دموع.. بلا ندم!
بسام القاضـي
الرجل المسؤول في وزارة “الحقيقة” عن تزوير التاريخ، ومن ثم إعادة تزور ما سبق تزويره، ومن ثم إعادة تزويره مرات ومرات كلما استدعت الحاجة أن يكون “الحاضر” هو “أفضل” ما كان، و”أفضل” ما يكون،
وإطلاق “أفضل” ما سيكون! (ولينتحر… أرخميدس)! هذا الرجل، تجرأ أن “يفكر”! ومن ثم، قاده تفكيره الآثم (وهو آثم دائما حيث لا يسود إلا الحديد البارد!)، إلى.. الحب!!
والرجل المسؤول في وزارة “الحب” عن بث الكراهية، هو المسؤول أيضاً عن مراقبة ومتابعة ومن ثم إعادة تأهيل هذا “الشاذ”، ليعود “جنديا” مخلصا في جيش “الأخ الكبير” ذي العيون الواسعة الذي يراقب كل شيء في الخراب المطلق الذي يسود!
إنه عالم رواية “1984”، لجورج أورويل، التي أحب أن أستشهد بها كثيراً. فبالنسبة لي لم أقرأ توصيفا لجوهر الديكتاتورية المطلقة، حين تصير ظلاماً حالكاً (وهي بالضرورة تصير ظلاماً حالكاً)، ولا يعود من البشر سوى أجسادهم المهترئة.. تمكن من التقاط لب الكارثة، وأشنع تجلياتها، ثم عبر عنها بأشد الصور الكاريكاتورية سوادا، مثلما تمكنت هذه الرواية المأساة..
لن أسرد لكنّ/م الرواية الرائعة بالتأكيد. عليكم أن تخرجوا من جيوبكم “أموال الرفاهية” التي قرر فريق التدمير الاقتصادي أن يخرجها منها قسراً، لكي يصلح “عجز الميزانية” التي لا يظهر عجزها إلا حين يتعلق الأمر بقوت الناس وحياتهم! بينما تبدو في “أحسن حال” في الاحتفالات التي تصرف فيها عشرات ومئات الملايين، وفي أحسن أحسن حال حين….. (بلاها هي.. الدنيا شوب كتير، و”تحت” ما فيه كوندشينات التزاما بقرارات توفير الطاقة الكهربائية التي هي عندنا “أرخص” من كل الدنيا.. كل الدنيا يعني: جمهورية لاوس طبعا)..
عليكم أن تخرجوا النقود التي خبأتموها “تحت البلاطة”، نظرا إلى أنكن/م مدّعو فقر، أو فقراء بحكم غبائكم وفق تعبير السيد الدردري الذي حمّل فقراء سورية مسؤولية فقرهم (وهي خطوة متقدمة طبعا، لأنه اعترف بوجود الفقراء الذين لا يظهرون من نافذة سيارته ذات الزجاج المعتم، حتى أنه حملهم مسؤولية ذلك!)، عليكم أن تخرجوها قبل أن تبللها مياه الأمطار الشحيحة في الشتاء القادم، (نظرا إلى أنكم، بحكم غبائكم، لن تعرفوا طبعا كيف تبنون بيوتاً لا “يخر” منها الماء! بل على الأرجح ستصرفون نقودكم على الموبايل والتبغ! وكلاهما يشكلان أهم ثاني وثالث مصدر للخزينة السورية بعد النفط!)، عليكم أن تخرجوها (خلصنا ولو.. بقّ هالجوهرة) لتدفعوعها لصاحب مكتبة لا يقتص من دار النشر سوى 40 % من سعر الكتاب (ويشكي ويبكي!)، السعر الذي يضعه الناشر الذي لا يقص سوى 30 % أخرى من سعره (وهو بدوره يشكي ويبكي!)، تاركاً آخر 10 % لنفقات الطباعة والتجليد والتغليف والشحن و……….. جهد المؤلف أو المترجم!! فإذا لم تدفعوها، لن تحصلوا على الرواية التي ستعرفون من خلالها، ما تعرفونه من خلالكم!
لكن، سأسرد لكن/م الخاتمة فقط.. ممممممم.. بل فقط خاتمة الخاتمة.. يعني، على تعبير الجميلة نجوى كرم: نقطة ع السطر..
فما جرى، على ذمة أورويل الذي ضمن ذمته ذمة هارب من مجازر التطهير “الثوري” الكبرى التي جرت في الاتحاد السوفياتي “السابق!” إبان الثلاثينيات من القرن المنصرم (ألله لا يرجعوا، للقرن طبعا!)، ومن ثم اكتشفنا أنها جرت في الخمسينيات من القرن الخمسون قبل ميلاد الرسول عيسى، وفي الأربعينيات من القرن السبعون بعد ميلاد الرسول محمد، ومن ثم في القرن.. لا تعذبوا أنفسكم.. إنها تجري في كل القرون ما عدا “قرني”! وفي كل الاتحادات، بدءا من اتحادات العمال في البادية، وحتى اتحادات.. (هسسسسسسسسس!).. ما عدا اتحادي مع نفسي الذي لم أجد له لاصقا مناسبا بعد..
ممممممممم.. أعتقد أن هذا يكفي اليوم، لهذا الأحد الذي لم أعرف كيف أجيب على قارئ عزيز (عزيز بالضرورة، لولا أنه يضيع وقته حقا في القراءة، على قولة شخص ضخم جدا كان يقول، وما زال: القراءة شغلة من لا شغلة له!)، تساءل: [الأحد عندكم( في هذا الموقع), كل كام اسبوع بيجي مرة؟] ورغبت أن أقول له أن العتب على المازوت الذي يهرب إلى سورينام (وين بتصير هي سورينام؟)، بصهاريج لها أجنحة وطاقية إخفاء! لكنني خجلت من نفسي لأنني في الحقية لا أعرف أي جواب! مثلي في ذلك مثلي في غير ذلك..
إذا.. قد نكمل الأحد القادم، إذا تراجعت الحكومة عن قرارها بتخصيص النص ليرة في إجرة السرافيس، لأنني لا أمتلك النص ليرة التي يجب أن أدفعها، ولست بوارد التنازل عن النص التي يجب أن يعيدها لي السائق، والحكومة مشغولة هذه الأيام عن النظر في مشكلتي..
بسام القاضي : النزاهة نيوز