إسرائيل، ليس بلداً واحداً، بل هو مجموعة من البلدان تضم أعداداً بشرية ضخمة. بالاضافة الى أن الهيكلية الاجتماعية – الاقتصادية في مختلف البلدان العربية تنقسم الى جزئين: طبقة ميسورة مثقفة عددها محدود، وطبقة شعبية لا تعدّ ولا تحصى، وهي غير مثقفة إذ أن مستواها الاقتصادي سيء جداً. كيف لهذه الطبقة الاجتماعية أن تقرأ وتتثقف؟ هنا تكمن المشكلة الأساسية. ويبدو أن تلك الطبقتين شبه منفصلتين عن بعضهما البعض، والتفاعل بينهما شبه معدوم. وقلما يحصل تبادل أكاديمي وثقافي تلقائي بين الطبقة الميسورة والطبقة الشعبية. أما إسرائيل فتؤمن لكل مواطنيها نفس فرص التثقيف والتعليم الأكاديمي. فكيف لنا أن نقارن فعلاً بين الحالتين؟
في سياق المقارنات بين مختلف البلدان، ترد الأرقام التالية في إحصائيات اليونسكو. أنتجت الدول العربية 6,500 كتاب عام 1991، بالمقارنة مع 102,000 كتاب في أميركا الشمالية، و42,000 كتاب في أميركا اللاتينية والكاريبي.
وإذا كانت بيانات اتجاهات القراءة غير متوفرة في العالم العربي لغياب الإحصائيات الدقيقة، فإن الكتب الأكثر مبيعاً حسب معرض القاهرة الدولي للكتاب هي الكتب الدينية، تليها الكتب المصنفة بأنها تعليمية. ومن خلال متابعتنا لأخبار معارض الكتاب في الدول العربية، فإن ترتيب الكتب الأكثر مبيعاً يندرج على الشكل التالي؛ الكتب الدينية، كتب الطبخ، كتب الأبراج. إنه الدين إذاً، هو الذي حلّ في المرتبة الأولى. ويتميّز الدين بكونه يفتقد الى ديناميكية متواصلة، أفكاره ثابتة وقيمه نهائية. يؤدي ذلك الى الحد من إنتاج الكتب بشكل مستمر. وبالفعل، لا تفسح الأديان المجال لابتكار أفكار ونظريات تصدر كل يوم في مؤلفات جديدة.
شغف اللغة العربية
وعندما نعود إلى تقرير التنمية المذكور، فإن المعطيات التي يوردها حول الترجمة إلى اللغة العربية تبين بأن هذه الدول ككل هي أدنى القائمة، إذْ قال التقرير إن اليابان تترجم حوالى 30 مليون صفحة سنوياً. في حين أن ما يُترجم سنوياً في العالم العربي، هو حوالي خُمس ما يترجم في اليونان. والحصيلة الكلية لما ترجم إلى العربية منذ عصر المأمون إلى العصر الحالي 10.000 كتاب في السنة؛ وهي تساوي ما تترجمه أسبانيا في سنة واحدة. وتبين مقارنة أعداد الكتب المترجمة إلى اللغة العربية مع لغات أخرى سِعةَ الهوة بين العالم العربي بمجمله وبين أية دولة في العالم، ففي النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون، على مدى خمس سنوات هو 4,4 كتاب (أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة). لا يحبّذ المواطن العربي الترجمات لأنه يفضّل أدبه الخاص المكتوب باللغة العربية. بالفعل، إن علاقة العربي بلغته وكتاباته مميزة جداً، فهو يحبّها، يتمسّك بها، يعشقها. إنما ذلك يلامس التقوقع في بعض الحالات. نلاحظ في هذا السياق أن معظم شعوب العالم منفتحة على بعضها لغوياً وثقافياً أكثر من العالم العرب. وذلك يضفي على أدبها وفكرها غناً، ويساهم في توسيع أفقها الحضاري. ولا تشير المقارنة العددية بين العناوين بشكل كافٍ الى مدى بؤس الثقافة في العالم العربي، فعدد النسخ المطبوعة للعنوان هي ألف نسخة. وقد يبلغ عدد النسخ رقم 5,000 إذا كان المؤلف ذائع الصيت. وبالتالي، فإن المقارنة لا تكون صحيحة على أساس عدد العناوين التي تصدر بالعربية.
