الأفكار لها أجنحة، والفساد له رائحة
محمد زهير الخطيب
نشر موقع “كلنا شركاء” مقالا بعنوان “الافكار لها أجنحة” تكلم فيه الاستاذ صادق الزعيم عن أخيه الراحل الدكتور عصام الزعيم، والمقال مليء بالمرارة والالم والدفاع عن أخيه ضد اتهامات الآخرين … والذي أريد أن الاحظه ببساطة هو أن السلطة في سورية اليوم جعلت للموظف سقفا محدودا للدخل هو تحت خط الفقر يصعب أن يتجاوزه إلا باللجوء إلى ممارسة الفساد وإلا كتب عليه الفقر والشقاء …
يقول الاستاذ صادق الزعيم عن أخيه الراحل الدكتور والوزير السابق مرتين عصام الزعيم:
(… مات عصام فقيراً وهو سليل عائلة حلبية غنية وهو الذي عمل في قطاع النفط في الجزائر ودرس في جامعات أوروبا وأمريكا وعمل في الأمم المتحدة وعين وزيراً لمرتين للتخطيط والصناعة، ورغم ذلك مات فقيراً) ويقول في موقع آخر من المقال: (… والفقر هو أحد أشكال العقاب لمن يقبض على رأيه وكلمته وموقفه فلا يبيعها بثلاثين من الفضة فيصبح كالقابض على الجمر. وقد دفع الثمن لأنه نظيف فلم يستطع الفاسدون احتماله)
وللحيادية فلنا أن نتساءل أولا هل سورية بلد فقير كالسنغال وغانا مثلا؟ ولا شك أن الجواب: لا، فسورية بلد يملك كل أسباب التقدم والازدهار من موارد طبيعية وشعب حي وموقع جغرافي وسياسي متميز … فلا بد أن الخلل يأتي من جانب آخر، إنه يأتي من الفساد المنظم الذي تمارسه السلطة والذي لا مكان فيه للنظيف “لان الفاسدين لايستطعون احتماله”.
إن الدخل القومي السوري لو بقي دون نهب وسرقة يكفي أبناء الوطن للعيش الكريم ويغطي رواتب طبقة الموظفين الكبيرة التي تعيش على الراتب المحدود، ولكن ظاهرة النهب والتشبيح التي يمارسها كبار رجال السلطة أو وكلاؤهم تجعل ميزانية الدولة كوعاء مثقوب لا يملؤه شيء. فكل من حافظ وجميل وباسل الاسد قضلا نحبه عن بضعة بلايين من الدولارات لا نعرف كيف جمعت ولا أين ذهبت، أما العم رفعت –الذي ينتظر- لم يخرج من سورية إلا بعد أن “شحد” له القائد الضرورة حافظ مبلغا من صديقه الحميم عقيد ليبيا –لان الخزينة كانت فارغة- وذلك كما جاء في كتابات مصطفى طلاس ذراع البطش الثانية وهو يتحدث عن دوره في قمع ذراع البطش الاولى رفعت.
ولكي تغطي السلطة على النهب الكبير الذي تمارسه في الحلقات العليا من مراكز الدولة فهي تطلق العنان لمكافحة الفساد الصغير فهي تنشر جيوشا من الشرطة ومفتشي التموين يخالفون الناس ويتعقبون البسطات والباعة المتجولين وضعاف المترزقين الذين لا يجدون بابا للرزق الشريف الحلال فيخترعون طرقا من الحرام والرشوة وأبوابا من المخالفات وأنواعا من الفساد الصغير … وأي متتبع للجرائد السورية المحلية يلمس بأن الدولة تبطش بهؤلاء الضعفاء دون رحمة بينما يدها مرسلة في مصالح المافيات الكبيرة التي تستأثر بالعقود الكبيرة دون مناقصات حقيقية ودون منافسة شريفة.
ولكن حتى العمل على طريقة المافيات يحتاج إلى بعض القواعد والاصول وهي أن الحوت الكبير يجب أن يترك بعض الفتات المشبعة لطاقم النهب الذي يسخره لخدمته حتى يطول عمر التوازن القلق -الذي تتكئ عليه- لفترة أطول، ولكن عندما يعيش الوزير في بلد غني فقيرا ويموت فقيرا فلا بد أن هناك خللا في مكان ما، ولا بد أن سنن الحياة ستأخذ مجراها، ولابد أن يأتي يوم سيكون فيه الحوت الكبير وجبة شهية لجموع الاسماك الصغيرة الجائعة.
والفاتحة على روح الوزير الفقيد الفقير.
خاص – صفحات سورية –