ظلام الجهل الذي يعم العالم العربي لا يشمل ميدان عالم الكتاب فحسب (تأليفاً وترجمةً وقراءةً)، بل يشمل حتى القدرة على القراءة والكتابة، ففي الوقت الذي صار فيه تعلم اللغات الأجنبية واتقان التعامل مع الحواسيب معياراً جديــداً للتعليم، فإن عدد الأميين في العالــم العربي، وحسب ما صدر عن اليونسكو يبلغ 60 مليون من أصل (300) مليون. وقد لاحظ هذا الإعلان عن الأمية في العالم العربي أن التعليم الأساسي يحتاج إلى ست مليارات سنوياً، وهذا رقم صغير بالمقارنة مع 1,100 مليار تذهب إلى الإنفاق العسكري، و300 مليار إلى الإعلانات، و500 مليار ينفقها العرب على التبغ كل عامٍ.
وللأسف! لا يشكل الانفتاح على اللغات الغربية عاملاً لنمو نسب القراءة في العالم العربي. إذ إن نسبة القرّاء متدنية جداً في إطار الفرنكفونية العربية. على سبيل المثال، ينتج المغرب ما يوازي 900 كتاب في السنة منذ عام 2002، 70% منهم باللغة العربية و20% بالفرنسية. ولا تتجاوز النسبة العامة للنسخة الأولى 1500 مؤلف. وتظهر اللامبالاة حيال القرأة في تصرفات سكان كازابلانكا الذين يتصفحون الكتب في معرض Le Salon du livre، ثم يعيدنوها الى رفوف المكتبات، خاصةً وأن أسعار هذه الكتب غير مشجّعة على الأطلاق. إذاً، لا يمكن للفرنكفونية أن توسّع آفاقها وتحثّ الشعوب غير الفرنسية على حب القرأة دون الحد الأدنى من التمويل.
فرنسا، أم القراءة
في أوروبا، تختلف المعايير، النسب والعوامل المؤثرة على القراءة عمّا نشهده في العالم العربي. بالفعل، لا يتفاعل عالمنا العربي مع الديناميكية العالمية على مستوى حركة ارتفاع وانخفاض عدد القراء. في فرنسا، نسبة القراءة مرتفعة جداً مقارنةً مع البلدان العربية والولايات المتحدة الأميركية. إذ، أن القراءة في فرنسا جزء من نمط الحياة اليومي، وهي تشكّل حيزاً هاماً من الاهتمامات الاجتماعية. بالفعل، يوجب الاندماج في المجتمع الفرنسي الاطلاع على آخر الإصدارات الأدبية والفكرية. وذلك لأن الفكر هو من أهم العوامل التي أثرت على تحولات التاريخ الفرنسي. وبالفعل، أسّس الشعب الفرنسي تاريخه إنطلاقاً من حركة فكرية كما حصل في الثورة الفرنسية. في تلك الحقبة، غيّر الثوار والمثقفين المجتمع، وأسسوا لنظم سياسية جديدة على غرار شرعة حقوق الانسان. فكان للكلمة آنذاك تأثير شديد الأهمية على التحولات الجماعية. وبما أن الكلمة صنعت التاريخ، فلا بد أن يكون للكتاب موقعاً أساسياً في المجتمع.
وبالفعل، تفشّى عشق القراءة في مختلف الطبقات الاجتماعية الفرنسية في القرن التاسع عشر. واستمرّت هذه الموجة حتى عصرنا الحالي. بالفعل، ما زالت الكتب تصدر باستمرار. نلاحظ على هذا الصعيد إرتفاع عدد الإصدارات من 44000 مؤلف عام 2001 الى 50000 مؤلف عام 2004. ولم يتوصل الانترنت، أكبر منافس للكتاب في عصرنا، الى القضاء على القراءة في فرنسا. إذ أن الفرنسيون حافظوا على علاقتهم الرومنسية بالكتاب. وترتبط نسبة القراءة في فرنسا بالمناطق، الأعمار، الحياة المهنية، المستوى الأكاديمي والجنس. فالطبقة الوسطى لا تقرأ كثيراً. بالفعل، 48% من العمال لا يقرأون، بينما 31% منهم يقرأون. وتتزايد نسبة القرأة لدى المتعلمين، إذ أن 54% من القراء هم من ذوات الشهادات، أما بالنسبة لمجموعة القراء الذين لم يحصلوا على شهادة فلسفة فلا تتجاوز نسبتهم ال38ـ%. ويقرأ الرجال أقل من النساء. إذ أن 38% من الرجال ليسوا قراءاً و25% من النساء لسن قارئات. أما بالنسبة لكبار القراء، وهم الذي يقرأون أكثر من 20 كتاباً سنوياً، فيتوزعون على الشكل التالي: المتخرجون من الدراسات العليا 17%، المنتمون الى الطبقات الثرية 20% والمثبتين (cadrés) 17%. وتبرز دراسة أُجريت عام 2008 إرتفاع نسبة القراء في فرنسا الى 66% عام 1981، و69% عام 2008. إنما، عدد الكتب المقرؤة في حالة تدهور مستمر. إذ أن 42% من الفرنسيين يقرأون أكثر من 5 كتب خلال سنة 1983، وهم لم يبلغوا سوى نسبة 34% حالياً. إرتفع عدد القراء الذين يقرأون ما بين كتاب وخمسة خلال السنة: من 24% عام 1981 الى 35% حالياً. أما الذين يقرأون ما بين 6 الى 20 كتابا فقد انخفضت نسبتهم من 28% عام 1981 الى 25% عام 2008. القراءة والكتابة هما جزء لا يتجزأ من التراث الأوروبي. قد تكون القراءة في أوروبا مرتبطة بالمستويات الأكادمية، إنما هي بلا شك ترتكز على لذة المطالعة. إذ أن قراءة الأدب هي بالنسبة للأوروبيين نوع من الترفيه، كما أنها شكل من أشكال بلورة نظرة وجودية. فعلى غرار الكتب الدينية، يلعب الكتاب الأدبي، الذي يصدر بشكل متواصل، مرآةً لديناميكية الفكر الجماعي. كما أن الكتاب هو فسحة للجمال والمشهد والصورة الخيالية.
لا تتميّز القارة الأميركية بهذه الحياة الأدبية والفكرية الخاصة بالمجتمع الأوروبي. بالفعل، إن إحصاءات القراءة في أميركا مثيرة للقلق حالياً. إذ أن 5,56% من الأميركيين يقرأون كتاباً واحداً عام 2002. مما يشير الى انخفاض بنسبة 5% مقارنةً بسنة 1992. إن العوامل التي تؤثر على القراءة في أميركا متعدّدة، وهي نظام التعليم الأميركي الذي لا يحفّز على القراءة، وتطور الاعلام الذي لا يشجع على القراءة. ومن اللافت أن القراءة الأدبية الأميركية هي الأكثر تدهوراً. إذ أن النظام التعليمي الأميركي يدفع بالطالب الى التركيز على ضرورات العصر. فيطغى الاهتمام بالعلوم والاقتصاد على الأدب والفن. كما أن الكلمة استُبدلت بالصورة. ومن الواضح في هذا السياق أن الطاقة الفكرية والابداعية تتّجه نحو الفن السابع في أميركا بشكل أساسي. هكذا، تظهر احصائيات سنة 2004 إنخفاضا ملحوظاً في نسبة القراءة الأدبية في الولايات المتحدة الأميركة. بالفعل، انحدرت نسبة قراء الأدب من 56,9% عام 1982 الى 7،46% عام 2002. وترافق إنخفاض نسبة القراءة الأدبية مع انخفاض نسبة قراءة الكتب بشكل عام (-7% لقراءة الكتب، -14% لقراءة الكتب الأدبية بين 1992 و2002). كما انخفضت نسبة قراءة الكتب الأدبية؛ من -5% بين 1982 و1992 الى -14% بين 1992 و2002. ويبدو أن النساء الأميركيات يقرأن الأدب أكثر من الرجال. ولكن القراءة الأدبية تنخفض لدى المجموعتين: من 1،49% لدى الرجال عام 1982 الى 6،37% عام 2002، ومن 63% لدى النساء عام 1982 الى 1،55% عام 2002. وتتدهور القرأة الأدبية على كل المستويات الأكادمية، وفي كل الأعمار. كما نلحظ أن الانخفاض في نسبة القراءة لدى الشباب لافت للنظر، إذ أن الأجيال الصاعدة تواكب عصر التطور التكنولوحي وتفضّل الوسائل الإعلامية والانترنت على الكتاب. إنما ذلك لا يعني أن هذه الأجيال الصاعدة ليست مثقفة، بما أن الإنترنت بات يضمّ أهم المكاتب العالمية التي تحتوي على أعداد كبيرة من الكتب. فبات من السهل إيجاد روايات، أشعار وقواميس في عالم الانترنت الضخم.
أما روسيا فقد شهدت تدهوراً حاداً على مستوى الثقافة منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي. ويبدو للبعض أنها نهاية الانتلجانسيا الروسية. وأدّت الظروف الاجتماعية والسياسية الحالية الى انخفاض في المستوى التعليمي. بالاضافة الى ذلك، يعاني إنتاج الكتاب الروسي من أزمة حادة. فحلّ محل الكتب الأدبية والفكرية مؤلفات حول الأعمال، الاقتصاد، الحقوق، الدين، قواميس، بالاضافة الى كتب تعليم اللغات الغريبة. فباتت القراءة وسيلة للترفيه واكتساب المعلومات. كما ارتفع عدد القصص البوليسية وقصص الحب التي زادت من 15 الى 25 عنوانا في السنة أكثر من السابق. كما باتت المؤلفات الغربية والترجمات تجذب القرّاء. إنما حسب عالمة الاجتماع فاليريا ستيلماخ، كانت الكتابات أيديولوجية تفتقد للنوعية في عهد الاتحاد السوفياتي السابق. نذكر في هذا السياق أن الثقافة في الاتحاد السوفياتي كانت مرتبطة بالالتزام السياسي. إذ أن القراءة كانت تهدف لتنمية العقيدة الشيوعية. إثر انهيار الشيوعية، تلاشت تلك الديناميكية الفكرية، ولم تحل محلها أية حركة تثقيفية أخرى. أما في الصين فالقراءة في تصاعدٍ مستمر، إنما على الانترنت وليس في الكتب. وعلى الرغم من أن المدارس توجّه الطالب الصيني نحو قراءة مؤلفات تُكسبه المعلومات الضرورية، ولا تحثّه على البحث عن اللذة في المطالعة، فقد انكب الصينيون على كتابة الروايات على الانترنت. وقد نشر الكاتب موروتغ مؤلّف على الانترنت جذب ما يقارب مليون قارئ صيني، فتُرجم الى الفرنسية، الانكليزية والألمانية. أما دار ناشر شاندا فهو من أهم منتجي الأدب على مواقع الانترنت، وهو ينشر 200 مليون صفحة شهرياً.
السفير الثقافي